فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم، فأخطأ خلاف الرسول من غير علم، فحكمه مردود

باب إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ -أَوِ الْحَاكِمُ- فَأَخْطَأَ خِلاَفَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ»
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( إذا اجتهد العامل) بتقديم الميم على اللام أي عامل الزكاة ونحوه ولأبي ذر عن الكشميهني العالم بتأخيرها أي المفتي ( أو الحاكم فأخطأ خلاف) شرع ( الرسول) صلوات الله وسلامه عليه أي مخالفًا لحكم سنته في أخذ واجب الزكاة أو في قضائه وأو للتنويع ( من غير علم) أي لم يتعمد المخالفة وإنما خالف خطأ ( فحكمه مردود) لا يعمل به ( لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وصله مسلم وكذا سبق في الصلح لكن بلفظ آخر.

واستشكل قوله فأخطأ خلاف الرسول لأن ظاهره مُنافٍ للمراد لأن من أخطأ خلاف الرسول لا يذم بخلاف من أخطأ وفاقه، ولذا قال في الكواكب وفي الترجمة نوع تعجرف.
وأجاب في الفتح: بأن الكلام تمّ عند قوله فأخطأ وهو متعلق بقوله اجتهد وقوله خلاف الرسول أي فقال خلاف الرسول وحذف.
قال في الكلام كثير فأي عجرفة في هذا.
قال: ووقع في حاشية نسخة الدمياطي بخطه الصواب في الترجمة فأخطأ بخلاف الرسول.
قال في الفتح: وليس
دعوى حذف الباء برافع للإشكال بل إن سلك طريق التغيير فلعل اللام متأخرة ويكون الأصل خالف بدل خلاف وتعقبه العيني بأن تقديره بقوله قال خلاف الرسول يكون عطفًا على أخطأ.
فيؤدي إلى نفي المقصود الذي ذكرناه الآن اهـ.
وسقط لغير أبي ذر عليه من قوله عليه أمرنا.


[ قــ :6957 ... غــ : 7350 - 7351 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ أَخَا بَنِى عَدِىٍّ الأَنْصَارِىَّ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا»؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَشْتَرِى الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلاً بِمِثْلٍ -أَوْ بِيعُوا هَذَا- وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( عن أخيه) أبي بكر واسمه عبد الحميد بتقديم المهملة على الميم ( عن سليمان بن بلال عن عبد المجيد) بتقديم الميم على الجيم ( ابن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني بضم سين سهيل وفتح هائه كذا في الفرع وغيره من النسخ المقابلة على اليونينية وفرعها في نسخة عن أخيه عن سليمان بن بلال عن عبد المجيد الخ.
قال في الفتح: وذكر أبو علي الجياني أن سليمان سقط من أصل الفربري فيما ذكر أبو زيد قال: والصواب إثباته فإنه لا يتصل السند إلا به وقد ثبت كذلك في رواية إبراهيم بن معقل النسفيّ قال: وكذلك لم يكن في كتاب ابن السكن ولا عند أبي أحمد الجرجاني.
قال الحافظ ابن حجر: وهو ثابت عندنا في النسخة المعتمدة من رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة عن الفربري، وكذا في سائر النسخ التي اتصلت لنا عن الفربري فكأنها سقطت من نسخة أبي زيد فظن سقوطها من أصل شيخه، وقد جزم أبو نعيم في مستخرجه بأن البخاري أخرجه عن إسماعيل عن أخيه عن سليمان وهو يرويه عن أبي أحمد الجرجاني عن الفربري وأما رواية ابن السكن، فلم أقف عليها اهـ.
( أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث أن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة) -رضي الله عنهما- ( حدّثناه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أخا بني عدي) أي واحدًا منهم اسمه سواد بن غزية بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتية ( الأنصاري واستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب) بفتح الجيم وكسر النون وبعد التحتية الساكنة موحدة نوع من التمر أجود تمورهم ( فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أكل تمر خير هكذا.
قال)
: ولأبي الوقت فقال: ( لا والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع) من الجنيب ( بالصاعين من الجمع) بفتح الجيم وسكون الميم تمر رديء ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا تفعلوا) ذلك ( ولكن مثلاً بمثل) بسكون المثلثة فيهما ( أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا) وفي مسلم هو الربا فردّوه ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا هذا ( وكذلك الميزان) يعني كل ما يوزن فيباع وزنًا بوزن من غير تفاضل فحكمه حكم المكيلات.

ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن الصحابي اجتهد فيما فعل فرده النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونهاه عما فعل وعذره لاجتهاده.

والحديث سبق في البيوع في باب إذا أراد بيع التمر بتمر خير منه.