مقتل عبد الله بن الزبير:

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    مقتل عبد الله بن الزبير: -
قالوا: لما قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير.
بعث الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير بمكة في ألفين من جند أهل الشام.
فأقبل حتى نزل الطائف.
فكان يبعث البعوث إلى عرفة.
ويبعث ابن الزبير بعثا.
فيلتقون فتهزم خيل ابن الزبير.
وترجع خيل الحجاج إلى الطائف.
فكتب الحجاج إلى عبد الملك في دخول الحرم ومحاصرة ابن الزبير.
وأن يمده برجال.
فأجابه عبد الملك إلى ذلك.
وكتب إلى طارق بن عمرو.
يأمره أن يلحق بالحجاج.

فسار طارق في أصحابه وهم خمسة آلاف فلحق بالحجاج.
فنزل الحجاج من الطائف.
فحصر ابن الزبير في المسجد.
وحج بالناس الحجاج سنة اثنتين وسبعين.
وابن الزبير محصور.
ثم صدر الحجاج وطارق حين فرغا من الحج.

فنزلا بئر ميمون.
ولم يطوفا بالبيت.
ولم يقربا النساء ولا الطيب إلى أن قتل ابن الزبير.
فطافا بالبيت.
وذبحا جزرا.
وحصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين .
ستة أشهر وسبع عشرة ليلة.
وقتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين .
وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة يرمون بالمزاريق .
فقدمهم لأهل الشام.
فجعلوا يرمون بمزاريقهم.
فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان.
فقتلوا من أهل الشام قتلى كثيرة.
ثم حمل عليهم أهل الشام حملة واحدة.
فانكشفوا.

وكان ابن الزبير يقدم أصحاب النكاية بالسيوف.
ويتقدم هو ما يستفزه صياحهم.
وكان معه قوم من أهل مصر.
فقاتلوا معه قتالا شديدا.
وكانوا خوارجا.
حتى ذكروا عثمان فتبرءوا منه.
فبلغ ابن الزبير فناكرهم.
وقال: ما بيني وبين الناس إلا باب عثمان فانصرفوا عنه.

ونصب الحجاج المنجنيق يرمي بها أحث الرمي.
وألح عليهم بالقتال من كل وجه.
وحبس عنهم الميرة.
وحصرهم أشد الحصار.
حتى جهد أصحاب ابن الزبير.
وأصابتهم مجاعة شديدة.
وكان ابن الزبير قد وضع في كل موضع يخاف منه مسلحة .
فكانت مسالحة كثيرة يطوف عليها أهل الثبات من أصحابه.
وهم على ذلك مبلوغون من الجوع ما يقدر الرجل يقاتل ولا يحمل السلاح كما يريد من الضعف.
وكانوا يستغيثون بزمزم فيشربون منها.
فتعصمهم.

وجعلت الحجارة من المنجنيق يرمي بها الكعبة.
حتى يؤثر فيها كأنها جيوب النساء .
ويرمى بالمنجنيق من أبي قبيس فتمر الحجارة وابن الزبير يصلي عند المقام كأنه شجرة قائمة ما ينثني.
تهوى الحجارة ململمة ملس كأنها خرطت وما يصيبه منها شيء ولا يتنحى عنها ولا يفزع لها.

وحشر الحجاج أهل الشام يوما وخطبهم.
وأمرهم بالطاعة وأن يرى أثرهم اليوم.
فإن الأمر قد اقترب.
فأقبلوا ولهم زجل وفرح.
وسمعت بذلك أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير.
فقالت لعبد الله- مولاها-:
اذهب فانظر ما فعل الناس.
إن هذا اليوم يوم عصيب.
اللهم أمضي ابني على نيته.
فذهب عبد الله ثم رجع فقال: رأيت أهل الشام قد أخذوا بأبواب المسجد.
وهم من الأبواب إلى الحجون.
فخرج أمير المؤمنين يخطر بسيفه وهو ويقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ...
إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فدفعهم دفعة تراكموا منها فوقعوا على وجوههم.
وأكثر فيهم القتل.
ثم رجع إلى موضعه.
قالت: من رأيت معه؟ قال: معه أهل بيته ونفير قليل.

