فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {السلام المؤمن} [الحشر: 23]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23]
( باب قول الله تعالى: { السلام} ) سقط لفظ باب لغير أبي ذر، والسلام هو مصدر نعت به.
والمعنى ذو السلامة من النقائص والبراءة من العيوب والفرق بينه وبين القدوس أن القدوس يدل على براءة الشيء من نقص تقتضيه ذاته فإن القدس طهارة الشيء في نفسه، والسلام يدل على نزاهته عن نقص يعتريه لعروض آفة أو صدور فعل، وقيل معنى السلام مالك تسليم العباد من المخاوف والمهالك فيرجع إلى القدرة فيكون من صفات الذات، وقيل ذو السلام على المؤمنين في الجنان كما قال تعالى: { سلام قولاً من رب رحيم} [يس: 58] فيكون مرجعه إلى الكلام القديم ووظيفة العارف أن يتخلق به بحيث يسلم قبله عن الحقد والحسد وإرادة الشر وقصد الخيانة وجوارحه عن ارتكاب المحظورات واقتراف الآثام ( { المؤمن} [الحشر: 23] ) هو الذي آمن أولياءه عذابه يقال آمنه يؤمنه فهو مؤمن وقيل المصدق لرسله بإظهار معجزته عليهم ومصدق المؤمنين ما
وعدهم من الثواب ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب، وقال مجاهد: المؤمن الذي وجد نفسه بقوله: شهد الله أنه لا إله إلا الله.


[ قــ :6987 ... غــ : 7381 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نُصَلِّى خَلْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي قال: ( حدّثنا زهير) بضم الزاي مصغرًا ابن معاوية الجعفي قال: ( حدّثنا مغيرة) بن المقسم بكسر الميم قال: ( حدّثنا شقيق بن سلمة) أبو وائل الأسدي الكوفي المخضرم ( قال: قال عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- ( كنا نصلي خلف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنقول) في التشهد ( السلام على الله) أي من عباده كما في الرواية الأخرى ( فقال) لنا ( النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما فرغ من الصلاة:
( إن الله هو السلام) فأنكر التسليم على الله، وبين أن ذلك عكس ما يجب أن يقال فإن كل سلام ورحمة له ومنه فهو مالكها ومعطيها.
وقال ابن الأنباري: أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق لحاجتهم إلى السلامة وغناه سبحانه وتعالى عنها ( ولكن قولوا التحيات لله) جمع تحية وهي تفعلة من الحياة بمعنى الإحياء والتبقية واللام في لله للاختصاص أو المراد كل ما تعظّم به الملوك له فاللام للاستحقاق ( والصلوات) المعهودات في الشرع واجبة ( والطيبات) ما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله أو ذكر الله مستحق لله ( السلام عليك) مبتدأ حذف خبره أي السلام عليك موجود ( أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) إنما أعاد حرف الجر ليصح العطف على الضمير المجرور والصالحين نعت لعباد، والصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) معطوف على سابقه ورسوله فعول بمعنى مرسل وفعول بمعنى مفعل قليل.
قال ابن عطية: العرب تجري رسول مجرى المصدر فتصف به الجمع والواحد والمؤنث، ومنه قوله تعالى: { أنا رسول ربك} [مريم: 19] .

والحديث سبق في الصلاة بأتم من هذا.