فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من استرعي رعية فلم ينصح

باب مَنِ اسْتُرْعِىَ رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ
( باب) ذكر ( من استرعي) بضم الفوقية وكسر العين أي من استرعاه الله ( رعية فلم ينصح) لها.


[ قــ :6768 ... غــ : 7150 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّى مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا أبو الأشهب) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الهاء بعدها موحدة جعفر بن حبان السعدي العطاردي البصري وهو مشهور بكنيته ( عن الحسن) البصري ( أن عبيد الله) بضم العين ( ابن زيد) بكسر الزاي بعدها تحتية أمير البصرة في زمن معاوية وولده ( عاد معقل بن يسار) معقل بكسر القاف ويسار بالتحتية والسين
المهملة المخففة المزني الصحابيّ ( في مرضه الذي مات فيه) وكانت وفاته في خلافة معاوية ( فقال له معقل: إني محدّثك حديثًا سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( ما من عبد استرعاه) استحفظه ( الله) ولأبي ذر والأصيلي يسترعيه الله ( رعية فلم يحطها) بفتح التحتية وضم الحاء وسكون الطاء المهملتين أي فلم يحفظها ولم يتعهد أمرها ( بنصيحة) بفتح النون وبعد الصاد المهملة المكسورة تحتية ساكنة وتنوين آخره، ولأبي ذر عن المستملي: بالنصيحة بزيادة أل كذا في الفرع كأصله، وفي الفتح بنصحه بضم النون وهاء الضمير وقال كذا للأكثر وللمستملي بالنصيحة ( إلا لم يجد رائحة الجنة) إذا كان مستحلاًّ لذلك أو لا يجدها مع الفائزين الأوّلين لأنه ليس عامًّا في جميع الأزمان أو خرج مخرج التغليظ، وزاد الطبراني وعرفها يوجد يوم القيامة من مسيرة سبعين عامًّا وسقط لأبي ذر والأصيلي لفظ إلا من قوله إلا لم يجد.

قال في الكواكب: فيصير مفهوم الحديث أنه يجدها عكس المقصود، وأجاب: بأن إلا مقدرة أي إلا لم يجد والخبر محذوف أي ما من عبد كذا إلا حرم الله عليه الجنة ولم يجد رائحة الجنة استئناف كالمفسر له أو ما ليست للنفي وجاز زيادة من للتأكيد في الإثبات عند بعض النحاة وقد ثبتت إلا في بعض النسخ اهـ.

وفي اليونينية سقوطها لأبي ذر والأصيلي.
قال في الفتح: لم يقع الجمع بين اللفظين المتوعد بهما في طريق واحدة فقوله لم يجد رائحة الجنة وقع في رواية أبي الأشهب، وقوله حرم الله عليه الجنة في رواية هشام أي التالية لهذه فكأنه أراد أن الأصل في الحديث الجمع بين اللفظين فحفظ بعض ما لم يحفظ بعض وهو محتمل، لكن الظاهر أنه لفظ واحد تصرف فيه بعض الرواة.

وفي الكبير للطبراني من وجه آخر عن الحسن قال: قام علينا عبيد الله بن زياد أميرًا أمره علينا معاوية غلامًا سفيهًا يسفك الدماء سفكًا شديدًا وفينا عبد الله بن مغفل المزني فدخل عليه ذات يوم فقال له: انتهِ عما أراك تصنع فقال له: وما أنت وذاك؟ قال: ثم خرج إلى المسجد فقلنا له: ما كنت تصنع بكلام هذا السفيه على رؤوس الناس؟ فقال: إنه كان عندي علم فأحببت أن لا أموت حتى أقول به على رؤوس الناس ثم قام فما لبث أن مرض مرضه الذي توفي فيه فأتاه عبيد الله بن زياد يعوده فذكر نحو حديث الباب.
قال الحافظ ابن حجر: فيحتمل أن تكون القصة وقعت للصحابيين.

وحديث الباب أخرجه مسلم في الإيمان.




[ قــ :6769 ... غــ : 7151 ]
- : إسحاقُ نجنُ قتصُويى، أخْبَرَنًا حُسَينَ انجُغفِى قالَ زائِدَةُ: ذَكَرَهُ كق هِشايم،



[ قــ :6769 ... غــ : 7151 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِىُّ قَالَ زَائِدَةُ: ذَكَرَهُ عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَتَيْنَا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ نَعُودُهُ، فَدَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا مِنْ وَالٍ يَلِى رَعِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهْوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق بن منصور) الكوسج أبو يعقوب المروزي قال: ( أخبرنا حسين) بضم الحاء المهملة ابن علي ( الجعفي) قال ( قال زائدة) بن قدامة ( ذكره) أي الحديث الآتي ( عن هشام) أي ابن حسان ( عن الحسن) البصري أنه ( قال: أتينا معقل بن يسار نعوده) أي في مرضه الذي مات فيه ( فدخل عبيد الله) بن زياد ولأبي ذر عن الكشميهني فدخل علينا عبيد الله ( فقال له معقل: أحدّثك) بضم الهمزة ورفع المثلثة ( حديثًا سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( ما من والٍ) وفي رواية أبي المليح عند مسلم ما من أمير ( يلي رعية من المسلمين فيموت) الفاء فيه وفي فلم يحطها في الحديث السابق كاللام في قوله فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا قاله الطيبي.
قال في المدارك: أي ليصير الأمر إلى ذلك لا أنهم أخذوه لهذا كقولهم للموت ما تلد الوالدة وهي لم تلده لأن يموت ولدها ولكن المصير إلى ذلك كذا قاله الزجّاج، وعن هذا قال المفسرون إن هذه لام العاقبة والصيرورة وقال في الكشاف هي لام كي التي معناها التعليل كقوله: جئتك لتكرمني، ولكن معنى التعليل فيها وارد على طريق المجاز لأن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله وهو الإكرام الذي ينتجه المجيء وقوله: ( وهو غاشٌّ لهم إلاَّ حرم الله عليه الجنة) .
بفتح الغين المعجمة وبعد الألف شين معجمة حال مقيد للفعل مقصود بالذكر يعني أن الله تعالى إنما ولاّه واسترعاه على عباده ليديم النصيحة لهم لا ليغشهم فيموت عليه، فلما قلب القضية استحق أن لا يجد رائحة الجنة وقال القاضي عياض المعنى من قلّده الله تعالى شيئًا من أمر المسلمين واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم فإذا خان فيما ائتمن عليه فلم ينصح فقد غشّهم حرّم الله عليه الجنة اهـ.

وهذا وعيد شديد على أئمة الجور فمن ضيع من استرعاه توجه عليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة وكيف يقدر على التحلل.
نعم يجوز أن يتفضل الله تعالى عليه فيرضي عنه أخصامه فهو الجواد الكريم الرؤوف الرحيم.