ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمُسَافِرِ الْمُقِيمَ
ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمُسَافِرِ الْمُقِيمَ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ فَصَلَّى بِهَا أَيَّامًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ . وَأَجْمَعُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُقِيمِ إِذَا ائْتَمَّ بِالْمُسَافِرِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ |
2254 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، قال حدثنا حَمَّادٌ ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ : أَنَّ فَتًى ، سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ ، رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ؟ ، فَقَالَ : مَا سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَرًا إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَأَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ مِنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ، قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَصْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثَابِتٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ، لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ يَتَكَلَّمُ فِي حَدِيثِهِ ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ، إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ |
2255 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ ، قال حدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، قَالَ : صَلَّى عُمَرُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ، إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَافِرٍ أَمَّ قَوْمًا مُقِيمِينَ ، وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يَجْزِيهِمْ ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، قَالَ : وَقَدْ قَصَرَ هُوَ صَلَاتَهُ . وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ : إِذَا صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ أَرْبَعًا فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ جَائِزَةٌ ، وَصَلَاةَ الْمُقِيمِينَ فَاسِدَةٌ ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ عِنْدَهُمْ تَطَوُّعٌ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ، وَمَنْ مَذْهَبُهُمْ أَنَّ مَنَ صَلَّى فَرْضًا خَلْفَ إِمَامٍ يَتَطَوَّعُ بِالصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ : وَهُوَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ كُلَّهُمْ تَامَّةٌ ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ ، وَإِسْحَاقَ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي مُسَافِرٍ يَسْهُوَ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا : يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ |
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَاجَةٍ ذَكَرَهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُسَافَرُ فَيَقْصُرُ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ يَذْكُرُ حَاجَةً فَيَرْجِعُ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُتِمُّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ سَفَرًا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ ، هَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ ، وَقَالَ مَالِكٌ : يُتِمُّ الصَّلَاةَ إِذَا رَجَعَ حَتَّى يَخْرُجَ فَاصِلًا الثَّانِيَةَ مِنْ بَيْتِهِ وَيُجَاوِزُ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِي مُسَافِرٍ ثَابِتٍ لَهُ حَاجَةٌ فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَحَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فِي طَرِيقَهِ ، أَوْ طَرِيقِ أَهْلِهِ ذَاهِبًا أَوْ جَائِيًا قَصَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى فِي رُجُوعِهِ الْمُقَامَ فِي أَهْلِهِ أَرْبَعًا ، وَلَوْ أَتَمَّ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَقَالَ أَحْمَدُ : فِي رَجُلٍ خَرَجَ مُسَافِرًا فَبَدَا لَهُ فِي حَاجَةٍ إِلَى بَيْتِهِ لِيَأْخُذَهَا ، فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ ، قَالَ : هُوَ مُسَافِرٌ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ أَهْلٌ ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : إِذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلٍ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ ، قَالَ الرَّاوِي عَنْهُ ذَلِكَ : رَاوَدْتُهُ فَقَالَ : هُوَ مُسَافِرٌ يَقْصُرُ ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ : إِذَا كَانَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ قَدْرَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَقْصُرْ ، وَإِنْ أَجْمَعَ مِنْ قَرِيبٍ أَتَمَّ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَوْضِعِهِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ تَارِكًا لِسَفَرِهِ وَقَدْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ ، فَإِنَّ طَائِفَةً قَالَتْ : تَمَّتْ صَلَاتُهُ الَّتِي صَلَّى وَيُتِمُّ فِي الصَّلَاةِ مَرْجِعَهُ إِذَا كَانَ فِيمَا لَا يُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ ، وَإِلَّا فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ . وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ : إِذَا سَافَرَ فَسَارَ عَشْرَةَ أَمْيَالٍ فَصَلَّى فِي ذَلِكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ يُتِمُّ تِلْكَ الصَّلَاتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَوْلُهُ هَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ شَيْءٍ مِمَّا صَلَّى ، لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوجَبَ عَلَيْهِ إِذًا فَرْضٌ مَرَّتَيْنِ ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتَهَا |
ذِكْرُ الْمُكَارِي وَالْمَلَّاحِ وَصَاحِبِ السَّفِينَةِ يَقْصُرُ مِنَ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَلَّاحِ ، وَالْمُكَارِي ، وَصَاحِبِ السَّفِينَةِ يَحْضُرُهُمُ الصَّلَاةُ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ إِذَا سَافَرُوا ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ بْنِ الْحَسَنِ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : فِي النَّوَاتِيَةِ كَذَلِكَ ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ ، وَذَكَرَ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يُتِمُّ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ : قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، قَالَ فِي الْمَلَّاحِ : إِذَا كَانَتِ السَّفِينَةُ بَيْتُهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَيَصُومُ ، وَقَالَ فِي الْمُكَارِي : الَّذِي دَهْرُهُ فِي السَّفَرِ يَقْصُرُ . وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ السَّفَرَ فَيَبْرُزُ عَنِ الْقَرْيَةِ الْمِيلَ وَالْمِيلَيْنِ فَيُقِيمُ بِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ، قَالَ مَالِكٌ : لَا أَرَى أَنْ يَقْصُرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَدِّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ . وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ : إِذَا بَرَزَ عَنِ الْبُيُوتِ قَصَرَ إِنْ شَاءَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فِي مَقَامِهِ |
ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ ، أَوْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا عَلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْحَضَرِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، إِلَّا شَيْءٍ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ . وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ فِي الْحَضَرِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُصَلِّي صَلَاةَ سَفَرٍ كَمَا كَانَتْ فُرِضَتْ عَلَيْهِ ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا صَارَ بِمِصْرَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا ، هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ آخِرُ قَوْلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقَ ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا : وَهِيَ خِلَافُ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْهُ ، فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي حَضَرٍ ، وَقَوْلُهُ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ قَوْلٌ شَاذُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ ، ذَكَرَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنِ الْأَشْعَثِ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ فِي رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةَ الْحَضَرِ حَتَّى ذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ ، قَالَ : يُصَلِّيهَا صَلَاةَ السَّفَرِ ، وَإِذَا نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّى صَلَاةَ الْحَضَرِ |