فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب القضاء والفتيا في الطريق

باب الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِى الطَّرِيقِ
وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِى الطَّرِيقِ وَقَضَى الشَّعْبِىُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ.

( باب) جواز ( القضاء والفتيا) حال كونهما ( في الطريق) وعن أشهب لا بأس بالقضاء إذا كان سائرًا إذا لم يشغله عن الفهم.
وقال السفاقسي: لا يجوز فيما يكون غامضًا.

( وقضى يحيى بن يعمر) بفتح التحتية والميم بينهما عين مهملة ساكنة التابعي المشهور قاضي مرو ( في الطريق) كما وصله ابن سعد في طبقاته.
( وقضى الشعبي) بفتح المعجمة وسكون المهملة وبالموحدة المكسورة عامر بن شراحيل ( على باب داره) وصله أيضًا ابن سعد.


[ قــ :6771 ... غــ : 7153 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا»؟ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) أخو أبي بكر قال: ( حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم الكوفي أنه قال: ( حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينما) بالميم ( أنا والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خارجان من المسجد فلقينا رجل) بكسر القاف وفتح التحتية ( عند سدة المسجد) بضم السين وفتح الدال المشددة المهملتين المظلة على بابه لوقاية المطر والشمس أو الباب أو عتبته أو الساحة أمام بابه والرجل قال ابن حجر لم أعرف اسمه لكن في الدارقطني أنه ذو الخويصرة اليماني ( فقال: يا رسول الله متى الساعة) ؟ تقوم ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما أعددت لها) ؟ ما هيأت لها من عمل ( فكأن الرجل استكان) افتعل من السكون فتكون ألفه خارجة عن القياس، وقيل إنه استفعل من الكون أي انتقل من كون إلى كون كما قالوا استحال إذا انتقل من حال إلى حال، وقوّة المعنى تؤيد الأوّل إذ الاستكانة هي الخضوع والانقياد وهو يناسب السكون والخروج عن القياس يضعفه والقياس يؤيد الثاني وقوة المعنى تضعفه إذ ليس بيهما أعني الشتق والمشتق منه مناسبة ظاهرة فيحتاج إثباتها إلى تكلف، وقيل هو مشتق من الكين وهو لحبم باطن الفرج إذ هو في أذل المواضع أي صار مثله في الذل وقيل كان يكين بمعنى خضع وذل والوجه بناء على هذا هو الثاني إذ لا يلزم الخروج عن القياس ولا عدم المناسبة ولو كانت هذه اللفظة مشهورة لكان أحسن الوجوه قاله في المصابيح، ولأبي ذر عن الكشميهني: قد استكان.

( ثم قال: يا رسول الله ما أعددت) بالهمزة كالسابقة ولأبي ذر عن الكشميهني ما عدّدت بغير همزة.
قال في الفتح: وهو بالتشديد مثل جمع مالاً وعدده اهـ.
وقال المفسرون: جمع مالاً وعدّده أي أعدّه لنوائب الدهر مثل كرّم وأكرم، وقيل أحصى عدده قاله السدي، وقرأ الحسن والكلبي بتخفيف الدال أي جمع مالاً وعدد ذلك المال، والمعنى هنا ما هيأت ( لها كبير صيام) بالباء الموحدة ولبعضهم بالمثلثة ( ولا صلاة ولا صدقة ولكني) بكسر النون المشددة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ولكن بسكون النون مخففة ( أحب الله ورسوله.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له: ( أنت) في الجنة ( مع من أحببت) .
فألحقه بحسن نيته من غير زيادة عمل بالصحابي الأعمال الصالحة.
وقال ابن بطال: فيه جواز سكوت العالم عن جواب السائل والمستفتي إذا كانت المسألة لا تعرف أو كانت مما لا حاجة بالناس إليها أو كانت مما يخشى منها الفتنة أو سوء التأويل.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله عند السدة.
قال المهلب: الفتيا في الطريق وعلى الدابة ونحو ذلك من التواضع فإن كانت للضعيف فمحمودة وإن كانت لشخص من أهل الدنيا أو ممن يخشى فمكروهة لكن إذا خشي من الثاني ضررًا وجب ليأمن شره.

والحديث سبق في الأدب في باب علامات حب الله.