3680 لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ح وَحَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ح وَحَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ قَالَ : ثنا اللَّيْثُ , قَالُوا : جَمِيعًا , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ , عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , قَالَ : أُصِيبَ رَجُلٌ مِنْ ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا , فَكَثُرَ دَيْنُهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ , وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبْطِلْ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ , بِذَهَابِ الثِّمَارِ , وَفِيهِمْ بَاعَتُهَا , وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَاعَةِ بِالثَّمَنِ , إِنْ كَانُوا قَدْ قَبَضُوا ذَلِكَ مِنْهُ , ثَبَتَ أَنَّ الْجَوَائِحَ الْحَادِثَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي , لَا تَكُونُ مُطَالِبَةً عَنْهُ شَيْئًا مِنَ الثَّمَنِ , الَّذِي عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ الثِّمَارَ لَا تُشْبِهُ سَائِرَ الْبِيَاعَاتِ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ , لَا يَصِلُ إِلَيْهَا يَدُ مَنِ ابْتَاعَهَا إِلَّا بِقَطْعِهِ إِيَّاهَا , وَسَائِرُ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ . فَمَا يَكُونُ مَقْبُوضًا بِغَيْرِ قَطْعٍ مُسْتَأْنَفٍ , فَهُوَ الَّذِي يَذْهَبُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي . وَمَا كَانَ لَا يُقْبَضُ إِلَّا بِقَطْعٍ مُسْتَأْنَفٍ , فَهُوَ الَّذِي يَذْهَبُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ . قِيلَ لَهُ : هَذَا الْكَلَامُ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَمَّا أَحَدُهُمَا , فَإِنَّا رَأَيْنَا هَذِهِ الثِّمَارَ , إِذَا بِيعَتْ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ , فَذَهَبَتْ بِكَمَالِهَا , أَوْ ذَهَبَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي أَيْدِي بَاعَتِهَا , ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ دُونَ أَمْوَالِ الْمُشْتَرِينَ , فَكَانَ ذَهَابُ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءً , لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبِضُوهَا فَإِذَا قَبَضُوهَا , فَذَهَبَ مِنْهَا مَا دُونَ الثُّلُثِ , فَقَدْ أُجْمِعَ أَنَّهُ ذَاهِبٌ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي , لِأَنَّهُ ذَهَبَ بَعْدَ قَبْضِهِ إِيَّاهُ . فَلَمَّا اسْتَوَى ذَهَابُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ , فَكَانَ قَلِيلُهُ إِذَا ذَهَبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي , ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ , كَانَ ذَهَابُ كَثِيرِهِ كَذَلِكَ . وَكَانَ الْمُشْتَرِي ، لِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَرِ النَّخْلِ ، قَابِضًا لَهُ , وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ , فَهَذَا وَجْهٌ . وَوَجْهٌ آخَرُ , أَنَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ , حَتَّى يُقْبَضَ , وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ , وَكَانَتِ الثِّمَارُ فِي ذَلِكَ دَاخِلَةً بِاتِّفَاقِهِمْ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهَا لَوْ بَاعَهَا فِي يَدِ بَائِعِهَا , كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا , وَلَوْ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , وَلَمْ يَقْطَعْهَا , كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا , فَصَارَ قَابِضًا لَهَا , بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , قَبْلَ قَطْعِهِ إِيَّاهَا . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي الْمُعَلَّقَةَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ , هُوَ بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , وَإِمْكَانِهِ إِيَّاهُ مِنْهَا . فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ , فَقَدْ صَارَتْ فِي يَدِهِ وَضَمَانِهِ , وَبَرِئَ مِنْهَا الْبَائِعُ . فَمَا حَدَثَ فِيهَا مِنْ جَائِحَةٍ , أَتَتْ عَلَيْهَا كُلِّهَا , أَوْ عَلَى بَعْضِهَا , فَهِيَ ذَاهِبَةٌ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي , لَا مِنْ مَالِ الْبَائِعِ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ * |