تشاهد الان : عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب .

تعريف عام عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب
البيان القيمة
رقم الرواي : 4616
اسم الراوي : عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب
الكنية : أبو بكر, أبو خبيب
اسم الشهرة عبد الله بن الزبير الأسدي
النسب
اللقب عائذ البيت
الوصف
اللقب
الرتبة صحابي
الطبقة 1
سنة الوفاة
سنة الميلاد
عمر الراوي
الاقامة
بلد الوفاة
الاقرباء
الموالي
روي له
# العالم القول
1 ابن حجر العسقلاني صحابي أول مولود في الإسلام، وقال في الإصابة: شهد ابن زبير اليرموك، وفتح إفريقية، ثم شهد الجمل مع عائشة وكان على الرجالة
2 جلال الدين السيوطي أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق هاجرت به حملا فولدته بعد الهجرة بعشرين شهرا وهو أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة
0
# التلميذ الكنية النسب اللقب
1 أبو الورد أبو الورد
2 أبو حبيبة أبو حبيبة
3 أحنف بن مشرح أبو بحر العبسي, الهلالي, الكوفي
4 أسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر بن عوف بن النخع أبو عبد الرحمن, أبو عمرو النخعي, الكوفي
5 أم عمرو بنت عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أم عمرو الأسدي, القرشي
6 أيوب بن كيسان أبو عثمان, أبو بكر البصري ابن أبي تميمة
7 إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله أبو إسحاق المدني, التيمي, الكوفي, القرشي أسد قريش, أسد الحجاز
8 إسحاق بن الحجاج أبو يعقوب
9 ثابت بن أسلم أبو محمد البصري, البناني
10 ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد أبو مصعب الأسدي, القرشي
11 ثوير بن سعيد بن علاقة أبو الجهم الكوفي, القرشي, الهاشمي ابن أبي فاختة
12 جابر
13 جابر بن زيد أبو الشعثاء البصري, الجوفي, اليحمدي, الأزدي صاحب ابن عباس
14 حبيب المدني
15 حسن بن مسلم بن يناق المكي, الخزاعي
16 حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عمارة المدني, القرشي, العدوي
17 حنش بن عبد الله بن عمرو بن حنظلة بن فهد أبو رشدين الصنعاني, السبائي
18 حنظلة بن قيس بن عمرو بن حصن بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري, المدني, الزرقي
19 حيوان بن خالد أبو شيخ الهنائي, البصري, الهمداني
20 خبيب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الزبيري, القرشي
21 خليفة بن كعب أبو ذبيان البصري, التميمي
22 ذكوان أبو صالح المدني, التيمي
23 زرعة بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الكوفي
24 زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام بن زهرة بن عثمان بن عمرو بن كعب أبو عقيل المدني, التيمي, القرشي, المصري, الفلسطيني
25 زهير بن عبد الله بن جدعان أبو مليكة المدني, التيمي, القرشي
26 زياد بن جبل الصنعاني, الأبناوي
27 زياد بن عرفجة العمي
28 زيد بن أسلم أبو خالد, أبو أسامة, أبو عبد الله المدني, القرشي, العدوي
29 سبيع السلولي
30 سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج أبو سعيد الأنصاري, الخدري
31 سعيد بن جبير بن هشام أبو محمد, أبو عبد الله الوالبي, الأسدي, الكوفي ابن أم دهناء
32 سعيد بن مينا أبو الوليد المكي, الحجازي
33 سفيان بن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب بن موهبة بن نصر بن ثعلبة بن ملكان بن ثور أبو عبد الله الكوفي, الثوري
34 سليم بن عامر أبو يحيى الحمصي, الكلاعي, الشامي, الخبائري
35 سليم بن عامر أبو عامر الشامي
36 سليمان بن زياد الحضرمي, المصري
37 سليمان بن عتيق الحجازي, المحاربي
38 سهيل بن ذكوان أبو يزيد المدني ابن أبي صالح
39 سويد بن حجير بن بيان أبو قزعة البصري, الباهلي
40 شراحيل بن شرحبيل بن كليب بن آده أبو الأشعث الشامي, الصنعاني
41 صالح بن عبد الله بن أبي فروة أبو عفراء, أبو عروة المدني, الأموي, القرشي ابن أبي فروة
42 صديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير الجزري, القرشي, السهمي
43 طاوس بن كيسان أبو عبد الرحمن الجندي, الحميري, اليماني, الخولاني, الهمداني
44 طلق بن حبيب العنزي, البصري
45 عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي, الكوفي
46 عامر بن شراحيل أبو عمرو الحميري, الشعبي, الكوفي
47 عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام أبو الحارث المدني, الأسدي, القرشي
48 عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن عبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة أبو الطفيل الليثي, المكي, البكري, الكوفي
49 عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام المدني, الأسدي, القرشي, الحجازي
50 عباس بن سهل بن سعد الأنصاري, الساعدي, المدني
51 عبد العزيز بن أسيد البصري, الطاحي
52 عبد العزيز بن جريج المكي, الأموي, القرشي
53 عبد العزيز بن رفيع أبو عبد الله المكي, الأسدي, الطائفي
54 عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم أبو محمد المدني, القرشي, الهاشمي ببه
55 عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو جعفر المدني, القرشي, الهاشمي قطب السخاء
56 عبد الله بن دينار أبو عبد الرحمن العمري, المدني, القرشي, العدوي
57 عبد الله بن ذكوان أبو عبد الرحمن المدني, القرشي أبو الزناد
58 عبد الله بن شريك العامري, الأسدي, الكوفي
59 عبد الله بن طاوس بن كيسان أبو محمد اليماني, الأبناوي, الهمداني
60 عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عبد الرحمن القرشي, العبشمي
61 عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة أبو سلمة المدني, الزهري, القرشي الأصغر
62 عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أبو يحيى المدني, القرشي, الهاشمي
63 عبد الله بن عبيد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة أبو محمد, أبو بكر المكي, التيمي, القرشي ابن أبي مليكة
64 عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام أبو بكر المدني, الأسدي, القرشي
65 عبد الله بن عفيف أبو الأسود الحمصي, الشامي, النصري ابن أبي موسى
66 عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي بن قصي الزمعي, الأسدي, القرشي عبد الله الأصغر
67 عبد الله بن يسار أبو محمد البهي
68 عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة بن أملاص بن سيف بن عبد شمس بن سعد بن الوسيع بن الحارث بن تبيع بن أزدة بن حجر بن جزيلة بن لخم أبو عمرو, أبو عمر اللخمي, الكوفي, القبطي ابن النبطية, القبطي
69 عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص أبو الوليد المدني, الأموي, القرشي الخليفة
70 عبد الوهاب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير الأسدي, الزبيري, القرشي
71 عبيدة بن عمرو أبو مسلم, أبو عمرو المرادي, السلماني, الكوفي, الهمداني
72 عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو عبد الله المدني, الأسدي, القرشي
73 عطاء بن أسلم أبو محمد المكي, الفهري, القرشي, الجمحي ابن أبي رباح
74 عطاء بن السائب بن مالك بن زيد أبو محمد, أبو السائب, أبو زيد الثقفي, الكوفي
75 عتبة بن فرقد أبو عبد الله الكوفي, السلمي
76 علي بن قيس العبدي, الكوفي
77 عمران بن الحارث أبو الحكم الكوفي, السلمي
78 عمران بن حدير أبو عبيدة البصري, السدوسي
79 عمرو بن دينار أبو محمد المكي, الجمحي
80 عمرو بن عبد الله بن عبيد أبو إسحاق السبيعي, الكوفي, الهمداني ابن أبي شعيرة
81 قاسم بن محمد بن أبي بكر أبو محمد, أبو عبد الرحمن المدني, التيمي, القرشي ابن أبي بكر
82 قاسم بن نافع بن يسار أبو عاصم, أبو عبد الله المكي, المخزومي, الهمداني ابن أبي بزة
83 كيسان
84 مجاهد بن جبر أبو محمد, أبو الحجاج المكي, المخزومي, القرشي صاحب ابن عباس
85 محمد بن زياد أبو الحارث البصري, المدني, القرشي, الجمحي
86 محمد بن سمعان أبو عبد الله الأسلمي, المدني, الأصبهاني, الخزاعي ابن أبي يحيى
87 محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عائذ بن عبد الله المكي, المخزومي, القرشي
88 محمد بن عبد الرحمن
89 محمد بن عبيد الله بن سعيد أبو عون الثقفي, الكوفي
90 محمد بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب المدني, الأسدي, القرشي
91 محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد أبو جعفر البصري, العتكي, الأزدي ابن أبي رواد
92 محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي, الأسدي, القرشي
93 محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب أبو بكر المدني, الزهري, القرشي ابن شهاب
94 مسلم بن جندب أبو عبد الله الهذلي, المدني
95 مسلم بن عويم بن الأجدع أبو نوفل, أبو عقرب الكناني, البكري, العريجي, الطائي ابن أبي عقرب
96 مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام أبو عبد الله المدني, الأسدي, القرشي
97 مصعب بن سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب أبو زرارة المدني, الزهري, القرشي ابن أبي وقاص
98 معاذة بنت عبد الله أم الصهباء البصري, العدوي
99 مغيث بن سمي أبو أيوب الشامي, الأوزاعي
100 ميمون المكي
101 نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام أبو عبد الله الأسدي, القرشي
102 نسير بن ذعلوق أبو طعمة الكوفي, الثوري
103 هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو المنذر, أبو عبد الله, أبو بكر المديني, الأسدي, البغدادي, القرشي
104 وراد أبو الورد, أبو سعيد الثقفي, الكوفي
105 وهب بن كيسان بن أبي مغيث أبو نعيم المدني, الأسدي, القرشي, الحجازي ابن أبي مغيث
106 يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام المدني, الأسدي, القرشي, الحجازي
107 يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة أبو محمد, أبو بكر اللخمي, المدني ابن أبي بلتعة
108 يزيد بن رومان أبو روح المدني, الأسدي, القرشي
109 يعلى بن حرملة التيمي
110 يعيش بن الوليد بن هشام بن معاوية بن عقبة بن أبي معيط المعيطي, الأموي, القرشي, الدمشقي ابن أبي معيط
111 يوسف بن الزبير المكي, الأسدي, القرشي
112 يوسف بن سعد أبو يعقوب, أبو سعد البصري, المدني, الجمحي
[3269] ع عَبْد اللَّهِ بن الزُّبَيْر بن العوام بن خويلد بن أسد الْقُرَشِي الأسدي أَبُو بَكْر

