فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم

باب الإِمَامِ يَأْتِى قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمْ
( باب الإمام يأتي قومًا فيصلح) ولأبي ذر عن الكشميهني: ليصلح باللام بدل الفاء أي لإجل الإصلاح ( بينهم) .


[ قــ :6805 ... غــ : 7190 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدِينِىُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ: كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِى عَمْرٍو فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَأَذَّنَ بِلاَلٌ وَأَقَامَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ وَجَاءَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ فِى الصَّلاَةِ فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ فِى الصَّفِّ الَّذِى يَلِيهِ قَالَ: وَصَفَّحَ الْقَوْمُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِى الصَّلاَةِ لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغَ فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ لاَ يُمْسَكُ عَلَيْهِ الْتَفَتَ فَرَأَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَهُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِ امْضِهْ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً يَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى فَلَمَّا رَأَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لاَ تَكُونَ مَضَيْتَ» قَالَ: لَمْ يَكُنْ لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

     وَقَالَ  لِلْقَوْمِ: «إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل قال: ( حدّثنا حماد) هو ابن زيد قال: ( حدّثنا أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة ( المديني) بالتحتية بعد الدال ولأبي ذر المدني بإسقاطها وفتح الدال ( عن سهل بن سعد الساعدي) -رضي الله عنه- أنه ( قال: كان قتال) بالتنوين ( بين بني عمرو) بفتح العين ابن عوف بالفاء قبيلة ( فبلغ ذلك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصلّى الظهر ثم أتاهم يصلح بينهم فلما حضرت صلاة العصر فأذّن بلال) سقط لفظ بلال لأبي ذر، واستشكل الإتيان بالفاء في قوله فأذّن لأنه ليس موضعها سواء كانت لما شرطية أو ظرفية.
وأجيب: بأن الجزاء محذوف وهو جاء المؤذن والفاء للعطف عليه وعند أبي داود عن عمرو بن عوف عن حماد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لبلال: إن حضرت صلاة العصر ولم آتك فأمر أبا بكر فليصلّ بالناس فلما حضرت العصر أذّن بلال ( وأقام) الصلاة ( وأمر أبا بكر) -رضي الله عنه- أن يصلّي بالناس كما أمره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فتقدم) أبو بكر وصلى بهم.
( وجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر في الصلاة فشق الناس حتى قام خلف أبي بكر فتقدّم في الصف الذي يليه) وليس هو من المنهي عنه لأن الإمام مستثنى من ذلك لا سيما الشارع إذ ليس لأحد التقدّم عليه ولأنه ليس حركة من حركاته إلا ولنا فيها مصلحة وسُنّة نقتدي بها ( قال) سهل ( وصفح القوم) بفتح الصاد المهملة والفاء المشددة بعدها حاء مهملة أي صفقوا تنبيهًا لأبي بكر على حضوره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت حتى يفرغ) منها ( فلما رأى التصفيح لا يمسك عليه) بضم التحتية وسكون الميم مبنيًّا للمفعول ( التفت) -رضي الله عنه- ( فرأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلفه) فأراد أن يتأخر ( فأومأ إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد أبو ذر بيده أي أشار إليه بها ( أن امضه) أمر بالمضي والهاء للسكت أي امض في صلاتك ( وأومأ بيده هكذا) أي أشار إليه بالمكث في مكانه ( ولبث أبو بكر) في مكانه ( هنية) بضم الهاء وفتح النون والتحتية المشددة زمانًا يسيرًا حال كونه ( يحمد الله) ولأبي ذر عن الكشميهني فحمد الله ( على قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم مشى القهقرى) رجع إلى خلف ( فلما- رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك) الذي فعله أبو بكر ( تقدم) إلى موضع الإمامة ( فصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالناس فلما قضى صلاته قال) :
( يا أبا بكر ما منعك إذ) بسكون الذال ( أومأت) أشرت ( إليك) أن تمكث في مكانك ( أن لا تكون مضيت) في صلاتك فيه ( قال) أبو بكر -رضي الله عنه- ( لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤمّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولم يقل لم يكن لي أو لأبي بكر هضمًا لنفسه وتواضعًا وأبو قحافة كنية والد أبي بكر -رضي الله عنهما- ( وقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( للقوم: إذا نابكم) أي أصابكم ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: ربكم أي حدث لكم ( أمر فليسبح الرجال) أي يقولوا سبحان الله ( وليصفح النساء) أي يصفقن بأن يضربن بأيديهن على ظهر الأخرى.

وفي الحديث جواز مباشرة الحاكم الصلح بين الخصوم وجواز ذهاب الحاكم إلى موضع الخصوم للفصل بينهم إذا اضطر الأمر لذلك.

والحديث سبق في الصلاة في باب من دخل ليؤم الناس.