فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَزَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الماهر بالقرآن) الجيد التلاوة مع الحفظ ( مع الكرام) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني مع السفرة الكرام وله عن الحموي والمستملي مع سفرة الكرام ( البررة) بإضافة سفر للكرام من باب إضافة الموصوف للصفة والسفرة الكتبة جمع سافر مثل كاتب وزنًا ومعنى وهم الكتبة الذين يكتبون من اللوح المحفوظ والكرام المكرمون عند الله تعالى، والبررة المطيعون المطهرون من الذنوب، وأصل هذا حديث تقدم موصولاً في التفسير، لكن بلفظ مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة.
قال الهروي: والمراد بالمهارة بالقرآن جودة الحفظ وجودة التلاوة من غير تردّد فيه لكونه يسره الله تعالى عليه كما يسره على الملائكة فكان مثلها في الحفظ والدرجة ( و) قوله عليه الصلاة والسلام ( زينوا القرآن بأصواتكم) بتحسينها، ومراد المؤلف إثبات كون التلاوة فعل العبد فإنها يدخلها الترتيل والتحسين والتطريب وهذا التعليق وهو زينوا الخ، وصله أبو داود وغيره.


[ قــ :7145 ... غــ : 7544 ]
- حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي أبو إسحاق الزبيري الأسدي قال: ( حدّثني) بالإفراد ( ابن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار ( عن يزيد) من الزيادة بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي ( عن محمد بن إبراهيم) التيمي ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( ما أذن الله لشيء) أي ما استمع الله لشيء ( ما أذن) ما استمع ( لنبي حسن الصوت بالقرآن) حال كونه ( يجهر به) ولا بدّ من تقدير مضاف عند قوله لنبي أي لصوت نبي والنبي جنس شائع في كل نبي، فالمراد بالقرآن القراءة ولا يجوز أن يحمل الاستماع على الإصغاء إذ هو مستحيل على الله تعالى بل هو كناية عن تقريبه وإجزال ثوابه لأن سماع الله لا يختلف.




[ قــ :7146 ... غــ : 7545 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ قَالَتْ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى
فِرَاشِى وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِى وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِى شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى وَلَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ} [النور: 15] الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير بضم الموحدة مصغرًا قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير) بن العوّام ( وسعيد بن المسيب) بن حزن سيد التابعين ( وعلقمة بن وقاص) الليثي ( وعبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود أربعتهم ( عن حديث عائشة) -رضي الله عنها- ( حين قال لها أهل الإفك) الكذب الشديد ( ما قالوا وكل) من الأربعة ( حدّثني) بالإفراد ( طائفة من الحديث) أي بعضه فجميعه عن مجموعهم لا أن مجموعه عن كل واحد منهم فذكرت الحديث بطوله إلى أن قالت: فلئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني منه بريئة لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني بذلك والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف: { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: 18] ( قالت: فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله يبرئني ولكن) ولأبوي الوقت وذر عن الكشميهني ولكني ( والله ما كنت أظن أن الله) عز وجل ( ينزل) ولأبي ذر منزل ( في شأني وحيًا يُتلى) يقرأ ( ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله) عز وجل ( فيّ) بتشديد الياء ( بأمر يتلى) بالأصوات في المحاريب والمحافل وغير ذلك ( وأنزل الله عز وجل: { إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} [النور: 10] العشر الآيات كلها) .
قال ابن حجر: آخر العشر { والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [آل عمران: 66] اهـ.

قلت: قد سبق في تفسير سورة النور أنها إلى رؤوف رحيم فليراجع وثبت قوله: عصبة منكم لأبي ذر وسقط لغيره، وقد أورد الحديث من طرق أخرى المؤلف في خلق أفعال العباد ثم قال: فبينت عائشة -رضي الله عنها- أن الإنزال من الله وأن الناس يتلونه.




[ قــ :7147 ... غــ : 7546 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ أُرَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِى الْعِشَاءِ { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين ابن كدام الكوفي ( عن عدي بن ثابت) الأنصاري ( أراه) بضم الهمزة أظنه ( عن البراء) ولأبي ذر والأصيلي قال: سمعت البراء أي ابن عازب -رضي الله عنه- ( قال) : ولأبي ذر والأصيلي وأبي الوقت يقول: ( سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في) صلاة ( العشاء { والتين} ) ولأبي ذر عن الكشميهني بالتين ( { والزيتون} [التين: 1] فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه) وغرض
المؤلف من إيراده هنا بيان اختلاف الأصوات بالقراءة من جهة النغم والله أعلم.




[ قــ :7148 ... غــ : 7547 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِى بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] .

وبه قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) الأنماطي البصري قال: ( حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة ابن بشير مصغرًا أيضًا الواسطي السلمي ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية ( عن سعيد بن جبير) الوالبي مولاهم ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متواريًا بمكة) من المشركين في أوّل بعثته وفي باب وأسروا قولكم مختفٍ بمكة ( وكان يرفع صوته) بالقراءة في الصلاة ( فإذا سمع المشركون) قراءته ( سبّوا القرآن ومن جاء به فقال الله عز وجل لنبيّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { ولا تجهر بصلاتك} ) أي بقراءة صلاتك ( { ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] ) زاد في باب قوله وأسروا قولكم عن أصحابك فلا تسمعهم وابتغ بين ذلك سبيلاً.




[ قــ :7149 ... غــ : 7548 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ: لَهُ إِنِّى أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْتَ فِى غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ لِلصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ابن أنس الأصبحي ( عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه) عبد الله ( أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: له) لعبد الله بن عبد الرحمن ( إني أراك تحب الغنم و) تحب ( البادية) الصحراء لأجل رعي الغنم ( فإذا كنت في غنمك) في غير بادية ( أو) في ( باديتك) من غير غنم أو معها وهو شك من الراوي ( فأذّنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء) بالأذان ( فإنه لا يسمع مدى) بفتح الميم والدال المهملة مقصورًا ولأبي ذر عن الحموي والمستملي نداء ( صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شيء) من الحيوان والجماد بأن يخلق الله تعالى له إدراكًا ( إلا شهد له يوم القيامة.
قال أبو سعيد)
الخدري -رضي الله عنه- ( سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي قوله فإنه لا يسمع إلى آخره فذكر البادية والغنم موقوف.
قال في الفتح: مراد المؤلف هنا بيان اختلاف الأصوات بالرفع والخفض.
وقال في الكواكب وجه مناسبته إن رفع الأصوات بالقرآن أحق بالشهادة له وأولى.

وسبق الحديث في باب رفع الصوت بالنداء من كتاب الصلاة.




[ قــ :7150 ... غــ : 7549 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَرَأْسُهُ فِى حَجْرِى وَأَنَا حَائِضٌ.

وبه قال: ( حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبالصاد المهملة ابن عقبة أبو عامر السوائي قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن منصور) هو ابن عبد الرحمن التيمي ( عن أمه) صفية بنت شيبة الحجبي المكي ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: كان النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ القرآن ورأسه في حجري) بفتح الحاء المهملة ( وأنا حائض) جملة حالية والحديث مرّ في الحيض.