حديث رقم - من كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي - كِتَابُ الْحُدُودِ

نص الحديث

3127 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سِمَاكٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا , وَلَمْ يَذْكُرْ جَلْدًا فَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ أَنَّ حَدَّ الْمُحْصَنِ هُوَ الرَّجْمُ دُونَ الْجَلْدِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَلِمَ لَا كَانَ مَا فِيهِ الرَّجْمُ وَالْجَلْدُ أَوْلَى مِمَّا فِيهِ الرَّجْمُ خَاصَّةً ؟ قِيلَ لَهُ : لِدَلَالَةٍ دَلَّتْ عَلَى نَسْخِ الْجَلْدِ مَعَ الرَّجْمِ , وَهِيَ أَنَّا رَأَيْنَا أَصْلَ مَا كَانَ عَلَى الزَّانِي قَبْلَ أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَ حُكْمِهِ إِذَا كَانَ مُحْصَنًا , وَبَيْنَ حُكْمِهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ مَا وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا فَكَانَ هَذَا هُوَ حَدَّ الزَّانِيَةِ , أَنْ تُمْسَكَ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى تَمُوتَ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا . ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا فَذَكَرَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ السَّبِيلَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ السَّبِيلَ , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ فِي ذَلِكَ الْجَلْدَ وَالرَّجْمَ عَلَى الثَّيِّبِ وَالْجَلْدَ وَالنَّفْيَ عَلَى غَيْرِ الثَّيِّبِ . فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ قَدْ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ نُزُولَ الْآيَةِ وُجُوبُ الرَّجْمِ عَلَى الزَّانِي لِأَنَّ حَدَّهُ كَانَ عَلَى مَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْحَبْسِ فِي الْبُيُوتِ . وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَبَيْنَ حَدِيثِ عُبَادَةَ حُكْمٌ آخَرُ فَعَلِمْنَا أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَنَّ حَدِيثَ مَاعِزٍ الَّذِي سَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ عَنْ إِحْصَانِهِ , لِتَفْرِقَتِهِ بَيْنَ حَدِّ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ بَيْنَ حُكْمِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فَجَعَلَ عَلَى الْبِكْرِ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَعَلَى الثَّيِّبِ الرَّجْمَ - مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ . فَكَانَ ذَلِكَ نَاسِخًا لَهُ لِأَنَّ مَا تَأَخَّرَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسَخُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ . فَلِهَذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَحَدِيثِ مَاعِزٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ مَعَ مَا قَدْ شَذَّ مِنَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ . وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْعُقُوبَاتِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ كُلِّهَا إِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ وَاحِدٌ . مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا أَنَّ السَّارِقَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ لَا غَيْرُ وَالْقَاذِفَ عَلَيْهِ الْجَلْدُ لَا غَيْرُ . فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ , عَلَيْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ الَّذِي قَدِ اتُّفِقَ أَنَّهُ عَلَيْهِ , وَيَنْتَفِي عَنْهُ الْجَلْدُ الَّذِي لَمْ يَتَّفِقْ أَنَّهُ عَلَيْهِ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا وَقَدْ عَمِلَ بِهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَذَكَرَ مَا قَدْ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :