بَابُ الصَّدَقَاتِ الْمَوْقُوفَاتِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ الصَّدَقَاتِ الْمَوْقُوفَاتِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3876 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حدثنا أَبُو عَاصِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيُّ قَالَا : حدثنا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي . قَالَ : إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ وَأَرَاهُ قَالَ : لَا تُورَثُ . قَالَ : فتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّعِيفِ ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدٍ فَقَالَ : غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3877 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ ، اسْتَشَارَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ بِثَمْغٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقْ بِهِ تَقْسِمُ ثَمَرَهُ وَتَحْبِسُ أَصْلَهُ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَوْقَفَ دَارِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا سَبِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى بَيْعِهَا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ . وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا فَقَالُوا : هَذَا كُلُّهُ مِيرَاثٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الَّذِي أَوْقَفَهُ بِهَذَا السَّبَبِ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا شَاوَرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَالَ لَهُ حَبِّسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ . فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ مِلْكِهِ وَلَكِنَّهَا تَكُونُ جَارِيَةً عَلَى مَا أَجْرَاهَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا تَرَكَهَا وَيَكُونُ لَهُ فَسْخُ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ . كَرَجُلٍ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَرَةِ نَخْلِهِ مَا عَاشَ فَيُقَالُ لَهُ : أَنْفِذْ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ إِنْ شَاءَ وَإِنْ أَبَى . وَلَكِنْ إِنْ أَنْفَذَ ذَلِكَ فَحَسَنٌ وَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ . وَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ إِنْ أَنَفَذُوا ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَ أَبُوهُمْ أَجْرَاهُ عَلَيْهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ مَنَعُوهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ . وَلَيْسَ فِي بَقَاءِ حَبْسِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى غَايَتِنَا هَذِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ نَقْضُهُ . وَإِنَّمَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ نَقْضُهُ لَوْ كَانُوا خَاصَمُوا فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَمُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ . وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ الْعُمْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوْقَافَ لَا تُبَاعُ . وَلَكِنْ إِنَّمَا جَاءَنَا تَرْكُهُمْ لِوَقْفِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجْرِي عَلَى مَا كَانَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْرَاهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ عَرَضَ فِيهِ بِشَيْءٍ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3878 حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَحْوِ هَذَا لَرَدَدْتُهَا فَلَمَّا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْإِيقَافِ لِلْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُ مِنَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَأَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَهُ مِنَ الرُّجُوعِ فِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ فِيهَا بِشَيْءٍ وَفَارَقَهُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ فَكَرِهَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّوْمِ الَّذِي كَانَ فَارَقَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَصُومَ . ثُمَّ هَذَا شُرَيْحٌ وَهُوَ قَاضِي عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3879 مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : سَأَلْتُ شُرَيْحًا عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ دَارِهِ حَبْسًا عَلَى الْآخَرِ فَالْآخَرُ مِنْ وَلَدِهِ فَقَالَ : إِنَّمَا أَقْضِي وَلَسْتُ أُفْتِي قَالَ : فَنَاشَدْتُهُ فَقَالَ : لَا حَبْسَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَهَذَا لَا يَسَعُ الْقُضَاةَ جَهْلُهُ وَلَا يَسَعُ الْأَئِمَّةَ تَقْلِيدُ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ ثُمَّ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ تَابِعِيهِمْ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3880 مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ : حدثنا أَسَدٌ قَالَ : حدثنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي عِيسَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ وَأُنْزِلَ فِيهَا الْفَرَائِضُ نَهَى عَنِ الْحَبْسِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ، قَالَا : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَارُودِ ، قَالَ : حدثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3881 حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَا : قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِهِ أَقُولُ . قَالَ رَوْحٌ : قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَقَدْ حَدَّثَنِيهِ الدِّمَشْقِيُّ يَعْنِي : عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ . فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْأَحْبَاسَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ وَأَنَّهَا قَدْ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ بِخِلَافِ مَا صَارَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَزُفَرَ وَمُحَمَّدًا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَجَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ لَهُمْ وَالْمُوَافِقِينَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا وَقَفَ دَارِهِ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَوْرُوثَةٍ عَنْهُ . فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ هَلْ يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ؟ فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا جَعَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ صَدَقَةً فَلَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ وَسَوَاءٌ جَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَنْفُذُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَمَا يَنْفُذُ الْوَصَايَا . فَأَمَّا إِذَا جَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يُنْفِذْهُ لِلْمَسَاكِينِ بِدَفْعِهِ إِيَّاهُ إِلَيْهِمْ فَهُوَ كَمَا جَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ وَكَانَ جَمِيعُ مَالِهِ يَفْعَلُهُ فِي صِحَّتِهِ فَيَنْفُذُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِلْكٌ مِثْلُ الْعَتَاقِ وَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ هُوَ الَّذِي يَنْفُذُ إِذَا فَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَكَانَ الْوَاقِفُ إِذَا وَقَفَ فِي مَرَضِهِ دَارِهِ أَوْ أَرْضَهُ وَجَعَلَ آخِرَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِاتِّفَاقِهِمْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَا سَبِيلَ لِوَارِثِهِ عَلَيْهِ . وَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَاخِلٍ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَبْسَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ . فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ سَبِيلُهُ إِذَا وَقَفَ فِي الصِّحَّةِ فَيَكُونُ نَافِذًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ بَعْدَ ذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا . فَإِلَى هَذَا أَذْهَبُ وَبِهِ أَقُولُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ لَا مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ لِأَنَّ الْآثَارَ فِي ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَ وَصْفِي لَهَا وَبَيَانُ مَعَانِيهَا وَكَشْفُ وُجُوهِهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَفَتَخْرَجُ الْأَرْضُ بِالْوُقُوفِ مِنْ مِلْكِ رَبِّهَا بِوَقْفِهِ إِيَّاهَا لَا إِلَى مِلْكِ مَالِكٍ ؟ قِيلَ لَهُ : وَمَا تُنْكِرُ مِنْ هَذَا وَقَدِ اتَّفَقْتَ أَنْتَ وَخَصْمُكَ عَلَى الْأَرْضِ يَجْعَلُهَا صَاحِبُهَا مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ وَيُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ لَا إِلَى مِلْكِ مَالِكٍ وَلَكِنْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَالَّذِي يَلْزَمُ مُحَالِفَكَ فِيمَا احْتَجَجْتَ عَلَيْهِ بِمَا وَصَفْنَا يَلْزَمُكَ فِي هَذَا مِثْلُهُ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَبْسِ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ؟ قِيلَ لَهُ : قَدْ قَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ : أَحَدَهُمَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ رِوَايَتِنَا إِيَّاهُ . وَالْآخَرُ أَنَّ ذَلِكَ أُرِيدَ بِهِ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ مِنَ الْبُحَيْرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ . فَكَانُوا يَحْبِسُونَ مَا يَجْعَلُونَهُ كَذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يُوَرِّثُونَهُ أَحَدًا فَلَمَّا أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْفَرَائِضِ وَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا الْمَوَارِيثَ وَقَسَمَ الْأَمْوَالَ عَلَيْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَبْسَ . ثُمَّ تَكَلَّمَ الَّذِينَ أَجَازُوا الصَّدَقَاتِ الْمَوْقُوفَاتِ فِيهَا بَعْدَ تَثْبِيتِهِمْ إِيَّاهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ جَائِزَةٌ قُبِضَتْ مِنَ الْمُصَدِّقِ بِهَا أَوْ لَمْ تُقْبَضْ . وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يُنْفِذُهَا حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيَقْبِضَهَا مِنْهُ غَيْرُهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . فَاحْتَجْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ قَوْلًا صَحِيحًا فَرَأَيْنَا أَشْيَاءَ يَفْعَلُهَا الْعِبَادُ عَلَى ضُرُوبٍ . فَمِنْهَا الْعَتَاقُ يَنْفُذُ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُ مَوْلَاهُ عَنْهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَمِنْهَا الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ لَا تَنْفُذُ بِالْقَوْلِ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ الْقَبْضُ مِنَ الَّذِي مَلَّكَهَا لَهُ . فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ حُكْمَ الْأَوْقَافِ بِأَيِّهَا هِيَ أَشْبَهُ فَنَعْطِفَهُ عَلَيْهِ . فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا وَقَفَ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فَإِنَّمَا يَمْلِكُ الَّذِي أَوْقَفَهَا عَلَيْهِ مَنَافِعَهَا وَلَمْ يَمْلِكْ مِنْ رَقَبَتِهَا شَيْئًا إِنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى قَبْضٍ مَعَ الْقَوْلِ كَانَ كَذَلِكَ الْوُقُوفُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى قَبْضٍ مَعَ الْقَوْلِ . وَحُجَّةٌ أُخْرَى : أَنَّ الْقَبْضَ لَوْ أَوْجَبْنَاهُ فَإِنَّمَا كَانَ الْقَابِضُ يَقْبِضُ مَا لَمْ يَمْلِكْ بِالْوَقْفِ فَقَبْضُهُ إِيَّاهُ وَغَيْرُ قَبْضِهِ إِيَّاهُ سَوَاءٌ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،