مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

159 حَدَّثَني أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنِي جَدِّي ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ الْقَارِيُّ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا خَالِ ، حَدَّثَنِي عَنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ ، قَبْلَ أَنْ بَنَتْهَا ، قُرَيْشٌ . قَالَ : كَانَتْ بِرَضْمٍ يَابِسٍ لَيْسَ بِمَدَرٍ تَنْزُوهُ الْعَنَاقُ ، وَتُوضَعُ الْكِسْوَةُ عَلَى الْجَدْرِ ثُمَّ تُدَلَّى ، ثُمَّ إِنَّ سَفِينَةً لِلرُّومِ أَقْبَلَتْ ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالشُّعَيْبَةِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَاحِلُ مَكَّةَ قَبْلَ جُدَّةَ ، فَانْكَسَرَتْ فَسَمِعَتْ بِهَا قُرَيْشٌ ، فَرَكِبُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوا خَشَبَهَا وَرُومِيًّا كَانَ فِيهَا يُقَالُ لَهُ بَاقُومُ نَجَّارًا بَنَّاءً ، فَلَمَّا قَدِمُوا بِهِ مَكَّةَ قَالُوا : لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا . فَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ وَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ مِنَ الضَّوَاحِي ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُهَا مَعَهُمْ إِذِ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ ، فَنُودِيَ : يَا مُحَمَّدُ ، عَوْرَتَكَ فَذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، فَمَا رُؤِيَتْ لَهُ عَوْرَةٌ بَعْدَهَا ، فَلَمَّا جَمَعُوا الْحِجَارَةَ وَهَمُّوا بِنَقْضِهَا ، خَرَجَتْ لَهُمْ حَيَّةٌ سَوْدَاءُ الظَّهْرِ ، بَيْضَاءُ الْبَطْنِ ، لَهَا رَأْسٌ مِثْلُ رَأْسِ الْجَدْيِ ، تَمْنَعُهُمْ كُلَّمَا أَرَادُوا هَدْمَهَا ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اعْتَزَلُوا عِنْدَ الْمَقَامِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَكَانِهِ الْيَوْمَ ، ثُمَّ قَالُوا : رَبَّنَا ، أَرَدْنَا عِمَارَةَ بَيْتِكَ . فَرَأَوْا طَائِرًا أَسْوَدُ ظَهْرُهُ ، أَبْيَضُ بَطْنُهُ ، أَصْفَرَ الرِّجْلَيْنِ ، أَخَذَهَا فَجَرَّهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا أَجْيَادًا ، ثُمَّ هَدَمُوهَا وَبَنَوْهَا عِشْرِينَ ذِرَاعًا طُولَهَا . قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ : فَاسْتَقْصَرَتْ قُرَيْشٌ لِقِصَرِ الْخَشَبِ ، فَتَرَكُوا مِنْهَا فِي الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

160 قَالَ : حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَلَسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحِجْرِ ، وَأَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ قَدِيمٍ ، فَسَأَلَهُ عَنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : إِنَّ قُرَيْشًا تَقَوَّتْ فِي بِنَائِهَا فَعَجَزُوا وَاسْتَقْصَرُوا ، فَبَنَوْا وَتَرَكُوا بَعْضَهَا فِي الْحِجْرِ . فَقَالَ عُمَرُ : صَدَقْتَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

161 قَالَ : حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُلُمَ ، أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ جَمْرَتِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ فَاحْتَرَقَتْ ، فَوَهَا الْبَيْتُ لِلْحَرِيقِ الَّذِي أَصَابَهُ ، فَتَشَاغَلَتْ قُرَيْشٌ فِي هَدْمِ الْكَعْبَةِ ، فَهَابُوا هَدْمَهَا ، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : أَتُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الْإِصْلَاحَ أَمِ الْإِسَاءَةَ ؟ قَالُوا : بَلْ نُرِيدُ الْإِصْلَاحَ . قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ الْمُصْلِحِينَ . قَالُوا : مَنِ الَّذِي يَعْلُوهَا فَيَهْدِمُهَا ؟ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : أَنَا أَعْلُوهَا فَأَهْدِمُهَا . فَارْتَقَى الْوَلِيدُ عَلَى جَدْرِ الْبَيْتِ وَمَعَهُ الْفَأْسُ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ . ثُمَّ هَدَمَ ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ مَا هَدَمَ مِنْهَا ، وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا يَخَافُونَ مِنَ الْعَذَابِ ، هَدَمُوا مَعَهُ ، حَتَّى إِذَا بَنَوْا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ ، اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ أَيُّ الْقَبَائِلِ تَلِي رَفْعَهُ ، حَتَّى كَادَ يُشْتَجَرُ بَيْنَهُمْ ، فَقَالُوا : تَعَالَوْا نُحَكِّمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ . فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ ، فَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ ، عَلَيْهِ وِشَاحَا نَمِرَةٍ ، فَحَكَّمُوهُ ، فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ ، ثُمَّ أَمَرَ سَيِّدَ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَأَعْطَاهُ نَاحِيَةَ الثَّوْبِ ، ثُمَّ ارْتَقَى وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْفَعُوهُ إِلَيْهِ ، فَرَفَعُوهُ إِلَيْهِ ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

162 حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَلَسَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فِيهِمْ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَمَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ ، فَتَذَاكَرُوا بُنْيَانَ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَمَا هَاجَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَكَرُوا كَيْفَ كَانَ بِنَاؤُهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، قَالُوا : كَانَتِ الْكَعْبَةُ مَبْنِيَّةً بِرَضْمٍ يَابِسٍ لَيْسَ بِمَدَرٍ ، وَكَانَ بَابُهَا بِالْأَرْضِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ ، وَإِنَّمَا تُدَلَّى الْكِسْوَةُ عَلَى الْجَدْرِ مِنْ خَارِجٍ وَتُرْبَطُ مِنْ أَعْلَى الْجَدْرِ مِنْ بَطْنِهَا ، وَكَانَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ عَنْ يَمِينِ مَنْ دَخَلَهَا جُبٌّ ، يَكُونُ فِيهِ مَا يُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةِ مِنْ مَالٍ وَحِلْيَةٍ كَهَيْئَةِ الْخِزَانَةِ ، وَكَانَ يَكُونُ عَلَى ذَلِكَ الْجُبِّ حَيَّةٌ تَحْرُسُهُ بَعَثَهَا اللَّهُ مُنْذُ زَمَنِ جُرْهُمٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَدَا عَلَى ذَلِكَ الْجُبِّ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ ، فَسَرَقُوا مَالَهَا وَحِلْيَتَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، فَبَعَثَ اللَّهُ تِلْكَ الْحَيَّةَ ، فَحَرَسَتِ الْكَعْبَةَ وَمَا فِيهَا خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَنَتْ قُرَيْشٌ الْكَعْبَةَ ، وَكَانَ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَيْنِ فِي بَطْنِهَا بِالْجَدْرِ تِلْقَاءَ مَنْ دَخَلَهَا ، يُخْلَقَانِ وَيُطَيَّبَانِ إِذَا طُيِّبَ الْبَيْتُ ، فَكَانَ فِيهَا مَعَالِيقُ مِنْ حِلْيَةٍ كَانَتْ تُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةِ ، فَكَانَتْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا ، ثُمَّ إِنَّ امْرَأَةً ذَهَبَتْ تُجَمِّرُ الْكَعْبَةَ ، فَطَارَتْ مِنْ مَجْمَرَتِهَا شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَتْ كِسْوَتُهَا ، وَكَانَتِ الْكِسْوَةُ عَلَيْهَا رُكَامًا ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، فَلَمَّا احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ تَوَهَّنَتْ جُدْرَانُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَتَصَدَّعَتْ ، وَكَانَتِ الْخِرَفُ الْأَرْبَعَةُ عَلَيْهِمْ مُظَلِّلَةً ، وَالسُّيُولُ مُتَوَاتِرَةً ، وَلِمَكَّةَ سُيُولٌ عَوَارِمُ ، فَجَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَدَخَلَ الْكَعْبَةَ ، وَصَدَعَ جُدْرَانَهَا وَأَخَافَهُمْ ، فَفَزِعَتْ مِنْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ فَزَعًا شَدِيدًا ، وَهَابُوا هَدْمَهَا ، وَخَشُوا إِنْ مَسُّوهَا أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ . قَالَ : فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ يَتَنَاظَرُونَ وَيَتَشَاوَرُونَ ، إِذْ أَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ لِلرُّومِ ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالشُّعَيْبَةِ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَاحِلُ مَكَّةَ قَبْلَ جُدَّةَ انْكَسَرَتْ ، فَسَمِعَتْ بِهَا قُرَيْشٌ ، فَرَكِبُوا إِلَيْهَا فَاشْتَرَوْا خَشَبَهَا ، وَأَذِنُوا لِأَهْلِهَا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ ، فَيَبِيعُونَ مَا مَعَهُمْ مِنْ مَتَاعِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَعْشُرُوهُمْ . قَالَ : وَكَانُوا يَعْشُرُونَ مَنْ دَخَلَهَا مِنْ تُجَّارِ الرُّومِ ، كَمَا كَانَتِ الرُّومُ تَعْشُرُ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ بِلَادَهَا ، فَكَانَ فِي السَّفِينَةِ رُومِيٌّ نَجَّارٌ بَنَّاءٌ يُسَمَّى يَاقُوتَ ، فَلَمَّا قَدِمُوا بِالْخَشَبِ مَكَّةَ قَالُوا : لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا . فَأَجْمَعُوا لِذَلِكَ وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ ، وَتَرَافَدُوا فِي النَّفَقَةِ ، وَرَبَّعُوا قَبَائِلَ قُرَيْشٍ أَرْبَاعًا ، ثُمَّ اقْتَرَعُوا عِنْدَ هُبَلَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ عَلَى جَوَانِبِهَا ، فَطَار قَدَحُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي زُهْرَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فِيهِ الْبَابُ وَهُوَ الشَّرْقِيُّ ، وَقَدَحُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَلَى الشِّقِّ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ وَهُوَ الشِّقُّ الشَّامِيُّ ، وَطَارَ قَدَحُ بَنِي سَهْمٍ وَبَنِي جُمَحَ وَبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ الشِّقُّ الْغَرْبِيُّ ، وَطَارَ قَدَحُ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي مَخْزُومٍ وَقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ ضُمُّوا مَعَهُمْ عَلَى الشِّقِّ الْيَمَانِيِّ الَّذِي يَلِي الصَّفَا وَأَجْيَادًا ، فَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ عَلَى رَقَبَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ يَنْقُلُهَا إِذِ انْكَشَفَتْ نَمِرَةٌ كَانَتْ عَلَيْهِ ، فَنُودِيَ : يَا مُحَمَّدُ ، عَوْرَتَكَ . وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، فَمَا رُؤِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَبَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَزَعِ حِينَ نُودِيَ ، فَأَخَذَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ : لَوْ جَعَلْتَ بَعْضَ نَمِرَتِكَ عَلَى عَاتِقِكَ تَقِيكَ الْحِجَارَةَ . قَالَ : مَا أَصَابَنِي هَذَا إِلَّا مِنَ التَّعَرِّي . فَشَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِزَارَهُ ، وَجَعَلَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ ، وَكَانُوا يَنْقُلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ تَبَرُّرًا وَتَبَرُّكًا بِالْكَعْبَةِ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ لَهُمْ مَا يُرِيدُونَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْخَشَبِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ، غَدَوْا عَلَى هَدْمِهَا ، فَخَرَجَتِ الْحَيَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِي بَطْنِهَا تَحْرُسُهَا سَوْدَاءُ الظَّهْرِ ، بَيْضَاءُ الْبَطْنِ ، رَأْسُهَا مِثْلُ رَأْسِ الْجَدْيِ ، تَمْنَعُهُمْ كُلَّمَا أَرَادُوا هَدْمَهَا ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اعْتَزَلُوا عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ الْيَوْمَ ، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : يَا قَوْمِ ، أَلَسْتُمْ تُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الْإِصْلَاحَ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ الْمُصْلِحِينَ ، وَلَكِنْ لَا تُدْخِلُوا في عِمَارَةَ بَيْتِ رَبِّكُمْ إِلَّا مِنْ طَيِّبِ أَمْوَالِكُمْ ، وَلَا تُدْخِلُوا فِيهِ مَالًا مِنْ رِبًا ، وَلَا مَالًا مِنْ مَيْسِرٍ ، وَلَا مَهْرَ بَغِيٍّ ، وَجَنِّبُوهُ الْخَبِيثَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا . فَفَعَلُوا ، ثُمَّ وَقَفُوا عِنْدَ الْمَقَامِ ، فَقَامُوا يَدْعُونَ رَبَّهُمْ وَيَقُولُونَ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لَكَ فِي هَدْمِهَا رِضًا فَأَتِمَّهُ وَاشْغَلْ عَنَّا هَذَا الثُّعْبَانَ . فَأَقْبَلَ طَائِرٌ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الْعُقَابِ ، ظَهْرُهُ أَسْوَدُ ، وَبَطْنُهُ أَبْيَضُ ، وَرِجْلَاهُ صَفْرَاوَانِ ، وَالْحَيَّةُ عَلَى جَدْرِ الْبَيْتِ فَاغِرَةٌ فَاهَا ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهَا ، ثُمَّ طَارَ بِهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا أَجْيَادًا الصَّغِيرَ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ رَضِيَ عَمَلَكُمْ ، وَقَبِلَ نَفَقَتَكُمْ ، فَاهْدِمُوهُ فَهَابَتْ قُرَيْشٌ هَدْمَهُ وَقَالُوا : مَنْ يَبْدَأُ فَيَهْدِمُهُ ؟ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : أَنَا أَبْدَؤُكُمْ فِي هَدْمِهِ ، أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ، فَإِنْ أَصَابَنِي أَمْرٌ كَانَ قَدْ دَنَا أَجَلِي ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ لَمْ يَرْزَأْنِي فَعَلَا الْبَيْتَ وَفِي يَدِهِ عَتَلَةٌ يَهْدِمُ بِهَا ، فَتَزَعْزَعَ مِنْ تَحْتِ رِجْلِهِ حَجَرٌ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَمْ تُرَعْ ، إِنَّمَا أَرَدْنَا الْإِصْلَاحَ وَجَعَلَ يَهْدِمُهُ حَجَرًا حَجَرًا بِالْعَتَلَةِ ، فَهَدَمَ يَوْمَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ الْعَذَابُ إِذَا أَمْسَى . فَلَمَّا أَمْسَى لَمْ تَرَ بَأْسًا ، فَأَصْبَحَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ غَادِيًا عَلَى عَمَلِهِ ، فَهَدَمَتْ قُرَيْشٌ مَعَهُ ، حَتَّى بَلَغُوا الْأَسَاسَ الْأَوَّلَ الَّذِي رَفَعَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ، فَأَبْصَرُوا حِجَارَةً كَأَنَّهَا الْإِبِلُ ، الخلف لَا يُطِيقُ الْحَجَرَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا ، يُحَرَّكُ الْحَجَرُ مِنْهَا فَتَرْتَجُّ جَوَانِبُهَا ، قَدْ تَشَبَّكَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، فَأَدْخَلَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَتَلَتَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ ، فَانْفَلَقَتْ مِنْهُ فَلْقَةٌ عَظِيمَةٌ ، فَأَخَذَهَا أَبُو وَهْبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ ، فَنَزَتْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى عَادَتْ فِي مَكَانِهَا ، وَطَارَتْ مِنْ تَحْتِهَا بَرْقَةٌ كَادَتْ أَنْ تَخْطَفَ أَبْصَارَهُمْ ، وَرَجَفَتْ مَكَّةُ بِأَسْرِهَا ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ أَمْسَكُوا عَنْ أَنْ يَنْظُرُوا مَا تَحْتَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا جَمَعُوا مَا أَخْرَجُوا مِنَ النَّفَقَةِ قَلَّتِ النَّفَقَةُ عَنْ أَنْ تَبْلُغَ لَهُمْ عِمَارَةَ الْبَيْتِ كُلِّهِ ، فَتَشَاوَرُوا فِي ذَلِكَ ، فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَقْصُرُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ ، وَيَحْجُرُوا مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ ، وَيَتْرُكُوا بَقِيَّتَهُ فِي الْحِجْرِ ، عَلَيْهِ جِدَارٌ مُدَارٍ يَطُوفُ النَّاسُ مِنْ وَرَائِهِ ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَبَنَوْا فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ أَسَاسًا يَبْنُونَ عَلَيْهِ مِنْ شِقِّ الْحِجْرِ ، وَتَرَكُوا مِنْ وَرَائِهِ مِنْ فِنَاءِ الْبَيْتِ فِي الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا ، فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ ، فَلَمَّا وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي بِنَائِهَا قَالُوا : ارْفَعُوا بَابَهَا مِنَ الْأَرْضِ وَاكْبِسُوهَا ؛ حَتَّى لَا تَدْخُلَهَا السُّيُولُ ، وَلَا تُرْقَى إِلَّا بِسُلَّمٍ ، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَدْتُمْ ، إِنْ كَرِهْتُمْ أَحَدًا دَفَعْتُمُوهُ . فَفَعَلُوا ذَلِكَ ، وَبَنَوْهَا بِسَافٍ مِنْ حِجَارَةٍ ، وَسَافٍ مِنْ خَشَبٍ بَيْنَ الْحِجَارَةِ ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الرُّكْنِ ، فَاخْتَلَفُوا فِي وَضْعِهِ ، وَكَثُرَ الْكَلَامُ فِيهِ ، وَتَنَافَسُوا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَزُهْرَةَ : هُوَ فِي الشِّقِّ الَّذِي وَقَعَ لَنَا . وَقَالَتْ تَيْمٌ وَمَخْزُومٌ : هُوَ فِي الشِّقِّ الَّذِي وَقَعَ لَنَا . وَقَالَتْ سَائِرُ الْقَبَائِلِ : لَمْ يَكُنِ الرُّكْنُ مِمَّا اسْتَهَمْنَا عَلَيْهِ . فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ : يَا قَوْمِ ، إِنَّمَا أَرَدْنَا الْبِرَّ ، وَلَمْ نُرِدِ الشَّرَّ ، فَلَا تَحَاسَدُوا ، وَلَا تَنَافَسُوا ، فَإِنَّكُمْ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ تَشَتَّتَتْ أُمُورُكُمْ ، وَطَمِعَ فِيكُمْ غَيْرُكُمْ ، وَلَكِنْ حَكِّمُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ . قَالُوا : رَضِينَا وَسَلَّمْنَا . فَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : هَذَا الْأَمِينُ ، قَدْ رَضِينَا بِهِ . فَحَكَّمُوهُ ، فَبَسَطَ رِدَاءَهُ ، ثُمَّ وَضَعَ فِيهِ الرُّكْنَ ، فَدَعَا مِنْ كُلِّ رُبْعٍ رَجُلًا ، فَأَخَذُوا بِأَطْرَافِ الثَّوْبِ ، فَكَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي أَبُو زَمْعَةَ بْنُ الْأَسْوَدِ ، وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ ، وَفِي الرُّبُعِ الثَّالِثِ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ ، وَفِي الرُّبُعِ الرَّابِعِ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، فَرَفَعَ الْقَوْمُ الرُّكْنَ ، وَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجَدْرِ ، ثُمَّ وَضَعَهُ بِيَدِهِ ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ لِيُنَاوِلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَرًا لِيَشُدَّ بِهِ الرُّكْنَ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : لَا . فَنَاوَلَ الْعَبَّاسُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَرًا ، فَشَدَّ بِهِ الرُّكْنَ ، فَغَضِبَ النَّجْدِيُّ حَيْثُ نُحِّيَ ، فَقَالَ النَّجْدِيُّ : وَاعَجَبَاهُ لِقَوْمٍ أَهْلِ شَرَفٍ وَعُقُولٍ وَسِنٍّ وَأَمْوَالٍ ، عَمَدُوا إِلَى أَصْغَرِهِمْ سِنًّا ، وَأَقَلِّهِمْ مَالًا ، فَرَأَسُوهُ عَلَيْهِمْ فِي مَكْرَمَتِهِمْ وَحَوْزِهِمْ ، كَأَنَّهُمْ خَدَمٌ لَهُ ، أَمَا وَاللَّهِ لَيَفُوتَنَّهُمْ سَبْقًا ، وَلَيَقْسِمَنَّ عَلَيْهِمْ حُظُوظًا وَجُدُودًا . وَيُقَالُ : إِنَّهُ إِبْلِيسُ . فَبَنَوْا حَتَّى رَفَعُوا أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا ، ثُمَّ كَبَسُوهَا ، وَوَضَعُوا بَابَهَا مُرْتَفِعًا عَلَى هَذَا الذَّرْعِ ، وَرَفَعُوهَا بِمِدْمَاكِ خَشَبٍ وَمِدْمَاكِ حِجَارَةٍ حَتَّى بَلَغُوا السَّقْفَ ، فَقَالَ لَهُمْ بَاقُومُ الرُّومِيُّ : أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْعَلُوا سَقْفَهَا مُكَبَّسًا أَوْ مُسَطَّحًا ؟ فَقَالُوا : بَلِ ابْنِ بَيْتَ رَبِّنَا مُسَطَّحًا . قَالَ : فَبَنَوْهُ مُسَطَّحًا ، وَجَعَلُوا فِيهِ سِتَّ دَعَائِمَ فِي صَفَّيْنِ ، فِي كُلِّ صَفٍّ ثَلَاثُ دَعَائِمَ مِنَ الشِّقِّ الشَّامِيِّ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ إِلَى الشِّقِّ الْيَمَانِيِّ ، وَجَعَلُوا ارْتِفَاعَهَا مِنْ خَارِجِهَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَى أَعْلَاهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا ، وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ ، فَزَادَتْ قُرَيْشٌ فِي ارْتِفَاعِهَا فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ أُخَرَ ، وَبَنَوْهَا مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا بِمِدْمَاكٍ مِنْ حِجَارَةٍ وَمِدْمَاكٍ مِنْ خَشَبٍ ، وَكَانَ الْخَشَبُ خَمْسَةَ عَشَرَ مِدْمَاكًا ، وَالْحِجَارَةُ سِتَّةَ عَشَرَ مِدْمَاكًا ، وَجَعَلُوا مِيزَابَهَا يَسْكُبُ فِي الْحِجْرِ ، وَجَعَلُوا دَرَجَةً مِنْ خَشَبٍ فِي بَطْنِهَا فِي الرُّكْنِ الشَّامِيِّ ، يُصْعَدُ مِنْهَا إِلَى ظَهْرِهَا ، وَزَوَّقُوا سَقْفَهَا وَجُدْرَانَهَا مِنْ بَطْنِهَا وَدَعَائِمِهَا ، وَجَعَلُوا فِي دَعَائِمِهَا صُوَرَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَصُوَرَ الشَّجَرِ ، وَصُوَرَ الْمَلَائِكَةِ ، فَكَانَ فِيهَا صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ شَيْخٍ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ ، وَصُورَةُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ ، وَصُورَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، فَجَاءَ بِمَاءِ زَمْزَمَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ ، وَأَمَرَ بِطَمْسِ تِلْكَ الصُّوَرِ ، فَطُمِسَتْ . قَالَ : وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَقَالَ : امْحُوا جَمِيعَ الصُّوَرِ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدَيَّ فَرَفَعَ يَدَيْهِ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ ، وَنَظَرَ إِلَى صُورَةِ إِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ، جَعَلُوهُ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ ، مَا لِإِبْرَاهِيمَ وَلِلْأَزْلَامِ وَجَعَلُوا لَهَا بَابًا وَاحِدًا ، فَكَانَ يُغْلَقُ وَيُفْتَحُ ، وَكَانُوا قَدْ أَخْرَجُوا مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنْ حِلْيَةٍ وَمَالٍ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ ، وَجَعَلُوهُ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَأَخْرَجُوا هُبَلَ ، وَكَانَ عَلَى الْجُبِّ الَّذِي فِيهِ نَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ هُنَالِكَ ، وَنَصَبَ عِنْدَ الْمَقَامِ ، حَتَّى فَرَغُوا مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ ، فَرَدُّوا ذَلِكَ الْمَالَ فِي الْجُبِّ ، وَعَلَّقُوا فِيهِ الْحِلْيَةَ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ ، وَرَدُّوا الْجُبَّ فِي مَكَانِهِ فِيمَا يَلِي الشِّقَّ الشَّامِيَّ ، وَنَصَبُوا هُبَلَ عَلَى الْجُبِّ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَجَعَلُوا لَهُ سُلَّمًا يُصْعَدُ عَلَيْهِ إِلَى بَطْنِهَا ، وَكَسَوْهَا حِينَ فَرَغُوا مِنْ بِنَائِهَا حِبَرَاتٍ يَمَانِيَةً

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

163 حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، قَالَ : كَانَتْ فِي الْكَعْبَةِ حَلَقٌ أَمْثَالُ لُجُمِ الْبَهْمِ ، يُدْخِلُ الْخَائِفُ فِيهَا يَدَهُ فَلَا يُرِيبُهُ أَحَدٌ ، فَجَاءَ خَائِفٌ لِيُدْخِلَ يَدَهُ ، فَاجْتَبَذَهُ رَجُلٌ فَشُلَّتْ يَدُهُ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنَّهُ لَأَشَلُّ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

164 وَحَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَأَنَا أَسْمَعُ : أَدْرَكْتَ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالَ مَرْيَمَ وَعِيسَى ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَدْرَكْتُ فِيهَا تِمْثَالَ مَرْيَمَ مُزَوَّقًا ، فِي حِجْرِهَا عِيسَى ابْنُهَا قَاعِدًا مُزَوَّقًا . قَالَ : وَكَانَتْ فِي الْبَيْتِ أَعْمِدَةُ سِتِّ سَوَارٍ ، وَصْفُهَا كَمَا نَقَطْتُ فِي هَذَا التَّرْبِيعِ قَالَ : وَكَانَ تِمْثَالُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَمَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي الْعَمُودِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ : مَتَى هَلَكَ ؟ قَالَ : فِي الْحَرِيقِ فِي عَصْرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ . وَقُلْتُ : أَعْلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي ، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : أَفَرَأَيْتَ تَمَاثِيلَ صُوَرٍ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ ، مَنْ طَمَسَهَا ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي ، غَيْرَ أَنِّي أَدْرَكْتُ مِنْ تِلْكِ الصُّوَرِ اثْنَتَيْنِ دَرْسَهُمَا ، وَأَرَاهُمَا وَالطَّمْسُ عَلَيْهِمَا . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : ثُمَّ عَاوَدْتُ عَطَاءً بَعْدَ حِينٍ ، فَخَطَّ لِي سِتَّ سَوَارٍ كَمَا خَطَطْتُ ، ثُمَّ قَالَ : تِمْثَالُ عِيسَى وَأُمِّهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي الْوُسْطَى مِنَ اللَّاتِي تَلِينَ الْبَابَ الَّذِي يَلِينَا إِذَا دَخَلْنَا . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : الَّذِي خَطَّ هَذَا التَّرْبِيعَ وَنَقَطَ هَذَا النَّقْطَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

165 حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : أَدْرَكْتُ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تُهْدَمَ تِمْثَالَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

166 وَحَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي بَعْضُ الْحَجَبَةِ ، عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَا شَيْبَةُ ، امْحُ كُلَّ صُورَةٍ فِيهِ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي . قَالَ : فَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

167 حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ ، يَقُولُ : إِنَّمَا يُكْرَهُ مَا فِيهِ الرُّوحُ . قَالَ عَمْرٌو : أَنْ يُصْنَعَ التِّمْثَالُ عَلَى مَا فِيهِ الرُّوحُ ، فَأَمَّا الشَّجَرُ وَمَا لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ فَلَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،