فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه، دون الإمام الذي فوقه

باب الْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالْقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الإِمَامِ الَّذِى فَوْقَهُ
( باب) ذكر ( الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه) القتل ( دون الإمام الذي فوقه) أي الذي ولاّه من غير احتياج إلى استئذانه في خصوص ذلك وباب مضاف لتاليه في الفرع، وقال العيني: ليس مضافًا وإن قوله الحاكم رفع بالابتداء وقوله يحكم بالقتل خبره.
وقال في الكواكب وتبعه البرماوي قوله دون هو إما بمعنى عند وإما بمعنى غير، لكن الحديث الثاني يدل على أنه بمعنى غير ليس إلا والأول يحتملهما.


[ قــ :6773 ... غــ : 7155 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِىُّ، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن خالد) هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس ( الذهلي) بضم المعجمة وسكون الهاء وكسر اللام وسقط الذهلي لأبي ذر قال: ( حدّثنا الأنصاري محمد) بتقديم النسبة على الاسم وهي رواية أبي زيد المروزي كما في الفتح وللأكثر حدّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: ( حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني ( أبي) عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس ( عن) عم أبيه ( ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم الأولى والثانية بينهما ألف ( عن أنس) -رضي الله عنه- ( أن قيس بن سعد) .
قال في الفتح: وزاد في رواية المروزي ابن عبادة أي الأنصاري الخزرجي لا قيس بن سعد بن معاذ ولأبي ذر عن أنس بن مالك قال: إن قيس بن سعد ( كأن يكون بين يدي النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير) .
بضم المعجمة وفتح الراء بعدها طاء مهملة.
وزاد الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن مرزوق عن الأنصاري مما أدرجه الأنصاري من كلامه كما بيّنه الترمذي لا ينفذه من أموره.
والشرطة أعوان الأمير الذين يتصرفون في الجند بأمره والمراد بصاحب الشرطة كبيرهم، فقيل سموا بذلك لأنهم رذالة الجند أو لأنهم الأشداء الأقوياء من الجند.
قال الأزهري: شرطة كل شيء خياره، ومنه الشرطة لأنهم نخبة الجند وقيل هم أول طائفة تتقدم الجيش وتشهد الوقعة، وقيل مأخوذ من الشريط وهو الحبل المبرم لما فيهم من الشدة.

وفي الحديث تشبيه ما مضى بما حدث بعده، لأن صاحب الشرطة لم يكن موجودًا في العهد النبوي عند أحد من العمال، وإنما حدث في دولة بني أمية فأراد أنس تقريب حال قيس بن سعد عند السامعين فشبهه بما يعهدونه وفائدة تكرار لفظ الكون في قوله كان يكون بيان الدوام والاستمرار كما قاله في الكواكب.

وقوله في الفتح إنه وقع في الترمذي وغيره من طرق عن الأنصاري كان قيس بن سعد من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: فظهر أن ذلك كان من تصرف الرواة، تعقبه العيني بأن رواية الترمذي وغيره لا تستلزم نفي رواية كان يكون فإن كلاًّ لا يروي إلا ما ضبطه فعدم النسبة إلى تصرف الرواة أولى من كونهم تصرفوا في ذلك من أنفسهم ومفهوم التكرار، وزيادة الإسماعيلي أن ذلك كان لقيس على سبيل الوظيفة الراتبة لكن يعكر عليه ما ذكره الإسماعيلي بلفظ قال الأنصاري، ولا أعلمه إلا عن أنس أنه لما قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قيس بن سعد في مقدمته بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير فكلم سعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قيس أن يصرفه من الموضع الذي وضعه فيه مخافة أن يقدم على شيء فصرفه عن ذلك، ثم أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن الأنصاري بدون تلك الزيادة التي في آخره قال: ولم يشك في كونه عن أنس فكأن الأنصاري كان يتردد في وصلها.
قال الحافظ ابن حجر: وعلى تقدير ثبوت هذه الزيادة فلم يقع ذلك لقيس بن سعد إلا في تلك المرة ولم يستمر مع ذلك فيها.




[ قــ :6774 ... غــ : 7156 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّةَ، حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ وَأَتْبَعَهُ بِمُعَاذٍ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) زاد أبو ذر هو القطان ( عن قرة) ولأبي ذر زيادة ابن خالد أي السدوسي أنه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( حميد بن هلال) العدوي البصري قال: ( حدّثنا أبو بردة) بضم الموحدة عامر أو الحارث ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه) أرسله إلى اليمن قاضيًا ( وأتبعه بمعاذ) بهمزة قطع وسكون الفوقية ومعاذ هو ابن جبل.

وهذا قطعة من حديث سبق في باب حكم المرتد والمرتدة من استتابة المرتدين بهذا السند وأوله عن أبي موسى قال: أقبلت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستاك فكلاهما سأل فقال: يا أبا موسى أو قال يا عبد الله بن قيس قال: قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت فقال: لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل، ثم ذكر قصة اليهودي الذي أسلم ثم ارتد وعليها اقتصر هنا في الحديث التالي لهذا.




[ قــ :6775 ... غــ : 7157 ]
- حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ رَجُلاً أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهْوَ عِنْدَ أَبِى مُوسَى فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ: أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ قَالَ: لاَ أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن الصباح) بفتح المهملة والموحدة المشددة وبعد الألف مهملة العطاردي البصري قال: ( حدّثنا محبوب بن الحسن) القرشي البصري قيل اسمه محمد ومحبوب لقبه قال: ( حدّثنا خالد) الحذاء ( عن حميد بن هلال) العدوي ( عن أبي بردة) عامر ( عن أبي موسى) الأشعري -رضي الله عنه- ( أن رجلاً) أي أعرف اسمه ( أسلم ثم تهوّد فأتاه معاذ بن جبل وهو عند أبي موسى فقال) معاذ لأبي موسى: ( ما لهذا) الرجل الموثق؟ ( قال: أسلم ثم تهود) وفي رواية الباب المذكور في استتابة المرتدين ثم أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه ألقى له وسادة.
قال أنزل وإذا رجل عنده موثق قال ما هذا قال كان يهوديًّا فأسلم ثم تهود فقال أجلس ( قال: لا أجلس حتى أقتله) هذا ( قضاء الله و) قضاء ( رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في الاستتابة فأمر به فقتل وبذلك يتم مراد الترجمة ويحصل الرد على من زعم أن الحدود لا يقيمها عمال البلاد إلا بعد إذن الإمام الذي ولاهم.