ويقال أَبُو خبيب المدني، وأمه أسماء بنت أَبِي بَكْر الصديق .

وكَانَ أول مولود ولد فِي الإِسْلام بالمدينة فِي قريش . هاجرت بِهِ أمه حملا، فولد بَعْد الهجرة بعشرين شهرا وقيل: إنه ولد فِي السنة الأولى من الهجرة، وبايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وتوفى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وهُوَ ابْن ثماني سنين وأربعة أشهر، وكَانَ فصيحا ذا لسن، وذا شجاعة وقوة، وكَانَ أطلس لا لحية لَهُ، ولا شعر فِي وجهه

روى عن
1- النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ع
2- وعَنْ أَبِيهِ الزُّبَيْر بْن العوام ع
3- وسُفْيَان بْن أَبِي زهير خ م س
4- وعثمان بْن عَفَّان خ ق
5- وعلي بْن أَبِي طَالِب
6- وعمر بْن الْخَطَّاب خ م س
7- وجده أَبِي بَكْر الصديق خ ت س
8- وخالته عَائِشَة أم الْمُؤْمِنيِنَ ع

روى عنه
1- بشير شيخ لسفيان الثَّوْرِي ل
2- وثابت البناني خ س
3- وأَبُو الشعثاء جَابِر بْن زَيْد خت
4- والحسن بْن عُثْمَان بْن عَبْد الرحمن بْن عوف
5- وأَبُو ذبيان خليفة بْن كعب التميمي خ م س
6- وزرعة بْن عَبْد الرحمن الكوفي د
7- وأَبُو عقيل زهرة بْن معبد خ
8- وسعد مولى آل أَبِي بَكْر بخ
9- وسعيد بْن ميناء م
10- وسماك بْن حرب
11- وطاوس بْن كيسان س
12- وطلق بْن حبيب م 4
13- وعامر بْن شراحيل الشَّعْبِي
14- وابناه عَامِر بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر خ م د س ق
15- وعباد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر ت
16- وعباس بْن سهل بْن سَعْد الساعدي
17- وعبد اللَّه بْن أَبِي مليكة ع
18- وابن أخيه عَبْد اللَّهِ بْن عروة بْن الزُّبَيْر م سي
19- وعبد الْعَزِيز بْن أسيد الطاحي البصري س
20- وعبد الْعَزِيز بْن رفيع خ
21- وعبد الْمَلِك بْن عمير س
22- وعبد الْوَهَّاب بْن يَحْيَى بْن عباد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر ت ولَمْ يدركه
23- وعبيدة السلماني س
24- وأَبُو حصين عُثْمَان بْن عَاصِم الأسدي
25- وأخوه عروة بْن الزُّبَيْر ع
26- وعطاء بْن أَبِي رباح م د س
27- وعَمْرو بْن دِينَار
28- وأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بْن عَبْد اللَّهِ السبيعي
29- وكلثوم بْن جبر بخ
30- ومُحَمَّد بْن زِيَاد الجمحي م
31- وابن أخيه مُحَمَّد بْن عروة بْن الزُّبَيْر ت
32- وأَبُو الزُّبَيْر مُحَمَّد بْن مُسْلِم الْمَكِّي م د س
33- ومُحَمَّد بْن المنكدر
34- وخادمه مرزوق الثقفي بخ
35- وابن ابنه مُصْعَب بْن ثابت بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر د ق مرسل
36- ومغيث بْن سمي الأوزاعي
37- وأَبُو نضرة المنذر بْن مَالِك بْن قطعة العبدي م
38- وميمون الْمَكِّي د
39- وابن أخيه هِشَام بْن عروة بْن الزُّبَيْر سي
40- ووهب بْن كيسان بخ س
41- وابن ابنه يَحْيَى بْن عباد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر س
42- ويَحْيَى بْن عَبْد الرحمن بْن حاطب ت ق
43- ومولاه يُوسُف بْن الزُّبَيْر س
44- وابنته أم عَمْرو بنت عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر خت س

علماء الجرح والتعديل

وحضر وقعة اليرموك مَعَ أَبِيهِ الزُّبَيْر بْن العوام وشهد خطبة عُمَر بالجابية وبويع لَهُ بالخلافة بَعْد موت يَزِيد بْن مُعَاوِيَة سنة أربع وقيل: سنة خمس وستين وغلب عَلَى الحجاز والعراقين واليمن ومصر وأكثر الشام وكانت ولايته تسع سنين وقتله الْحَجَّاج بْن يُوسُف في أَيَّام عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان

قال 1 الْحَسَن بْن واقع، عَنْ ضمرة بْن ربيعة، وأَبُو نعيم 1: 2 قتل سنة اثنتين وسبعين 2 .

وقال 1 سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويَحْيَى بْن سَعِيد، وأَحْمَد بْن حَنْبَل، وغير واحد 1: 2 قتل سنة ثَلاث وسبعين 2 .

وقال 1 الواقدي، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن عَلِي 1: 2 قتله الْحَجَّاج، وصلبه بمكة يَوْم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثَلاث وسبعين 2 .

وقال 1 يَحْيَى بْن بُكَيْر 1: 2 كَانَ أكبر من المسور بْن مخرمة، ومروان بْن الحكم بأربعة أشهر 2 .

