فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4]، وقوله جل ذكره: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] وقال أبو جمرة، عن ابن عباس، بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لأخيه: اعلم لي علم هذا الرجل، الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء وقال مجاهد: «العمل الصالح يرفع الكلم الطيب» يقال: {ذي المعارج} [المعارج: 3]: «الملائكة تعرج إلى الله»

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] .

     وَقَالَ  أَبُو جَمْرَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لأَخِيهِ:.
اعْلَمْ لِى عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ.
يُقَالُ ذِى الْمَعَارِجِ: الْمَلاَئِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى اللَّهِ.

( باب قول الله تعالى: { تعرج الملائكة} ) تصعد في المعارج التي جعلها الله لهم ( { والروح} ) جبريل وخصه بالذكر بعد العموم لفضله وشرفه أو خلق هم حفظة على الملائكة كما أن الملائكة حفظة علينا أو أرواح المؤمنين عند الموت ( { إليه} [المعارج: 4] ) أي إلى عرشه أو إلى المكان الذي هو محلهم وهو في السماء لأنها محل بره وكرامته ( وقوله جل ذكره: { إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] ) أي إلى محل القبول والرضا وكل ما اتصف بالقبول وصف بالرفعة والصعود.

( وقال أبو جمرة) : بالجيم والراء نصر بن عمران الضبعي مما سبق موصولاً في باب إسلام أبي ذر ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( بلغ أبا ذر مبعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال لأخيه) أنيس: بضم الهمزة مصغرًا ( اعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء) وهذا موضع الترجمة كما لا يخفى.

( وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ( العمل الصالح يرفع الكلم الطيب) وقد أخرج البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسيرها الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائض الله فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه ردّ كلامه.
وقال الفراء معناه أن العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إذا كان معه عمل صالح وقال البيهقي صعود الكلام الطيب عبارة عن القبول ( يقال) معنى ( ذي المعارج) هو ( الملائكة) العارجات ( تعرج إلى الله) عز وجل، ولأبي ذر عن
الحموي والكشميهني إليه، وفي قوله إلى الله ما تقدم عن السلف من التفويض وعن الخلف من التأويل وإضافة المعارج إليه تعالى إضافة تشريف ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان.


[ قــ :7032 ... غــ : 7429 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِكُمْ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( يتعاقبون) يتناوبون ( فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) تأتي جماعة بعد أخرى ثم تعود الأولى عقب الثانية وتنكير ملائكة في الموضعين يفيد أن الثانية غير الأولى ( ويجتمعون في) وقت ( صلاة العصر و) وقت ( صلاة الفجر ثم يعرج) الملائكة ( الذين باتوا فيكم) أيها المصلون ( فيسألهم) ربهم عز وجل سؤال تعبد كما تعبدهم بكتب أعمالهم ( وهو أعلم بهم) أي بالمصلين من الملائكة ولغير الكشميهني بكم بالكاف بدل الهاء ( فيقول) عز وجل ( كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون) وهذا آخر الجواب عن سؤالهم كيف تركتم ثم رادوا في الجواب لإظهار فضيلة المصلين والحرص على ذكر ما يوجب مغفرة ذنوبهم فقالوا ( وأتيناهم وهم يصلون) .

والحديث سبق في باب فضل صلاة العصر من أوائل كتاب الصلاة.




[ قــ :7033 ... غــ : 7430 ]
- وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ».

وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ».

( وقال) ولأبي ذر قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: ( خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون المعجمة القطواني الكوفي شيخ البخاري فيما وصله أبو بكر الجوزقي في الجمع بين الصحيحين ( حدّثنا سليمان) بن بلال قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن دينار) المدني ( عن أبي صالح) ذكوان الزيات ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من تصدّق بعدل تمرة) بفتح العين وكسرها أي بمثلها أو بالفتح ما عادل الشيء من جنسه وبالكسر ما ليس من جنسه ( من كسب طيب) أي حلال ( ولا يصعد إلى الله) عز وجل ( إلا الطيب) جملة معترضة بين الشرط والجزاء تأكيدًا لتقرير المطلوب في النفقة ( فإن الله يتقبلها بيمينه) وعبّر باليمين لأنها في العرف لما عزّ، والأخرى لما هان، ولأبي ذر عن الكشميهني يقبلها بحذف الفوقية وسكون القاف وتخفيف الموحدة ( ثم يربيها لصاحبه) أي لصاحب العدل ولأبي ذر عن المستملي لصاحبها أي لصاحب الصدقة بمضاعفة الأجر أو بالمزيد في الكمية ( كما يربي أحدكم فلوّه) بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو المهر حين فطامه ( حتى تكون) الصدقة التي عدل التمرة ( مثل الجبل) لتثقل في ميزانه وضرب المثل بالمهر لأنه يزيد زيادة بيّنة.
( ورواه) أي الحديث ( ورقاء) بن عمر ( عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار) بالمهملة ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ولا يصعد إلى الله)
عز وجل ( إلا الطيب) ولأبي ذر إلاّ طيب.