قالت أمه: خذلوه وأحبوا الحياة.
ولم ينظروا لدينهم ولا لأحسابهم.
ثم قامت تصلي وتدعو وتقول: اللهم إن عبد الله بن الزبير كان معظما لحرمتك.
كريه إليه أن تعصى.
وقد جاهد فيك أعداءك.
وبذل مهجة نفسه لرجاء ثوابك.

اللهم فلا تخيبه.
اللهم ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر.

اللهم لا أقوله تزكية.
ولكن الذي أعلم.
وأنت أعلم به.
اللهم وكان برا بالوالدين.
قال: ثم جاء عبد الله بن الزبير.
فدخل على أمه وعليه الدرع والمغفر.

فوقف عليها.
فسلم.
ثم دنا فتناول يدها فقبلها وودعها.
فقالت: هذا وداع فلا تبعد إلا من النار.

فقال ابن الزبير: نعم جئت مودعا لك.
إني لأرى هذا آخر يوم من الدنيا يمر بي.
واعلمي يا أمه أني إن قتلت.
فإنما أنا لحم ودم لا يضرني ما صنع بي.
قالت: صدقت.
فأمض على بصيرتك .
ولا تمكن ابن أبي عقيل منك .
وادن مني أودعك.
فدنا منها فعانقها.
فمست الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال: ما لبست الدرع إلا لأشد منك.

قالت : فإنه لا يشد مني بل يخالفني.
فنزعها.
ثم أدرج كمه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت القميص وأدخل أسفلها في المنطقة.
وأمه تقول:
أليس ثيابك مشمرة؟ قال: بلى هي على عهدك.

قالت: ثبتك الله.
فانصرف من عندها وهو يقول:
إني إذا أعرف يومي أصبر ...
إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
ففهمت قوله.
فقالت: تصبر والله إن شاء الله.
أليس أبوك الزبير ؟.

قال: ثم لاقاهم فحمل عليهم حملة هزمهم.
حتى أوقفهم خارجا من الباب.
ثم حمل عليه أهل حمص.
فحمل عليهم فمثل ذلك ...
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد.
عن مخرمة بن سليمان الوالبي.
قال: دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه.
فقال: يا أمه.
خذلني الناس حتى ولدي وأهلي.
فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة.

والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا.
فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك.
إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو.
فأمض له.
فقد قتل عليه أصحابك.
ولا تمكن من رقبتك فتلعب بك غلمان بني أمية.
وإن كنت إنما أردت الدنيا.
فبئس العبد أنت!.
أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك .

قال: فدنا ابن الزبير فقبل رأسها.
فقال: هذا والله رأيي.
والذي قمت به داعيا إلى يومي هذا.
ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها.
وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله.
ولكن أحببت أعلم رأيك.
فزدتني قوة وبصيرة مع بصيرتي.
فانظري يا أمه.
فإني مقتول من يومي هذا.
لا يشتد جزعك على.

سلمي لأمر الله.
فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر.
ولا عمل بفاحشة.
ولم يجر في حكم.
ولم يغدر في أمان.
ولم يتعمد ظلم مسلم ولا معاهد.
ولم يبلغني عن عمالي فرضيته بل أنكرته.
ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي.
اللهم إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي.
أنت أعلم بي ولكني أقوله تعزية لأمي لتسلو به عني.
فقالت له أمه: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسنا إن تقدمتني.
وإن تقدمتك.
ففي نفسي حوجا حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك.
قال: جزاك الله يا أمه خيرا.

فلا تدعى الدعاء لي بعد قتلي .
قالت: لا أدعه.
لست بتاركه ذلك أبدا.
فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق.
وخرج.
وقالت أمه: اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل.
وذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة.
وبره بأبيه وبي.
اللهم إني سلمت فيه لأمرك.
ورضيت فيه بما قضيت.
فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين والشاكرين.

قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل.
قال: حدثنا صالح بن الوليد الرياحي.
قال: أخبرتني جدتي ريطة بنت عبد الله الرياحية.
قالت: كنت عند أسماء إذ جاء ابنها عبد الله فقال: إن هذا الرجل قد نزل بنا.
وهو رجل من ثقيف يسمى الحجاج في أربعين ألفا من أهل الشام.
وقد نالنا نبلهم ونشابهم.
وقد أرسل إلي يخيرني بين ثلاث.
بين أن أهرب في الأرض فأذهب حيث شئت.
وبين أن أضع يدي في يده فيبعث بي إلى الشام موقرا حديدا.

