ذِكْرُ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِمَارَتِهِ إِيَّاهُ فِي

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذِكْرُ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِمَارَتِهِ إِيَّاهُ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ عَنْ أَشْيَاخِهِ ، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبَا جَعْفَرٍ كَتَبَ إِلَى زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ ، وَهُوَ وَالِيهِ عَلَى مَكَّةَ ، فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَعَمَّرَهُ , فَكَانَ مِنْ عِمَارَتِهِ إِيَّاهُ أَنْ زَادَ فِي شِقِّهِ الشَّامِيِّ الَّذِي فِيهِ دَارُ الْعَجَلَةِ وَدَارُ النَّدْوَةِ ، وَفِي أَسْفَلِهِ ، وَلَمْ يَزِدْ فِي أَعْلَاهُ ، وَلَا فِي شِقِّهِ الَّذِي يَلِي الْوَادِي ، قَالَ : فَاشْتَرَى مِنَ النَّاسِ دُورَهُمُ اللَّاصِقَةَ بِالْمَسْجِدِ مِنْ أَسْفَلِهِ حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى مُنْتَهَاهُ الْيَوْمَ قَالَ : وَكَانَتْ زَاوِيَةُ الْمَسْجِدِ الَّتِي تَلِي أَجْيَادَ الْكَبِيرَ عِنْدَ بَابِ بَنِي جُمَحٍ عِنْدَ الْأَحْجَارِ النَّادِرَةِ مِنْ جَدْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَهُ بَيْتُ زَيْتِ قَنَادِيلِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مُنْتَهَى آخِرِ أَسَاطِينِ الرُّخَامِ مِنْ أَوَّلِ الْأَسَاطِينِ الْمُبَيَّضَةِ ، فَذَهَبَ بِهِ فِي الْعِرَاضِ عَلَى الْمِطْمَارِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى الْمَنَارَةِ الَّتِي فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ , ثُمَّ أَصْعَدَ بِهِ عَلَى الْمِطْمَارِ عَلَى وَجْهِ دَارِ الْعَجَلَةِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مَوْضِعٍ مُتَزَاوَرٍ عِنْدَ الْبَابِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى دَارِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَدَارِ النَّدْوَةِ , وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مَكَّةَ وَعَلَى شُرْطَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعٍ الْحَجَبِيِّ جَدِّ مُسَافِعِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُتَزَاوَرِ ذَهَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَنْظُرُ فِيمَا ذَكَرُوا ، فَإِذَا هُوَ إِنْ مَضَى بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمِطْمَارِ أَجْحَفَ بِدَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَأَدْخَلَ أَكْثَرَهَا فِي الْمَسْجِدِ ، فَكَلَّمَ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي أَنْ يَمِيلَ عَنْهُ المِطْمَارُ شَيْئًا , فَفَعَلَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي الْمِطْمَارِ يَذْكُرُ وَيَمْدَحُ نَفْسَهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1297 حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، قَالَ : حدثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ : رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ :
لَا الْيُسْرُ يُطْرِبُنَا يَوْمًا فَيُبْطِرُنَا
وَلَا لِأَزْمَةِ دَهْرٍ نُظْهِرُ الْجَزَعَا

إِنْ سَرَّنَا الدَّهْرُ لَمْ نَفْرَحْ بِبَهْجَتِهِ
أَوْ سَاءَنَا الدَّهْرُ لَمْ نُظْهِرْ لَهُ طَمَعَا

مِثْلُ النُّجُومِ عَلَى مِطْمَارِ أَوَّلِهَا
إِذَا تَغَيَّبَ نَجْمٌ آخَرٌ طَلَعَا
ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْخَبَرِ الْأَوَّلِ ، قَالَ : فَلَمَّا صَارَ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُتَزَاوَرِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَّهُ عَلَى دَارِ النَّدْوَةِ ، فَأَدْخَلَ أَكْثَرَهَا فِي الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ فَأَدْخَلَ مِنْهَا إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي عِنْدَهُ آخِرُ عَمَلِ الْفُسَيْفِسَاءِ الْيَوْمَ فِي الطَّاقِ الدَّاخِلِ مِنَ الْأَسَاطِينِ الَّتِي تَلِي دَارَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَدَارِ النَّدْوَةِ , فَكَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ زَاوِيَةَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَتْ فِيهِ مَنَارَةٌ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَرَدَّهُ فِي الْعِرَاضِ حَتَّى وَصَلَهُ بِعَمَلِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ , وَإِنَّمَا كَانَ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ طَاقًا وَاحِدًا , وَهُوَ الطَّاقُ الْأَوَّلُ الدَّاخِلُ اللَّاصِقُ بِدَارِ شَيْبَةَ , وَدَارِ النَّدْوَةِ , وَدَارِ الْعَجَلَةِ , وَدَارِ زُبَيْدَةَ , فَذَلِكَ الطَّاقُ وَهُوَ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ لَمْ يُغَيَّرْ وَلَمْ يُحَرَّكْ عَنْ حَالِهِ إِلَى الْيَوْمِ , وَإِنَّمَا عَمِلَ الْفُسَيْفِسَاءَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَجْهَ الْمَسْجِدِ يَوْمَئِذٍ , وَكَانَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ مِنْ شِقِّ الْوَادِي مِنَ الْأَحْجَارِ النَّادِرَةِ الَّتِي وُضِعَتْ عِنْدَ بَيْتِ الزَّيْتِ مِنْ أَوَّلِ الْأَسَاطِينِ الْمُبَيَّضَةِ عِنْدَ مُنْتَهَى أَسَاطِينِ الرُّخَامِ ، فَكَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مُسْتَقِيمًا عَلَى الْمِطْمَارِ حَتَّى يَلْصَقَ بِبَيْتِ الشَّرَابِ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ , وَكَانَ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِيَّاهُ بِأَسَاطِينِ الرُّخَامِ طَاقًا وَاحِدًا , وَأَزَّرَ الْمَسْجِدَ كَمَا يَدُورُ مِنْ بَطْنِهِ بِالرُّخَامِ ، وَجَعَلَ فِي وَجْهِ الْأَسَاطِينِ الْفُسَيْفِسَاءَ , فَكَانَ هَذَا عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ عَلَى مَا وَصَفْنَا , وَكَتَبَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَمُرُّ مِنْهُ سَيْلُ الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ بَابُ بَنِي جُمَحٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ إِبْرَاهِيمَ , وَهُوَ آخِرُ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ فِي فُسَيْفِسَاءَ مُذَهَّبٍ , وَهُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ , { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهَدًى لِلْعَالَمِينَ , فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } , أَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِمَارَتِهِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ ؛ نَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَاهْتِمَامًا بِأُمُورِهِمْ , وَكَانَ الَّذِي زَادَ فِيهِ الضِّعْفِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ ، فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ وَتَوْسِعَتِهِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ , وَفَرَغَ مِنْهُ وَرُفِعَتِ الْأَيْدِي عَنْهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ تَيْسِيرًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَمَعُونَةٌ مِنْهُ لَهُ عَلَيْهِ ، وَكِفَايَةٌ مِنْهُ لَهُ ، وَكَرَامَةٌ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا ، فَأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا سَوَّى مِنْ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَأَحْسَنَ ثَوَابَهُ عَلَيْهِ , وَجَمَعَ لَهُ بِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , وَأَعَزَّ اللَّهُ نَصْرَهُ وَأَيَّدَهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذِكْرُ عِمَارَةِ الْمَهْدِيِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَزِيَادَتِهِ الْأُولَى وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ : إِنَّ الْمَهْدِيَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَأَمَرَ أَنْ يُزَادَ فِي أَعْلَاهُ ، وَيُشْتَرَى مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ الدُّورِ ، وَخَلَّفَ الْأَمْوَالَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْأَوْقَصِ الْمَخْزُومِيِّ , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي أَهْلِ مَكَّةَ , فَاشْتَرَى الْأَوْقَصُ تِلْكَ الدُّورَ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا صَدَقَةً عَزَلَ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِ دُورِهِمْ مَسَاكِنَ فِي فِجَاجِ مَكَّةَ عِوَضًا مِنْ صَدَقَاتِهِمْ ، تَكُونُ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شُرُوطِ صَدَقَاتِهِمْ , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ اشْتَرَى كُلَّ ذِرَاعٍ مُكَسَّرًا