وهذا وصله البيهقي لكنه قال في آخره مثل أُحُد بدل قوله في الرواية المعلقة مثل الجبل، ومراد المؤلف أن رواية ورقاء موافقة لرواية سليمان إلا في شيخ شيخهما فعند سليمان أنه عن أبي صالح، وعند ورقاء أنه عن سعيد بن يسار.




[ قــ :7034 ... غــ : 7431 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الأعلى بن حماد) أبو يحيى الباهلي مولاهم قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) الخياط أبو معاوية البصري قال: ( حدّثنا سعيد) بكسر العين هو ابن أبي عروبة ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أبي العالية) رفيع ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدعو بهن عند الكرب) :
( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش الكريم) .
قال النووي: فإن قيل: فهذا ذكر وليس فيه دعاء يزيل الكرب فجوابه من وجهين.

أحدهما: أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء.

والثاني: هو كما ورد من شغله ذكري مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.
قيل: وهذا الحديث ليس مطابقًا للترجمة ومحله في الباب السابق ولعل الناسخ نقله إلى هنا وقد سبق قريبًا.




[ قــ :7035 ... غــ : 743 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ أَوْ، أَبِى نُعْمٍ شَكَّ قَبِيصَةُ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ.

وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: بَعَثَ عَلِىٌّ وَهْوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذُهَيْبَةٍ فِى تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى مُجَاشِعٍ وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِىِّ، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِىِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِى كِلاَبٍ وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِىِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِى نَبْهَانَ فَتَغَضَّبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ فَقَالُوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ: إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ فَيَأْمَنِّى عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَلاَ تَأْمَنُونِى».
فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَتْلَهُ أُرَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ».

وبه قال: ( حدّثنا قبيصة) بن عقبة أبو عامر السوائي قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن أبيه) سعيد بن مسروق ( عن ابن أبي نعم) بضم النون وسكون العين عبد الرحمن البجلي أبي الحكم الكوفي العابد ( أو أبي نعم) بدون ابن ( شك قبيصة) بن عقب المذكور ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ولأبي ذر زيادة الخدري -رضي الله عنه- أنه ( قال: بعث) بضم الموحدة وكسر العين ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذهيبة) بضم الذال المعجمة والتأنيث على إرادة القطعة من الذهب وقد يؤنث الذهب في بعض اللغات ( فقسمها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بين أربعة) .

