فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الشهادة تكون عند الحاكم، في ولايته القضاء أو قبل ذلك، للخصم

باب الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِى وِلاَيَتِهِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلْخَصْمِ
وَقَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِى: وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ فَقَالَ: ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ.

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً عَلَى حَدٍّ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ وَأَنْتَ أَمِيرٌ فَقَالَ: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ عُمَرُ: لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِى كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِى وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالزِّنَا أَرْبَعًا فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ.

     وَقَالَ  حَمَّادٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ رُجِمَ.

     وَقَالَ  الْحَكَمُ: أَرْبَعًا.

( باب) حكم ( الشهادة) التي ( تكون عند الحاكم في) زمان ( ولايته القضاء) ولأبي ذر في ولاية القضاء ( أو قبل ذلك) أي قبل ولايته القضاء ( للخصم) متعلق بالشهادة أي للخصم الذي هو أحد الخصمين فهل يقضي له على خصمه لعلمه بذلك أو يشهد له عند قاض آخر.

( وقال شريح القاضي وسأله إنسان الشهادة) على شيء كان أشهده عليه ثم جاء فخاصم إليه ( فقال) له شريح ولأبي ذر قال: ( ائت الأمير حتى أشهد لك) عليه عنده ولم يحكم فيها بعلمه.
وهذا وصله سفيان الثوري في جامعه عن عبد الله بن شبرمة عن الشعبي عنه ولم يسم الأمير.

( وقال عكرمة) مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- فيما وصله الثوري أيضًا وابن أبي شيبة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة ( قال عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( لعبد الرحمن بن عوف) -رضي الله عنه- وكان عند عمر شهادة في آية الرجم وهي الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله أنها من القرآن فلم يلحقها في المصحف بشهادته وحده ( لو رأيت رجلاً) بفتح التاء ( على
حدّ زنًا أو سرقة وأنت أمير)
أكنت تقيمه عليه؟ قال: لا حتى يشهد معي غيري ( فقال) عمر لعبد الرحمن ( شهادتك شهادة رجل) واحد ( من المسلمين.
قال: صدقت.
قال عمر)
-رضي الله عنه- مفصحًا بالعلة لكونه لم يلحق آية الرجم بالمصحف بمجرّد علمه وحده ( لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي) في المصحف، فأشار إلى أن ذلك من قطع الذرائع لئلا يجد حكام السوء سبيلاً إلى أن يدّعوا العلم لمن أحبواه الحكم بشيء.
وقوله قال عمر هو طرف من حديث أخرجه مالك في موطئه وعكرمة لم يدرك عبد الرحمن بن عوف فضلاً عن عمر فهو منقطع.

( وأقرّ ماعز عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالزنا أربعًا) أي أقر أربع مرات ( فأمر برجمه) بإقراره ( ولم يذكر) بضم التحتية وفتح الكاف ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشهد) على ماعز ( من حضره) وقد سبق موصولاً في غير ما موضع وأشار به إلى الردّ على من قال لا يقضي بإقرار الخصم حتى يدعو شاهدين يحضران إقراره.

( وقال حماد) هو ابن أبي سليمان فقيه الكوفة ( إذا أقر) زان ( مرة) واحدة ( عند الحاكم رجم) بغير بيّنة ولا إقرار أربعًا.
( وقال الحكم) بفتحتين ابن عتيبة فقيه الكوفة أيضًا لا يرجم حتى يقر ( أربعًا) وصل القولين ابن أبي شيبة من طريق شعبة.


[ قــ :6787 ... غــ : 7170 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِى مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ: «مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ» فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِى، فَجَلَسْتُ ثُمَّ بَدَا لِى فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلاَحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِى يَذْكُرُ عِنْدِى قَالَ: فَأَرْضِهِ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلاَّ لاَ يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَدَّاهُ إِلَىَّ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ قَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ: عَنِ اللَّيْثِ فَقَامَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَدَّاهُ إِلَىَّ.

     وَقَالَ  أَهْلُ الْحِجَازِ: الْحَاكِمُ لاَ يَقْضِى بِعِلْمِهِ شَهِدَ بِذَلِكَ فِى وِلاَيَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لآخَرَ بِحَقٍّ فِى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يَقْضِى عَلَيْهِ فِى قَوْلِ بَعْضِهِمْ حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ، فَيُحْضِرَهُمَا إِقْرَارَهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ: مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ فِى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَضَى بِهِ وَمَا كَانَ فِى غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ يَقْضِى بِهِ لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادَةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ: يَقْضِى بِعِلْمِهِ فِى الأَمْوَالِ وَلاَ يَقْضِى فِى غَيْرِهَا.

