ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ وَمِنْهُمُ الْعَلَمُ الْمَضِيُّ وَالْحَكَمُ الْمَرْضِيُّ النَّاطِقُ بِالْحَقَائِقِ ، الْفَائِقُ لِلطَّرَائِقِ ، لَهُ الْعِبَارَاتُ الْوَثِيقَةُ وَالْإِشَارَاتُ الدَّقِيقَةُ .
نَظَرَ فَعَبَرَ وَذَكَرَ فَازْدَجَرَ أَبُو الْفَيْضِ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14582 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قال حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمِصْرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ الْعَابِدَ الْفَيْضَ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ جَازُوا دِيَارَ الظَّالِمِينَ ، وَاسْتَوْحَشُوا مِنْ مُؤَانَسَةِ الْجَاهِلِينَ ، وَشَابُوا ثَمَرَةَ الْعَمَلِ بِنُورِ الْإِخْلَاصِ ، وَاسْتَقَوْا مِنْ عَيْنِ الْحِكْمَةِ وَرَكِبُوا سَفِينَةَ الْفِطْنَةِ ، وَأَقْلَعُوا بِرِيحِ الْيَقِينِ ، وَلَجُّوا فِي بَحْرِ النَّجَاةِ ، وَرَسَوْا بِشَطِّ الْإِخْلَاصِ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ سَرَحَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْعُلَا ، وَحُطَّتْ هِمَمُ قُلُوبِهِمْ فِي عَارِيَاتِ التُّقَى حَتَّى أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ النَّعِيمِ ، وَجَنَوْا مِنْ رِيَاضِ ثِمَارِ التَّسْنِيمِ ، وَخَاضُوا لُجَّةَ السُّرُورِ ، وَشَرِبُوا بِكَأْسِ الْعَيْشِ ، وَاسْتَظَلُّوا تَحْتَ الْعَرْشِ فِي الْكَرَامَةِ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ فَتَحُوا بَابَ الصَّبْرِ وَرَدَمُوا خَنَادِقَ الْجَزَعِ وَجَازُوا شَدِيدَ الْعِقَابِ وَعَبَرُوا جِسْرَ الْهَوَى ، فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ أَشَارَتْ إِلَيْهِمْ أَعْلَامُ الْهِدَايَةِ ، وَوَضَحَتْ لَهُمْ طَرِيقُ النَّجَاةِ ، وَسَلَكُوا سَبِيلَ إِخْلَاصِ الْيَقِينِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14583 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ أَبُو حَامِدٍ ، قال حدثنا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْفَيْضِ ذَا النُّونِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ : إِلَهِي وَسِيلَتِي إِلَيْكَ نِعَمُكَ عَلَيَّ ، وَشَفِيعِي إِلَيْكَ إِحْسَانُكَ إِلَيَّ ، إِلَهِي أَدْعُوكَ فِي الْمَلَأِ كَمَا تُدْعَى الْأَرْبَابُ ، وَأَدْعُوكَ فِي الْخَلَا كَمَا تُدْعَى الْأَحْبَابُ ، أَقُولُ فِي الْمَلَأِ : يَا إِلَهِي وَأَقُولُ فِي الْخَلَا : يَا حَبِيبِي ، أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ مُقِرًّا بِأَنَّكَ رَبِّي وَإِلَيْكَ مَرَدِّي ، ابْتِدَأْتَنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَكُونَ شَيْئًا مَذْكُورًا ، وَخَلَقْتَنِي مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلَابَ ، وَنَقَلْتَنِي إِلَى الْأَرْحَامِ ، وَلَمْ تُخْرِجْنِي بِرَأْفَتِكَ فِي دَوْلَةٍ أَيِّمَةٍ ثُمَّ أَنْشَأْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ بَيْنَ دَمٍ وَلَحْمٍ مُلْتَاثٍ ، وَكَوَّنْتَنِي فِي غَيْرِ صُورَةِ الْإِنَاثِ ، ثُمَّ نَشَرْتَنِي إِلَى الدُّنْيَا تَامًّا سَوِيًّا ، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَغِيرًا صَبِيًّا ، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَنًا مَرِيًّا ، وَكَفَلْتَنِي حُجُورَ الْأُمَّهَاتِ ، وَأَسْكَنْتَ قُلُوبَهُمْ رِقَّةً لِي وَشَفَقَةً عَلَيَّ ، وَرَبَّيْتَنِي بِأَحْسَنِ تَرْبِيَةٍ ، وَدَبَّرْتَنِي بِأَحْسَنِ تَدْبِيرٍ ، وَكَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجِنِّ وَسَلَّمْتَنِي مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ ، وَصُنْتَنِي مِنْ زِيَادَةٍ فِي بَدَنِي تُشِينُنِي ، وَمِنْ نَقْصٍ فِيهِ يَعِيبُنِي ، فَتَبَارَكْتَ رَبِّي وَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ ، فَلَمَّا اسْتَهْلَلْتُ بِالْكَلَامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامِ ، وَأَنْبَتَّنِي زَائِدًا فِي كُلِّ عَامٍ ، فَتَعَالَيْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، حَتَّى إِذَا مَلَّكْتَنِي شَأْنِي وَشَدَدْتَ أَرْكَانِي أَكْمَلْتَ لِي عَقْلِي ، وَرَفَعْتَ حِجَابَ الْغَفْلَةِ عَنْ قَلْبِي ، وَأَلْهَمْتَنِي النَّظَرَ فِي عَجِيبِ صَنَائِعِكَ وَبَدَائِعِ عَجَائِبِكَ ، وَأَوْضَحْتَ لِي حُجَّتَكَ وَدَلَلْتَنِي عَلَى نَفْسِكَ ، وَعَرَّفْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ ، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ وَصُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ وَإِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ ، وَجَعَلْتَنِي سَوِيًّا ثُمَّ لَمْ تَرْضَ لِي بِنِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ أَنْ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ بَلْوَى ، وَأَعْلَمْتَنِي الْفُجُورَ لِأَجْتَنِبَهُ ، وَالتَّقْوَى لِأَقْتَرِفَهَا ، وَأَرْشَدْتَنِي إِلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ زُلْفَى ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي ، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي ، وَإِنْ حَمِدْتُكَ شَكَرْتَنِي ، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زَوَّدْتَنِي . إِلَهِي فَأَيَّ نِعَمٍ أُحْصِي عَدَدًا ، وَأَيَّ عَطَائِكَ أَقُومُ بِشُكْرِهِ ، أَمَا أَسْبَغْتَ عَلَيَّ مِنَ النَّعْمَاءِ أَوْ صَرَفْتَ عَنِّي مِنَ الضَّرَّاءِ . إِلَهِي أَشْهَدُ لَكَ بِمَا شَهِدَ لَكَ بَاطِنِي وَظَاهِرِي وَأَرْكَانِي ، إِلَهِي إِنِّي لَا أُطِيقُ إِحْصَاءَ نِعَمِكَ فَكَيْفَ أُطِيقُ شُكْرَكَ عَلَيْهَا ، وَقَدْ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ : { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } أَمْ كَيْفَ يَسْتَغْرِقُ شُكْرِي نِعَمَكَ وَشُكْرُكَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عِنْدِي ، وَأَنْتَ الْمُنْعِمُ بِهِ عَليَّ كَمَا قُلْتُ سَيِّدِي : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } وَقَدْ صَدَقْتَ قَوْلُكَ . إِلَهِي وَسَيِّدِي ، بَلَّغَتْ رُسُلُكَ بِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ غَيْرَ أَنِّي أَقُولُ بِجَهْدِي وَمُنْتَهَى عِلْمِي وَمَجْهُودِ وُسْعِي وَمَبْلَغِ طَاقَتِي : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى جَمِيعِ إِحْسَانِهِ حَمْدًا يَعْدِلُ حَمْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14584 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، قال حدثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ ، يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَقْصِدُ رَغْبَتِي ، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ حَاجَتِي ، وَمِنْكَ أَرْجُو نَجَاحَ طَلِبَتِي ، وَبِيَدِكَ مَفَاتِيحُ مَسْأَلَتِي لَا أَسْأَلُ الْخَيْرَ إِلَّا مِنْكَ ، وَلَا أَرْجُوهُ مِنْ غَيْرِكَ ، وَلَا أَيْأَسُ مِنْ رَوْحِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِفَضْلِكَ ، يَا مَنْ جَمَعَ كُلَّ شَيْءٍ حِكْمُتُهُ ، وَيَا مَنْ نَفَذَ فِي كُلُّ شَيْءٍ حُكْمَهُ ، يَا مَنِ الْكَرِيمُ اسْمُهُ ، لَا أَحَدٌ لِي غَيْرُكَ فَأَسْأَلُهُ ، وَلَا أَثِقُ بِسِوَاكَ فَآمُلُهُ ، وَلَا أَجْعَلُ لِغَيْرِكَ مَشِيئَةً مِنْ دُونَكِ أَعْتَصِمُ بِهَا وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، فَمَنْ أَسْأَلُ إِنْ جَهِلْتُكَ ، وَبِمَنْ أَثِقُ بَعْدَ إِذْ عَرَفْتُكَ ، اللَّهُمَّ إِنَّ ثِقَتِي بِكَ وَإِنْ أَلْهَتْنِي الْغَفَلَاتُ عَنْكَ وَأَبْعَدَتْنِي الْعَثَرَاتُ مِنْكَ بِالِاغْتِرَارِ ، يَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ إِنْ لَمْ تَتَلَافَنِي بِعِصْمَةٍ مِنَ الْعَثَرَاتِ فَإِنِّي لَا أَحُولُ بِعَزِيمَةٍ مِنْ نَفْسِي ، وَلَا أَرُومُ عَلَى خَلِيفَةٍ بِمَكَانٍ مِنْ أَمْرِي . أَنَا نِعْمَةٌ مِنْكَ وَأَنَا قَدَرٌ مِنْ قَدَرِكَ ، أَجْرِي فِي نِعَمِكَ وَأَسْرَحُ فِي قَدَرِكَ ، أَزْدَادُ عَلَى سَابِقَةِ عِلْمِكَ وَلَا أَنْتَقِصُ مِنْ عَزِيمَةِ أَمْرِكَ ، فَأَسْأَلُكَ يَا مُنْتَهَى السُّؤَالَاتِ ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ يَا مَوْضِعَ الْحَاجَاتِ سِوَاكَ ، مَنْ قَدْ كَذَبَ كُلُّ رَجَاءٍ إِلَّا مِنْكَ ، وَرَغْبَةِ مَنْ رَغِبَ عَنْ كُلِّ ثِقَةٍ إِلَّا عَنْكَ أَنْ تَهَبَ لِي إِيمَانًا أَقْدَمُ بِهِ عَلَيْكَ ، وَأُوصِلُ بِهِ عِظَمَ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينًا لَا تُوهِنُهُ بِشُبْهَةٍ إِفْكٍ ، وَلَا تَهِنُهُ خَطْرَةُ شَكٍّ تُرَحِّبُ بِهِ صَدْرِي وَتُيَسِّرُ بِهِ أَمْرِي وَيَأْوِي إِلَى مَحَبَّتِكَ قَلْبِي حَتَّى لَا أَلْهُوَ عَنْ شُكْرِكَ وَلَا أَنْعَمُ إِلَّا بِذِكْرِكَ ، يَا مَنْ لَا تَمَلُّ حَلَاوَةَ ذِكْرِهِ أَلَسْنُ الْخَائِفِينَ ، وَلَا تَكِلُّ مِنَ الرَّغَبَاتِ إِلَيْهِ مَدَامِعُ الْخَاشِعِينَ ، أَنْتَ مُنْتَهَى سَرَائِرِ قَلْبِي فِي خَفَايَا الْكَتْمِ ، وَأَنْتَ مَوْضِعُ رَجَائِي بَيْنَ إِسْرَافِ الظُّلْمِ . مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مُنَاجَاتِكَ فَلَهَا بِمَرْضَاةِ بَشَرٍ عَنْ طَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ . رَبِّ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِدَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ ، وَأَبْلَيْتُ شَبَابِي فِي سَكْرَةِ التَّبَاعُدِ مِنْكَ ، ثُمَّ لَمْ أَسْتَبْطِئْ لَكَ كَلَاءَةً وَمَنَعَةً فِي أَيَّامِ اغْتِرَارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلَى سَبِيلِ سَخَطِكَ وَعَنْ جَهْلٍ ، يَا رَبِّ قَرَّبَتْنِي