فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب هدايا العمال

باب هَدَايَا الْعُمَّالِ
( باب) حكم ( هدايا العمال) بضم العين وتشديد الميم.


[ قــ :6791 ... غــ : 7174 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ: فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى فَقَامَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِى يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِى، فَهَلاَّ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ.
وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَأْتِى بِشَىْءٍ إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ» ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَىْ إِبْطَيْهِ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» ثَلاَثًا.

قَالَ سُفْيَانُ: قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِىُّ وَزَادَ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعَ أُذُنَاىَ وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِى وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِى، وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِىُّ سَمِعَ أُذُنِى.
خُوَارٌ: صَوْتٌ وَالْجُؤَارُ مِنْ تَجْأَرُونَ كَصَوْتِ الْبَقَرَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( أنه سمع عروة) بن الزبير يقول ( أخبرنا أبو حميد) بضم الحاء المهملة وفتح الميم عبد الرحمن أو المنذر ( الساعدي) -رضي الله عنه- أنه ( قال: استعمل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلاً من بني أسد) وللأصيلي من بني الأسد بالألف واللام وفتح السين فيهما في الفرع والذي في الأصل السكون فيهما.
وقال في الفتح: قوله رجلاً من أسد بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وكذا وقع هنا وهو يوهم أنه بفتح السين نسبة إلى بني أسد بن خزيمة القبيلة المشهورة أو إلى بني أسد بن عبد العزى بطن من قريش وليس كذلك قال: وإنما قلت إنه يوهمه لأن الأزد ملازمة الألف واللام في الاستعمال اسمًا وانتسابًا بخلاف بني أسد فبغير ألف ولام في الاسم وللأصيلي هنا بزيادة الألف واللام، ولا إشكال فيها مع سكون السين.
وفي الهبة استعمل رجلاً من الأزد أي بالزاي، وذكر أن أصحاب الأنساب ذكروا أن في الأزد بطنًا يقال لهم بنو الأسد بالتحريك ينسبون إلى أسد بن شريك بالمعجمة مصغرًا ابن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم وبنو فهم بطن شهير من الأزد، فيحتمل أن يكون ابن الأتبية كان منهم فيصح أن يقال فيه الأزدي بسكون الزاي والأسدي بسكون السين وفتحها من بني أسد بفتح السين ومن بني الأزد والأسد بالسكون فيهما لا غير اهـ.

والرجل ( يقال له ابن الأتبية) بضم الهمزة وفتح الفوقية وسكونها وكسر الموحدة وتشديد التحتية قيل هو اسم أمه واسمه عبد الله فيما ذكره ابن سعد وغيره ( على صدقة) أي صدقات بني سليم كما سبق في الزكاة.
وقال العسكري: إنه بعث على صدقات بني ذبيان فلعله كان على القبيلتين ( فلما قدم) أي جاء إلى المدينة من عمله حاسبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال: هذا لكم وهذا أهدي لي) بضم الهمزة ( فقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المنبر قال سفيان) بن عيينة ( أيضًا فصعد) بكسر العين بدل قوله الأول فقام ( المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال) :
( ما بال العامل نبعثه) على العمل ( فيأتي يقول) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فيقول ( هذا لك) بلفظ الإفراد ( وهذا لي فهلا جلس في بيت أبيه وأمه) وفي الهبة أو بيت أمه ( فينظر) برفع الراء ولأبي ذر بنصبها ( أيهدى له) بفتح الهمزة وضم التحتية وفتح الدال ( أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء) من مال الصدقة يحوزه لنفسه وفي الهبة لا يأخذ أحد منه شيئًا ( إلا جاء به يوم
القيامة)
حال كونه ( يحمله على رقبته وإن كان بعيرًا له رغاء) بضم الراء وفتح الغين المعجمة مهموز له صوت ( أو) كان المأخوذ ( بقرة لها جؤار) بجيم مضمومة فهمزة وفي رواية بالخاء المعجمة بعدها واو صوت ( أو) كان ( شاة تيعر) بمثناة فوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فعين مهملة مفتوحة تصوّت شديدًا ( ثم رفع) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه) بضم العين المهملة وسكون الفاء وفتح الراء وإبطيه وكسر الموحدة وفتح الطاء المهملة بالتثنية فيهما بياضهما المشبوب بالسمرة يقول: ( ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام ( هل بلغت) بتشديد اللام أي قد بلغت حكم الله إليكم أو هل للاستفهام التقريري للتأكيد ليبلغ الشاهد الغائب قال: ألا هل بلغت ( ثلاثًا.
قال سفيان)
بن عيينة بالسند السابق ( قصه) أي الحديث ( علينا الزهري) محمد بن مسلم ( وزاد هشام عن أبيه) عروة بن الزبير وهو من مقول سفيان أيضًا ( عن أبي حميد) الساعدي أنه ( قال: سمع أذناي) بالتثنية ( وأبصرته عيني بالإفراد) أي أعلمه علمًا يقينًا لا أشك فيه ( وسلوا) بفتح المهملة وضم اللام وبسكون المهملة بعدها همزة ( زيد بن ثابت فإنه سمعه) ولأبي ذر سمع ( معي) بفتح السين وكسر الميم على الروايتين قال سفيان أيضًا ( ولم يقل الزهري) محمد بن مسلم ( وسمع أذني) فقال المؤلّف: ( خوار) بالخاء المعجمة المضمومة ( صوت والجؤار) بضم الجيم وهمزة مفتوحة آخره راء ( من تجأرون كصوت البقرة) وفي رواية البقر بحذف التاء.
{ بالعذاب إذا هم يجأرون} [المؤمنون: 64] أي يرفعون أصواتهم كما يجأر الثور، والحاصل أنه بالجيم للبقر والناس وبالخاء للبقر وغيرها من الحيوان، وهذا ثابت في رواية الكشميهني دون غيره.

وفي الحديث أن ما يهدى للعمال وخدمة السلطان بسبب السلطنة يكون لبيت المال إلا إن أباح له الإمام قبول الهدية لنفسه كما في قصة معاذ السابق التنبيه عليها في الهبة.