فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب يأجوج ومأجوج

باب يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
( باب) ذكر ( يأجوج ومأجوج) بغير همز وبه قرأ السبعة إلا عاصمًا فبهمزة ساكنة اسمان مشتقان من أجيج النار أي ضوئها ووزنهما يفعول ومفعول منعًا من الصرف للتأنيث والعلمية اسما قبيلتين وعلى تركه فأعجميان منعًا من الصرف للعجمة والعلمية ووزنهما فاعول كطالوت وجالوت أو عربيان مشتقان خفّفا بالإبدال وهما من نسل آدم عليه السلام كما في الصحيح، والقول بأنهم خلقوا من بني آدم المختلط بالتراب وليسوا من حوّاء غريب جدًّا لا دليل عليه ولا يعتمد عليه ككثير مما يحكيه بعض أهل الكتاب لما عندهم من الأحاديث المفتعلة كما قاله ابن كثير، وروى ابن مردويه والحاكم من حديث حذيفة مرفوعًا: يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح لا يموت أحدهم حتى يرى ألف رجل من صلبه كلهم قد حمل السلاح لا يمرون على شيء إذا خرجوا إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم، وفي التيجان لابن هشام أن أمة منهم آمنوا بالله فتركهم ذو القرنين لما بنى السد بأرمينية فسموا الترك لذلك، وعند ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عمرو قال الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس، وعن كعب قال: هم ثلاثة أصناف جنس أجسادهم كالأرز وهو شجر كبار جدًّا، وصنف أربعة أذرع في أربعة أذرع، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون الأخرى.
وعند الحاكم عن ابن عباس يأجوج ومأجوج شبرًا شبرًا وشبرين شبرين وأطولهم ثلاثة أشبار.
قال الحافظ ابن كثير: روى ابن أبي حاتم أحاديث غريبة في أشكالهم وصفاتهم وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم لا تصح أسانيدها.


[ قــ :6753 ... غــ : 7135 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى أَخِى، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ» وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِى تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( ح) لتحويل السند قال البخاري:
( وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أخي) عبد الحميد ( عن سليمان) بن بلال ( عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة بن الزبير أن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت ( أبي سلمة حدّثته عن أم حبيبة) رملة ( بنت أبي سفيان) صخر بن حرب زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن
زينب ابنة)
ولأبي ذر ( جحش) الأسدية أم المؤمنين -رضي الله عنها- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عليها يومًا) بعد أن استيقظ من نومه ( فزعًا) بكسر الزاي خائفًا حال كونه ( يقول) :
( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب) خص العرب بالذكر للإنذار بأن الفتن إذا وقعت كان الإهلاك إليهم أسرع وأشار به إلى ما وقع بعده من قتل عثمان ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة ( فتح اليوم) بضم الفاء ( من ردم يأجوج ومأجوج) أي الذي بناه ذو القرنين بزبر الحديد وهي القطعة منه كاللبنة ويقال إن كل لبنة زنة قنطار بالدمشقي أو تزيد عليه وقوله ( مثل هذه) بالرفع ( وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها) .
وسبق أوائل كتاب الفتن.
وعند سفيان تسعين أو مائة وسبق ما فيه ثم، وعند الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه عن أبي هريرة رفعه في السد يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم ارجعوا فستخرقونه غدًا فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغ مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس قال الذي عليه ارجعوا فستخرقونه غدًا إن شاء الله واستثنى قال فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه فيخرجون على الناس.

( قالت زينب ابنة) ولأبى ذر بنت ( جحش) -رضي الله عنها- ( فقلت: يا رسول الله أفنهلك) بكسر اللام ( وفينا الصالحون؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( نعم إذا كثر الخبث) بفتح الخاء والموحدة والذي في اليونينية بضم فسكون وهو الفسق أو الزنا.

وهذا الحديث رجال إسناده مدنيون وهو أنزل من الذي قبله بدرجتين، ويقال إنه أطول سند في البخاري فإنه تساعيّ وفيه ثلاث صحابيات لا أربعة.




[ قــ :6754 ... غــ : 7136 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُفْتَحُ الرَّدْمُ رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ»، وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو ابن خالد قال: ( حدّثنا ابن طاوس) عبد الله ( عن أبيه) طاوس ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( يُفْتَحُ الرَّدْمُ) بالرفع نائب الفاعل ( رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ، وعقد وهيب) هو ابن خالد المذكور ( تسعين) بأن جعل طرف ظهر الإبهام بين عقدتي السبابة من باطنها وطرف السبابة عليها مثل ناقد الدينار عند النقد، وفي حديث النواس بن سمعان عند الإمام أحمد بعد ذكر الدجال وقتله على يد عيسى عند باب لدّ الشرقي قال: فبينما هم كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام إني قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يدان لك بقتالهم فحوز عبادي إلى الطور فيبعث الله يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله تعالى: { من كل حدب ينسلون} [الأنبياء: 96] فيفزع عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل فيرسل عليهم نغفًا في رقابهم فيصبحون موتى كموت
نفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتًا إلا وقد ملأه زهمهم ونتنهم فيفزع عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا لا يكن منه مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم قال للأرض: أنبتي ثمرتك وردّي بركتك.
قال: فيومئذٍ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك الله في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي الفخذ، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت.
قال: فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري وقال الترمذي: حسن صحيح، وعند مسلم فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، وعند أحمد عن ابن مسعود مرفوعًا: لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا على ماء إلا شربوه، ورواه ابن ماجة: وفي مسلم فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء فيرمون نشابهم إلى السماء فيردها الله عليهم مخضوبة دمًا.
وعند ابن جرير وابن أبي حاتم عن كعب ويفر الناس منهم فلا يقوم لهم شيء ثم يرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون غلبنا أهل الأرض وأهل السماء الحديث.
وفي تذكرة القرطبي وروي أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق في الأرض، وفي خبر آخر لا يمرون بفيل ولا خنزير إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس.
هذا آخر كتاب الفتن والله أعلم.