فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وماذا يقول لَهُ إِذَا أعلمه

رقم الحديث 385 ( وعن أنس رضي الله عنه) قال ( إن رجلاً كان عند النبي، فمرّ رجل) وهو عند النبي ( فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا) كان الداعي إلى التأكيد التردد الناشيء مما يدل عليه حاله ( فقال له النبي: أعلمته) بتقدير همزة الاستفهام قبله ( قال لا، قال أعلمه) أي ندباً، ويحتمل أن يكون أمر ذلك بخصوصه على سبيل الوجوب لتهاجر كان بينهما أو تقاطع ( فلحقه فقال: إني أحبك في ا) أي تعالى ( فقال) أي ذلك المعلم ( أحبك الذي أحببتني له) عدل إليه عن الإتيان بالاسم الجامع إعلاماً بسبب حبه تعالى لذلك وإيماء إليه، قال العاقولي: والجملة دعائية أخرجها مخرج الماضي تحققاً له وحرصاً على وقوعه ( رواه أبو داود بإسناده صحيح) .


رقم الحديث -47 بضم المهملة وتشديد الموحدة، وهو كما في «القاموس» : الود كالحباب والحب بكسرها، وفي «المصباح» أن الحب بالضم اسم مصدر حابب من باب قاتل ( في ا) أي لأجله، لا لغرض آخر في تعليلة ( والحث) بتشديد المثلثة: أي التحريض ( عليه، وإعلام) عطف على فضل مصدر مضاف إلى فاعله، وهو ( الرجل من يحبه أنه يحبه) على تقدير الباء وحذف الجار من إن وأن وكي المصدريات مقيس بغير خلاف ( وماذا يقول) أي المحبوب ( له) أي للرجل المعلم ( إذا أعلمه) .
( قال الله تعالى) : ( { محمد رسول الله} ) جملة مبنية للمشهود به في الآية قبلها، ويجوز أن يكون رسول الله صفة ومحمد خبر محذوف أو مبتدأ ( { والذين معه} ) معطوف عليه وخبرهما ( { أشداء على الكفار رحماء بينهم} ) وأشداء جمع شديد ورحماء جمع رحيم، والمعنى: أنهم يغلظون على من خالف دينهم ويتزاحمون فيما بينهم كقوله تعالى: { أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين} ( الحشر: 9) ( { تراهم ركعاً سجداً} ) لأنهم مشتغلون بالصلاة أكثر أوقاتهم ( { يبتغون فضلاً من الله ورضواناً} ) الثواب والرضى ( { سيماهم في وجوههم من أثر السجود} ) يريد السمة التي تحدث في جباهم من كثرة السجود فعلاً، من سامه إذا علمه، وقد قرئت ممدودة، و { من أثر السجود} بيانها، أو حال من المستكن في الجار ( ذلك) إشارة إلى الوصف المذكور، أو إشارة مبهمة يفسرها «كزرع» ( { مثلهم في التوراة} ) صفتهم العجيبة الشأن المذكورة فيها ( { ومثلهم في الإنجيل} ) عطف عليه: أي ذلك مثلهم في الكتابين.
ثم التوراة والإنجيل اسمان أعجميان.
قال البيضاوي: ومن زعم عربيتهما واشتقاقهما فهو متكلف، وقوله ( { كزرع} ) تمثيل مستأنف أو تفسر، ومثلهم في الإنجيل مبتدأ وكزرع خبره ( { أخرج شطأه} ) أي فراخه، يقال اشتطأ الزرع: إذا فرخ ( { فآزره} ) فقواه من المؤازرة بمعنى المعاونة، أو من الإيزار وهو الإعانة ( { فاستغلظ} ) فصار من الرقة إلى الغلظ ( { فاستوى على سوقه} ) فاستقام على قصبه جمع ساق ( { يعجب الزراع} ) بكثافته وقوته وغلظه وحسن منظره، وهو مثل ضربه الله للصحابة قلوا في بدء الإسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم بحيث أعجب الناس ( { ليغيظ بهم الكفار} ) علة لتشبيهم بالزرع في زكاته واستحكامه، أو لقوله ( { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} ) فإن الكفار لما سمعوه غاظهم ذلك، ومنهم للبيان.
ولما قال المصنف ( إلى آخر السورة) تكلمنا على خاتمتها بجملتها.
( وقال الله تعالى) : ( { والذين تبوءوا الدار والإيمان} ) عطف على المهاجرين، والمراد بهم الأنصار فإنهم لزموا المدينة والإيمان وتمكنوا فيهما، وقيل المعنى: تبوءوا دار الهجرة ودار الإيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول وعوض عنه اللام، أو تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله:«علفتها تبناً وماء بارداً» وقيل سمى المدينة بالإيمان لأنه مظهره ومصيره ( { من قبلهم} ) أي من قبل هجرة المهاجرين، وقيل تقدير الكلام والذين تبوءوا الدار من قبلهم والإيمان ( { يحبون من هاجر إليهم} ) ولا يثقل عليهم.