فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب في قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعا} [الأنعام: 65]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65]
( باب قول الله) ولأبي ذر باب بالتنوين في قول الله ( تعالى: { أو يلبسكم شيعًا} [الأنعام: 65] ) أي متفرقين.


[ قــ :6922 ... غــ : 7313 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ { أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ فَلَمَّا نَزَلَتْ: { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ هَاتَانِ أَهْوَنُ أَوْ أَيْسَرُ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال عمرو) : بفتح العين المهملة ابن دينار ( سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: لما نزل على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { قل هو القادر} ) الكامل القدرة ( { على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} [الأنعام: 65] ) كالمطر النازل على قوم نوح حجارة ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( أعوذ بوجهك) أي بذاتك من عذابك ( { أو من تحت أرجلكم} [الأنعام: 65] ) كالرجفة والخسفة ويجوز أن يكون الظرف متعلقًا بيبعث وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أنه صفة لعذابًا أي عذابًا كائنًا من هاتين الجهتين ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( أعوذ بوجهك) من عذابك ( فلما نزلت: { أو يلبسكم شيعًا} ) أي يخلطكم فرقًا مختلفين على أهواء شتى كل فرقة مشايعة لإمام ومعنى خلطهم إنشاء القتال بينهم فيختلطون في ملاحم القتال.
وشيعًا نصب على الحال وهي جمع شيعة كسدة وسدر، وقيل المعنى يجعلكم فرقًا ويثبت فيكم الأهواء المختلفة ( { ويذيق بعضكم بأس بعض} ) بقتل بعضكم بعضًا والبأس السيف والإذاقة استعارة وهي فاشية كقوله تعالى: { ذوقوا مسّ سقر} [القمر: 48] .
{ ذق إنك أنت العزيز} [الدخان: 49] .
{ فذوقوا العذاب} [آل عمران: 106] .

وقال:
أذقناهم كؤوس الموت صرفًا ... وذاقوا من أسنتنا كؤوسا
( قال) صلوات الله وسلامه عليه: ( هاتان) المحنتان اللبس والإذاقة ( أهون أو) قال ( أيسر) لأن الفتن بين المخلوقين وعذابهم أهون وأيسر من عذاب الله على الكفر.

والحديث سبق في تفسير سورة الأنعام وأخرجه الترمذي في التفسير.