فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم


[ قــ :6895 ... غــ : 7287 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ وَهْىَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ قَالَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى هَذَا، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُسْلِمُ» لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ: «جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا عَلِمْنَا أَنَّكَ مُوقِنٌ،.
وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ» لاَ أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ «فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِى سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن هشام بن عروة) ابن زوجته ( فاطمة بنت المنذر عن) جدّتها ( أسماء ابنة) ولأبي ذر بنت ( أبي بكر -رضي الله عنها- أنها قالت: أتيت عائشة حين خسفت الشمس) بالخاء المعجمة ولأبي ذر عن المستملي كسفت بالكاف الشمس لغتان أو يغلب في القمر لفظ الخسوف بالخاء المعجمة وفي الشمس الكسوف بالكاف ( والناس قيام وهي) أي عائشة -رضي الله عنها- ( قائمة تصلي فقلت) لها: ( ما للناس) ؟ ولأبي ذر عن المستملي ما بال الناس أي ما شأنهم فزعين ( فأشارت بيدها نحو السماء) تعني انكسفت الشمس ( فقالت) عائشة: ( سبحان الله) قالت أسماء ( فقلت) لها ( آية) لعذاب الناس ( قالت) عائشة ( برأسها أن نعم) ولأبي ذر عن المستملي والحموي أي نعم بالتحتية بدل النون ( فلما انصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من الصلاة ( حمد الله وأثنى عليه) من عطف العام على الخاص ( ثم قال: ما من شيء لم أره إلاّ وقد رأيته) رؤية عين حال كوني ( في مقامي هذا حتى الجنة والنار) بالنصب عطفًا على الضمير المنصوب في قوله رأيته ويجوز الرفع على أن حتى ابتدائية والجنة مبتدأ محذوف الخبر أي حتى الجنة مرئية
والنار عطف عليه ( وأوحي) بضم الهمزة ( إليّ) بتشديد الياء ( إنكم تفتنون في القبور) أي تمتحنون فيها ( قريبًا من فتنة الدجال فأما المؤمن أو المسلم) قالت فاطمة بنت المنذر: ( لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء فيقول) هو ( محمد: جاءنا بالبينات) بالمعجزات ( فأجبنا) دعوته ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فأجبناه بضمير المفعول ( وآمنا) أي به ( فيقال) له ( نم) حال كونك ( صالحًا) منتفعًا بأعمالك ( علمنا أنك موقن، وأما المنافق أو المرتاب) هو الشاك قالت فاطمة: ( لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته) .

والحديث سبق في العلم والكسوف ومطابقته للترجمة في قوله جاءنا بالبينات فأجبنا لأن الذي أجاب وآمن هو الذي اقتدى بسنّته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.




[ قــ :6896 ... غــ : 788 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال: دعوني ما تركتكم) أي اتركوني مدّة تركي إياكم بغير أمر بشيء ولا نهي عن شيء أو لا تكثروا من الاستفصال فإنه قد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا بذبح البقرة فشدّدوا فشدّد الله عليهم كما قال ( إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم) بالموحدة أي بسبب سؤالهم ولأبي ذر عن الكشميهني أهلك بزيادة الهمزة المفتوحة من الثلاثي المزيد سؤالهم بإسقاط الموحدة مرفوع فاعله واختلافهم عطف عليه وفي الفتح، وفي رواية عن الكشميهني أهلك بضم أوّله وكسر اللام ( على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا كما قال النووي من جوامع كلمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويدخل فيه كثير من الأحكام كالصلاة لمن عجز عن ركن منها أو شرط فيأتي بالمقدور.

وسبب هذا الحديث على ما ذكره مسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
خطبنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: ( يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا) فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم) ثم قال: ( ذروني ما تركتكم) الحديث.

وأخرجه الدارقطني مختصرًا وزاد فيه فنزلت { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101] .
ومطابقة حديث الباب لما ترجم به تؤخذ من معنى الحديث لأن الذي يجتنب ما نهاه عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويأتمر بما أمره به فهو ممن اقتدى بسُنّته.