رَوَى لَهُ الْجَمَاعَة
عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ * (ع)ابْنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو خُبَيْبٍ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، المَكِّيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَلَدُ الحَوَارِيِّ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، ابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَوَارِيِّهِ.
(مُسْنَدُهُ) : نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
اتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةِ أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ: بِحَدِيْثَيْنِ (1) .
كَانَ عَبْدُ اللهِ أَوَّلَ مَولُودٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالمَدِيْنَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى.
[ وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةُ أَحَادِيْثَ.
عِدَادُه فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيْراً فِي العِلْمِ، وَالشَّرَفِ، وَالجِهَادِ، وَالعِبَادَةِ.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ لأُمِّهِ؛ الصِّدِّيْقِ، وَأُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَخَالَتِهِ عَائِشَةَ، وَعَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ عُرْوَةُ الفَقِيْهُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَبِيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُوْسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ مِيْنَاءَ، وَحَفِيدَاهُ: مُصْعَبُ بنُ ثَابِتِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَيَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فَارِسَ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشهُودَةٌ.
قِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ اليَرْمُوْكَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَفَتْحَ المَغْرِبِ، وَغَزْوَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَيَوْمَ الجَمَلِ مَعَ خَالَتِهِ.
وَبُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَكَمَ عَلَى الحِجَازِ، وَاليَمَنِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَبَعضِ الشَّامِ.
وَلَمْ يَسْتَوسِقْ لَهُ الأَمْرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعُدَّهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ فِي أُمَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَدَّ دَوْلَتَهُ زَمَنَ فُرْقَةٍ، فَإِنَّ مَرْوَانَ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ ثُمَّ مِصْرَ، وَقَامَ عِنْدَ مَصرعِهِ ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وَحَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَحِمَهُ اللهُ - فَاسْتقَلَّ بِالخِلاَفَةِ عَبْدُ المَلِكِ وَآلُهُ، وَاسْتَوسَقَ لَهُمُ الأَمْرُ، إِلَى أَنْ قَهَرَهُم بَنُو العَبَّاسِ بَعْدَ مُلْكِ سِتِّيْنَ عَاماً.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَدْركَ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِلوُلُوجِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، لِكَوْنِهِ مِنْ آلِهِ، فَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى ][ بَيْتِ خَالَتِهِ عَائِشَةَ.
شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ، قَالاَ:خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِيْنَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فَنُفِسَتْ بِعَبْدِ اللهِ بِقُبَاءَ.
قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ سَبْعِ سِنِيْنَ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ رَآهُ مُقْبِلاً، ثُمَّ بَايَعَهُ.
حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ (1) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَتِيْمِ عُرْوَةَ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُوْنَ، أَقَامُوا لاَ يُولَدُ لَهُم، فَقَالُوا: سَحَرَتْنَا يَهُوْدُ، حَتَّى كَثُرتِ القَالَةُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ المُسْلِمُوْنَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاَةِ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ؛ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ السِّتِّيْنَ.
وَفِي البُخَارِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ:أَنَّ الزُّبَيْرَ أَركَبَ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ فَرَساً وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ، وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً (2) .
[ التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا هُنَيْدُ بنُ القَاسِمِ: سَمِعْتُ عَامِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:إِنَّهُ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ! اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ، فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ) .
فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمدَ إِلَى الدَّمِ، فَشَرِبَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: (مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ؟) .
قَالَ: عَمدْتُ إِلَى أَخْفَى مَوْضِعٍ عَلِمْتُ، فَجَعَلْتُهُ فِيْهِ.
قَالَ: (لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ؟) .
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (وَلِمَ شَرَبْتَ الدَّمَ؟ وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ) .
قَالَ مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ، فَقَالَ:كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ القُوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ.
رَوَاهُ: أَبُو يَعْلَى فِي (مُسْنَدِهِ) ، وَمَا عَلِمْتُ فِي هُنَيْدٍ جَرْحَةً (1) .
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ يُوْسُفَ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَالحَارِثِ، قَالاَ:طَالَمَا حَرَصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ.
قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ؟قَالاَ: أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلِصٍّ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ سَرَقَ.
فَقَالَ: (اقْطَعُوْهُ) .
ثُمَّ جِيْءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئاً إِلاَّ مَا قَضَى فِيكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ.
فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ المُهَاجِرِينَ أَنَا فِيْهم.
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُوْنِي عَلَيْكُم.
فَأَمَّرْنَاهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى البَقِيْعِ، فَقَتَلْنَاهُ (2) .
هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
[ قَالَ الحَارِثُ بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ:أَنَّ نَوْفاً البِكَالِيَّ (1) قَالَ: إِنِّيْ لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ المُنْزَلِ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الخُلَفَاءِ.
مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَعْقُوْبَ:أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَيَقُوْلُ: مَرْحَباً بِابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنِ حَوَارِيِّ رَسُوْلِ اللهِ.
وَيَأْمُرُ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ (2) .
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ، عَفِيْفٌ فِي الإِسْلاَمِ، أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيْجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللهِ إِنِّيْ لأُحَاسِبُ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (3) .
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:مَا رَأَيتُ مُصَلِّياً قَطُّ أَحسَنَ صَلاَةً مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ (4) .
