رجع الحديث إلى الأول

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    رجع الحديث إلى الأول:
قالوا : ولما حضر معاوية.
دعا يزيد بن معاوية فأوصاه بما أوصاه به وقال : انظر حسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله ص.
فإنه أحب الناس إلى الناس فصل رحمه.
وارفق به يصلح لك أمره.
فإن يك منه شيء فإني أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.
وتوفي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين .
وبايع الناس ليزيد.

فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري- عامر بن لؤي- إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو على المدينة.
أن ادع الناس فبايعهم.
وابدأ بوجوه قريش.
وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي.
فإن أمير المؤمنين عهد إلي في أمره الرفق به واستصلاحه.
فبعث الوليد بن عتبة من ساعته- نصف الليل- إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية ودعاهما إلى البيعة ليزيد.
فقالا: نصبح وننظر ما يصنع الناس .
ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير وهو يقول: هو يزيد الذي تعرف .
والله ما حدث له حزم ولا مروءة.
وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين.
وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه.
فقال الوليد: إن أهجنا بأبي عبد الله إلا أسدا.
فقال له مروان أو بعض جلسائه: اقتله قال: إن ذاك لدم مضنون في بني عبد مناف .
فلما صار الوليد إلى منزله.
قالت له امرأته أسماء بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أسببت حسينا؟ قال: هو بدأ فسبني.

قالت: وإن سبك حسين تسبه.
وإن سب أباك تسب أباه!! قال :
لا.
وخرج الحسين وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة.

فأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد.
وطلب الحسين وابن الزبير فلم يوجدا.
فقال المسور بن مخرمة: عجل أبو عبد الله.
وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه»
إلى العراق ليخلو بمكة.
فقدما مكة.
فنزل الحسين دار العباس ابن عبد المطلب.
ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري .
وجعل يحرض الناس على بني أمية.
وكان يغدو ويروح إلى الحسين.
ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك.
وكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك ويقول: لا تفعل.
وقال له عبد الله بن مطيع : أي فداك أبي وأمي متعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق فو الله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولا وعبيدا.

ولقيهما عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة.
فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله.
إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس.
وتنظرا .
فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا.

وإن افترق عليه كان الذي تريدان .

وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج فإن رسول الله ص خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة.
وأنت بضعة منه ولا تنالها- يعني الدنيا- فاعتنقه وبكى وودعه .
فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين على الخروج.

ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.
ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم.
ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش.
وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس فإن الجماعة خير .

وقال له ابن عياش: أين تريد يا ابن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي فقال: إني لكاره لوجهك هذا.
تخرج إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم.
أذكرك الله أن تغرر بنفسك .

وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين على الخروج.
وقد قلت له: اتق الله في نفسك والزم بيتك فلا تخرج على إمامك .

وقال أبو واقد الليثي : بلغني خروج حسين فأدركته بملل .

فناشدته الله أن لا يخرج فإنه يخرج في غير وجه خروج.
إنما يقتل نفسه.

فقال: لا أرجع .

وقال جابر بن عبد الله: كلمت حسينا فقلت: اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض.
فو الله ما حمدتم ما صنعتم فعصاني .
وقال سعيد بن المسيب: لو أن حسينا لم يخرج لكان خيرا له .

وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق ولا يخرج إليهم.
ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير .

وكتب إليه المسور بن مخرمة: إياك أن تغتر بكتب أهل العراق.

ويقول لك ابن الزبير: الحق بهم فإنهم ناصروك.
إياك أن تبرح الحرم.

فإنهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك آباط الإبل حتى يوافوك.

فتخرج في قوة وعدة.
فجزاه خيرا وقال: أستخير الله في ذلك .

وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن
: تعظم عليه ما يريد أن يصنع.

وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة.
وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه وتقول:
اأشهد لحدثتني/ عائشة أنها سمعت رسول الله ص يقول:، يقتل حسين بأرض بابل ،.
فلما قرأ كتابها قال: فلا
بد لي إذا من مصرعي ومضى .

وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
.
فقال: يا ابن عم.
إن الرحم تضارني
.
وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك.

قال: يا أبا بكر ما أنت ممن يستغش ولا يتهم.
فقل.
فقال
: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا.

فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك.
ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره.

فأذكرك الله في نفسك.
فقال: جزاك الله يا ابن عم خيرا فلقد
اجتهدت رأيك.
ومهما يقضي الله من أمر يكن.
فقال أبو بكر: أنا لله.
عند الله نحتسب أبا عبد الله .

وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتابا يحذره أهل الكوفة.

ويناشده الله أن يشخص إليهم.
فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا.
ورأيت فيها رسول الله ص.
وأمرني بأمر أنا ماض له.
ولست بمخبر بها أحدا حتى ألاقي عملي .
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص»
: إني أسأل الله أن يلهمك رشدك.
وأن يصرفك عما يرديك.
بلغني أنك قد اعتزمت على الشخوص إلى العراق.
فإني أعيذك بالله من الشقاق.
فإن كنت خائفا.
فأقبل إلى فلك عندي الأمان والبر والصلة.
فكتب إليه الحسين: إن كنت أردت بكتابك إلى بري وصلتي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة.
وأنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين.
وخير الأمان أمان الله.
ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا.
فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده .

وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس يخبره بخروج الحسين إلى مكة.
ونحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة.
وعندك منهم خبرة وتجربة
.
فإن كان فعل فقد قطع واشج القرابة.
وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه.
فاكففه عن السعي في الفرقة .

وكتب بهذه الأبيات إليه وإلى من بمكة والمدينة من قريش
: يا أيها الراكب الغادي لطيته ...
على عذافرة
في سيرها قحم
أبلغ قريشا على نأى
المزار بها ...
بيني وبين حسين الله والرحم
وموقف بفناء البيت أنشده ...
عهد الإله وما توفي به الذمم
عنيتم
قومكم فخرا بأمكم ...
أم لعمري حصان عفة
كرم
هي التي لا يداني فضلها أحد ...
بنت الرسول وخير الناس قد علموا
وفضلها لكم فضل وغيركم ...
من قومكم لهم في فضلها قسم
إني لأعلم أو ظنا كعالمه ...
والظن يصدق أحيانا فينتظم
أن سوف يترككم ما تدعون
بها ...
قتلى تهاداكم العقبان والرخم
ما قومنا لا تشبوا الحرب إذ سكنت
ومسكوا بحال السلم واعتصموا
/
قد غرت
الحرب من قد كان قبلكم ...
من القرون وقد بادت بها الأمم
فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا ...
فرب ذي بذخ زلت به القدم قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: إني أرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه.
ولست أدع النصيحة له فيما يجمع
الله به الألفة ويطفي به النائرة .

ودخل عبد الله بن عباس على الحسين: فكلمه طويلا
وقال: أنشدك الله أن تهلك غدا بحال مضيعة.
لا تأتي العراق.
وإن كنت لا بد فاعلا فأقم حتى ينقضي الموسم وتلقى الناس وتعلم على ما يصدرون.
ثم ترى رأيك.

وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين .

فأبى الحسين إلا أن يمضي إلى العراق.
فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته.
والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان.
ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.

فقال الحسين : أبا العباس إنك شيخ قد كبرت.

فقال ابن عباس: لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك.

ولو أعلم أنا إذا تناصينا أقمت لفعلت.
ولكن لا أخال ذلك نافعي.

فقال له الحسين: لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي أن تستحل بي- يعني مكة- قال: فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين ابن الزبير فذلك الذي سلى بنفسي عنه .
ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب.
وابن الزبير على الباب.
فلما رآه قال: يا ابن الزبير قد أتى ما أحببت.
قرت عينك.
هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز.

يا لك من قنبرة بمعمر ...
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
وبعث حسين إلى المدينة.
فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب.

وهم تسعة عشر رجلا.
ونساء وصبيان من أخواته وبناته ونسائهم.
وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسينا بمكة.
وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا.
فأبى الحسين أن يقبل.
فحبس محمد بن علي ولده فلم يبعث معه أحدا منهم.
حتى وجد الحسين في نفسه على محمد.
وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه .

فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك.
وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.
وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم.
فخرج متوجها إلى العراق في أهل بيته وستين شيخا من أهل الكوفة.

وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين .
فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد.
أما بعد: فإن الحسين بن علي قد توجه إليك وهو الحسين بن فاطمة وفاطمة بنت رسول الله ص.
وبالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين.
فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره.
والسلام .

اوكتب/ إليه عمرو بن سعيد بن العاص.
أما بعد: فقد توجه إليك الحسين وفي مثلها تعتق أو تكون عبدا تسترق كما تسترق العبيد .

قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي.
قال: حدثنا سفيان ابن عيينة.
قال: حدثني لبطة بن الفرزدق- وهو في الطواف وهو مع ابن شبرمة - قال: أخبرني أبي.
قال: خرجنا حجاجا.
فلما كنا بالصفاح إذا نحن بركب عليهم اليلامق ومعهم الدرق .
فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي.
فقلت: أي أبو عبد الله.
قال: يا فرزدق ما وراءك.
قال: أنت أحب الناس والقضاء في السماء.
والسيوف مع بني أمية.

