بَابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ
بَابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ إِسْحَاقُ : حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : فَلَمَّا انْطَلَقَ سُرَاقَةُ رَاجِعًا مِنْ طَلَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلَبِ أَبِي بَكْرٍ جَعَلَ يَذْكُرُ مَا رَأَى مِنَ الْفَرَسِ وَيُذْكَرُ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْجَهْدِ فِي طَلَبِهِمَا ، فَسَمِعَ أَبُو جَهْلٍ بِذَلِكَ ، فَخَشِيَ أَنْ يُسْلِمَ حِينَ رَأَى مَا رَأَى ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا : بَنِي مُدْلِجٍ إِنِّي أَخَافُ سَفِيهَكُمْ سُرَاقَةَ يَسْتَغْوِي لِنَصْرِ مُحَمَّدِ عَلَيْكُمْ بِهِ أَنْ لَا يُفَرِّقَ جَمْعَكُمْ فَيُصْبِحَ شَتَّى بَعْدَ عَزٍّ وَسُؤْدُدِ يَظُنُّ سَفِيهُ الْحَيِّ أَنْ جَاءَ بِشُبْهَةٍ عَلَى وَاضِحٍ مِنْ سُنَّةِ الْحَقِّ مُهْتَدِي فَأَنَّى يَكُونُ الْحَقُّ مَا قَالَ إِنْ غَدَا وَلَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ الْمُسَدِّدِ وَلَكِنَّهُ وَلَّى غَرِيبًا بِسُخْطِةٍ إِلَى يَثْرِبَ مُنَافِيًا بَعْدَ مَوْلِدِ وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ يَثْرِبَ هَارِبًا لَأَسْحَاهُ وَقْعُ الْمَشْرَفِيِّ الْمُهَنَّدِ فَأَجَابَهُ سُرَاقَةُ فِيمَا قَالَ : فَقَالَ : أَبَا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا لِأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسِيخُ قَوَائِمُهْ عَجِبْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا أَتَانَا بِبُرْهَانٍ فَمَنْ ذَا يُكَاتِمُهْ عَلَيْكَ فَكُفَّ الْقَوْمَ عَنْهُ فَإِنَّنِي أَرَى أَمْرَهُ يَوْمًا سَتَبْدُو مَعَالِمُهْ بِأَمْرٍ يَوَدُّ النَّاسُ فِيهِ وَيَا لَهَا أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ طُرًّا تُسَالِمُهْ |
4354 وَقَالَ أَبُو يَعْلَى : حدثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ ، قال حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ ، قال حدثنا مُوسَى بْنُ مَطِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى اسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَوْرَتِهِ يَبُولُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَرَانَا ؟ قَالَ : لَوْ رَآنَا لَمْ يَسْتَقْبِلْنَا بِعَوْرَتِهِ ، يَعْنِي وَهُمَا فِي الْغَارِ |
4355 وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قال حدثنا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ ، قَالَ : كَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي الْهِجْرَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، وَسَهْلُ بْنُ بَيْضَاءَ |
4356 قَالَ أَبُو بَكْرٍ : حدثنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، قال حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : إِنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ قُرَيْشًا جَعَلَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ ، إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ ، فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ جَعَلَتْ فِيهِمَا قُرَيْشٌ مَا جَعَلَتْ قَرِيبَانِ مِنْكَ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَأَتَيْتُ فَرَسِي وَهُوَ فِي الْمَرْعَى فَنَفَرْتُ بِهِ ثُمَّ أَخَذْتُ رُمْحِي ، فَرَكِبْتُهُ ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَجْرَ الرُّمْحِ مَخَافَةَ أَنْ يَشْرَكَنِيَ فِيهَا أَهْلُ الْمَاءِ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَاغٍ يَبْغِينَا ، قَالَ : فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ قَالَ : فَوَحَلَ بِي فَرَسِي ، وَإِنِّي لَفِي جَلْدٍ مِنَ الْأَرْضِ فَوَقَفْتُ عَلَى حَجَرٍ ، فَانْفَلَتَ ، فَقُلْتُ : ادْعُ الَّذِي فَعَلَ بِفَرَسِي مَا أَرَى أَنْ يُخَلِّصَهُ - وَعَاهَدَهُ أَنْ لَا يَعْصِيَهُ أَبَدًا - قَالَ : فَدَعَا لَهُ ، فَخَلَّصَ الْفَرَسَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ : أُهْبَةٌ أَنْتَ لِي ؟ قَالَ : نَعَمْ فَقَالَ : هَاهُنَا عَمِّ عَنِ النَّاسِ ، وَأَخَذَ السَّاحِلَ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ قَالَ : فَكُنْتُ لَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ طَالِبًا ، وَآخِرُ اللَّيْلِ لَهُمْ مَسْلَحَةً ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا اسْتَقْرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْتِيَنَا فَأْتِنَا فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَظَهَرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ ، وَأَسْلَمَ مَنْ حَوْلَهُ قَالَ سُرَاقَةُ : وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ أَتَيْتُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَاضِيَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ |
4357 وَقَالَ أَبُو يَعْلَى : حدثنا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قال حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ ، قَالَ : لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَخْفِيَيْنِ فِي الْغَارِ ، مَرَّا بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا ، فَاسْتَسْقِيَاهُ مِنَ اللَّبَنِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ ، مَا لِي شَاةٌ تُحْلَبُ غَيْرَ أَنَّ هَاهُنَا عَنَاقًا حَمَلَتْ أَوَانَ الشِّتَاءِ ، فَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ وَقَدِ اهْتُجِنَتْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ائْتِنَا بِهَا فَدَعَا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ ، ثُمَّ حَلَبَ عَسًّا فَسَقَى أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ حَلَبَ آخَرَ فَسَقَى الرَّاعِيَ ، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ ، فَقَالَ الْعَبْدُ : بِاللَّهِ ، مَنْ أَنْتَ ؟ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ قَالَ : أَوَتُرَاكَ إِنْ أَخْبَرْتُكَ تَكْتُمُ عَلَيَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّكَ صَابِئٌ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ قَالَ : فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَهُ إِلَّا نَبِيٌّ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَّبِعُكَ ؟ قَالَ : لَا ، حَتَّى تَسْمَعَ أَنَّا قَدْ ظَهَرْنَا فَإِذَا بَلَغَكَ ذَلِكَ فَاخْرُجْ فَتَبِعَهُ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنَ الْغَارِ |