وبين أن أقاتل حتى أقتل.
قالت: أي بني: عش كريما.
ومت كريما.

فإني سمعت النبي ص يقول:، إن من ثقيف مبيرا وكذابا، .
قالت:
فذهب فاستند إلى الكعبة حتى قتل .

قال: أخبرنا معن بن عيسى.
قال: حدثنا شعيب بن طلحة.

عن أبيه.
أن أسماء بنت أبي بكر قالت لعبد الله بن الزبير حين قاتل الحجاج:
يا بني عش كريما.
ومت كريما.
لا يأخذك القوم أسيرا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا موسى بن يعقوب.

عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة.
عن أمه.
عن أسماء بنت أبي بكر.
أنها كانت تقول- وابن الزبير يقاتل الحجاج-: لمن كانت الدولة اليوم؟ فيقال لها: للحجاج فتقول: ربما أمر الباطل.
فإذا قيل لها: هي لعبد الله وأصحابه تقول: اللهم انصر أهل طاعتك ومن غضب لك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني ابن أبي الزناد.
عن هشام بن عروة.
عن أبيه.
قال: اشتكت أمي أسماء.
وعبد الله بن الزبير يقاتل الحجاج.
وكانت قد كبرت ورقت فنظر إليها.
فقال: ما أحسن الموت.
فسمعت ذلك العجوز فقالت: يا بني.
والله ما أحب أن أموت يومي هذا حتى أعلم ما تصير إليه.
إما ظفرت.
فذلك الذي نرجو ونسر به.

وإما الأخرى.
فأحتسبك وتمضي لسبيلك.

قال: أخبرنا الفضل بن دكين.
قال: حدثنا حفص بن غياث.

عن هشام بن عروة.
قال: كانوا ينادون.
يا بن الزبير.
يا بن ذات النطاقين فقال:
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
عن ابن أبي الزناد.
عن هشام بن عروة.
قال: نادى رجل من أهل الشام: يا ابن الزبير يا ابن ذات النطاقين يعيره بذلك.
فمشى ابن الزبير نحوه وهو يقول: وعيرها الواشون أني أحبها ...
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
فإن أعتذر منها فإني مكذب ...
وإن تعتذر يردد عليها اعتذارها
أنا ابن ذات النطاقين هلم إلي.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا عبد الله بن مصعب.

عن هشام بن عروة.
قال: جاء رجل إلى ابن الزبير يوم الثلاثاء فحذره الكمين.
فقال ابن الزبير: -
لن يأخذوا سلبي غصبا وإن كثروا ...
ما لم أكن نائما أو لم يغروني
قال: وجاء عمارة بن عمرو بن حزم فقال: لو ركبت رواحلك فنزلت برمل الجزل»
.
فقال ابن الزبير: فما فعلت القتلى بالحرم.
والله لئن كنت أوردتهم ثم فررت عنهم.
لبئس الشيخ أنا في الإسلام.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني مصعب بن ثابت.
عن نافع مولى بني أسد.
قال: لما كان ليلة الثلاثاء.
قال الحجاج لأصحابه:
والله إني لأخاف أن يهرب ابن الزبير.
فإن هرب فما عذرنا عند خليفتنا؟
فبلغ ابن الزبير قوله فتضاحك.
وقال: إنه والله ظن بي ظنه بنفسه.
أنه فرار في المواطن وأبوه قبله.

قال محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الله بن مصعب.
عن هشام بن عروة.
قال: لما أصبحوا يوم الثلاثاء.
غدا ابن الزبير ومعه نحو من ثلاث مائة.
فقال: استأخروا عني.
لا يقولن أحد حمى ظهره.
فتنحى عنه الناس.
ثم حمل على باب من تلك الأبواب فهزمهم.
حتى خرجوا إلى الأبطح وهو يرتجز:
قد سن أصحابك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق صبرا عفاق أنه شر باق صبرا بني أنه العتاق قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا مصعب بن ثابت.
عن نافع مولى بني أسد.
قال: رأيت الأبواب قد شحنت من أهل الشام يوم الثلاثاء.

