حَاتِمٌ الْأَصَمُّ
11567 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , حدثنا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَلَبِيُّ , حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ , قَالَ : سَمِعْتُ حَاتِمًا الْأَصَمُّ , وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ شَقِيقٍ الْبَلْخِيِّ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : عَلَامَ بَنَيْتَ أَمْرَ هَذَا فِي التَّوَكُّلِ قَالَ : عَلَى خِصَالٍ أَرْبَعٍ : عَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِيَ لَا يَأْكُلُهُ غَيْرِي فَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسِي وَعَلِمْتُ أَنِّي لَا أَخْلُو مِنْ عَيْنِ اللِّهِ حَيْثُ كُنْتُ فَأَنَا مُسْتَحْيٍ مِنْهُ |
11568 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ , حدثنا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّاشِيُّ , حدثنا أَبُو عُقَيْلٍ الرُّصَافِيُّ , حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : قِيلَ لِحَاتِمٍ غُلَامٌ شَقِيقٌ : عَلَامَ بَنَيْتَ عِلْمَكَ قَالَ : عَلَى أَرْبَعٍ عَلَى فَرْضٍ لَا يُؤَدِّيهِ غَيْرِي فَأَنَا بِهِ مَشْغُولٌ , وَعَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِيَ لَا يُجَاوَزَنِي إِلَى غَيْرِي فَقَدْ وَثِقْتُ بِهِ وَعَلِمْتُ أَنِّي لَا أَخْلُو مِنْ عَيْنِ اللَّهِ طَرَفَةَ عَيْنٍ فَأَنَا مِنْهُ مُسْتَحْي وَعَلِمْتُ أَنَّ لِيَ أَجَلًا يُبَادِرُنِي فَأُبَادِرُهُ |
11569 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى , حدثنا أَبُو خَلِيفَةَ , حدثنا الرِّيَاشِيُّ , قَالَ : قِيلَ للِرَّشِيدِ إِنَّ حَاتِمًا الْأَصَمَّ قَدِ اعْتَزَلَ النَّاسَ فِي قُبَّةٍ لَهُ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا يَحْتَاجُ إِلَى النَّاسِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَلَا يُكَلِّمُهُمْ إِلَّا عِنْدَ مَسْأَلَةٍ لَابدَ لَهُ مِنَ الْجَوَابِ لَعَلَّهُ لُبِّسَ بِهِ , قَدْ وَرَّثَتْهُ إِيَّاهُ الْوَحْدَةُ وَقِيلَ إِنَّهُ عَاقِلٌ فَقَالَ : سَأَمْتَحِنُهُ فَنَدَبَ لَهُ أَرْبَعَةً , مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَالْكِسَائِيَّ وَعَمْرَو بْنَ بَحْرٍ وَرَجُلًا آخَرَ أَحْسَبُهُ الْأَصْمَعِيَّ فَجَاؤُوا حَتَّى وَقَفُوا تَحْتَ قُبَّتِهِ , نَادَى أَحَدُهُمْ يَا حَاتِمُ يَا حَاتِمُ فَلَمْ يُجَبْهُمْ حَتَّى قِيلَ بِحَقِّ مَعْبُودِكَ إِلَّا أَجَبْتَنَا فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ , وَقَالَ : يَا أَهْلَ الْحِيرَةَ هَذِهِ يَمِينُ مُؤْمِنٍ لِكَافِرٍ وَكَافِرٍ لِمُؤْمِنٍ لِمَ خَصَصْتُمُونِي بِالْمَعْبُودِ دُونَكُمْ , وَلَكِنَّ الْحَقَّ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ لِأَنَّكُمَ اشْتَغَلْتُمْ بِعِبَادَةِ الرَّشِيدِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : مَا عِلْمُكَ بِأَنَّا خُدَّامُ الرَّشِيدِ قَالَ : مَنْ لَمْ يَرْضَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بِمِثْلِ حَالِكُمْ لَا يَزُلُ عَنْ مَطْلَبِهِ إِلَى قَصَدِ مَنْ لَا يُخْبِرُهُ وَلَا يَدَ عَلِيَّ مِنَ الرَّشِيدِ وَأَشْبَاهِهِ . فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ : لِمَ اعْتَزَلْتَ النَّاسَ وَفِيهِمْ مَنْ تَعَلَّمَ , وَفِيهِمْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ ، قَالَ : صَدَقْتَ وَلَكِنْ بَيْنَهُمْ سَلَاطِينُ الْجَوْرِ , يَفْتِنُونَا عَنْ دِينِنَا فَالتَّخَلِّي مِنْهُمْ أَوْلَى , قَالَ : فَعَلَامَ وَطَّنْتَ نَفْسَكَ فِي الْعُزْلَةِ وَثَبَّتَ عَلَيْهِ أَمْرَكَ قَالَ : عَلِمْتُ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الرِّزْقِ يَكْفِينِي , فَأَقْلَلْتُ الْحَرَكَةَ فِي طَلَبِهِ وَأَنْ فَرَضِيَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنِّي فَأَنَا مَشْغُولٌ بِأَدَائِهِ وَأَنَّ أَجْلِي لَابدَّ يَأْتِينِي فَأَنَا مُنْتَظِرٌ لَهُ وَأَنَا لَا أَغِيبُ عَنْ عَيْنِ مَنْ خَلَقَنِي فَأَسْتَحِي مِنْهُ أَنْ يَرَانِيَ وَأَنَا مَشْغُولٌ بِغَيْرِ مَا وَجَبَ لَهُ . ثُمَّ رَدَّ بَابَ الْقُبَّةِ وَحَلَفَ أَنْ لَا يكَلِّمَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى الرَّشِيدِ وَقَدْ حَكَمُوا أَنَّهُ أَعْقَلُ أَهْلِ زَمَانِهِ |