     وَقَالَ  الْقَاسِمُ: لاَ يَنْبَغِى لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْضِىَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا لَهُمْ فِى الظُّنُونِ وَقَدْ كَرِهَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظَّنَّ فَقَالَ: «إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا الليث) إمام أهل مصر ولأبي ذر الليث بن سعد ( عن يحيى) بن سعيد الأنصاري ( عن عمر) بضم العين ( ابن كثير) بالمثلثة مولى أبي أيوب الأنصاري ( عن أبي محمد) نافع ( مولى أبي قتادة أن أبا قتادة) الحارث الأنصاري الخزرجي -رضي الله عنه- ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حنين) بضم الحاء المهملة ونونين أولاهما مفتوحة بينهما تحتية ساكنة:
( من له بينة على قتيل قتله فله سلبه) بفتح السين المهملة واللام بعدها موحدة ما معه من المال من الثياب والأسلحة وغيرهما قال أبو قتادة ( فقمت لألتمس) لأطلب ( بينة على قتيل) قتلته ولأبي ذر على قتيلي بتحتية ساكنة بعد اللام ( فلم أر أحدًا يشهد لي) على قتله ( فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال رجل من جلسائه) : لم يسم أو هو أسود بن خزاعي الأسلمي كما عند الواقدي ( سلاح هذا القتيل الذي يذكر) أبو قتادة ( عندي) وفي الخمس من الجهاد فقال رجل صدق يا رسول الله وسلبه عندي ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للرجل ( فأرضه منه) بقطع الهمزة وكسر الهاء ولأبي ذر عن الكشميهني مني ( فقال أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه-: ( كلا) كلمة ردع ( لا يعطه) بضم التحتية وكسر الطاء المهملة والهاء أبو قتادة ( أصيبغ من قريش) بضم الهمزة وفتح الصاد المهملة وبعد التحتية الساكنة موحدة مكسورة فغين معجمة منصوب مفعول ثان ليعطه نوع من الطير ونبات ضعيف كالثمام، ولأبي ذر أضيبع بالضاد المعجمة والعين المهملة المنصوبة المنوّنة في اليونينية تصغير الضبع ( ويدع أسدًا من أُسد الله) بضم الهمزة وسكون السين المهملة وكأنه لما عظم أبًا قتادة بأنه أسد من أسد الله صغر ذاك القرشي وشبهه بالأضيبع لضعف افتراسه بالنسبة إلى الأسد ( يقاتل عن الله ورسوله) في موضع نصب صفة أسدًا ( قال) أبو قتادة ( فأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الرجل الذي عنده السلب ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني فحكم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي أن السلب لي ( فأدّاه إليّ) بتشديد الياء فأخذته فبعته من حاطب بن أبي بلتعة بسبع أواق ( فاشتريت منه خرافًا) بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء مخففة وبعد الألف فاء بستانًا ( فكان) هو ( أول مال تأثلته) بمثلثة مشددة اتخذته أصل المال واقتنيته وإنما حكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك مع طلبه أولاً البيّنة لأن الخصم اعترف مع أنه المال لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطيه من يشاء.

والحديث سبق في البيوع والخمس.

قال المؤلّف: ( قال عبد الله) بن صالح كاتب الليث بن سعد وللكشميهني قال لي عبد الله ( عن الليث) بن سعد الإمام ( فقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأدّاه) أي السلب ( إليّ) بتشديد الياء وفيه تنبيه على أن رواية قتيبة لو كانت فقام لم يكن لذكر رواية عبد الله بن صالح معنى قال بعضهم: وليس في إقرار ماعز عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا حكمه بالرجم دون أن يشهد من حضره ولا في إعطائه السلب لأبي قتادة حجة للقضاء بالعلم لأن ماعزًا إنما أقرّ بحضرة الصحابة، إذ من المعلوم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يقعد
وحده فلم يحتج -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يشهدهم على إقراره لسماعهم منه ذلك وكذلك قصة أبي قتادة.

( وقال أهل الحجاز) : مالك ومن تبعه في ذلك ( الحاكم لا يقضي بعلمه شهد بذلك في) وقت ( ولايته أو قبلها) لوجود التهمة ولو فتح هذا الباب لوجد قاضي السوء سبيلاً إلى قتل عدوّه وتفسيقه والتفريق بينه وبين من يحبه ومن ثم قال الشافعي لولا قضاة السوء لقلت إن للحاكم أن يحكم بعلمه ( ولو أقرّ خصم عنده) عند الحاكم ( لآخر بحق في مجلس القضاء فإنه لا يقضي عليه) بفتح التحتية وكسر الضاد المعجمة ( في قول بعضهم حتى يدعو) الحاكم ( بشاهدين فيحضرهما إقراره) أي إقرار الخصم وهذا قول ابن القاسم وأشهب.