قال المؤلف: ( وحدّثني) بالإفراد وواو العطف ولأبي ذر حدّثنا ( إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي قال: ( حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني اليماني قال: ( أخبرنا سفيان) الثوري ( عن أبيه) سعيد ( عن ابن أبي نعم) عبد الرحمن البجلي ( عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- أنه ( قال: بعث عليّ) أي ابن أبي طالب ( وهو باليمن) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي في اليمن ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذهيبة في تربتها) أي مستقرة فيها وأراد بالتربة تبر الذهب ولا يصير ذهبًا خالصًا إلا بعد السبك ( فقسمها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بين الأقرع بن حابس) بالحاء والسين المهملتين بينهما ألف فموحدة ( الحنظلي) بالحاء المهملة والظاء المعجمة نسبة إلى حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ( ثم أحد بني مجاشع) بميم مضمومة فجيم فألف فشين معجمة مكسورة فعين مهملة ابن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ( وبين عيينة) بضم العين مصغرًا ( ابن بدر الفزاري) بفتح الفاء نسبة إلى فزارة بن ذبيان ( وبين علقمة بن علاثة) بضم العين المهملة وتخفيف اللام وبعد الألف مثلثة ( العامري) نسبة إلى عامر بن عوف ( ثم أحد بني كلاب) نسبة إلى كلاب بن ربيعة ( وبين زيد الخيل) بالخاء المعجمة واللام ابن مهلهل ( الطائي) نسبة إلى طيئ ( ثم أحد بني نبهان) أسود بن عمرو وهؤلاء الأربعة من المؤلفة ( فتغضبت قريش والأنصار)
بالفوقية والغين والضاد المشددة المعجمتين ثم موحدة من الغضب، ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي فتغيظت بالظاء المعجمة من الغيظ ( فقالوا: يعطيه) أي يعطي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذهب ( صناديد أهل نجد) أي سادات أهل نجد ( ويدعنا) فلا يعطينا منه شيئًا ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( إنما أتألفهم) ليثبتوا على الإسلام ( فأقبل رجل) اسمه عبد الله ذو الخويصرة بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وبعد الياء الساكنة صاد مهملة ( غائر العينين) داخلتين في رأسه لاصقتين بقعر حدقته ( ناتئ الجبين) مرتفعه ( كثّ اللحية) بالمثلثة المشدّدة كثير شعرها ( مشرت الوجنتين) بضم الميم وسكون الشين المعجمة وكسر الراء بعدها فاء غليظهما والوجنة ما ارتفع من الخدّ ( محلوق الرأس فقال: يا محمد اتق الله.
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فمن يطيع الله إذا عصيته فيأمني)
بفتح الميم وتشديد النون ولأبي ذر فيأمنني ( على أهل الأرض ولا تأمنون) أنتم ولأبي ذر ولا تأمنونني بنونين كالسابقة ( فسأل رجل من القوم) زاد أبو ذر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قتله أراه) بضم الهمزة أظنه ( خالد بن الوليد) وقيل عمر بن الخطاب، فيحتمل أن يكونا سألا ( فمنعه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من قتله استئلافًا لغيره ( فلما ولّى) الرجل ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط قوله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الموضعين لأبي ذر ( إن من ضئضيء هذا) بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة ساكنة وآخره همزة أخرى من نسله ( قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم) جمع حنجرة منتهى الحلقوم أي لا يرفع في الأعمال الصالحة ( يمرقون) يخرجون ( من الإسلام مروق السهم) خروجه إذا نفذ من الجهة الأخرى ( من الرمية) بفتح الراء وكسر الميم وفتح التحتية مشددة الصيد المرمي ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون) بفتح الدال ويتركون ( أهل الأوثان) بالمثلثة ( لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) لأستأصلنهم بحيث لا أبقي منهم أحدًا كاستئصال عاد والمراد لازمه وهو الهلاك.

ومطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من قوله في رواية المغازي: ألا تأمنوني وأنا أمين في السماء أي على العرش فوق السماء، وهذه عادة البخاري في إدخال الحديث في الباب للفظة تكون في بعض طرقه هي المناسبة لذلك الباب يشير إليها قاصدًا تشحيذ الأذهان والحث على الاستحضار.

والحديث سبق في باب قول الله عز وجل: { وأما عاد فأهلكوا} [الحاقة: 6] وفي المغازي في باب بعث عليّ وفي تفسير سورة براءة.




[ قــ :7036 ... غــ : 7433 ]
- حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِهِ: { وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 8] قَالَ: مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ.

وبه قال: ( حدّثنا عياش بن الوليد) بفتح العين المهملة وتشديد التحتية الرقام قال: ( حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح أحد الأعلام ( عن الأعمش) سليمان ( عن إبراهيم التيمي عن أبيه) ولأبي ذر أراه بضم الهمزة أي أظنه عن أبيه يزيد بن شريك التيمي الكوفي ( عن أبي ذر) جندب بن جنادة
-رضي الله عنه- أنه ( قال: سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن قوله) عز وجل: ( { والشمس تجري لمستقر لها} [يس: 8] قال) :
( مستقرها تحت العرش) .
شبهها بمستقر المسافر إذا قطع مسيره.
وسبق مزيد لذلك في محله والله الموفق.
وسبق الحديث في بدء الخلق وفي التفسير.