قال: ثم دخلنا مكة فلما كنا بمنى قلت له: لو أتينا عبد الله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه فأتينا منزله بمنى.
فإذا نحن بصبية له سود مولدين يلعبون قلنا أين أبوكم»
؟ قالوا في الفسطاط يتوضأ.
فلم نلبث أن خرج علينا من فسطاطه.
فسألناه عن حسين فقال: أما إنه لا يحيك فيه السلاح.
قال: فقلت له: تقول هذا فيه وأنت الذي قاتلته وأباه.
فسبني فسببته.
ثم خرجنا حتى أتينا ماء لنا يقال له: تعشار .
فجعل لا يمر بنا أحد إلا سألناه عن حسين.
حتى مر بنا ركب فناديناهم: ما فعل حسين ابن علي؟ قالوا: قتل.
فقلت: فعل الله بعبد الله بن عمرو وفعل.

قال سفيان : ذهب الفرزدق إلى غير المعنى أو قال الوجه.
إنما قال: لا يحيك فيه السلاح ولا يضره القتل مع ما قد سبق له .

قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي.
قال: حدثنا سفيان.

قال: حدثنا شيعي لنا يقال له العلاء بن أبي العباس.
عن أبي جعفر.
عن عبد الله بن عمرو.
أنه قال في حسين حين خرج: أما إنه لا يحيك فيه السلاح.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل.
قال: حدثنا معاوية بن عبد الكريم.
عن مروان الأصفر.
قال: حدثني الفرزدق بن غالب.
قال: لما خرج الحسين بن علي رحمه الله.
لقيت عبد الله بن عمرو فقلت له: إن هذا الرجل قد خرج فما ترى؟ قال: أرى أن تخرج معه فإنك إن أردت دنيا أصبتها وإن أردت آخرة أصبتها.
قال: فرحلت نحوه.
فلما كنت في بعض الطريق بلغني قتله.
فرجعت إلى عبد الله بن عمرو فقلت: أين ما قلت لي؟
قال: كان رأيا رأيته.

قال: أخبرنا علي بن محمد.
عن الهذلي.
أن الفرزدق قال:
لقيت حسينا فقلت: بأبي أنت.
لو أقمت حتى يصدر الناس لرجوت أن يتقصف أهل الموسم معك.
فقال: لم آمنهم يا أبا فراس.
قال: فدخلت مكة فإذا فسطاط وهيئة فقلت لمن هذا؟ قالوا: لعبد الله بن عمرو بن العاص فأتيته.
فإذا شيخ أحمر.
فسلمت فقال: من؟ قلت: الفرزدق.
أترى أن أنصر حسينا؟ قال: إذا تصيب أجرا وذخرا قلت: بلا دنيا؟ فأطرق ثم قال: يا ابن غالب لتتمن خلافة يزيد.
فانظرن.
فكرهت ما قال.
قال :
افسببت يزيد ومعاوية قال: مه/ قبحك الله.
فغضبت فشتمته وقمت.
ولو حضر حشمه لأوجعوني.
فلما قضيت الحج رجعت فإذا عير فصرخت إلا ما فعل الحسين؟ فردوا علي إلا قتل.

قال: أخبرنا علي بن محمد.
عن جويرية بن أسماء.
وعلي بن مدرك.
عن إسماعيل بن يسار.
قال: لقي الفرزدق حسينا بالصفاح فسلم عليه.
فوصله بأربع مائة دينار.
فقالوا: يا أبا عبد الله.
تعطي شاعرا مبتهرا قال: إن خير ما أمضيت من مالك ما وقيت به عرضك.

والفرزدق شاعر لا يؤمن .

فقال قوم: لإسماعيل: وما عسى أن يقول في الحسين.
ومكانه مكانه.

وأبوه وأمه من قد علمت.
قال: اسكتوا فإن الشاعر ملعون.
إن لم يقل في أبيه وأمه قال في نفسه.

قال: أخبرنا علي بن محمد.
عن جناب بن موسى.
عن الكلبي.
عن بحير بن شداد الأسدي.
قال: مر بنا الحسين بالثعلبية فخرجت إليه مع أخي.
فإذا عليه جبة صفراء لها جيب في صدرها.
فقال له أخي: إني أخاف عليك.
فضرب بالسوط على عيبه قد حقبها وقال: هذه كتب وجوه أهل المصر .

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،