( وقال بعض أهل العراق) : أبو حنيفة ومن تبعه ( ما سمع) القاضي ( أو رآه في مجلس القضاء قضى به وما كان غيره) غير مجلس القضاء ( لم يقض) فيه ( إلا بشاهدين) يحضرهما إقراره ووافقهم مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون من المالكية.
( وقال آخرون منهم) من أهل العراق أبو يوسف ومن تبعه ( بل يقضي به) بدون شاهدين ( لأنه مؤتمن) بفتح الميم الثانية ( وإنما) ولأبي ذر عن الكشميهني وأنه ( يراد من الشهادة معرفة الحق فعلمه أكثر من الشهادة) أكثر بالمثلثة ( وقال بعضهم) أي بعض أهل العراق ( يقضي) القاضي ( بعلمه في الأموال ولا يقضي) بعلمه ( في غيرها) فلو رأى رجلاً يزني مثلاً لم يقض بعلمه حتى تكون بيّنة تشهد بذلك عنده وهو منقول عن أبي حنيفة وأبي يوسف.

( وقال القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- لأنه إذا أطلق يكون المراد، لكن رأيت في هامش فرع اليونينية وأصلها أنه ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فيما قاله أبو ذر الحافظ.
وقال في الفتح: كنت أظنه ابن محمد بن أبي بكر لأنه إذا أطلق في الفروع الفقهيه انصرف الذهن إليه، لكن رأيت في رواية عن أبي ذر أنه ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فإن كان كذلك فقد خالف أصحابه الكوفيين ووافق أهل المدينة في هذا الحكم وتعقبه العيني فقال: الكلام في صحة رواية أبي ذر على أن هذه المسألة فقهية وحيثما أطلق فالمراد به ابن محمد بن أبي بكر، ولئن سلمنا صحة رواية أبي ذر فإطباق الفقهاء على أنه إذا أطلق يراد به ابن محمد بن أبي بكر أرجح من كلام غيرهم كذا قال فليتأمل.
ومقول قول القاسم ( لا ينبغي للحاكم أن يمضي) بضم التحتية وسكون الميم، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أن يقضي بفتح التحتية وبالقاف بدل الميم ( قضاء بعلمه دون علم غيره مع أن علمه أكثر) بالمثلثة ( من شهادة غيره ولكنّ) بتشديد النون ( فيه) أي في القضاء بعلمه دون بيّنة ( تعرضًا لتهمة نفسه عند المسلمين وإيقاعًا لهم في الظنون) الفاسدة به وإيقاعًا نصب عطفًا على تعرضًا، ولأبي الوقت: ولكن بالتخفيف فيه تعرض بالرفع مبتدأ خبره قوله فيه مقدمًا وإيقاع عطف على تعرض أو نصب على أنه مفعول معه والعامل فيه متعلق الظرف.
( وقد كره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظن فقال) في الحديث اللاحق: ( إنما هذه صفية) .




[ قــ :6788 ... غــ : 7171 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ، فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ مَعَهَا فَمَرَّ بِهِ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَاهُمَا فَقَالَ: «إِنَّمَا هِىَ صَفِيَّةُ» قَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ».
رَوَاهُ شُعَيْبٌ وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَابْنُ أَبِى عَتِيقٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَلِىٍّ - يَعْنِى ابْنَ حُسَيْنٍ -، عَنْ صَفِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا عد العزيز بن عبد الله الأويسي) وسقط الأويسي لغير أبي ذر قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وسقط ابن سعد لغير أبي ذر ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن عليّ بن حسين) بضم الحاء ابن علي بن أبي طالب الملقب بزين العابدين التابعي ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتته صفية بنت حيي) -رضي الله عنها- وهو معتكف في المسجد تزوره ( فلما رجعت انطلق معها) عليه الصلاة والسلام ( فمرّ به رجلان من الأنصار) لم يسميا ( فدعاهما) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) لهما:
( إنما هي صفية.
قالا: سبحان الله)
تعجبًا ( قال) عليه السلام: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) يوسوس فخفت أن يوقع في قلوبكما شيئًا من الظن الفاسد فتأثمان فقلته دفعًا لذلك، وعن الشافعي أنه قال: أشفق عليهما من الكفر لو ظنًّا به ظن التهمة.

وهذا الحديث مرسل لأن عليًّا تابعي ولذا عقبه المؤلّف بقوله ( رواه شعيب) بضم الشين ابن أبي حمزة مما رواه المؤلّف في الاعتكاف والأدب ( وابن مسافر) هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي مولى الليث بن سعد مما وصله في الصوم وفرض الخمس ( وابن أبي عتيق) هو محمد بن عتيق الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق مما وصله في الاعتكاف ( وإسحاق بن يحيى) الحمصي فيما وصله الذهلي في الزهريات أربعتهم ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن علي يعني ابن حسين) وسقط لأبي ذر يعني ابن حسين ( عن صفية عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
ورواه عن الزهري أيضًا معمر فاختلف عليه في وصله وإرساله فسبق موصولاً في صفة إبليس ومرسلاً في الخمس.

فإن قلت: ما وجه الاستدلال بحديث صفية على منع الحكم بالعلم؟ أجيب: من كونه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كره أن يقع في قلب الأنصاريين من وسوسة الشيطان شيء فمراعاة نفي التهمة عنه مع عصمته تقتضي مراعاة نفي التهمة عمن هو دونه.