فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام

باب مَا جَاءَ فِى إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ
فِى الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلاَنِ دَخَلَ فِى مَعْنَى الآيَةِ وَقَولُهُ تَعَالَى: { إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ.

( باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق) أي العمل بقوله ( في) دخول وقت ( الأذان و) الإعلام بجهة القبلة لأجل ( الصلاة و) طلوع الفجر أو غروب الشمس في ( الصوم والفرائض) من عطف العام على الخاص ( والأحكام) جمع حكم وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين من حيث إنهم مكلفون وهو من عطف العام على عام أخص منه لأن الفرائض فرد من الأحكام، والمراد بالواحد هنا حقيقة الوحدة.
وعند الأصوليين ما لم يتواتر والتقييد بالصدق لا بدّ منه فلا يحتج بالكذوب اتفاقًا أمَّا من لم يعرف حاله فثالثها يجوز إن اعتضد.
قال في الفتح: وسقطت البسملة لأبي ذر والقابسي والجرجاني، وثبتت هنا قبل الباب في رواية كريمة والأصيلي، ويحتمل أن يكون هذا من جملة أبواب الاعتصام فإنه من جملة متعلقاته فلعل بعض من بيّض الكتاب قدمه عليه ووقع في بعض النسخ كتاب خبر الواحد وليس بعده باب والذي عند الجميع بلفظ باب فيكون من جملة كتاب الأحكام وهو واضح نعم في نسخة الصغاني كتاب أخبار الآحاد ثم قال باب ما جاء الخ.

( وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على السابق وسقطت الواو لغير أبي ذر فقول رفع ( { فلولا} ) فهلا ( { نفر من كل فرقة منهم طائفة} ) أي من كل جماعة كثيرة جماعة قليلة منهم يكفونهم النفير ( { ليتفقهوا في الدين} ) ليتكلفوا الفقاهة فيه ويتجشموا المشاق في تحصيلها ( { ولينذروا قومهم} ) وليجعلوا مرمى همتهم إلى التفقه إنذار قومهم إرشادهم ( { إذا رجعوا إليهم} ) دون الأغراض الخسيسة من التصدر والترؤس والتشبه بالظلمة في المراكب والملابس ( { لعلهم يحذرون} [التوبة: 122] ) ما يجب اجتنابه واستدلّ به على أن أخبار الآحاد يلزم بها العمل لأن عموم كل فرقة يقتضي أن ينفر من كل ثلاثة تفردوا بقرية طائفة إلى التفقه لتنذر فرقتها كي يتذكروا ويحذروا، فلو لم تعتبر الأخبار ما لم تتواتر لم يفد ذلك وسقط لغير كريمة قوله ليتفقهوا الخ.
وقال بعد قوله: { طائفة} الآية.

قال البخاري: ( ويسمى الرجل) الواحد ( طائفة لقوله تعالى: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات: 9] فلو اقتتل رجلان) ولأبي ذر عن الكشميهني الرجلان ( دخلا في معنى الآية) لإطلاق الطائفة على الواحد، وبهذا احتج إمامنا الشافعي وقبله ابن مجاهد وعن ابن عباس وغيره أن لفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه ولا يختص بعدد معين وعن ابن عباس أيضًا من أربعة إلى أربعين وعن عطاء اثنان فصاعدًا.

( وقوله تعالى: { إن جاءكم فاسق بنبأ} ) بخبر وتنكير الفاسق والنبأ للتعميم كأنه قال أيّ فاسق جاءكم بأي نبأ ( { فتبينوا} [الحجرات: 6] ) فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا قول الفاسق، لأن من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه.
وفي الآية دليل على قبول خبر الواحد العدل لأنّا لو توقفنا في خبره لسوّينا بينه وبين الفاسق ولخلا التخصيص به عن الفائدة.
وقال ابن كثير: ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول مجهول الحال لاحتمال فسقه في نفس الأمر وقبله آخرون لأنّا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال.

( وكيف بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمراءه) جمع أمير ولأبي ذر عن الكشميهني أمراء بحذف الضمير إلى الجهات ( واحدًا بعد واحد) فلو لم يكن خبر الواحد مقبولاً لما كان في إرساله معنى، وإنما أرسل آخر بعد الأوّل مع كون خبره مقبولاً ليذكره عند السهو كما قال ( فإن سها أحد منهم) أي من العلماء المبعوثين ( ردّ) بضم الراء مبنيًّا للمفعول ( إلى السُّنّة) .
أي الطريقة المحمدية الشاملة للواجب والمندوب وغيرهما.


