فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88]
( باب قول الله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88] ) أي إلا إياه فالوجه يعبر به عن الذات، وإنما جرى على عادة العرب في التعبير بالأشرف عن الجملة ومن جعل شيئًا يطلق على الباري تعالى وهو الصحيح قال هذا استثناء متصل، ومن لم يطلقه عليه جعله متصلاً أيضًا وجعل الوجه ما عمل لأجله أو جعله منقطعًا أي لكن هو لم يهلك ويجوز رفع وجهه على الصفة، وفسر الهلاك بالعدم أي إن الله تعالى يعدم كل شيء وفسر أيضًا بإخراج الشيء عن كونه منتفعًا به إما بالإماتة أو بتفريق الأجزاء وإن كانت باقية كما يقال هلك الثوب وقيل معنى كونه هالكًا كونه قابلاً للهلاك في ذاته.
وقال مجاهد: كل شيء هالك إلا وجهه يعني علم العلماء إذا أريد به وجه الله اهـ.
وثبت لفظ باب لأبى ذر.


[ قــ :7011 ... غــ : 7406 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] ، قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ».
فَقَالَ: { أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ».
قَالَ: { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذَا أَيْسَرُ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) وسقط ابن زيد لغير أبي ذر ( عن عمرو) بفتح العين ابن دينار ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنهما- أنه ( قال: لما نزلت هذه الآية { قل هو القادر} ) أي الكامل القدرة ( { على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} [الأنعام: 65] ) أي كما أمطر على قوم لوط وعلى أصحاب الفيل الحجارة ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أعوذ بوجهك) أي بذاتك ( فقال: { أو من تحت أرجلكم} [الأنعام: 65] ، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أعوذ بوجهك.
قال)
: ولأبي ذر فقال ( { أو يلبسكم شيعًا} [الأنعام: 65] ) أو يخلطكم فرقًا مختلفين على أهواء شتى ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هذا أيسر) لأن الفتن بين المخلوقين أهون من عذاب الله.
وفي رواية ابن السكن مما ذكره في فتح الباري هذه أيسر قال وسقط لفظ الإشارة من رواية الأصيلي.
قال الزركشي: ورواية غيره هي الصحيحة وبها يستقل الكلام.
قال في المصابيح: وروايته أيضًا صحيحة وقصارى ما فيها حذف المبتدأ الذي ثبت في الروايتين وذلك جائز فكيف يحكم بعدم صحتها ولا شاهد يستند إليه هذا الحكم اهـ.

والمراد منه قوله: أعوذ بوجهك.
قال البيهقي: تكرر ذكر الوجه في الكتاب والسُّنَّة الصحيحة وهو في بعضها صفة ذات كقوله: إلا برداء الكبرياء على وجهه، وفي بعضها من أجل كقوله: { إنما نطعمكم لوجه الله} [الإنسان: 9] وفي بعضها بمعنى الرضا كقوله تعالى: { يريدون وجه الله} [الروم: 39] { إلا ابتغاء وجه ربه} [الليل: 20] وليس المراد الجارحة جزمًا والحديث سبق في تفسير سورة الأنعام وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنّة في قوله باب قول الله تعالى: { أو يلبسكم شيعًا} .