11570 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ , حَدَّثَنِي عُلْوَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّبَعِيُّ , حدثنا رَبَاحُ بْنُ الْهَرَوِيِّ , قَالَ : مَرَّ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ بِحَاتِمٍ الْأَصَمُّ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَ : يَا حَاتِمُ تُحْسِنُ تُصَلَّى , قَالَ : نَعَمْ قَالَ : كَيْفَ تُصَلَّى ؟ قَالَ حَاتِمٌ : أَقُومُ بِالْأَمْرِ وَأَمْشِي بِالْخَشْيَةِ وَأَدْخَلُ بِالنِّيَّةَ وَأُكَبِّرُ بِالْعَظَمَةِ وَأَقْرَأُ بِالتَّرْتِيلِ وَالتَّفَكُّرِ وَأَرْكَعُ بِالْخُشُوعِ وَأَسْجَدُ بِالْتَوَاضُعِ وَأَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ بِالتَّمَامِ وَأُسَلِّمُ بِالسَّبَلِ وَالسُّنَّةِ , وَأُسْلِمُهَا بِالْإِخْلَاصِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَرْجِعُ عَلَى نَفْسِي بِالْخَوْفِ أَخَافُ أَنْ لَا يَقْبَلَ مِنِّي وَأَحْفَظُهُ بِالْجُهْدِ إِلَى الْمَوْتِ قَالَ : تَكَلَّمَ فَأَنْتَ تُحْسِنُ تُصَلَّى |
11571 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ , حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ , حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الرَّازِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ حَاتِمًا الْأَصَمَّ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي رِضَا اللَّهِ : أَوْلُهَا الثِّقَةُ بِاللَّهِ ثُمَّ التَّوَكُّلُ ثُمَّ الْإِخْلَاصُ ثُمَّ الْمَعْرِفَةُ وَالْأَشْيَاءُ كُلُّهَا تَتِمُّ بِالْمَعْرَفَةِ |
11572 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى , قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَلْخِيَّ , يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ يَقُولُ : سَمِعْتُ حَامِدًا اللَفَّافِ , يَقُولُ : سَمِعْتُ حَاتِمًا الْأَصَمَّ , يَقُولُ : تَعَاهَدْ نَفْسَكَ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ ، إِذَا عَمِلْتَ فَاذْكُرْ نَظَرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْكَ ، وَإِذَا تَكَلَّمَتَ فَانْظُرْ سَمَعَ اللَّهِ مِنْكَ ، وَإِذَا سَكَتَّ فَانْظُرْ عِلْمَ اللَّهِ فِيكَ |
11573 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَحْمَدَ , يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ , يَقُولُ : سَمِعْتُ حَامِدًا , يَقُولُ : سَمِعْتُ حَاتِمًا , يَقُولُ : مَنِ ادَّعَى ثَلَاثًا بِغَيْرِ ثَلَاثٍ فَهُوَ كَذَّابٌ : مَنِ ادَّعَى حُبَّ اللَّهِ بِغَيْرِ وَرَعٍ عَنْ مَحَارِمِهِ فَهُوَ كَذَّابٌ ، وَمَنِ ادَّعَى حُبَّ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ إِنْفَاقِ مَالِهِ فَهُوَ كَذَّابٌ ، وَمَنِ ادَّعَى حُبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ حُبِّ الْفُقَرَاءِ فَهُوَ كَذَّابٌ |
11574 حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , حدثنا أَبُو تُرَابٍ الزَّاهِدُ , قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى حَاتِمٍ الْأَصَمِّ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيُّ شَيْءٍ رَأْسُ الزُّهْدِ وَوَسَطُ الزُّهْدِ وَآخِرُ الزُّهْدِ فَقَالَ : رَأْسُ الزُّهْدِ الثِّقَةُ بِاللَّهِ وَوَسَطَهُ الصَّبْرُ وَآخِرَهُ الْإِخْلَاصُ |
11575 قَالَ حَاتِمٌ : وَأَنَا أَدْعُو النَّاسَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : إِلَى الْمَعْرِفَةِ وَإِلَى الثِّقَةِ وَإِلَى التَّوَكُّلِ فَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْقَضَاءِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْقَضَاءَ عَدْلٌ مِنْهُ فَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ ذَلِكَ عَدْلٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَشْكُوَ إِلَى النَّاسِ أَوْ تَهْتَمَ أَوْ تَسْخَطَ وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَرْضَى وَتَصْبِرَ . وَأَمَّا الثِّقَةُ فَالْإِيَاسُ مِنَ المَخْلُوقِينَ , وَعَلَامَةُ الْإِيَاسِ أَنْ تَرْفَعَ الْقَضَاءَ مِنَ المَخْلُوقِينَ فَإِذَا رَفَعْتَ الْقَضَاءِ مِنْهُمُ اسْتَرَحْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَرَاحُوا مِنْكَ وَإِذَا لَمْ تَرْفَعِ الْقَضَاءَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَابدَّ لَكَ أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُمْ وَتَتَصَنَّعُ لَهُمْ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ وَقَعَتْ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ وَقَدْ وَقَعُوا فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ وَتَصْنُعٍ , فَإِذَا وَضَعْتَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَقَدْ رَحِمْتَهُمْ وَأَيَسْتَ مِنْهُمْ وَأَمَّا التَّوَكُّلُ فَطَمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ بِمَوْعُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا كُنْتَ مُطْمَئِنًا بِالْمَوْعُودِ اسْتَغْنَيْتَ غِنًى لَا تَفْتَقِرُ أَبَدًا |