[ قــ :6857 ... غــ : 7246 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ بْنُ الحُوَيْرِثْ قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا،
فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ» وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ أَحْفَظُهَا «وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي الحافظ قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي أنه قال: ( حدّثنا مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة آخره مثلثة مصغرًا حجازي سكن البصرة ومات بها -رضي الله عنه-، وثبت قوله ابن الحويرث في رواية أبي ذر أنه ( قال: أتينا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وافدين عليه ( ونحن شببة) بمعجمة وموحدتين مفتوحات جمع شاب وهو من كان دون الكهولة ( متقاربون) أي في السن أو في القراءة كما في مسلم أو في العلم كما في أبي داود ( فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رفيقًا) بفاء وقاف من الرفق، وفي مسلم رقيقًا بقافين وكذا هو عند بعض رواة البخاري وهو من الرقة ( فلما ظن أنّا قد اشتهينا أهلنا) بفتح اللام أزواجنا أو أعمّ ولأبي ذر عن الكشميهني أهلينا بكسر اللام وزيادة تحتية ساكنة بعدها ( أو) قال ( قد اشتقنا سألنا) بفتح اللام -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عمن تركنا بعدنا فأخبرناه) بذلك ( قال) :
( ارجعوا إلى أهليكم) بفتح الهمزة وسكون الهاء وكان ذلك بعد الفتح وقد انقطعت الهجرة والمقام بالمدينة راجع إلى اختيار الوافد إليها ( فأقيموا فيهم وعلّموهم) شرائع الإسلام ( ومروهم) بالإتيان بالواجبات والاجتناب عن المحرمات قال أبو قلابة ( وذكر) مالك بن الحويرث ( أشياء أحفظها أو لا أحفظها) ليس بشك بل تنويع ومن جملة الأشياء التي حفظها أبو قلابة عن مالك قوله عليه الصلاة والسلام: ( وصلّوا كما رأيتموني أصلّي فإذا حضرت الصلاة) أي دخل وقتها ( فليؤذّن لكم أحدكم وليؤمّكم) في الصلاة ( أكبركم) في الفضل أو في السن عند التساوي في الفضيلة.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فليؤذّن لكم أحدكم لأن أذان الواحد يؤذِن بدخول الوقت والعمل به.

والحديث سبق بعين هذا المتن والإسناد في باب الأذان للمسافر من كتاب الصلاة.




[ قــ :6858 ... غــ : 747 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِىِّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ -أَوْ قَالَ: يُنَادِى- لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا» وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ حَتَّى يَقُولَ: هَكَذَا وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( عن يحيى) بن سعيد القطان ( عن التيمي) سليمان بن طرخان ( عن أبي عثمان) عبد الرحمن النهدي بفتح النون وسكون الهاء ( عن ابن
مسعود)
عبد الله -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من) أكل ( سحوره) بفتح السين ( فإنه يؤذّن أو قال ينادي بليل) أي فيه ( ليرجع) بفتح المثناة التحتية وسكون الراء وكسر الجيم المخففة من رجع ثلاثيًّا أي ليردّ ( قائمكم) بالرفع وفي اليونينية قائمكم بالفتح مصلحًا على كشط مصححًا عليها وليرجع بفتح أوله، وقوله في التنقيح وحكى فيه ثعلب أرجعت رباعيًّا فعلى هذا يضم أوله، وتعقبه في التوضيح فقال: إن أراد مطلقًا حتى يدخل فيه هذا الحديث فيفتقر إلى ثبوت رواية فيه بالضم، وإلاّ فليس في نسخ البخاري إلا الفتح على ما أفهمه كلام الشارحين وإن أراد غير ذلك فليس مما نحن بصدده اهـ.

وفي الفرع كأصله عن أبي ذر: ليرجع بضم حرف المضارعة وفتح الراء وتشديد الجيم مكسورة ومفتوحة في اليونينية قائمكم بالنصب على المفعولية، والمراد به القائم في التهجد يعني لينام تلك اللحظة ليصبح نشيطًا أو ليتسحر إن أراد الصوم.
( وينبه) يوقظ ( نائمكم) ليستعد للصلاة ( وليس الفجر أن يقول) أن يظهر ( هكذا) مستطيلاً غير منتشر وهو الفجر الكاذب ( وجمع يحيى) بن سعيد القطان ( كفيه حتى يقول) يظهر ( هكذا ومدّ يحيي) القطان المذكور ( إصبعيه السبابتين) أي حتى يصير مستطيلاً منتشرًا في الأفق ممدودًا من الطرفين اليمين والشمال وهو الفجر الصادق وفيه إطلاق القول على الفعل.

والحديث سبق في باب الأذان قبل الفجر من أبواب الأذان ومطابقته للترجمة في قوله: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه مخبر أن الوقت الذي أذّن فيه من الليل حتى يجوز التسحر فيه وهو خبر واحد صدوق.




[ قــ :6859 ... غــ : 748 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ بِلاَلاً يُنَادِى بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن مسلم) القسملي البصري قال: ( حدّثنا عبد الله بن دينار) المدني مولى ابن عمر ( قال: سمعت عبد الله بن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إن بلالاً ينادي) أي يؤذّن ( بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم) عبد الله، وقيل عمرو بن قيس القرشي العامري الأعمى واسم أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله.

ومطابقته للترجمة في قوله إن بلالاً ينادي بليل كما تقرر في السابق.
والحديث سبق أيضًا في الأذان.




[ قــ :6860 ... غــ : 749 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ: أَزِيدَ فِى الصَّلاَةِ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ»؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ.

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن غياث قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة بضم العين وفتح الفوقية مصغرًا ( عن إبراهيم) النخعي ( عن علقمة) بن قيس ( عن عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- أنه ( قال: صلّى بنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظهر خمسًا) أي خمس ركعات ( فقيل) له لما سلّم يا رسول الله ( أزيد في الصلاة) ركعة؟ ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( وما ذاك) ؟ أي وما سؤالكم عن الزيادة في الصلاة ( قالوا: صليت خمسًا فسجد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( سجدتين) للسهو ( بعدما سلّم) لتعذر السجود قبله لعدم علمه بالسهو وعبّر هنا بقوله: قالوا صليت بلفظ الجمع، وفي باب إذا صلّى خمسًا من طريق أبي الوليد هشام عن شعبة قال: صليت خمسًَا بلفظ الإفراد، وبهذا تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة هنا إذ الحديثان حديث واحد عن صحابي واحد في حادثة واحدة، وقد صدقه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعمل بإخباره لكونه صدوقًا عنده، ولم يقف الحافظ ابن حجر على تسمية من واجهه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك.




[ قــ :6861 ... غــ : 750 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ: «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ»؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ ثُمَّ رَفَعَ.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام الأعظم ابن أنس الأصبحي ( عن أيوب) السختياني ( عن محمد) أي ابن سيرين ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انصرف من انثتين) ركعتين أي من إحدى صلاتي العشيّ كما في الرواية الأخرى ( فقال له ذو اليدين) : الخرباق وكان في يديه طول ( أقصرت الصلاة) بهمزة الاستفهام الاستخباري وفتح القاف وضم الصاد المهملة ( يا رسول الله أم نسيت؟ فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للناس:
( أصدق ذو اليدين) ؟ فيما قاله والهمزة للاستفهام ( فقال الناس: نعم) صدق ( فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي أحرم ثم جلس ثم قام ( فصلّى ركعتين أخريين) بتحتيتين بعد الراء فنون ( ثم سلّم ثم كبّر ثم سجد) وكان سجوده ( مثل سجوده) الذي للصلاة ( أو أطول) منه شك من الراوي ( ثم رفع ثم كبَّر فسجد) سجودًا ( مثل سجوده) للصلاة فهو نعت لمصدر محذوف أو هو حال أي سجد السجود في حال كونه مثل سجوده فهو حال من المصدر بعد إضماره ( ثم رفع) من سجوده ثم سلّم من غير أن يتشهد.

ومطابقته ظاهرة لأنه عمل بخبر ذي اليدين وهو واحد وإنما قال: أصدق ذو اليدين لاستثبات خبره لكونه انفرد دون من صلّى معه لاحتمال خطئه في ذلك ولا يلزم منه ردّ خبره مطلقًا، وهذا على قول من يرى رجوع الإمام في السهو إلى إخبار من يفيد خبره العلم عنده وهو رأي البخاري، ولذلك أورد الخبرين هنا بخلاف من يحمل الأمر على أنه تذكر فلا يتجه إيراده في هذا المحل قاله في الفتح، وسبق في السهو في باب من لم يتشهد في سجدتي السهو.