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ: حَدَّثَتْنَا مَاطِرَةُ المَهْرِيَّةُ، حَدَّثَتْنِي خَالَتِي أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ النُّعْمَانِ:أَنَّهَا سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَعِنْدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: قَوَّامٌ اللَّيْلَ، صَوَّامٌ النَّهَارَ، وَكَانَ يُسَمَّى حَمَامَةَ المَسْجَدِ (5) .
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ فِي قَلْبِكَ مِنِ ابْنِ[ الزُّبَيْرِ.
قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيتَ مُنَاجِياً وَلاَ مُصَلِّياً مِثْلَهُ (1) .
وَرَوَى: حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَيُصْبِحُ فِي اليَوْمِ السَّابِعِ وَهُوَ أَلْيَثُنَا (2) .
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ النَّهْيُ عَنِ الوِصَالِ (3) ، وَنَبِيُّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ، وَكُلُّ مَنْ وَاصَلَ، وَبَالَغَ فِي تَجْوِيعِ نَفْسِهِ، انْحَرَفَ مِزَاجُهُ، وَضَاقَ خُلُقُهُ، فَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى، وَلَقَدْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ مُلْكِهِ صِنْفاً فِي العِبَادَةِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا الحَدَّادُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مائَةُ غُلاَمٍ، يُكَلِّمُ كُلَّ غُلاَمٍ مِنْهُم بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ (4) .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، كَأَنَّهُ عُوْدٌ، وَحَدَّثَ[ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَانَ كَذَلِكَ (1) .
قَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنْتُ أَمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ خَلْفَ المَقَامِ يُصَلِّي، كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوْبَةٌ لاَ تَتَحَرَّكُ.
رَوَى: يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنِ الثِّقَةِ يُسْنِدُهُ، قَالَ:قَسمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاَثِ لَيَالٍ؛ فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّباحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّباحِ (2) .
يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَنَّاقَ، قَالَ:رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْماً رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا (3) بِالبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالمَائِدَةِ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مَا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ (4) .
قَالَ يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الحِجْرِ، وَالمِنْجَنِيْقُ يَصُبُّ تُوْبَهُ (5) ، فَمَا يَلتَفِتُ -يَعْنِي: لَمَّا حَاصَرُوْهُ -.
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:لَوْ رَأَيتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كَأَنَّهُ غُصْنٌ تَصْفِقُهُ الرِّيْحُ، وَحَجَرُ المِنْجَنِيْقِ يَقَعُ هَا هُنَا (6) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَعْظَمَ[ سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ:أَنَّهَا دَخَلتْ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الحَيَّةَ الحَيَّةَ.
ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاَتَهُ (1) .
قَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفطَرَ، اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِيْنَ.
لَيْثٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ: مَا كَانَ بَابٌ مِنَ العِبَادَةِ يَعْجِزُ عَنْهُ النَّاسُ إِلاَّ تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ البَيْتَ، فَطَافَ سِبَاحَةً (2) .
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ، قَالَ:كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يُنَازَعُ فِي ثَلاَثَةٍ: شَجَاعَةٍ، وَلاَ عِبَادَةٍ، وَلاَ بَلاغَةٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْداً، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيْدَ بنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا المَصَاحِفَ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُم أَنْتُم وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ، فَاكْتُبُوْهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ؛ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهم (3) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ:رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنِيّاً يُصَلِّي فِيْهِ، وَكَانَ صَيِّتاً، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الجَبَلاَنِ.
وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى العُنُقِ، وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ.
[ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَالزُّبَيْرُ بنُ خُبَيْبٍ، قَالاَ:قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيْرُ فِي عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً -يَعْنِي: نَوْبَةَ إِفْرِيْقِيَةَ -.
قَالَ: وَاختَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، فَرَأَيتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيْرَ؛ بَصُرْتُ بِهِ خَلْفَ عَسَاكِرِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ، مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظَلِّلاَنِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيْسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيتُ أَمِيْرَنَا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِيَ النَّاسَ، فَاختَرتُ ثَلاَثِيْنَ فَارِساً، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِم: الْبَثُوا عَلَى مَصَافِّكُم.
وَحَمَلتُ، وَقُلْتُ لَهُم: احْمُوا ظَهْرِي.
فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَى جُرْجِيْرَ، وَخَرجْتُ صَامِداً، وَمَا يَحْسِبُ هُوَ وَلاَ أَصْحَابُهُ إِلاَّ أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَثَابَرَ (1) بِرْذَوْنُهُ مُوَلِّياً، فَأَدْركْتُهُ، فَطَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ احْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، فَنَصَبْتُهُ عَلَى رُمْحِي، وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ المُسْلِمُوْنَ، فَارْفَضَّ العَدُوُّ، وَمَنَحَ اللهُ أَكْتَافَهُم (2) .
مَعْمَرٌ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:أُخِذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسْطِ القَتْلَى يَوْمَ الجَمَلِ، وَبهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً (3) .
وَقِيْلَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَعْطَتْ يَوْمَئِذٍ لِمَنْ بَشَّرَهَا بِسَلاَمَتِهِ عَشْرَةَ آلاَفٍ.
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ (4) .
[ قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا رَبِيْعَةُ بنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا:جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ.
فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَامْتَنَعَا، وَقَالاَ: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ النَّاسُ.
فَدَارَاهُمَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَغلَظَ لَهُمَا، وَدَعَاهُمَا، فَأَبَيَا (1) .
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ (2) .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرٍ، قَالَ:وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ بنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُم، قَالُوا:لَمَّا نَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالمَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ .
، إِلَى أَنْ قَالُوا:فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الحِجْرَ، وَلَبِسَ المَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يُحرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ الجُمَحِيِّ وَالِي مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيْدَ، فَلَمْ يَرْضَ يَزِيْدُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوَثَاقٍ.
فَقَالَ لَهُ وَلدُهُ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ: ادفَعْ عَنْكَ الشَّرَّ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجُوْجٌ لاَ يُطِيعُ لِهَذَا أَبَداً، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِيْنِكَ.
فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمرِكَ لَعَجَباً!قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَاسْأَلْهُ عَمَّا أَقُوْلُ.
فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: أَصَابَ ابْنُكَ أَبُو لَيْلَى.
فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ عَائِذُ بَيْتِكَ، فَقِيْلَ لَهُ: عَائِذُ البَيْتِ.
وَبَقِيَ لاَ يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى عَمْرٍو الأَشْدَقِ وَالِي المَدِيْنَةِ أَنْ يُجَهِّزَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْداً، فَنَدَبَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرَو بنَ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيْهِ بَعْد قِتَالٍ، فَعَاقَبَهُ.
وَأَخَّرَ عَنْ[ الصَّلاَةِ بِمَكَّةَ الحَارِثَ بنَ يَزِيْدَ، وَقَرَّرَ مُصْعَبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَكَانَ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُوْنَ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَكَانَ يُشَاوِرُهُم فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَيُرِيهِم أَنَّ الأَمْرَ شُوْرَى بَيْنَهم لاَ يَسْتَبدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ دُوْنَهُم، وَيُصَلِّي بِهِمُ الجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِم بِلاَ إِمْرَةٍ.
وَكَانَتِ الخَوَارِجُ وَأَهْلُ الفِتَنِ قَدْ أَتَوْهُ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ.
ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعُوْهُ، وَفَارَقَتْهُ الخَوَارِجُ.
فَوَلَّى عَلَى المَدِيْنَةِ أَخَاهُ مُصْعَباً، وَعَلَى البَصْرَةِ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ، وَعَلَى الكُوْفَةِ عَبْدَ اللهِ بنَ مُطِيْعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ، وَعَلَى اليَمَنِ، وَعَلَى خُرَاسَانَ، وَأَمَّرَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَبَتْ طَائِفَةٌ، وَالْتَفَّتْ عَلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، وَجَرَتْ أُمُوْر طَويلَةٌ، وَحُرُوْبٌ مُزْعِجَةٌ، وَجَرَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ، وَقُتِلَ أُلُوفٌ مِنَ العَرَبِ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَاسْتَفحَلَ أَمْرُ مَرْوَانَ إِلَى أَنْ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ، وَسَارَ فِي جَيْشٍ عَرَمْرَمٍ، فَأَخَذَ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ، ثُمَّ دَهَمَهُ المَوْتُ.
فَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُهُ الخَلِيْفَةُ عَبْدُ المَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ يُحَارِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ بَعْدَ أَنْ سَارَ إِلَى العِرَاقِ، وَقَتَلَ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ (1) .
قَالَ شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:أَنَّ يَزِيْدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ قَدْ بَعَثتُ إِلَيْكَ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةً، وَقَيْداً مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ.
فَأَلْقَى الكِتَابَ، وَأَنْشَدَ:وَلاَ أَلِيْنُ لِغَيْرِ الحَقِّ أَسْأَلُهُ .
حَتَّى يَلِيْنَ لِضِرْسِ المَاضِغِ الحَجَرُ (2)[ قُلْتُ: ثُمَّ جَهَّزَ يَزِيْدُ جَيْشاً سِتَّةَ آلاَفٍ، إِذْ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ خَلَعُوْهُ، فَجَرَتْ وَقْعَةُ الحَرَّةِ، وَقُتِلَ نَحْوُ أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، ثُمَّ سَارَ الجَيْشُ، عَلَيْهِم حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ، فَحَاصَرُوا الكَعْبَةَ، وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ عَظِيمَةٌ، فَقَلَعَ اللهُ يَزِيْدَ، وَبَايَعَ حُصَيْنٌ وَعَسْكَرُهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالخِلاَفَةِ، وَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ.
قَالَ شَبَابٌ: حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ المَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَحَجَّ بِأَهْلِ الشَّامِ الحَجَّاجُ، وَلَمْ يَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ (1) .
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يُطَيِّبُهَا حَتَّى يُوجَدَ رِيْحُهَا مِنْ طَرَفِ الحَرَمِ، وَكَانَتْ كِسْوَتُهَا قَبْلَهُ الأَنْطَاعَ (2) .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ شُعَيْبٍ الحَجَبِيُّ: إِنَّ المَهْدِيَّ لَمَّا جَرَّدَ الكَعْبَةَ، كَانَ فِيمَا نَزَعَ عَنْهَا كِسْوَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ دِيبَاجٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا: لِعَبْدِ اللهِ أَبِي بَكْرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى:رَأَيتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِسْكاً يُسَاوِي مَالاً (3) .
قُلْتُ: عِيْبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِشُحٍّ، فَرَوَى: الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَشِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسَاوِرٍ:سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ[ الزُّبَيْرِ فِي البُخْلِ، وَيَقُوْلُ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَيْسَ المُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيْتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ (1)) .
وَرَوَى: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ:كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يُعَنِّفَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالبُخْلِ، فَقَالَ: كَمْ تُعَيِّرُنِي.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ:أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟قَالَ: لاَ، إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُلْحِدُ بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ، اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ أَوْزَارِ النَّاسِ) .
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ (2)) .
وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ (3) .
[ عَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ العَالَمِ) ، فَوَاللهِ لاَ أَكُوْنُهُ.
فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، وَسَكَنَ الطَّائِفَ.
قُلْتُ: مُحَمَّدٌ: هُوَ المَصِّيْصِيُّ، لَيِّنٌ (1) ، وَاحتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
أَبُو النَّضْرِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو، قَالَ:أَتَى عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللهِ، فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (يُحِلُّهَا - وَتَحِلُّ بِهِ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوْبُهُ بِذُنُوْبِ الثَّقَلَيْنِ، لَوَزَنَتْهَا) .
قَالَ: فَانظُرْ يَا ابْنَ عَمْرٍو لاَ تَكُوْنُهُ .
، وَذَكَرَ الحَدِيثَ (2) .
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا} [الحُجُرَاتُ: 9] ، قَالَ:قُلْتُ لأَبِي: مَنْ هُمْ؟قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى أَهْلِ الشَّامِ.