وأسلم أصحاب ابن الزبير المحارس .
وكثرهم القوم.
وأقاموا على كل باب قائدا ورجالا وأهل بلد.
فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة .
ولأهل دمشق باب بني شيبة .
ولأهل الأردن باب الصفا .
ولأهل فلسطين باب بني جمح.
ولأهل قنسرين باب بني سهم .
وكان الحجاج وطارق جميعا في ناحية الأبطح إلى المروة.
فمره يحمل ابن الزبير في هذه الناحية.
ومرة في هذه الناحية.
ولكأنه أسد في أجمة ما يقدم عليه الرجال.
يعدو في آثارهم حتى يخرجهم وهو يرتجز:
إني إذا أعرف يومي أصبر ...
وإنما يعرف يوميه الحر
ثم يصيح: أبا صفوان ...
ويل أمه فتح لو كان له رجال!!
لو كان قرني واحدا كفيته
قال ابن صفوان: إي والله وألف.
قال: أخبرنا سليمان بن حرب.
قال: حدثنا حماد بن زيد.

عن أيوب.
عن ابن أبي مليكة.
قال: حضرت ابن الزبير صلى الصبح بغلس.
وقال: أواقع هؤلاء قبل الصبح.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الله بن مصعب.

عن هشام بن عروة.
قال: سمعت ابن الزبير يومئذ في صلاة الصبح يوم الثلاثاء.
يقرأ بنون والقلم حرفا حرفا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني قرة بن زبيد.
عن عباس بن سهل بن سعد.
قال: سمعت ابن الزبير يوم الثلاثاء يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولا.
ولقد رأيت في ليلتي هذه كأن السماء فرجت لي فدخلتها.

فقد والله مللت الحياة وما فيها.
ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكنا نون وَالْقَلَمِ حرفا حرفا.
وإن سيفه لمسلول إلى جنبه.
وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئته قبل ذلك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الملك بن وهب.
عن شيخ من أسلم.
قال: سمعت ابن الزبير يقول يوم قتل: والله لقد مللت الحياة.
ولقد جاوزت سن أبي.
هذه لي ثنتان وسبعون سنة.
اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي.
وجاهدت فيك عدوك فأثبني ثواب المجاهدين.
قال: فقتل ذلك اليوم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا عبد الله بن مصعب.

عن هشام بن عروة.
قال: جلس ابن الزبير يوم الثلاثاء فخفق خفقة.
فتغامز به بعض من كان عنده بنعسته تلك.
ففتح عينيه فقال: شيخ كبير عل .
قد عاش حتى مل .
اللهم إذا قبضت رجلي فلا أبسطها.
وإذا بسطتها فلا أقبضها.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا إسحاق بن عبيد الله.

عن المنذر بن جهم الأسلمي.
قال: رأيت ابن الزبير يوم قتل.
وقد خذله من معه خذلانا شديدا.
وجعلوا يخرجون إلى الحجاج.
وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس علا م تقتلون أنفسكم؟ من خرج إلينا فهو آمن.

لكم عهد الله وميثاقه.
وفي حرم الله وأمنه.
ورب هذه البنية لا أغدر بكم.

ولا حاجة لنا في دمائكم.
قال: فجعل الناس يتسللون حتى خرج إلى الحجاج من أصحاب ابن الزبير نحو من عشرة آلاف.
فلقد رأيته وما معه أحد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا شرحبيل بن أبي عون.
عن أبيه.
قال: سمعت ابن الزبير يقول لأصحابه: انظروا كيف تضربون بسيوفكم.
وليصن الرجل سيفه كما يصون وجهه.
فإنه قبيح بالرجل أن يخطئ مضرب سيفه.
فكنت أرمقه إذا ضرب.
فما يخطئ مضربا واحدا شبرا من ذباب السيف أو نحوه.
ولقد رأيته ضرب رجلا من أهل الشام ضربة أبدى سحره وهو يقول: خذها وأنا ابن الحواري.
فلما كان يوم الثلاثاء.

قام بين الركن والمقام.
فقاتلهم أشد القتال.
وجعل الحجاج يصيح بأصحابه:
يا أهل الشام يا أهل الشام: الله الله في طاعة إمامكم.
فليشدون الشدة الواحدة جميعا حتى يقال: قد اشتملوا عليه.
فيشد عليهم حتى يفرجهم ويبلغ بهم باب بني شيبة.
ثم يكر ويكرون عليه.
ليس معه أعوان.
فعل ذلك مرارا.

حتى جاء حجر عائر من ورائه فأصابه.
فوقع في قفاه فوقذه.
فارتعش ساعة.
ثم وقع لوجهه.
ثم انتهض فلم يقدر على القيام.
وابتدره الناس.
وشد عليه رجل من أهل الشام.
وقد ارتعش ابن الزبير فهو متكئ على مرفقه الأيسر.
فضرب الرجل فقطع رجليه بالسيف.
وجعل يضربه ولا يقدر ينهض حتى كثروه فذففوا عليه.
ولقد كان يقاتل.
وإنه لمطروح يخذم بالسيف كل من دنا منه.

فصاحت امرأة من الدار وا أمير المؤمنيناه.
فابتدره الناس فكثروه.
فقتلوه رحمة الله ورضوانه عليه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا خالد بن إلياس.
عن أبي سلمة الحضرمي.
قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر يوم الثلاثاء وبين يديها كفن قد أعدته ونشرته وأجمرته .
وأمرت جواري لها يقمن على أبواب المسجد.
فإذا قتل عبد الله صحن.
فرأيته حين قتل عبد الله صيحن .
وأرسلت ليحمل عبد الله.

فأتي الحجاج به فحز رأسه.
وبعث به إلى عبد الملك بن مروان.
وصلب جثته فقالت أسماء: قاتل الله المبير.
يحول بيني وبين جثته أن أواريها.
ثم ركبت دابتها حتى وقفت عليه وهو مصلوب.
فدعت له طويلا وما تقطر من عينها قطرة.
ثم انصرفت وهي تقول: من قتل على باطل فقد قتلت على حق.

وعلى أكرم قتلة ممتنع بسيفك فلا تبعد.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني نافع بن ثابت.
عن عبيد مولى أسماء.
قال: لما قتل عبد الله.
خرجت إليه أمه حتى وقفت عليه.

وهي على دابة.
فأقبل الحجاج في أصحابه.
فسأل عنها.
فأخبر بها.
فأقبل حتى وقف عليها.
فقال: كيف رأيت؟ نصر الله الحق وأظهره.
قالت:
ربما أديل الباطل على الحق.
وإنك بين فرثها والجية .
قال: إن ابنك الحد في هذا البيت.
وقال الله تبارك وتعالى: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ» وقد أذاقه الله ذلك.
العذاب: قطع السبيل .
قالت: كذبت.
كان أول مولود في الإسلام بالمدينة .
وسر به رسول الله ص.
وحنكه بيده.
فكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحا به.

وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله.
فمن كان فرح يومئذ به خير منك ومن أصحابك.
وكان مع ذلك برا بالوالدين.
صواما قواما بكتاب الله.
معظما لحرم الله.
يبغض أن يعصى الله.
أشهد على رسول الله ص لسمعته يقول:
، سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول وهو مبير، .

وهو أنت .

فانكسر الحجاج.
وانصرف.
وبلغ ذلك عبد الملك.
فكتب إليه يلومه في مخاطبة أسماء.
وقال: ما لك ولابنة الرجل الصالح.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الله بن نافع.

عن أبيه.
قال: سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون حين قتل ابن الزبير.
فقال ابن عمر: لمن كبر حين ولد ابن الزبير.
أكثر وخير ممن كبر على قتله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: سألت عبد الرحمن بن أبي الزناد.
من قتل ابن الزبير؟ فقال: سمعت هشام بن عروة.
يقول: رماه رجل من السكون بأجرة فأثبته ووقع.
وكان الذي قتله رجل من مراد.
وحمل رأسه إلى الحجاج.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبيد الله بن عروة.

عن حبيب مولى عروة.
قال: أراني عروة قاتل عبد الله بن الزبير في عسكر الوليد.
قتله.
واحتز رأسه آخر.
فجاءا به إلى الحجاج فوفدهما إلى عبد الملك.
فأعطى كل واحد منهما خمس مائة دينار.
وفرض لكل واحد منهما في مائتي دينار.

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،