[ قــ :686 ... غــ : 751 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن عبد الله بن دينار) المدني ( عن) مولاه ( عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: بينا) بغير ميم ( الناس بقباء) بالهمز والمدّ منصرف على أنه مذكر ويجوز المنع من الصرف بتأويل البقعة ويجوز فيه القصر وبين ظرف والناس مبتدأ أو بقباء متعلق بالخبر أي مستقرون بقباء ( في صلاة الصبح) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: الفجر ( إذ جاءهم آت) هو عباد بن بشر وإذ هنا للمفاجأة كإذا وآت اسم فاعل من أتى يأتي صفة لموصوف محذوف أي رجل ( فقال: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أنزل عليه الليلة قرآن) يريد قوله تعالى: { قد نرى تقلُّب وجهك في السماء} [البقرة: 144] الآيات.
( وقد أُمر) بضم الهمزة فيهما عليه الصلاة والسلام ( أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها) بكسر الموحدة فيهما على الأمر في الثاني وتفتح فيه على الخبر وضمير الفاعل على كسرها لأهل قباء وعلى فتحها عليهم أو على أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المصلّين معه ( وكانت وجوههم إلى الشأم فاستداروا إلى الكعبة) بأن تحوّل الإمام من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخره ثم تحولت الرجال حتى صاروا خلفه وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال ولم تتوالَ خطاهم عند التحويل بل وقعت مفرقة.

والحديث سبق في الصلاة ومطابقته في قوله: إذ أتاهم آتٍ لأن الصحابة قد عملوا بخبره واستداروا إلى الكعبة.




[ قــ :6863 ... غــ : 75 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى) بن موسى البلخي قال: ( حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح ( عن إسرائيل) بن يونس ( عن) جده ( أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( عن البراء) بن عازب -رضي الله عنه- أنه ( قال: لما قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) في الهجرة من مكة ( صلّى نحو) أي جهة ( بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا) من الهجرة ( وكان) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يحب أن يوجه) بضم التحتية وفتح الجيم مشددة مبنيًّا للمفعول أي يؤمر بالتوجه ( إلى الكعبة فأنزل الله تعالى: { قد نرى تقلّب وجهك في السماء} ) أي تردد وجهك وتصرف نظرك في جهة السماء وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة موافقة لإبراهيم ومخالفة لليهود لأنها أدعى للعرب إلى الإيمان لأنها مفخرتهم ومطافهم ومزارهم ( { فلنولينك} ) فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها أو فلنجعلنك تلي سمتها دون سمت بيت المقدس ( { قبلة ترضاها} ) تحبها وتميل إليها لأغراضك الصحيحة التي أضمرتها ووافقت مشيئة الله وحكمته ( فوجه) بضم الواو وكسر الجيم ( نحو الكعبة وصلى معه رجل) اسمه عباد بن بشر كما عند ابن بشكوال أو عباد بن نهيك ( العصر) .
ولا تنافي بين قوله هنا العصر وقوله في السابقة الصبح بقباء لأن العصر ليوم التوجه بالمدينة والصبح لأهل قباء في اليوم الثاني ( ثم خرج فمرّ على قوم من الأنصار) يصلّون العصر نحو بيت المقدس ( فقال: هو يشهد أنه صلّى مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا على طريق التجريد جرّد من نفسه شخصًا أو على طريق الالتفات أو نقل الراوي كلامه بالمعنى ( وأنه) عليه الصلاة والسلام ( قد وجه) بضم الواو وكسر الجيم ( إلى الكعبة فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر) .
نحو الكعبة.