وَرَوَاهُ: يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِيهِ: بَغَى عَلَى هَؤُلاَءِ، وَنَكَثَ عَهْدَهُم.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الخَصِيْبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، قَالَ:رَأَيْتُ الحَجَرَ مِنَ المِنْجَنِيْقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُوْلَ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَاللهِ إِنْ أُبَالِي إِذَا وَجَدْتُ ثَلاَثَ مائَةٍ يَصبِرُوْنَ صَبْرِي لَوْ أَجْلَبَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ (3) .
[ قُلْتُ: قَدْ كَانَ يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ.
وَعَنِ المُنْذِرِ بنِ جَهْمٍ (1) ، قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلاَناً شَدِيداً، وَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُوْنَ إِلَى الحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ! عَلاَمَ تَقْتُلُوْنَ أَنْفُسَكُم؟ مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ، لَكُم عَهْدُ اللهِ وَمِيْثَاقُهُ - وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ - لاَ أَغْدِرُ بِكُم، وَلاَ لَنَا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُم.
قَالَ: فَتَسَلَّلَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَلَقَدْ رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ (2) .
وَعَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:حَضَرْتُ قَتْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ؛ جَعَلَتِ الجُيُوْشُ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجَدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ، حَمَلَ عَلَيْهِم وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُم، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ، إِذْ وَقَعَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ المَسْجَدِ عَلَى رَأْسِهِ، فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ:أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لاَ تَبْكِينِي .
لَمْ يَبْقَ إِلاَّ حَسَبِي وَدِيْنِيوَصَارِمٌ لاَثَتْ بِهِ يَمِينِي (3) .
قُلْتُ: مَا إِخَالُ أُوْلَئِكَ العَسْكَرَ إِلاَّ لَوْ شَاؤُوا لأَتْلَفُوهُ (4) بِسِهَامِهِم، وَلَكِنْ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يُمْسِكُوهُ عَنْوَةً، فَمَا تَهَيَّأَ لَهُم، فَلَيْتَهُ كَفَّ عَنِ القِتَالِ لَمَّا رَأَى الغَلَبَةَ، بَلْ لَيْتَهُ لاَ الْتَجَأَ إِلَى البَيْتِ، وَلاَ أَحْوَجَ أُوْلَئِكَ الظَّلَمَةَ وَالحَجَّاجَ - لاَ[ بَارَكَ اللهُ فِيْهِ - إِلَى انتِهَاكِ حُرْمَةِ بَيْتِ اللهِ وَأَمْنِهِ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتْنَةِ الصَّمَّاءِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ:سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: مَا أُرَانِي اليَوْمَ إِلاَّ مَقْتُوْلاً، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي، فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ -وَاللهِ - مَلِلْتُ الحَيَاةَ وَمَا فِيْهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ يَوْمَئِذٍ فِي الصُّبْحِ: {ن، وَالقَلَمِ} حَرْفاً حَرْفاً، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ (1) .
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ المَسْجَدِ إِلَى الحَجُوْنِ حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَمَنْ كَبَّرَ حِيْنَ وُلِدَ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ لِقَتْلِهِ (2) .
مَعْمَرٌ: عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا كَعْبٌ إِلاَّ قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ، إِلاَّ قَوْلُهُ: فَتَى ثَقِيْفٍ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ -يَعْنِي: المُخْتَارَ الكَذَّابَ -.
زِيَادٌ الجَصَّاصُ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ لِغُلاَمِهِ: لاَ تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ -يَعْنِي: وَهُوَ مَصْلُوْبٌ -.
قَالَ: فَغَفِلَ الغُلاَمُ، فَمَرَّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ، فَقَالَ:رَحِمَكَ اللهُ أَبَا خُبَيْبٍ، مَا عَلِمْتُكَ إِلاَّ صَوَّاماً قَوَّاماً، وَصُوْلاً لِرَحِمِكَ، أَمَا -وَاللهِ - إِنِّيْ لأَرْجُو مَعَ مَسَاوِئِ مَا قَدْ عَمِلْتَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَكَ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ يَعْمَلْ سُوْءاً يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا) (3) .
[ قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ (الخُلَفَاءِ) : صَلَبُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ مُنَكَّساً، وَكَانَ آدَمَ، نَحِيْفاً، لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، بَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى المَشْرِقِ كُلِّهِ وَالحِجَازِ.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: عَنْ جَدَّتِهِ:إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ غَسَّلَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَعْد مَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ عِنْدَمَا أَبَى الحَجَّاجُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، فَحَنَّطَتْهُ، وَكَفَّنَتْهُ، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيْهِ شَيْئاً حِيْنَ رَأَتْهُ يَتَفَسَّخُ إِذَا مَسَّتْهُ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ، فَدَفَنَتْهُ بِالمَدِيْنَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ زِيْدَتْ دَارُ صَفِيَّةَ فِي المَسْجَدِ، فَهُوَ مَدْفُوْنٌ مَعَ النَّبِيِّ (1) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي: بِقُرْبِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَعِدَّةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَوَهِمَ ضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، فَقَالاَ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
عَاشَ: نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَمَاتَتْ أُمُّهُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَهَا قَرِيبٌ مِنْ مائَةِ عَامٍ.
هِيَ آخِرُ مَنْ مَاتَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَيُقَالُ لَهَا: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ.
كَانَتْ أَسَنَّ مِنَ عَائِشَةَ بِسَنَوَاتٍ.
[ رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: أَوْلاَدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ، وَعُرْوَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَخَلْقٌ.
وَهِيَ وَابْنُهَا عَبْدُ اللهِ، وَأَبُوْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَجَدُّهَا أَبُو قُحَافَةَ صَحَابِيُّونَ، أَضَرَّتْ بِأَخَرَةٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُمُرُهَا إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَأَمَّا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فَقَالَ: عَاشَتْ مائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ.
وَقَدْ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ قَبْلَ مَوْتِهِ زَمَنَ عُثْمَانَ.
وَقَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَتْ أَسْمَاءُ لاَ تَدَّخِرُ شَيْئاً لِغَدٍ (1) .
وَقِيْلَ: أَعْتَقَتْ عِدَّةَ مَمَالِيْكَ، وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَتهَا فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ (2)) - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
وَمِنْ أَوْلاَدِهَا: عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ الفَقِيْهُ (3) .
وَمِنْهُم:[ 54 -
122 عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنه.

