ذكر رفضه لبيعة يزيد بن معاوية

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ذكر رفضه لبيعة يزيد بن معاوية
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الله بن جعفر.
عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة قال:
وحدثني شرحبيل بن أبي عون.
عن أبيه قال:
وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وغيرهم أيضا قد حدثني بطائفة من هذا الحديث.
قالوا: لم يزل ابن الزبير مقيما بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان فتوفي معاوية.
فبعث يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة ابن أبي سفيان وهو يومئذ والي المدينة ينعي معاوية.
ويأمره أن يبايع من قبله من الناس.
فجاءه الرسول ليلا فأرسل إلى ابن الزبير فدعاه إلى البيعة فقال:
حتى تصبح.
فتركه.
فخرج ابن الزبير وهو يقول: هو يزيد الذي نعرف.

والله ما أحدث خيرا ولا مروءة.
وخرج من ليلته إلى مكة.
فلم يزل مقيما بها حتى خرج حسين بن علي منها إلى العراق.
ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري وجعل يحرض الناس على بني أمية.
وبلغ يزيد ذلك.
فوجد عليه.
فقال ابن الزبير: أنا على السمع والطاعة لا أبدل ولا أغير.
ومشى إلى يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحي وهو والي مكة ليزيد بن معاوية.
فبايعه له على الخلافة.
فكتب بذلك يحيى إلى يزيد فقال: لا أقبل هذا منه حتى يؤتى به في جامعة .
فقال له ابنه معاوية بن يزيد: يا أمير المؤمنين ادفع الشر عنك ما اندفع.
فإن ابن الزبير رجل لحز لجوج .
ولا يطيع بهذا أبدا.
وإن تكفر عن يمينك وتلهي منه حتى تنظر ما يصير إليه أمره أفضل.
فغضب يزيد وقال: إن في أمرك لعجب.
قال:
فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول وتقول.
فدعى عبد الله بن جعفر فذكر له قولهما.
فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى ووفق.
فأبى يزيد أن يقبل ذلك.
وعزل الوليد بن عتبة عن المدينة.
وولاها عمرو بن سعيد بن العاص.

وأرسل إليه أن أمير المؤمنين يقسم بالله لا يقبل من ابن الزبير شيئا حتى يؤتى به في جامعة.
فعرضوا ذلك على ابن الزبير فأبى فبعث يزيد: الحصين بن نمير وعبد الله بن عضاة الأشعري بجامعه إلى ابن الزبير يقسم له بالله لا يقبل منه إلا أن يؤتى به فيها.
فمرا بالمدينة فبعث إليه مروان معهما عبد العزيز بن مروان .
يكلمه في ذلك ويهون عليه الأمر.
فقدموا عليه مكة فأبلغوه يمين يزيد بن معاوية ورسالته.
وقال له عبد العزيز بن مروان: إن أبي أرسلني إليك عناية بأمرك وحفظا لحرمتك.
فأبرر يمين أمير المؤمنين.
فإنما تجعل عليك جامعة فضة أو ذهب وتلبس عليها برنسا فلا تبدوا إلا أن يسمع صوتها.
فكتب ابن الزبير إلى مروان يجزيه خيرا ويقول: قد عرفت عنايتك ورأيك.
فأما هذا فإني لا أفعله أبدا.
فليكفر يزيد عن يمينه أو يدع.

وقال ابن الزبير: اللهم إني عائذ ببيتك الحرام.
وقد عرضت عليهم السمع والطاعة فأبوا إلا أن يحلوا بي ويستحلوا مني ما حرمت.
فمن يومئذ سمي العائذ.
وأقام بمكة لا يعرض لأحد ولا يعرض له أحد.

فكتب يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد أن يوجه إليه جندا فسأل عمرو ابن سعيد: من أعدى الناس لعبد الله بن الزبير؟ فقيل أخوه عمرو بن الزبير .
فولاه شرطه بالمدينة فضرب ناسا كثيرا من قريش والأنصار بالسياط.
وقال: هؤلاء شيعة عبد الله بن الزبير.
وفر منه قوم كثير في نواحي المدينة.
ثم وجه إلى عبد الله بن الزبير في جيش من أهل الشام ألف رجل.

وأمره بقتاله فمضى عمرو بن الزبير حتى قدم مكة فنزل بذي طوى .

وأتى الناس عمرو بن الزبير يسلمون عليه.
وقال: جئت لأن يعطي عبد الله الطاعة ليزيد ويبر قسمه.
فإن أبى قاتلته.
فقال له جبير بن شيبة : كان غيرك أولى بهذا منك.
تسير إلى حرم الله وأمنه.
وإلى أخيك في سنة.

وفضله.
تجعله في جامعة.
ما أرى الناس يدعونك وما تريد.
قال: أرى أن أقاتل من حال دون ما خرجت له.
ثم أقبل عمرو.
فنزل داره عند الصفا.

