فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب كلام الرب مع أهل الجنة

باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ
ثم ( باب كلام الرب) تعالى ( مع أهل الجنة) فيها.


[ قــ :7120 ... غــ : 7518 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) أبو سعيد الجعفي الكوفي نزيل مصر قال: ( حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله قال: ( حدّثني) بالإفراد أيضًا ( مالك) الإمام ( عن زيد بن أسلم)
العدوي مولى عمر ( عن عطاء بن يسار) الهلالي مولى ميمونة ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن الله) تعالى ( يقول لأهل الجنة) وهم فيها ( يا أهل الجنة فيقولون لبيك) يا ( ربنا وسعديك والخير في يديك) خصّه رعاية للأدب ( فيقول) تعالى لهم ( هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك فيقول) جل جلاله ( ألا) بالتخفيف ( أعطيكم) بضم الهمزة ( أفضل من ذلك) الذي أعطيتكم من نعيم الجنة ( فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول) جل وعز ( أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا) .
ومفهومه أن لله أن يسخط على أهل الجنة لأنه متفضل عليهم بالإنعامات كلها سواء كانت دنيوية أو أخروية، وكيف لا والعمل المتناهي لا يقتضي الأجزاء متناهيًا، وفي الجملة لا يجب على الله شيء أصلاً قاله الكرماني، وهو مأخوذ من كلام ابن بطال، وظاهر الحديث أيضًا أن الرضا أفضل من اللقاء.
وأجيب: بأنه لم يقل أفضل من كل شيء بل أفضل من الإعطاء واللقاء يستلزم الرضا فهو من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم كذا نقله في الكواكب.
قال في الفتح: ويحتمل أن يقال المراد حصول أنواع الرضوان ومن جملتها اللقاء وحينئذٍ فلا إشكال.

والمطابقة ظاهرة وأخرجه في الرقاق في باب صفة الجنة والنار.




[ قــ :711 ... غــ : 7519 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلاَلٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِى الزَّرْعِ فَقَالَ أَوَ لَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَىْءٌ».
فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَجِدُ هَذَا إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون الأولى العوقي قال: ( حدّثنا فليح) بضم الفاء مصغرًا ابن سليمان قال: ( حدّثنا هلال) هو ابن علي ( عن عطاء بن يسار) بالسين المهملة المخففة ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبى ذر أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يومًا يحدّث) أصحابه ( وعنده رجل من أهل البادية) لم يسم.

( أن رجلاً من أهل الجنة استأذن) بصيغة الماضي ولأبي ذر عن الحموي يستأذن ( ربه في الزرع فقال: أولست) وللكشميهني فقال له أولست ( فيما شئت) من المشتهيات ( قال: بلى) يا رب ( ولكني) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ولكن ( أحب أن أزرع) فأذن له ( فأسرع وبذر) بالذال المعجمة ( فتبادر) ولأبي ذر عن الكشميهني فبادر ( الطرف) بفتح الطاء منصوب مفعول لقوله ( نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره) جمعه في البيدر ( أمثال الجبال) يعني نبت واستوى إلى آخره قبل
طرفة العين ( فيقول الله تعالى دونك) خذه ( يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء) أي لما طبع عليه لأنه لا يزال يطلب الازدياد إلا من شاء الله، وقوله: لا يشبعك بضم التحتية وسكون الشين المعجمة بعدها موحدة مكسورة.

واستشكل هذا بقوله تعالى: { إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى} [طه: 118] وأجيب: بأن نفي الشبع أعم من الجوع لثبوت الواسطة وهي الكفاية وأكل أهل الجنة لا عن جوع فيها أصلاً لنفي الله له عنهم، واختلف في الشبع والمختار أن لا شبع لأنه لو كان فيها لمنع طول الأكل المستلذ وإنما أراد الله تعالى بقوله: لا يشبعك شيء ذم ترك تلك القناعة بما كان وطلب الزيادة عليه، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: لا يسعك بفتح التحتية والسين المهملة من الوسع ( فقال الأعرابي: يا رسول الله لا تجد هذا) الذي زرع في الجنة ( إلا قرشيًّا أو أنصاريًّا فإنهم أصحاب زرع فأما نحن) أهل البادية ( فلسنا بأصحاب زرع فضحك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

ومطابقة الحديث ظاهرة.
وسبق في كتاب المزارعة في باب مجرد عقب باب كراء الأرض بالذهب.