فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الحكم في البئر ونحوها

باب الْحُكْمِ فِى الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا
(باب الحكم في البئر ونحوها) كالحوض والدار.


[ قــ :6799 ... غــ : 7183 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَحْلِفُ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ مَالاً، وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} [آل عمران: 77] الآيَةَ.
فَجَاءَ الأَشْعَثُ وَعَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ: فِىَّ نَزَلَتْ وَفِى رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِى بِئْرٍ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ»؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَلْيَحْلِفْ» قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآيَةَ.

وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر بالصاد المهملة المروزي وقيل البخاري قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر (والأعمش) سليمان بن مهران كلاهما (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه (قال: قال عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لا يحلف) أحد (على) موجب (يمين صبر) بغير تنوين يمين على الإضافة لتاليها كذا في الفرع كأصله مصححًا عليه لما بينهما من الملابسة السابقة وينوّن فصبر صفة له على النسب أي ذات صبر ويمين الصبر هى التي يلزم الحاكم الخصم بها وجملة {يقتطع مالاً) في موضع صفة ثانية ليمين وفي رواية أخرى يقتطع بها مال امرئ مسلم (وهو فيها فاجر) كاذب والجملة في موضع الحال من فاعل يحلف أو من ضمير يقتطع أو صفة ليمين لأن فيها ضميرين أحدهما للحالف والآخر لليمين فبذلك صلحت أن تكون حالاً لكل واحد منهما (إلا لقي الله) عز وجل يوم القيامة (وهو عليه غضبان) بدون صرف للصفة وزيادة الألف والنون والشرط هنا موجود وهو انتفاء فعلانة ووجود فعلى وذلك في صفات المخلوقين وغضبه تعالى يراد به ما أراده من العقوبة أعوذ بوجه الله
تعالى من عقابه وغضبه (فأنزل الله) تعالى زاد في الأيمان تصديقه {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً}) [آل عمران: 77] (الآية).
وسقط لغير أبي ذر قوله: {وأيمانهم} الخ.

(فجاء الأشعث) بن قيس الكندي (وعبد الله) بن مسعود (يحدّثهم) زاد في الإيمان فقال: ما يحدّثكم عبد الله؟ قالوا له: أي كان يحدّثنا بكذا وكذا (فقال) الأشعث: (فيّ) بتشديد الياء (نزلت) هذه الآية (وفي رجل) اسمه الجفشيش بالجيم والحاء والخاء وبالشينين المعجمتين بينهما تحتية ساكنة الحضرمي أو الكندي وقيل اسمه جرير (خاصمته في بئر) كانت بيننا فجحدني (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لي: (ألك بيّنة؟ قلت: لا) يا رسول الله (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فليحلف) بالجزم ولأبي ذر عن الكشميهني فيحلف بإسقاط اللام والرفع (قلت) يا رسول الله: (إذًا يحلف) إذًا حرف جواب وهي تنصب الفعل المضارع بشرط أي تكون أولاً فلا يعتمد ما بعدها على ما قبلها ولذا رفعت نحو قولك: أنا إذا أكرمك وأن يكون مستقبلاً فلو كان حالاً وجب الرفع نحو قولك لمن قال: جاء الحاج إذًا أفرح تريد الحالة التي أنت فيها وأن لا يفصل بينها وبين الفعل بفاصل ما عدا القسم والنداء ولا فإن دخل عليها حرف عطف جاز في الفعل وجهان الرفع والنصب والرفع أكثر نحو قوله تعالى: {وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً} [الإسراء: 76] والفعل هنا في الحديث إن أريد به الحال فهو مرفوع وإن أريد به الاستقبال فهو منصوب والوجهان في الفرع مصحح عليهما.
وزاد في رواية أخرى ولا يبالي (فنزلت {إن الذين يشترون بعهد الله} الآية).
وفي الحديث كما قال ابن بطال: إن حكم الحاكم في الظاهر لا يحل الحرام ولا يبيح المحظور لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حذر أمته عقوبة من اقتطع من حق أخيه شيئًا بيمين فاجرة، والآية المذكورة من أشد وعيد جاء في القرآن.

والحديث سبق في الشرب.


باب الْقَضَاءِ فِى كَثِيرِ الْمَالِ وَقَلِيلِهِ
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ الْقَضَاءُ فِى قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ سَوَاءٌ.

( باب القضاء) بإضافة باب للاحقه ( في كثير المال وقليله) ولأبي ذر باب بالتنوين القضاء في كثير المال وقليله سواء بإثبات الخبر المحذوف في غير روايته.

( وقال ابن عيينة) سفيان ( عن ابن شبرمة) بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة عبد الله قاضي الكوفة: ( القضاء في قليل المال وكثيره سواء) قال العيني: وهذا ذكره سفيان في جامعه عن ابن شبرمة.
وقال الحافظ ابن حجر: ولم يقع لي هذا الأثر موصولاً.


[ قــ :6799 ... غــ : 7185 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَبَةَ خِصَامٍ عِنْدَ بَابِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضًا أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ أَقْضِى لَهُ بِذَلِكَ وَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَدَعْهَا».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال ( أخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير) بن العوّام ( أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته عن أمها أم سلمة) هند -رضي الله عنها- أنها ( قالت: سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جلبة خصام) بفتح الجيم واللام والموحدة اختلاط الأصوات ولمسلم جلبة خصم ( عند بابه) منزل أم سلمة ( فخرج عليهم) ولأبي ذر عن الكشميهني إليهم فقال ( لهم) :
( إنما أنا بشر) البشر الخلق يطلق على الجماعة والواحد والمعنى أنه منهم وإن زاد عليهم بالمنزلة الرفيعة وهو ردّ على من زعم أن من كان رسولاً فإنه يعلم كل غيب حتى لا يخفى عليه المظلوم من الظالم ( وإنه يأتيني الخصم) وفي ترك الحيل من رواية سفيان الثوري وإنكم تختصمون إليّ ( فلعلّ بعضًا) منكم ( أن يكون أبلغ) أي أقدر على الحجة ( من بعض أقضي له بذلك) ولأبي داود على نحو ما أسمع منه ( وأحسب أنه صادق فمن قضيت له بحق مسلم) وكذا ذمي ( فإنما هي) أي الحكومة ( قطعة من النار) وللطحاوي والدارقطني فإنما نقطع له بها قطعة من النار إسطامًا يأتي بها في عنقه يوم القيامة والإسطام بكسر الهمزة وسكون السين وفتح الطاء المهملتين القطعة فكأنها للتأكيد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من نار ( فليأخذها أو ليدعها) أمر تهديد.

ومطابقته للترجمة في قوله فمن قضيت له إذ هو يتناول القليل والكثير.
والحديث مرّ قريبًا.