وجعل يرسل إلى أخيه.
ويرسل إليه أخوه فيما قدم له.
وكان عمرو يخرج فيصلي بالناس.
وعسكره بذي طوى.
وابن الزبير معه يشبك أصابعه في أصابعه.
ويكلمه في الطاعة.
ويلين له الكلام.
فقال عبد الله بن الزبير:
ما بعد هذا شيء إني لسامع مطيع.
أنت عامل يزيد وأنا أصلي خلفك.

ما عندي خلاف.
فأما أن تجعل في عنقي جامعة ثم أقاد إلى الشام.
فإني نظرت في ذلك فرأيته لا يحل لي أن أحل بنفسي.
فراجع صاحبك .
واكتب إليه.
قال: لا والله ما أقدر على ذلك.
فهيأ عبد الله بن صفوان قوما كانوا معدين مع ابن الزبير من أهل السراة وغيرهم.
فعقد لهم لواء.

وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من الليط فلم يشعر أنيس بن عمرو الأسلمي وهو على عسكر عمرو بن الزبير.
إلا بالقوم.
فصاح بأصحابه وهم قريب على عدة فتصافوا فقتل أنيس بن عمرو في المعرك.
ووجه عبد الله بن الزبير مصعب بن عبد الرحمن بن عوف في جمع إلى عمرو بن الزبير.
فلقوه فتفرق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى.
وجاء عبيدة ابن الزبير إلى عمرو بن الزبير فقال: أنا أجيرك من عبد الله.
فجاء به إلى عبد الله أسيرا والدم يقطر على قدميه.
فقال: ما هذا الدم.
فقال:
لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ...
ولكن على أقدامنا يقطر الدم
فقال: تكلم.
أي عدو الله.
المستحل لحرمة الله.
فقال عبيدة: إني قد أجرته فلا تخفر جواري.
فقال: أنا أجير جوارك لهذا الظالم الذي فعل ما فعل؟! فأما حق الناس فإني أقتص لهم منه.
فضربه بكل سوط ضرب به أحدا من الذين بالمدينة وغيرهم.
إلا محمد بن المنذر بن الزبير فإنه أبى أن يقتص.
وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام فإنه أبى أيضا.
وأمر به فحبس في حبس زيد عارم .
وكان زيد عارم.
مع عمرو بن الزبير.

فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزبير.
فسمي ذلك الحبس سجن عارم.
وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين.
وأدخله.
وأطبق عليه بالجص والأجر .
وقال عبد الله بن الزبير: من كان يطلب عمرو بن الزبير بشيء فليأتنا نقصه منه.
فجعل الرجل يأتي فيقول: نتف أشفاري .
فيقول انتف أشفاره.

وجعل يقول الآخر: نتف حلمتي .
فيقول: انتف حلمته.
وجعل الرجل يأتي فيقول: لهزني فيقول: الهزة.
وجعل الرجل يجيء فيقول: نتف لحيتي فيقول: انتف لحيته.
وكان يقيمه كل يوم.
ويدعو الناس إلى القصاص منه سنة.

فقام مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقال: جلدني مائة جلدة بالسياط.
وليس بوال.
ولم آت قبيحا.
ولم أركب منكرا.
ولم أخلع يدا من طاعة.
فأمر بعمرو أن يقام.
ودفع إلى مصعب سوطا وقال له عبد الله بن الزبير: اضرب.
فجلده مصعب مائة جلدة بيده.
فنغل»
جسد عمرو فمات.
فأمر به عبد الله فصلب.

قالوا: ونحى عبد الله بن الزبير.
الحارث بن خالد عن الصلاة بمكة.

وكان عاملا ليزيد بن معاوية عليها.
وأمر مصعب بن عبد الرحمن أن يصلي بالناس.
فكان يصلي بهم.
وكان لا يقطع أمرا دون المسور بن مخرمة .

ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف.
وجبير بن شيبة.
وعبد الله بن صفوان ابن أمية.
يشاورهم في أمره كله.
ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبد بشيء منه دونهم.
ويصلي بهم الصلوات والجمع ويحج بهم.

وعزل يزيد بن معاوية.
عمرو بن سعيد عن المدينة.
وولاها الوليد بن عتبة.
ثم عزله.
وولي عثمان بن محمد بن أبي سفيان .
فوثب عليه أهل المدينة فأخرجوه.
وكانت وقعة الحرة .

وكانت الخوارج قد أتته.
وأهل الأهواء كلهم.
وقالوا: عائذ الله.
وكان شعاره.
لا حكم إلا الله.
فلم يزل على ذلك بمكة.
وحج بالناس عشر سنين ولاء .
أولها سنة اثنتين وستين.
وآخرها سنة إحدى وسبعين .

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،