والحديث سبق في باب التوجه نحو القبلة من الصلاة ومطابقته ظاهرة.
وقال في مصابيح الجامع فإن قلت: إن كان مقصود البخاري أن يثبت قبول خبر الواحد بهذا الخبر الذي هو خبر الواحد فإن ذلك إثبات الشيء بنفسه.
وأجاب: بأنه إنما مقصوده التنبيه على مثال من أمثلة قبولهم خبر الواحد ليضم إليه أمثالاً لا تحصى فثبت بذلك القطع بقبولهم لخبر الواحد قال: ثم مما يتعلق بالكلام على هذا الحديث وهو استقبال أهل قباء إلى الكعبة عند مجيء الآتي لهم وهم في صلاة الصبح لأنه عليها السلام أمر أن يستقبل الكعبة أن نسخ الكتاب والسُّنَّة المتواترة بخبر الواحد هل يجوز أولاً الأكثرون على المنع لأن المقطوع لا يزال بالمظنون فنقل عن الظاهرية به جواز ذلك واستدلّ للجواز بهذا الحديث، ووجه الدليل أنهم قد عملوا بخبر الواحد ولم ينكر عليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قال ابن دقيق العيد: وفي هذا الاستدلال عندي مناقشة فإن المسألة مفروضة في نسخ الكتاب والسُّنَّة المتواترة بخبر الواحد ويمتنع في العادة أهل قباء مع قربهم منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإتيانهم إليه وتيسر مراجعتهم له أن يكون مستندهم في الصلاة إلى بيت المقدس خبرًا عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع طول المدة ستة عشر شهرًا من غير مشاهدة لفعله أو مشافهة من قوله.
قال البدر الدماميني: ليس الكلام في صلاتهم إلى بيت المقدس مع طول المدة وإنما هو في الصلاة التي استداروا في أثنائها إلى الكعبة بمجرد إخبار الصحابي الواحد لهم بتحويل القبلة، ولم ينكر عليهم ذلك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا هو الذي
استدلوا به فيما يظهر والشيخ أي ابن دقيق العيد لم يدفعه ثم أطال الكلام -رحمه الله- في ذلك بما هو مسطور في شرح العمدة فليراجع.




[ قــ :6864 ... غــ : 753 ]
- حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِىَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَهْوَ تَمْرٌ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أَنَسُ قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة المكي المؤذن قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنت أسقي أبا طلحة) زيد بن سهل ( الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح) عامر بن عبد الله بن الجراح ( وأبيّ بن كعب) الأنصاري ( شرابًا من فضيخ) بفاء مفتوحة فضاد معجمة مكسورة فتحتية ساكنة فحاء معجمة ( وهو) أي الفضيخ ( تمر) مفضوخ أي مكسور يتخذ منه ذاك الشراب ( فجاءهم آتٍ) فاعل وعلامة الرفع ضمة مقدرة ولم يقف الحافظ ابن حجر على اسم هذا الآتي ( فقال: إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة) لي: ( يا أنس قم إلى هذه الجرار) التي فيها شراب الفضيخ ( فاكسرها.
قال أنس)
-رضي الله عنه- ( فقمت إلى مهراس لنا) بكسر الميم وسكون الهاء آخره سين مهملة ( فضربتها بأسفله حتى انكسرت) وفي باب نزل تحريم الخمر فأهرقها فأهرقتها.

ومطابقته للترجمة ظاهرة وفي بعض طرق الحديث فوالله ما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل.
قال في الفتح: وهو حجة قوية في قبول خبر الواحد لأنهم أثبتوا به نسخ الشيء الذي كان مباحًا حتى أقدموا من أجله على تحريمه والعمل بمقتضى ذلك.




[ قــ :6865 ... غــ : 754 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لأَهْلِ نَجْرَانَ: «لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الإمام أبو أيوب الواشحي البصري قاضي مكة قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( عن صلة) بكسر الصاد المهملة وفتح اللام مخففة ابن زفر العبسي ( عن حذيفة) بن اليمان -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأهل نجران) بفتح النون وسكون الجيم بلد باليمن وقد كانوا سألوه أن يبعث معهم رجلاً أمينًا:
( لأبعثن إليكم رجلاً أمينًا حق أمين) .
فيه توكيد والإضافة نحو: إن زيد العالِم حق عالِم
وجدّ عالِم أي عالِم حقًّا وجدًّا يعني عالِم يبالغ في العلم جدًّا ( فاستشرف) أي تطلع ( لها) ورغب فيها حرصًا على الوصف بالأمانة ( أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبعث) لهم ( أبا عبيدة) بن الجراح والوصف بالأمانة وإن كان في الكل لكنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خصّ بعضهم بوصف يغلب عليه كما في وصف عثمان بالحياء.

والحديث سبق في مناقب أبي عبيدة وفي المغازي.




[ قــ :6866 ... غــ : 755 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن خالد) هو ابن مهران الحذاء البصريّ ( عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه قال ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة) المحمدية ( أبو عبيدة) بن الجراح.

والحديث سبق في مناقبه أيضًا وأوردهُ هنا مناسبة لسابقه فيكون مناسبًا للترجمة لأن المناسب للمناسب للشيء مناسب لذلك الشيء.