ذِكْرُ النُّفَسَاءِ
ذِكْرُ النُّفَسَاءِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى النُّفَسَاءِ الِاغْتِسَالَ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنَ النِّفَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَقْصَى حَدِّ النِّفَاسِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : حَدُّ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ |
796 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قال حدثنا يَحْيَى ، قال حدثنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي |
797 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، قال حدثنا الْحَجَبِيُّ ، قال حدثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : النُّفَسَاءُ تَنْتَظِرُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، أَوْ نَحْوَهُ |
798 وَحَدَّثَنَا يَحْيَى ، قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، قال حدثنا زَائِدَةُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، قَالَ : تَمْكُثُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ |
799 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، قال حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ ، قال حدثنا حَمَّادٌ ، قال حدثنا الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ : أَنَّ امْرَأَةً لِعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو نُفِسَتْ ، فَرَأَتِ الطُّهْرَ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَتَطَهَّرَتْ ، ثُمَّ جَاءَتْ فَدَخَلَتْ فِي لِحَافِهَا ، فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : لَا تُعْزِبِينِي مِنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِيَ الْأَرْبَعُونَ |
800 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : تَنْتَظِرُ الْبِكْرُ إِذَا وَلَدَتْ وَتَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ |
801 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قال حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قال حدثنا زُهَيْرٌ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ مُسَّةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وَجْهِهَا الْوَرْسَ مِنَ الْكَلَفِ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَالنُّعْمَانُ ، وَيَعْقُوبُ ، وَمُحَمَّدٌ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَقْصَاهُ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْحَيْضِ ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : النُّفَسَاءُ لَا تَكَادُ تُجَاوِزُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَإِنْ جَاوَزَتْ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ ، فَإِنْ جَاوَزَتِ الْخَمْسِينَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : أَقْصَى النِّفَاسِ شَهْرَانِ ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ آخِرَ مَا لَقِينَاهُ ، فَقَالَ : يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ النِّسَاءُ ، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ ، فَتَجْلِسُ أَبْعَدَ ذَلِكَ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : تَجْلِسُ كَامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا ، وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ : تَرَبُّصُ شَهْرَيْنِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِوَى ذَلِكَ قَوْلَانِ شَاذَّانِ ، أَحَدُهُمَا أَنْ تَنْتَظِرَ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَ لَيَالٍ ، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي . يُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الضَّحَّاكِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَهْلِ دِمَشْقَ يَقُولُونَ : إِنَّ أَجَلَ النُّفَسَاءِ مِنَ الْغُلَامِ ثَلَاثُونَ لَيْلَةً ، وَمِنَ الْجَارِيَةِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً ، وَقَالَ قَائِلٌ : إِذَا اسْتَمَرَّ بِالنُّفَسَاءِ الدَّمُ حَتَّى تَجَاوَزَ سِتِّينَ يَوْمًا ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَغْتَسِلُ عِنْدَ السِّتِّينِ ، وَتُصَلِّي ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَتَقْضِي الصَّلَاةَ الَّتِي تَرَكَتْهَا فِي السِّتِّينَ يَوْمًا كُلَّهَا ، إِذْ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ النِّفَاسُ لَمْ يَأْتِ فِيهَا وَقْتُ صَلَاةٍ ، وَسَائِرُ الدَّمِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ ، فَلَمَّا جَازَ وَصْفُنَا ، كَانَ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ لَا عَلَيْهَا ، هَذَا إِذَا أَشْكَلَ دَمُ نِفَاسِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ يَلْزَمُ عِنْدِي مِنْ أَمْرِ الْبِكْرِ الْمُبْدَأَةِ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ مَا تَرَاهُ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا أَنْ تُعِيدَ صَلَاةَ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ تَنْفَسُ أَوَّلَ نِفَاسِهَا دَعِي الصَّلَاةَ إِلَى أَقْصَى نِفَاسِهَا ، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَقْصَى النِّفَاسِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِإِعَادَةِ صَلَاةِ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْوَقْتِ الْمَوْجُودِ مِنْ نِفَاسِ النِّسَاءِ ، وَيَجِبُ كَذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَهَا إِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا قَدْ جَرَتْ فِيمَا مَضَى بِأَنْ تَقْعُدَ أَيَّامًا مَعْلُومَةً فِي النِّفَاسِ ، فَزَادَ الدَّمُ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى عَادَتِهَا فِيمَا مَضَى كَمَا يَأْمُرُ مَنْ لَهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ تَحِيضُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ذَلِكَ الْوَقْتَ ، فَزَادَ عَلَى أَيَّامِهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى وَقْتِهَا الْمَعْلُومِ ، فِيمَا مَضَى وَتَجْعَلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ اسْتِحَاضَةً ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ |
ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِذَا وَضَعَتِ الْحَامِلُ حَمْلَهَا فَرَأَتْ دَمًا فَهِيَ نُفَسَاءُ ، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ وَالصَّلَاةُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : أَقَلُّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ ، أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ : أَقَلُّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ ، وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ وَلَدًا فَلَمْ تَرَ عَلَيْهِ دَمًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا ، قَالَ : تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي ، وَقَالَ مَالِكٌ كَذَلِكَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُمَا ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَقَالَ النُّعْمَانُ : أَقَلُّ النِّفَاسِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ، وَقَالَ يَعْقُوبُ : أَدْنَى مَا تَقْعُدُ النُّفَسَاءُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَيَكُونُ أَدْنَى النِّفَاسِ أَكْثَرَ مِنْ أَقْصَى الْحَيْضِ بِيَوْمٍ ، وَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذِهِ تَحْدِيدَاتٌ وَاسْتِحْسَانَاتٌ لَا يَرْجِعُ قَائِلُهَا فِيمَا قَالَ إِلَى حُجَّةٍ ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ : إِذَا رَأَتِ النُّفَسَاءُ الطُّهْرَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِنَّهَا طَاهِرٌ فَلْتُصَلِّ . وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ اغْتَسَلَتْ يَوْمَ السَّابِعِ ، وَصَلَّتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ ، وَذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ دَمِ النِّفَاسِ هُوَ الْمُوجِبُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الدَّمُ عَادَ الْفَرْضُ بِحَالَهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ وُجُودِ دَمِ النِّفَاسِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ |
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النُّفَسَاءِ تَطْهُرُ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي ، ثُمَّ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقْصَى أَيَّامِ النِّفَاسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النُّفَسَاءِ تَطْهُرُ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي ، ثُمَّ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقْصَى أَيَّامِ النِّفَاسِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِذَا طَهُرَتْ صَلَّتْ ، وَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ أَمْسَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَهْرَيْنِ ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَعَطَاءٍ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعِينَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَقْصَى النِّفَاسِ عِنْدَهُ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ : مَتَى رَأَتِ الطُّهْرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ ، وَإِنْ قَرُبَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي ، فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ ، أَوْ يَوْمَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَةٍ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دَمًا هُوَ قَرِيبُ مِنَ دَمِ النِّفَاسِ ، كَانَ مُضَافًا إِلَى دَمِ النِّفَاسِ ، وَأَلْغَتْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَيَّامِ مِمَّا لَمْ تَرَ فِيهِ دَمًا ، وَإِنْ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ كَانَ الدَّمُ الْمُسْتَقِلُّ حَيْضًا ، وَإِنْ كَانَتْ رَأَتِ الدَّمَ قُرْبَ دَمِ النِّفَاسِ كَانَتْ نُفَسَاءَ ، فَإِنْ تَمَادَى بِهَا أَقْصَى مَا تَقُولُ النِّسَاءُ أَنَّهُ نِفَاسٌ ، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ كَانَتْ إِلَى ذَلِكَ نُفَسَاءَ ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ : وَإِذَا رَأَتِ النُّفَسَاءُ لِلطُّهْرِ وَالنَّقَاءِ فَهُوَ طُهْرٌ ، وَإِنْ عَاوَدَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ دَمُ فَسَادٍ ، وَلَا يَكُونُ يَعُودُ دَمُ حِيَضٍ ، وَلَا نِفَاسٌ بَعْدَ النَّقَاءِ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ دَمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَأَكْثَرَ فَهُوَ حَيْضٌ ، تَدَعُ الصَّلَاةَ ، فَإِذَا رَأَتِ النَّقَاءَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ ، وَهِيَ بَعْدَ النَّقَاءِ الْأَوَّلِ مِنَ النِّفَاسِ حُكْمُهَا حُكْمُ الطَّاهِرِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْغَشَيَانِ حَتَّى تَرَى دَمَ الْحَيْضِ |
ذِكْرُ حَدِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ يَكُونُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : أَقَلُّ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَزَعَمَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَا نَعْلَمُ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَحَكَى ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ النُّعْمَانِ وَصَاحِبَيْهِ ، وَأَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ هَذَا التَّحْدِيدَ ، وَمِمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ : مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ عَلَى مَا يَكُونُ ، قَالَ إِسْحَاقُ : لَيْسَ فِي الطُّهْرِ وَقْتٌ ، وَتَوْقِيتُ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ بَاطِلٌ |