الْغِرَّةُ إِلَى غَضَبَكِ ، وَأَنَا عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ، قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ ، فَلَا يُزِلْنِي عَنْ مُقَامِ أَقَمْتَنِي فِيهِ غَيْرُكَ ، وَلَا يَنْقِلُنِي مِنْ مَوْقِفِ السَّلَامَةِ مِنْ نِعَمِكَ إِلَّا أَنْتَ ، أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ بِمَا كُنْتُ أُوَاجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيَائِي مِنْ نَظَرِكَ ، وَأَطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ يَا رَبِّ إِذِ الْعَفْوُ نِعْمَةٌ لِكَرَمِكَ ، يَا مَنْ يُعْصَى وَيُتَابُ إِلَيْهِ فَيَرْضَى كَأَنَّهُ لَمْ يُعْصَ بِكَرَمٍ لَا يُوصَفُ وَتَحَنُّنٍ لَا يُنْعَتُ ، يَا حَنَّانُ بِشَفَقَتِهِ يَا مُتَجَاوِزًا بِعَظَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأَنْتَقِلُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلَّا فِي وَقْتِ أَيْقَظْتَنِي فِيهِ لِمَحَبَّتِكَ ، وَكَمَا أَرَدْتَ أَنْ أَكُونَ كُنْتُ ، وَكَمَا رَضِيتَ أَنْ أَقُولَ قُلْتُ ، خَضَعْتُ لَكَ وَخَشَعْتُ لَكَ إِلَهِي لِتُعِزَّنِي بِإِدْخَالِي فِي طَاعَتِكَ ، وَلْتَنْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأَطَاعَكَ ، يَا قَرِيبٌ لَا تَبْعُدُ عَنَ الْمُعْتَزِّينَ ، وَيَا وَدُودُ لَا تَعْجَلُ عَلَى الْمُذْنِبِينَ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14585 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ، قال حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْوَشَّاءُ ، قال حدثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : خَرَجْتُ فِي طَلَبِ الْمُنَاجَاةِ ، فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ فَعَدَلْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا أَنا بِرَجُلٍ قَدْ غَاصَ فِي بَحْرِ الْوَلَهِ وَخَرَجَ عَلَى سَاحِلِ الْكَمَهِ ، وَهُوَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ مَعَ الْإِصْرَارِ لُؤْمٌ وَأَنَّ تَرْكِي الِاسْتِغْفَارَ مَعَ مَعْرِفَتِي بِسِعَةِ رَحْمَتِكَ لَعَجْزٌ ، إِلَهِي أَنْتَ الَّذِي خَصَّصْتَ خَصَائِصَكَ بِخَالِصِ الْإِخْلَاصِ ، وَأَنْتَ الَّذِي سَلَّمْتَ قُلُوبَ الْعَارِفِينَ مِنِ اعْتِرَاضَ الْوَسْوَاسِ ، وَأَنْتَ آنَسْتَ الْآنِسِينَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ كِفَايَةَ رِعَايَةِ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ تَكْلَؤُهُمْ فِي مَضَاجِعِهِمْ وَتَطَّلِعُ عَلَى سَرَائِرِهِمْ ، وَسِرِّي عِنْدَكَ مَكْشُوفٌ وَأَنَا إِلَيْكَ مَلْهُوفٌ . قَالَ : ثُمَّ سَكَنَتْ صَرْخَتُهُ فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ صَوْتًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14586 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ ، قال حدثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ أَبَا الْفَيْضِ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ تَفَكَّرُوا فَاعْتَبَرُوا ، وَنَظَرُوا فَأَبْصَرُوا ، وَسَمِعُوا فَتَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِالْمُنَازَعَةِ إِلَى طَلَبِ الْآخِرَةِ حَتَّى أَنَاخَتْ وَانْكَسَرَتْ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، فَفَتَقُوا بِنُورِ الْحِكَمِ مَا رَتَقَهُ ظُلْمُ الْغَفَلَاتِ وَفَتَحُوا أَبْوَابَ مَغَالِيقِ الْعَمَى بِأَنْوَارِ مَفَاتِيحِ الضِّيَاءِ ، وَعَمَّرُوا مَجَالِسَ الذَّاكِرِينَ بِحُسْنِ مُوَاظَبَةِ اسْتِيدَامِ الثَّنَاءِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ تَرَاسَلَتْ عَلَيْهِمْ سُتُورُ عِصْمَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَحُصِّنَتْ قُلُوبُهُمْ بِطَهَارَةِ الصَّفَاءِ ، وَزَيَّنْتَهَا بِالْفَهْمِ وَالْحَيَاءِ ، وَطَيَّرْتَ هُمُومَهُمْ فِي مَلَكُوتِ سَمَاوَاتِكَ حِجَابًا حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْكَ فَرَدَدْتَهَا بِظَرَائِفِ الْفَوَائِدِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ سَهُلَ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ الطَّاعَةِ ، وَتَمَكَّنُوا فِي أَزِمَّةِ التَّقْوَى ، وَمُنِحُوا بِالتَّوْفِيقِ مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ فَزُيِّنُوا وَقُرِّبُوا وَكُرِّمُوا بِخِدْمَتِكَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14587 وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : لَكَ الْحَمْدُ يَا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ وَالْآلَاءِ وَالسَّعَةِ ، إِلَيْكَ تَوَجَّهْنَا وَبِفِنَائِكَ أَنَخْنَا ، وَلَمْعُرُوفِكَ تَعَرَّضْنَا ، وَبُقْرِبَكَ نَزَلْنَا ، يَا حَبِيبَ التَّائِبِينَ ، وَيَا سُرُورَ الْعَابِدِينَ ، وَيَا أَنِيسَ الْمُنَفِّرِينَ وَيَا حِرْزَ اللَّاجِئِينَ وَيَا ظَهْرَ الْمُنْقَطِعِينَ ، وَيَا مَنْ حَبَّبَ إِلَيْهِ قُلُوبَ الْعَارِفِينَ وَبِهِ آنَسَتْ أَفْئِدَةُ الصِّدِّيقِينَ ، وَعَلَيْهِ عَطَفَتْ رَهْبَةُ الْخَائِفِينَ ، يَا مَنْ أَذَاقَ قُلُوبَ الْعَابِدِينَ لَذِيذَ الْحَمْدِ وَحَلَاوَةَ الِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ ، يَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ تَابَ وَيَعْفُو عَمَّنْ أَنَابَ ، وَيَدْعُو الْمُوَلِّينَ كَرَمًا وَيَرْفَعُ الْمُقْبِلِينَ إِلَيْهِ تَفَضُّلًا ، يَا مَنْ يَتَأَنَّى عَلَى الْخَاطِئِينَ وَيَحْلُمُ عَنِ الْجَاهِلِينَ ، وَيَا مَنْ حَلَّ عُقْدَةَ الرَّغْبَةِ مِنْ قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ ، وَمَحَا شَهْوَةَ الدُّنْيَا عَنْ فِكْرِ قُلُوبِ خَاصَّتِهِ وَأَهْلِ مَحَبَّتِهِ ، وَمَنَحَهُمْ مَنَازِلَ الْقُرْبِ وَالْوِلَايَةِ ، وَيَا مَنْ لَا يُضَيِّعُ مُطِيعًا وَلَا يَنْسَى صَبِيًّا ، يَا مَنْ مَنَحَ بِالنَّوَالِ ، وَيَا مَنْ جَادَ بِالِاتِّصَالِ ، يَا ذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَ بِالتَّوْبَةِ ذُنُوبَنَا وَكَشَفَ بِالرَّحْمَةِ غُمُومَنَا وَصَفَحَ عَنْ جُرْمِنَا ، بَعْدَ جَهْلِنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا بَعْدَ إِسَاءَتِنَا ، يَا آنِسَ وَحْشَتِنَا وَيَا طَبِيبَ سَقَمِنَا ، يَا غِيَاثَ مَنْ أُسْقِطَ بِيَدِهِ ، وَتَمَكَّنَ حَبْلُ الْمَعَاصِي ، وَأَسْفَرَ خِدْرُ الْحَيَا عَنْ وَجْهِهِ ، هَبْ خُدُودَنَا لِلتُّرَابِ بَيْنَ يَدَيْكَ يَا خَيْرَ مَنْ قَدَرَ وَأَرْأَفَ مَنْ رَحِمَ وَعَفَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14588 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ ، قال حدثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي ابْتَدَعْتَ بِهِ عَجَائِبَ الْخَلْقِ فِي غَوَامِضِ الْعِلْمِ ، يَجُودُ جَلَالُ جَمَالِ وَجْهِكَ فِي عَظِيمِ عَجِيبِ تَرْكِيبِ أَصْنَافِ جَوَاهِرِ لُغَاتِهَا ، فَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ سُجَّدًا لِهَيْبَتِكَ مِنْ مَخَافَتِكَ أَنْ تَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ سَرَحَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْعُلَى وَحَطَّتْ هِمَمُ قُلُوبِهِمْ فِي مُغَلِّبَاتِ الْهَوَى حَتَّى أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ النَّعِيمِ ، وَجَنَوْا مِنْ ثِمَارِ التَّسْنِيمِ ، وَشَرِبُوا بِكَأْسِ الْعِشْقِ وَخَاضُوا لُجَجَ السُّرُورِ وَاسْتَظَلُّوا تَحْتَ فِنَاءِ الْكَرَامَةِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ شَرِبُوا بِكَأْسِ الصَّفَا فَأَوْرَثَهُمُ الصَّبْرَ عَلَى طُولِ الْبَلَاءِ حَتَّى تَوَلَّيْتَ قُلُوبَهُمْ فِي الْمَلَكُوتِ وَجَالَتْ بَيْنَ سَرَائِرِ حُجُبِ الْجَبَرُوتِ ، وَمَالَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي ظِلِّ بَرْدِ نَسِيمِ الْمُشْتَاقِينَ الَّذِينَ أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ الرَّاحَةِ وَمَعْدِنِ الْعِزِّ وَعَرَصَاتِ الْمُخَلَّدِينَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14589 حَدَّثَنَا أَبِي ، قال حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ ، قال حدثنا عُثْمَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : اعْتَلَّ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِي فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنِ ادْعُ اللَّهَ لِي فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ : سَأَلْتَنِي أَنْ أَدْعُوَ اللَّهَ لَكَ أَنْ يُزِيلَ عَنْكَ الْغَمَّ وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ الْعِلَّةَ مَجْزَلَةٌ يَأْنَسُ بِهَا أَهْلُ الصَّفَا وَالْهِمَمِ وَالضِّيَاءِ فِي الْحَيَاةِ ، ذِكْرُكَ لِلشِّفَاءِ وَمَنْ لَمْ يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً فَلَيْسَ مِنَ الْحُكَمَاءِ ، وَمَنْ لَمْ يَأْمَنِ التَّشْفِيقَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ أَمِنَ أَهْلَ التُّهْمَةِ عَلَى أَمْرِهِ ، فَلْيَكُنْ مَعَكَ يَا أَخِي حَيَاءٌ يَمْنَعُكَ عَنِ الشَّكْوَى ، وَالسَّلَامُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

14590 حَدَّثَنَا أَبِي ، قال حدثنا أَحْمَدُ ، قال حدثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى الزُّبَيْدِيُّ ، قَالَ : لَمَّا حُمِلَ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ أَنْزَلَهُ فِي بَعْضِ الدُّورِ وَأَوْصَى بِهِ زُرَافَةَ . وَقَالَ : أَنَا إِذَا رَجَعْتُ غَدًا مِنْ رُكُوبِي فَأَخْرِجْ إِلَيَّ هَذَا الرَّجُلَ ، فَقَالَ لَهُ زُرَافَةُ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَوْصَانِي بِكَ ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الْغَدِ مِنَ الرُّكُوبِ قَالَ لَهُ : انْظُرْ بِأَنْ تَسْتَقْبِلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالسَّلَامِ ، فَلَمَّا أَخْرَجَهُ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ : سَلِّمْ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ ذُو النُّونِ : لَيْسَ هَكَذَا جَاءَنَا الْخَبَرُ ، إِنَّمَا جَاءَنَا فِي الْخَبَرِ أَنَّ الرَّاكِبَ يُسَلِّمُ عَلَى الرَّاجِلِ . قَالَ : فَتَبَسَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَبَدَأَهُ بِالسَّلَامِ ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ زَاهِدُ أَهْلِ مِصْرَ ؟ قَالَ : كَذَا يَقُولُونَ . فَقَالَ لَهُ زُرَافَةُ : فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ كَلَامِ الزُّهَّادِ . قَالَ : فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْجَهْلَ عُلِّقَ بِنُكْتَةِ أَهْلِ الْفَهْمِ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ للهِ عِبَادًا عَبُدُوهُ بِخَالِصٍ مِنَ السِّرِّ فَشَرَّفَهُمْ بِخَالِصٍ مِنْ شُكْرِهِ فَهُمُ الَّذِينَ تَمُرُّ صُحُفُهُمْ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فُرَّغًا حَتَّى إِذَا صَارَتْ إِلَيْهِ مَلَأَهَا مِنْ سِرِّ مَا أَسَرُّوا إِلَيْهِ ، أَبْدَانُهُمْ دُنْيَوِيَّةٌ وَقُلُوبُهُمْ سَمَاوِيَّةٌ قَدِ احْتَوَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ كَأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَهُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ بَيْنَ تِلْكَ الْفُرَجِ وَأَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ لَمْ يُخْبِتُوا فِي رَبِيعِ الْبَاطِلِ وَلَمْ يَرْتَعُوا فِي مَصِيفِ الْآثَامِ ، وَنَزَّهُوا اللَّهَ أَنْ يَرَاهُمْ يَثِبُونَ عَلَى حَبَائِلِ مَكْرِهِ هَيْبَةً مِنْهُمْ لَهُ وَإِجْلَالًا أَنْ يَرَاهُمْ يَبِيعُونَ أَخْلَاقَهُمْ بِشَيْءٍ لَا يَدُومُ وَبِلَذَّةٍ مِنَ الْعَيْشِ مَزْهُودَةٍ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ أَجْلَسَهُمْ عَلَى كَرَاسِيِّ أَطْبَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَدْوَاءِ وَالنَّظَرِ فِي مَنَابِتِ الدَّوَاءِ ، فَجَعَلَ تَلَامِذَتَهُمْ أَهْلَ الْوَرَعِ وَالْبَصَرِ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ أَتَاكُمْ عَلِيلٌ مِنْ فَقْدِي فَدَاوُوهُ أَوْ مَرِيضٌ مِنْ تَذَكُّرِي فَأَدْنُوهُ ، أَوْ نَاسٍ لِنِعْمَتِي فَذَكِّرُوهُ ، أَوْ مُبَارِزٌ لِي بِالْمَعَاصِي فَنَابِذُوهُ ، أَوْ مُحِبٌّ لِي فَوَاصِلُوهُ ، يَا أَوْلِيَائِي فَلَكُمْ عَاتَبْتُ وَلَكُمْ خَاطَبْتُ وَمِنْكُمُ الْوَفَاءَ طَلَبْتُ ، لَا أُحِبُّ اسْتِخْدَامَ الْجَبَّارِينَ وَلَا تَوَلِّي الْمُتَكَبِّرِينَ وَلَا مُصَافَاةِ الْمُتْرَفِينَ ، يَا أَوْلِيَائِي وَأَحْبَابِي جَزَائِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْجَزَاءِ وَإِعْطَائِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْعَطَاءِ وَبَذْلِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْبَذْلِ ، وَفَضْلِي عَلَيْكُمْ أَوْفَرُ الْفَضْلِ ، وَمُعَامَلَتِي لَكُمْ أَوْفَى الْمُعَامَلَةِ وَمُطَالَبَتِي لَكُمْ أَشَدُّ مُطَالَبَةً ، وَأَنَا مُقَدِّسُ الْقُلُوبِ وَأَنَا عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَأَنَا عَالِمٌ بِمَجَالِ الْفِكْرِ وَوَسْوَاسِ الصُّدُورِ ، مَنْ أَرَادَكُمْ قَصَمْتُهُ وَمَنْ عَادَاكُمْ أَهْلَكْتُهُ . ثُمَّ قَالَ ذُو النُّونِ : بِحُبِّكَ وَرَدَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى بَحْرِ مَحَبَّتِهِ فَاغْتَرَفَتْ مِنْهُ رِيًّا مِنَ الشَّرَابِ فَشَرِبَتْ مِنْهُ بِمَخَاطِرِ الْقُلُوبِ فَسَهُلَ عَلَيْهَا كُلُّ عَارِضٍ عَرَضَ لَهَا عِنْدَ لِقَاءِ الْمَحْبُوبِ ، فَوَاصَلَتِ الْأَعْضَاءُ الْمُبَادَرَةَ وَأَلِفَتِ الْجَوَارِحُ تِلْكَ الرَّاحَةَ ، فَهُمْ رَهَائِنُ أَشْغَالِ الْأَعْمَالِ ، قَدِ اقْتَلَعَتْهُمُ الرَّاحَةُ بِمَا كُلِّفُوا أَخْذَهُ عَنِ الِانْبِسَاطِ بِمَا لَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُهُ . قَدْ سَكَنَتْ لَهُمُ النُّفُوسُ وَرَضُوا بِالْفَقْرِ وَالْبُؤْسِ وَاطْمَأَنَّتْ جَوَارِحُهُمْ عَلَى الدُّءُوبِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْحَرَكَاتِ ، وَظَعَنَتْ أَنْفُسُهُمْ عَنِ الْمَطَاعِمِ وَالشَّهَوَاتِ ، فَتَوَالَهُوا بِالْفِكْرَةِ ، وَاعْتَقَدُوا بِالصَّبْرِ ، وَأَخَذُوا بِالرِّضَا وَلَهَوْا عَنِ الدُّنْيَا ، وَأَقَرُّوا بِالْعُبُودِيَّةِ لِلْمَلِكِ الدَّيَّانِ وَرَضُوا بِهِ دُونَ كُلِّ رَقِيبٍ وَحَمِيمٍ فَخَشَعُوا لِهَيْبَتِهِ ، وَأَقَرُّوا لَهُ بِالتَّقْصِيرِ وَأَذْعَنُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ ، وَلَمْ يُبَالُوا بِالْقِلَّةِ إِذَا خَلَّوْا بِأَقَلِّ بُكَاءٍ ، وَإِذَا عُومِلُوا فَإِخْوانُ حَيَاءٍ ، وَإِذَا كُلِّمُوا فَحُكَمَاءُ ، وَإِذَا سُئِلُوا فَعُلَمَاءُ ، وَإِذَا جُهِلَ عَلَيْهِمْ فَحُلَمَاءُ ، فَلَوْ قَدْ رَأَيْتَهُمْ لَقُلْتَ عَذَارَى فِي الْخُدُورِ ، وَقَدْ تَحَرَّكَتْ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ فِي الصُّدُورِ بِحُسْنِ تِلْكَ الصُّوَرِ الَّتِي قَدْ عَلَاها النُّورُ ، وَإِذَا كَشَفْتَ عَنِ الْقُلُوبِ رَأَيْتَ قُلُوبًا لَيِّنَةً مُنْكَسِرَةً ، وَبِالذِّكْرِ نَائِرَةً وَبِمُحَادَثَةِ الْمَحْبُوبِ عَامِرَةً ، لَا يَشْغَلُونَ قُلُوبَهُمْ بِغَيْرِهِ ، وَلَا يَمِيلُونَ إِلَى مَا دُونَهُ ، قَدْ مَلَأَتْ مَحَبَّةُ اللَّهِ صُدُورَهُمْ فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ شَهْوَةً وَلَا بِغَيْرِ الْأَنِيسِ وَمُحَادَثَةِ اللَّهِ لَذَّةً ، إِخْوَانُ صِدْقٍ وَأَصْحَابُ حَيَاءٍ وَوَفَاءٍ وَتُقًى وَوَرِعٍ وَإِيمَانٍ وَمَعْرِفَةٍ وَدِينٍ ، قَطَعُوا الْأَوْدِيَةَ بِغَيْرِ مَفَاوِزَ ، وَاسْتَقَلُّوا الْوَفَاءَ بِالصَّبْرِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ ، وَاسْتَعَانُوا بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَأَوْضَحَ لَهُمُ الْحُجَّةَ ، وَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ فَرَفَضُوا طَرِيقَ الْمَهَالِكِ وَسَلَكُوا خَيْرَ الْمَسَالِكِ وَدَلَّهُمْ ، أُولَئِكَ هُمُ الْأَوْتَادُ الَّذِينَ بِهِمْ تُوهَبُ الْمَوَاهِبُ ، وَبِهِمْ تُفْتَحُ الْأَبْوَابُ ، وَبِهِمْ يَنْشَأُ السَّحَابُ ، وَبِهِمْ يُدْفَعُ العَذَابُ ، وَبِهِمْ يَسْتَقِي الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،