مِمَّا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا , وَمَا دَخَلَ فِي الْوَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا , فَيَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ مِمَّا دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْهَدْمِ دَارٌ كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ غَسَّانَ ، كَانَتْ لَاصِقَةً بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ تِلْكَ الدَّارِ دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ زَادَ فِيهِ مِمَّا يَلِي شَرْقِيِّ الْمَسْجِدِ ، وَدَخَلَتْ فِيهِ أَيْضًا دَارُ خَيْرَةَ بِنْتِ سِبَاعٍ ، بَلَغَ ثَمَنُهَا ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ دُفِعَتْ إِلَيْهَا ، وَكَانَتْ شَارِعَةً عَلَى الْمَسْعَى يَوْمَئِذٍ قَبْلَ أَنْ يُؤَخَّرَ الْمَسْعَى , وَدَخَلَتْ فِيهِ أَيْضًا دَارٌ لِآلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , وَبَعْضُ دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَاشْتَرَى جَمِيعَ مَا كَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْعَى مِنَ الدُّورِ فَهَدَمَهَا ، وَوَضَعَ الْمَسْجِدَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ شَارِعًا عَلَى الْمَسْعَى ، وَجَعَلَ مَوْضِعَ دَارِ الْقَوَارِيرِ رَحْبَةً , فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتَقْطَعَهَا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بُرْمَكٍ فِيمَا يَزْعُمُونَ فِي خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ , فَبَنَى بِهَا , ثُمَّ قَبَضَهَا حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَبَنَى بَطْنَهَا بِالْقَوَارِيرِ , فَسُمِّيَتْ دَارَ الْقَوَارِيرِ , وَبَنَى ظَهْرَهَا بِالرُّخَامِ وَالْفُسَيْفِسَاءِ , قَالَ : فَكَانَ الَّذِي زَادَ الْمَهْدِيُّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْأُولَى أَنْ مَضَى بِجَدْرِهِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ إِذْ كَانَ لَاصِقًا بِبَيْتِ الشَّرَابِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى جَدْرِ بَابِ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ بَنِي هَاشِمٍ , الَّذِي عَلَيْهِ الْعَلَمُ الْأَخْضَرُ الَّذِي يَسْعَى مِنْهُ مَنْ أَقْبَلَ مِنَ الْمَرْوَةِ يُرِيدُ الصَّفَا ، وَمَوْضِعُهُ ذَلِكَ بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ ، فَكَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ فِي زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَتْ فِيهِ مَنَارَةٌ شَارِعَةٌ عَلَى الْوَادِي وَالْمَسْعَى ، وَكَانَ الْوَادِي لَاصِقًا بِهَا يَمُرُّ فِي بَطْنِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَهْدِيُّ الْمَسْجِدَ إِلَى مُنْتَهَاهُ الْيَوْمَ مِنْ شِقِّ الصَّفَا وَالْوَادِي , ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى مِطْمَارِهِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تَلِي الْحَذَّائِينَ وَبَابَ بَنِي شَيْبَةَ الْكَبِيرَ إِلَى مَوْضِعِ الْمَنَارَةِ الْيَوْمَ , ثُمَّ رَدَّ جَدْرَ الْمَسْجِدِ مُنْحَدِرًا حَتَّى لَقِيَ بِهِ جَدْرَ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ الَّذِي مِنْ بِنَاءِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ شَيْبَةَ مِنْ وَرَاءَ الْبَابِ ، مُنْحَدِرًا عَنِ الْبَابِ بِإِسْطَوَانَتَيْنِ مِنَ الطَّاقِ اللَّاصِقِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ مُنْتَهَى عَمَلِ الْفُسَيْفِسَاءِ مِنْ ذَلِكَ الطَّاقِ الدَّاخِلِ , وَذَلِكَ الْفُسَيْفِسَاءُ وَحْدَهُ , وَجَدْرُ الْمَسْجِدِ مُنْحَدِرًا إِلَى أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَكَانَ هَذَا مَا زَادَ الْمَهْدِيُّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى , وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ إِنَّمَا عَمِلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الظِّلَالِ طَاقًا وَاحِدًا ، وَهُوَ الطَّاقُ الْأَوَّلُ اللَّاصِقُ بِجَدْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِأَسَاطِينِ الرُّخَامِ , فَنُقِلَتْ فِي السُّفُنِ مِنَ الشَّامِ حَتَّى أُنْزِلَتْ بِجُدَّةَ , ثُمَّ جُرَّتْ عَلَى الْعَجَلِ مِنْ جُدَّةَ إِلَى مَكَّةَ , ثُمَّ هَنْدَمَ الْمَهْدِيُّ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ , جَعَلَ بَيْنَ يَدَيِ الطَّاقِ الَّذِي كَانَ بَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مِمَّا يَلِي دَارَ النَّدْوَةِ وَدَارَ الْعَجَلَةِ وَأَسْفَلِ الْمَسْجِدِ إِلَى مَوْضِعِ بَيْتِ الزَّيْتِ عِنْدَ بَابِ بَنِي جُمَحٍ صَفَّيْنَ ، حَتَّى صَارَتْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ , وَهِيَ الطِّيقَانُ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ لَمْ تُغَيَّرْ ، قَالَ : وَلَمَّا وَضَعَ الْأَسَاطِينَ حَفَرَ لَهَا أَرْبَاضًا عَلَى كُلِّ صَفٍّ مِنَ الْأَسَاطِينِ جَدْرًا مُسْتَقِيمًا ، ثُمَّ رَدَّ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ جُدُرَاتٍ أَيْضًا بِالْعَرْضِ حَتَّى صَارَتْ كَالْمُصَلَّبَةِ عَلَى مَا أَصِفُ فِي كِتَابِي هَذَا , حَتَّى إِذَا اسْتَوَى الْبِنَاءُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَضَعَ فَوْقَهَا الْأَسَاطِينَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ قَالَ : وَلَمْ يَكُنِ الْمَهْدِيُّ حَرَّكَ فِي الْهَدْمِ الْأَوَّلِ مِنْ شِقِّ الْوَادِي وَالصَّفَا شَيْئًا ، أَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ طَاقًا وَاحِدًا ؛ وَذَلِكَ لِضِيقِ الْمَسْجِدِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ , وَإِنَّمَا كَانَ بَيْنَ جَدْرِ الْكَعْبَةِ الْيَمَانِيِّ وَبَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ وَالصَّفَا تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَنِصْفُ ذِرَاعٍ قَالَ : فَكَانَتْ هَذِهِ زِيَادَةُ الْمَهْدِيِّ الْأُولَى فِي عِمَارَتِهِ إِيَّاهُ وَالَّذِي فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْأَبْوَابِ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ : بَابُ بَنِي جُمَحٍ ، وَهُوَ طَاقَانِ ، وَمِنْ تَحْتِهِ يَخْرُجُ سَيْلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كُلُّهُ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ بَلَاطٌ مِنْ حِجَارَةٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ سَيْلُ الْمَسْجِدِ , وَفِي دَارِ زُبَيْدَةَ بَابَانِ كَانَا يُخْرِجَانِ إِلَى زُقَاقٍ كَانَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالدَّارِ الَّتِي صَارَتْ لِزُبَيْدَةَ ، وَكَانَ ذَلِكَ الزُّقَاقُ طَرِيقًا مَسْلُوكًا مَا سُدَّ إِلَّا حَدِيثًا , وَالْبَابَانِ مُبَوَّبَانِ ، وَمِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ إِلَى بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ , وَبَابُ دَارِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , وَبَابَانِ فِي دَارِ الْعَجَلَةِ طَاقٌ طَاقٌ , كَانَا يُخْرِجَانِ إِلَى زُقَاقٍ كَانَ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَبَيْنَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ , كَانَ طَرِيقًا مَسْلُوكًا فِيمَا ذَكَرَ الْمَكِّيُّونَ يَمُرُّ فِيهِ سَيْلُ السُّوَيْقَةِ ، وَسَيْلُ مَا أَقْبَلَ مِنْ جَبَلِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الطَّرِيقُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سَدَّهَا يَقْطِينُ بْنُ مُوسَى حِينَ بَنَى دَارَ الْعَجَلَةِ لِلْمَهْدِيِّ , قَدَّمَ الدَّارَ إِلَى جَدْرِ الْمَسْجِدِ ، وَأَبْطَلَ الطَّرِيقَ ، وَجَعَلَ تَحْتَ الدَّارِ سَرْبًا مُسَقَّفًا يَمُرُّ تَحْتَهُ السَّيْلُ ، وَذَلِكَ السَّرْبُ عَلَى حَالِهِ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ , وَعَلَى بَابِ هَذَا السَّرَبِ سِقَاءٌ يَكُونُ فِيهِ , يَسْقِي الْمَاءَ , وُسُدَّ أَحَدُ بَابَيِ الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ الزُّقَاقِ ، وَهُوَ الْبَابُ الْأَسْفَلُ مِنْهُمَا ، مَوْضِعُهُ فِي جَدْرِ الْمَسْجِدِ , وَجُعِلَ الْبَابُ الْآخَرُ بَابًا لِدَارِ الْعَجَلَةِ ، فَضَيَّقَهُ وَبَوَّبَهُ ، فَهُوَ بَابُ دَارِ الْعَجَلَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا , وَمِمَّا جَعَلَ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْضًا الْبَابُ الَّذِي يَسْلُكُ مِنْهُ إِلَى دَارِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي أَهَابٍ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَبَيْنَ دَارِ النَّدْوَةِ , وَبَابُ دَارِ النَّدْوَةِ فَهَذِهِ الْأَبْوَابُ السَّبْعَةُ مِنْ جَعْلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَأَمَّا الْأَبْوَابُ الَّتِي مِنْ زِيَادَةِ الْمَهْدِيِّ فَمِنْهَا الْبَابُ الَّذِي فِي دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ , وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ , وَمِنْهَا الْبَابُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الْخُلَفَاءُ ، كَانَ يُقَالُ لَهُ بَابُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ , وَيُعْرَفُ الْيَوْمَ بِبَنِي شَيْبَةَ الْكَبِيرِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ طِيقَانٍ , وَفِيهَا اسْطُوَانَتَانِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ بَلَاطٌ مَفْرُوشٌ مِنْ حِجَارَةٍ , وَفِي عَتَبَةِ الْبَابِ حِجَارَةٌ طِوَالٌ مَفْرُوشَةٌ بِهَا الْعَتَبَةُ ، يَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ , وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا هِيَ حِجَارَةٌ كَانَتْ فَضَلَتْ مِمَّا قَلَعَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ لِبِرْكَتِهِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْبَرْدَى بِفَمِ الثَّقْبَةِ وَأَصْلِ ثَبِيرِ غَيْنَاءَ , كَانَتْ حَوْلَ الْبِرْكَةِ مَطْرُحَةً حَتَّى نُقِلَتْ حِينَ بَنَى الْمَهْدِيُّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، فَوُضِعَتْ حَيْثُ هِيَ السَّاعَةَ , وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ حَتَّى أَمَرَ بِجَمِيعِ الْأَصْنَامِ فَكُسِّرَتْ ، وَمَحَى كُلَّ صُورَةٍ ، وَلَمْ يُبْقِ أَثَرًا مِنْ آثَارِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا مُحِيَ وَطُلِسَ , وَمِنْهَا الْبَابُ الَّذِي فِي دَارِ الْقَوَارِيرِ ، كَانَ شَارِعًا عَلَى رَحْبَةٍ فِي مَوْضِعِ الدَّارِ , وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ , وَمِنْهَا بَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يُقَابِلُ زُقَاقَ الْعَطَّارِينَ ، وَهُوَ الزُّقَاقُ الَّذِي يُسْلَكُ مِنْهُ إِلَى بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي كَانَ تَسْكُنُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَهُوَ بَيْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ , وَمِنْهَا بَابُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي عِنْدَهُ الْعَلَمُ الْأَخْضَرُ الَّذِي يَسْعَى مِنْهُ مَنْ أَقْبَلَ مِنَ الْمَرْوَةِ يُرِيدُ الصَّفَا , وَهُوَ ثَلَاثَةُ طِيقَانٍ , وَفِيهِ أُسْطُوَانَتَانِ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَبْوَابِ الَّتِي عَمِلَهَا الْمَهْدِيُّ فِي زِيَادَتِهِ الْأُولَى فَلَمَّا أَنْ بَنَى الْمَهْدِيُّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ زَادَ فِيهِ زِيَادَتَهُ هَذِهِ الْأُولَى اتَّسَعَ مِنْ أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَأَسْفَلِهِ وَشِقِّهِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّدْوَةِ الشَّامِيِّ , وَضَاقَ شِقُّهُ الْيَمَانِيُّ الَّذِي يَلِي الصَّفَا وَالْوَادِيَ , فَكَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي شِقِّ الْمَسْجِدِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْوَادِيَ كَانَ دَاخِلًا لَاصِقًا بِالْمَسْجِدِ فِي بَطْنِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ , وَكَانَتِ الدُّورُ وَبُيُوتُ النَّاسِ مِنْ وَرَائِهِ فِي مَوْضِعِ الْوَادِي الْيَوْمَ ، إِنَّمَا كَانَ مَوْضِعُهُ دُورًا لِلنَّاسِ وَرِبَاعًا ، وَإِنَّمَا كَانَ يُسْلَكُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الصَّفَا فِي بَطْنِ الْوَادِي , ثُمَّ يُسْلَكُ فِي زُقَاقٍ ضَيِّقٍ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الصَّفَا مِنِ الْتِفَافِ الْبُيُوتِ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالصَّفَا , وَكَانَ الْمَسْعَى فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَكَانَ الْوَادِي يَمُرُّ دُونَهَا فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ , وَكَانَ عَلَى مَكَّةَ عَامَ عُمِّرَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، فَتَوَلَّى بَعْضَ عِمَارَتِهِ هَذِهِ الْأُولَى

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،