يكنى أبا بكر.

أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنه وهو أول مولودٍ وُلد للمهاجرين بالمدينة بعد الهجرة.

وأذن أبو بكر الصديق في أذنه، وحنَّكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرة.

عن هشام، عن أبيه عن أسماء أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة.

قالت: فخرجت وأنا مُتِمٌّ فأتيت المدينة فنزلنا بقباء فولدته بقباء ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أوَّلَ ما دخل في جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: ثم حنكه بتمرة ثم دعا له وبرَّك عليه وكان أوّل مولودٍ ولد في الإسلام.

قال الشيخ: إنما تعني أوَّل مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة.

وفي رواية أخرى: خرجت أسماء بنت أبي بكر مهاجرةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي حُبلى بعبد الله بن الزبير، فوضعته ولم ترضعه، حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن مجاهد بن جبير قال: ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه عبد الله بن الزبير، ولقد جاء سيلٌ طَبَّقَ البيتَ فجعل ابن الزبير يطوف سباحةً.

وعن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير يصلي في الحجر خافضاً بصره فجاء حجر قُدّامَه فذهب ببعض ثوبه فما انفتل.

وعن مجاهد قال: كان ابن الزبير، إذا قام في الصلاة، كأنه عود؛ من الخشوع.

وعن يحيى بن وثّاب أن ابن الزبير كان يسجد حتى تنزل العصافير على ظهره ولا تحسبه إلا جِذمَ حائط.

وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مصلِيّاً قطُّ أحسن صلاة من عبد الله بن الزبير.

وعل ابن المنكدر قال: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة تصفقها الريح والمنجنيق، يقع ها هنا وها هنا.

قال سفيان: كأنه لا يبالي.

وعن عمر بن قيس، عن أمه أنها قالت: دخلتُ على عبد الله ابن الزبير بيته فاذا هو يصلي.

قالت: فسقطت حيّة من السقف على ابنه هاشم فتطوّقت على بطنه وهو نائم فصاح أهل البيت: الحيّة.

ولم يزالوا بها حتى قتلوها، وعبد الله بن الزبير يصلّي، ما التفت ولا عجَّل.

ثم فرغ بعد ما قُتلت، فقال: ما بالكم؟ قالت أم هاشم: أي رحمك الله أرأيت إن كُنا هُنا عليك أيهون عليك ابنك؟ قال: فقال ويحك، ما كانت التفاتة، لو التفتُّها، مبقيةً من صلاتي.

وعن محمد بن حميد قال: كان عبد الله بن الزبير يحيي الدهر أجمع، ليلةً قائماً حتى يصبح، وليلةً يحييها راكعاً حتى الصباح، وليلةً يحييها ساجداً حتى الصباح.

وعن مسلم بن يَنّاق المكي قال: ركع ابن الزبير يوماً ركعةً، فقرأتُ البقرة وآل عمران والنساء والمائدة، وما رفع رأسه.

قال الزبير: وحدثني محمد بن الضحاك ابن زامي، وعبد الملك ابن عبد العزيز، ومن لا أحصي كثرةً من أصحابنا أن عبد الله بن الزبير كان يواصل الصيام سبعاً: يصوم الجمعة ولا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة فلا يفطر إلا بمكة، ويصوم بمكة ولا يفطر إلا بالمدينة.

قال عبد الملك: وكان إذا أفطر كان أول ما يفطر عليه لبن لقحة بسمن بقر وزادني غيره: وصبر.

وعن أم جعفر بنت النعمان، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: كان ابن الزبير، قوّام الليل صوام النهار، وكان يسمى حمام المسجد.

وعن (ابن) أبي مليكة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام، ويصبح اليوم السابع وهو اليثا.

وعن محمد بن عبيد الله الثقفي قال: شهدتُ خطبة ابن الزبير بالموسم، خرج علينا قبل يوم التروية بيوم وهو مُحرِم، فلبّى بأحسن تلبية سمعتُها قطّ، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنكم جئتم من آفاقٍ شتّى وفوداً إلى الله عز وجل فحقّ على الله أن يُكرم وفده، فمن كان جاء يطلب ما عند الله فإن طالب الله لا يخيب، فصدّقوا قولكم بفعلٍ فإنَّ مِلاكَ القول الفعلُ، والنيَّةَ النيةَ، القلوبَ القلوبَ القلوبَ، الله الله في أيامكم هذه فإنها أيام تغفر فيها الذنوب.

وعن وهب بن كيسان قال: كتب إليَّ عبد الله بن الزبير بموعظة: أما بعد فإنّ لأهل التقوى علاماتٍ يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم، من صبرٍ علىالبلاء، ورضىً بالقضاء، وشكرٍ النعماء، وذُلٍّ لحكم القرآن وإنما الإمام كالسوق: ما نَفَق فيها حُمِل إليها، إن نُفق الحَق عندهُ حُمل إليه وجاءه أهل الحَق، وإن نَفق عندَهُ الباطل جاءَهُ أَهل الباطل.

وعن أبي الضحى قال: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي كان رأس مال.

ذكر مقتل ابن الزبير رضي الله عنه1: عن عروة قال: لما كانت الغداة التي قُتل فيها ابن الزبير دخل على أمّه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ ابنة مائة سنة لم يسقط لها سن.

فقالت: يا عبد الله ما بلغت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، وضحك وقال: إن في الموت لراحَةً.

فقالت أسماء: يا بنيَّ لعلك تتمناه لي، ما أحب أن أموت حتى أتي على أحد طرفَيك إما أن تملك فتَقرَّ بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك.

ثم ودَّعها، فقالت (له) : يا بنيَّ إياك أن تعطي خصلةً من دينك مخافة القتل.

وخرج عنها وأنشأ يقول: ولستُ بمبتاعِ الحياة بسُبَّةٍ .
ولا مُرتَقٍ من خشيةِ المَوتِ سُلَّما وقال: والله ما لقيت زحفاً قط إلا في الرعيل الأول وما ألمتُ جرحاً قطّ إلا أن آلم الدواء.

ثم حمل عليهم فأصابته آجرَّة في مَفرقه حتى فلقت رأسه، فوقف قائماً وهو يقول: ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا .
ولكن على أقدمنا تقطر الدِما2 وعن عروة قال: أتيت عبد الله بن الزبير حين دنا الحجاج منه فقلت: قد لحق فلان بالحجّاج ولحق فلان بالحجاج، فقال: فرت سلامانُ وفرَّتِ النمِر .
وقد نُلاقي معهم فلا نَفِر فقلت له: لقد أُخذت دار فلان ودار فلان.

فقال: اصبر عصامُ إنَّه شرٌّ باق .
قد سَكَّ أصحابك ضرب الأَعناق وقامت الحربُ بنا على ساق قال: فعرفت أنه لا يُسلم نفسه.

قال: فغاظَني، فقلت: إنهم والله إن يَأخذوك يقطِّعوك إرباً إِرباً.

فقال: ولست أبالي حين أُقتل مُسلماً .
على أيِّ جَنبٍ كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وَإِن يَشأ .
يبارِك على أَوصالِ شِلوٍ ممزّعِ قال: فعرفت أنه لا يمكِّن من نفسه.

وعن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر، فمرَّ على ابن الزبير فوقف عليه فقال: يرحمك الله فإنك كنتَ، ما علمت، صوّاماً قوّاماً وصولاً للرحم، وإِني لأرجو أَلّا يعذِّبك الله عزَّ وجل.

وقال الواقدي، عن أشياخ له، قالوا: حصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة ثنتين وسبعين وستة أشهر وسبع عشرة ليلة، ونصب الحجاج المنجنيق يرمي به أحثَّ الرمي، وألحّ عليهم بالقتال من كل وجهٍ وحبس عنهم الميرة، وحصرهم أشدَّ الحصار.

فقامت أسماء يوماً فصلّت ودعت فقالت: اللهم لا تخيِّب عبد الله ابن الزبير، اللهم ارحم ذلك السجود والنَحيب والظمأ في تلك الهواجر.

وقُتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جُمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.