المُقَدِّمة

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

مُقَدِّمَةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ ، أَنْبَأَنَا جَدِّي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ , أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الدَّيْنَوَرِيُّ ، قَالَ : قَرِئَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ .
الْحَمْدُ لِلَّهِ مُفْلِجِ الْحَقِّ وَنَاصِرِهِ ، وَمُدْحِضِ الْبَاطِلِ وَمَاحِقِهِ ، الَّذِي اخْتَارَ الْإِسْلَامَ لِنَفْسِهِ دِينًا ، فَأَمَرَ بِهِ وَأَحَاطَهُ ، وَتَوَكَّلَ بِحِفْظِهِ وَضَمِنَ إِظْهَارَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، ثُمَّ اصْطَفَى مِنْ خَلْقِهِ رُسُلًا ابْتَعَثَهُمْ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ ، وَأَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ بِهِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا نَابَهُمْ فِيهِ مِنْ جَهَلَةِ خَلْقِهِ ، وَامْتَحَنَهُمْ مِنَ الْمِحَنِ بِصُنُوفٍ ، وَابْتَلَاهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ بِضُرُوبٍ ، تَكْرِيمًا لَهُمْ غَيْرَ تَذْلِيلٍ ، وَتَشْرِيفًا غَيْرَ تَخْسِيرٍ ، وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ، فَكَانَ أَرْفَعَهُمْ عِنْدَهُ دَرَجَةً أَجَدُّهُمْ إِمْضَاءً مَعَ شِدَّةِ الْمِحَنِ ، وَأَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ زُلْفًا ، وَأَحْسَنُهُمْ إِنْفَاذًا لِمَا أَرْسَلَهُ بِهِ مَعَ عَظِيمِ الْبَلِيَّةِ .
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } ، وَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَتْبَاعِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } ، وَقَالَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } ، { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ .. .. .
}
إِلَى { غُرُورًا } ، وَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } .
فَلَمْ يُخْلِ جَلَّ حدثناؤُهُ أَحَدًا مِنْ مُكْرَمِي رُسُلِهِ ، وَمُقَرَّبِي أَوْلِيَائِهِ مِنْ مِحْنَةٍ فِي عَاجِلَةٍ دُونَ آجِلَةٍ ؛ لِيَسْتَوْجِبَ بِصَبْرِهِ عَلَيْهَا مِنْ رَبِّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ مَا أَعَدَّ لَهُ ، وَمِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْهِ مَا كَتَبَهُ لَهُ ، ثُمَّ جَعَلَ تَعَالَى ، جَلَّ وَعَلَا ذِكْرُهُ ، عُلَمَاءَ كُلِّ أُمَّةِ نَبِيٍّ ابْتَعَثَهُ مِنْهُمْ وُرَّاثَهُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَالْقُوَّامَ بِالدِّينِ بَعْدَ اخْتِرَامِهِ إِلَيْهِ وَقَبْضِهِ ، الذَّابِّينَ عَنْ عُرَاهُ وَأَسْبَابِهِ ، وَالْحَامِينَ عَنْ أَعْلَامِهِ وَشَرَائِعِهِ ، وَالنَّاصِبِينَ دُونَهُ لِمَنْ بَغَاهُ وَحَادَّهُ ، الدَّافِعِينَ عَنْهُ كَيْدَ الشَّيْطَانِ وَضَلَالَهُ .
فَضَّلَهُمْ بِشَرَفِ الْعِلْمِ ، وَكَرَّمَهُمْ بِوَقَارِ الْحِلْمِ ، وَجَعَلَهُمْ لِلدِّينِ وَأَهْلِهِ أَعْلَامًا ، وَلِلْإِسْلَامِ وَالْهُدَى مَنَارًا ، وَلِلْخَلْقِ قَادَةً ، وَلِلْعِبَادِ أَئِمَّةً وَسَادَةً ، إِلَيْهِمْ مَفْزَعُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَبِهِمُ اسْتِغَاثَتُهُمْ عِنْدَ النَّائِبَةِ ، لَا يُثْنِيهُمْ عِنْدَ التَّعَطُّفِ وَالتَّحَنُّنِ عَلَيْهِمْ سُوءُ مَا هَمَّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُوَلُّونَ ، وَلَا تَصُدُّهُمْ عَنِ الرِّقَّةِ عَلَيْهِمْ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ قُبْحُ مَا إِلَيْهِ ، مَا يَأْتُونَ مُحَرَّمًا مَنَعَهُمْ طَلَبُ جَزِيلِ ثَوَابِ اللَّهِ فِيهِمْ ، وَتَوَخِّيًا طَلَبَ رِضَا اللَّهِ فِي الْأَخْذِ بِالْفَضْلِ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ جَعَلَ ، جَلَّ حدثناؤُهُ وَذِكْرُهُ ، عُلَمَاءَ أُمَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَفْضَلِ عُلَمَاءِ الْأُمَمِ الَّتِي خَلَتْ قَبْلَهَا فِيمَا كَانَ ؛ قَسَمَ لَهُمْ مِنَ الْمَنَازِلِ وَالدَّرَجَاتِ وَالْمَرَاتِبِ وَالْكَرَامَاتِ فَشَمِلَ ، وَأَجْزَلَ لَهُمْ فِيهِ حَظًّا وَنَصِيبًا ، مَعَ ابْتِلَاءِ اللَّهِ أَفَاضِلَهَا بِمَنَافِعِهَا ، وَامْتَحَانِهِ خِيَارَهَا بِشِرَارِهَا ، وَرُفَعَائِهَا بِسِفْلِهَا وَضُعَاتِهَا فَلَمْ يَكُنْ يُثْنِيهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مِنْهُمْ يُبْتَلُونَ ، وَلَا كَانَ يَصُدُّهُمْ مَا فِي اللَّهِ مِنْهُمْ يَلْقَوْنَ عَنِ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِمْ ، بَلْ كَانُوا بِعِلْمِهِمْ عَلَى جَهْلِهِمْ يَعُودُونَ ، وَبِحِلْمِهِمْ لِسَفَهِهِمْ يَتَعَمَّدُونَ ، وَبِفَضْلِهِمْ عَلَى نَقْصِهِمْ يَأْخُذُونَ ، بَلْ كَانَ لَا يَرْضَى كَبِيرٌ مِنْهُمْ مَا أَزْلَفَهُ لِنَفْسِهِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ فَضْلٍ ذَلِكَ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَادَّخَرَ مِنْهُ مِنْ كَرِيمِ الذَّخَائِرِ لَدَيْهِ قَبْلَ مَمَاتِهِ ، حَتَّى تَبْقَى لِمَنْ بَعْدَهُ آثَارًا عَلَى الْأَيَّامِ بَاقِيَةً ، وَلَهُمْ إِلَى الرَّشَادِ هَادِيَةً ، جَزَاهُمُ اللَّهُ عَنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِمْ أَفْضَلَ مَا جَزَى عَالِمَ أُمَّةٍ عَنْهُمْ ، وَحَبَاهُمْ مِنَ الثَّوَابِ أَجْزَلَ ثَوَابٍ ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ قَسَمَ لَهُ مِنْ صَالِحِ مَا قَسَمَ لَهُمْ ، وَأَلْحَقَنَا بِمَنَازِلِهِمْ ، وَكَرَّمَنَا بِحُبِّهِمْ وَمَعْرِفَةِ حُقُوقِهِمْ ، وَأَعَاذَنَا وَالْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا مِنْ مُرْدِيَاتِ الْأَهْوَاءِ ، وَمُضِلَّاتِ الْآرَاءِ ، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ .
ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بَعْدِ مُضِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَبِيلِهِ حَوَادِثُ فِي كُلِّ دَهْرٍ تَحْدُثُ ، وَنَوَازِلُ فِي كُلِّ عَصْرٍ تَنْزِلُ ، يَفْزَعُ فِيهَا الْجَاهِلُ إِلَى الْعَالِمِ ، فَيَكْشِفُ فِيهَا الْعَالِمُ سَدَفَ الظَّلَامِ عَنِ الْجَاهِلِ بِالْعِلْمِ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ وَفَضَّلَهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ ، إِمَّا مِنْ أَثَرٍ وَإِمَّا مِنْ نَظَرٍ ، فَكَانَ مِنْ قَدِيمِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوَادِثِ الَّتِي تَنَازَعَتْ فِيهِ أُمَّتُهُ ، وَاخْتِلَافُهَا فِي أَفْضَلِهِمْ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ ، وَأَوْلَاهُمْ بِالْخِلَافَةِ .
ثُمَّ الْقَوْلُ فِي أَعْمَالِ الْعِبَادِ طَاعَتِهَا وَمَعَاصِيهَا ، وَهَلْ هِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ أَمِ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ الْمُبْهَمِ مُفَوَّضٌ ؟ .
ثُمَّ الْقَوْلُ فِي الْإِيمَانِ هَلْ هُوَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ أَمْ هُوَ قَوْلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ ؟ وَهَلْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ أَمْ لَا زِيَادَةَ لَهُ وَلَا نُقْصَانَ ؟ .
ثُمَّ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ هَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ؟ ثُمَّ رُؤْيَةُ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهَمْ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
ثُمَّ الْقَوْلُ فِي أَلْفَاظِهِمْ بِالْقُرْآنِ .
ثُمَّ حَدَثَ فِي دَهْرِنَا هَذَا حَمَاقَاتٌ خَاضَ فِيهَا أَهْلُ الْجَهْلِ وَالْغَبَاءِ وَنَوْكَى الْأُمَّةِ وَالرِّعَاعُ ، يُتْعِبُ إِحْصَاؤُهَا ، وَيُمَلُّ تَعْدَادُهَا ، فِيهَا الْقَوْلُ فِي اسْمِ الشَّيْءِ أَهُوَ هُوَ أَمْ هُوَ غَيْرُهُ ؟ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ الصَّوَابَ لَدَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،