السَّرِيُّ السَّقَطِيُّ
السَّرِيُّ السَّقَطِيُّ وَمِنْهُمُ الْعَلَمُ الْمَنْشُورُ وَالْحَكَمُ الْمَذْكُورُ شَدِيدُ الْهُدَى حُمَيْدُ السَّعْيِ ذُو الْقَلْبِ التَّقِيِّ وَالْوَرَعِ الْخَفِيِّ عَنْ نَفْسِهِ رَاحِلٌ وَلِحُكْمِ رَبِّهِ نَازِلٌ أَبُو الْحَسَنِ السَّرِيُّ بْنُ الْمُغَلِّسِ السَّقَطِيُّ خَالُ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ وَأُسْتَاذُهُ |
15039 أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، فِي كِتَابِهِ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ السَّرِيَّ بْنَ الْمُغَلِّسِ ، يَقُولُ : لَوْ أَحْسَسْتُ بِإِنْسَانٍ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ فَقُلْتُ بِلِحْيَتِي كَذَا وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى لِحْيَتِهِ ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ تَسْوِيَتَهَا مِنْ أَجْلِ دُخُولِ الدَّاخِلِ لَخِفْتُ أَنْ يُعَذِّبَنِيَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّارِ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى أَنْفِي كُلَّ يَوْمٍ مِرَارًا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ وَجْهِي قَدِ اسْوَدَّ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَيْثُ أَعْرِفُ فَقِيلَ لَهُ : وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ؟ قَالَ : أَخَافُ أَنْ لَا يَقْبَلَنِي قَبْرِي فَأَفْتَضِحَ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : إِنَّ نَفْسِي تُنَازِعُنِي أَنِ اغْمِسَ جَزْرَةً فِي دِبْسٍ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا يُمْكِنُنِي ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ آكُلَ أُكْلَةً لَيْسَ لِلَّهِ عَلَيَّ فِيهَا تَبِعَةٌ وَلَا لِمَخْلُوقٍ فِيهَا مِنَّةٌ ، فَمَا أَجِدُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : خَرَجْنَا يَوْمًا مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ فَلَمَّا أَصْحَرْنَا رَأَيْتُ فِيَ مَجْرَى السَّيْلِ طَاقَةَ بَقْلٍ فَمَدَدْتُ يَدِي فَأَخَذْتُهَا وَقُلْتُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ حَلَالًا لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ فِيهَا مِنَّةٌ فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ رَآنِي وَقَدْ أَخَذْتُهَا : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا مِثْلُ تِلْكَ الطَّاقَةِ فَقَالَ لِي : خُذْ هَذَا مِنْ نَائِبِكَ ، فَقُلْتُ لَهُ : الطَّاقَةُ الْأُولَى لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا مِنَّةٌ وَهَذَا بَدَلًا لَعَلَّكَ تُرِيدُ لَكَ عَلَيَّ فِيهِ مِنَّةً ، إِنَّمَا أُرِيدُ مَا لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ مِنَّةٌ ، وَلَا لِلَّهِ فِيهِ تَبِعَةٌ قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : كَانَ أَهْلُ الْوَرَعِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَرْبَعَةً : حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ ، وَسُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ فَنَظَرُوا فِي الْوَرَعِ فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِمِ الْأُمُورُ فَزِعُوا إِلَى التَّقَلُّلِ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَقُولُ : كُنْتُ بِطَرَسُوسَ وَكَانَ مَعِي فِي الدَّارِ فَتَيَانُ مُتَعَبِّدُونَ وَكَانَ فِي الدَّارِ تَنُّورٌ يَخْبِزُونَ فِيهِ فَانْكَسَرَ التَّنُّورُ فَعَمِلْتُ لَهُمْ بَدَلَهُ مِنْ مَالِي فَتَوَرَّعُوا أَنْ يَخْتَبِزُوا فِيهِ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ الْغَسُولِيَّ ، كَانَ يَلْزَمُ الثَّغْرَ وَيَغْزُو وَكَانَ إِذَا غَزَا وَدَخَلُوا بِلَادَ الرُّومِ أَكَلَ أَصْحَابُهُ مِنْ طَعَامِ الرُّومِ وَفَوَاكِهِهِمْ فَيَقُولُ أَبُو يُوسُفَ : لَا آكُلُ فَيقَالُ لَهُ : تَشُكُّ أَنَّهُ حَلَالٌ فَيَقُولُ : لَا أَشُكُّ هُوَ حَلَالٌ ، فَيقَالُ لَهُ : فَكُلْ مِنَ الْحَلَالِ ، فَيَقُولُ : إِنَّمَا الزُّهْدُ فِي الْحَلَالِ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ ، يَذُمُّ مَنْ يَأْكُلُ بِدِينِهِ وَيَقُولُ : مِنَ النَّذَالَةِ أَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ بِدِينِهِ |
15040 حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينٍ ، قال حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ : بَعَثَ بِي أَبِي إِلَى السَّرِيِّ بِشَيْءٍ مِنْ حَبِّ السُّعَالِ لِسُعَالٍ كَانَ بِهِ فَقَالَ لِي : كَمْ ثَمَنُهُ ؟ قُلْتُ لَهُ : لَمْ يخْبِرْنِي بِشَيْءٍ ، فَقَالَ : اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ : نَحْنُ نُعَلِّمُ النَّاسَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً أَنْ لَا يَأْكُلُوا بِأَدْيَانِهِمْ تُرَانَا الْيَوْمَ نَأْكُلُ بِأَدْيَانِنَا ؟ |
15041 سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيَّ الْحَلَبِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سَرِيًّا السَّقَطِيَّ ، وَدَقَقْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَامَ إِلَى عِضَادَتَيِ الْبَابِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : اللَّهُمَّ اشْغَلْ مَنْ شَغَلَنِي عَنْكَ بِكَ فَكَانَ مِنْ بَرَكَةِ دُعَائِهِ أَنِّي حَجَجْتُ أَرْبَعِينَ حَجَّةً مِنْ حَلَبٍ عَلَى رِجْلَيَّ مَاشِيًا ذَاهِبًا وَجَائِيًا |
15042 سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ : حدثنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ ، قال حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ قَالَ : قَالَ سَرِيٌّ السَّقَطِيُّ : خَمْسٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ شُجَاعٌ بَطَلٌ : اسْتِقَامَةٌ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهَا رَوَغَانُ ، وَاجْتِهَادٌ لَيْسَ مَعَهِ سَهْوٌ ، وَتَيَقُّظٌ لَيْسَ مَعَهُ غَفْلَةٌ ، وَمُرَاقَبَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ لَيْسَ مَعَهُ رِيَاءٌ وَمُرَاقَبَةُ الْمَوْتِ بِالتَّأَهُّبِ |
15043 سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : حدثنا أَبُو حَامِدٍ ، قال حدثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ : قَالَ السَّرِيُّ السَّقَطِيُّ : لِلْمُرِيدِ عَشْرُ مَقَامَاتٍ : التَّحُبُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالنَّافِلَةِ وَالتَّزَيُّنِ عِنْدَهُ بِنَصِيحَةِ الْأُمَّةِ ، وَالْأُنْسُ بِكَلَامِ اللَّهِ وَالصَّبْرُ عَلَى أَحْكَامِهِ وَالْأَثَرَةُ لَأَمْرِهِ وَالْحَيَاءُ مِنْ نَظَرِهِ وَبَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي مَحْبُوبِهِ وَالرِّضَا بِالْقِلَّةِ وَالْقَنَاعَةُ بِالْخُمُولِ |
15044 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قال حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ قَالَ : قَالَ سَرِيٌّ السَّقَطِيُّ : لِلْخَائِفِ عَشَرَةُ مَقَامَاتٍ : الْحُزْنُ اللَّازِمُ ، وَالْهَمُّ الْغَالِبُ ، وَالْخَشْيَةُ الْمُقْلِقَةُ ، وَكَثْرَةُ الْبُكَاءِ ، وَالتَّضَرُّعُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْهَرَبُ مِنْ مَوَاطِنِ الرَّاحَةِ ، وَكَثْرَةُ الْوَلَهِ ، وَوَجَلُ الْقَلْبِ وَتَنَغُّصُ الْعَيْشِ ، وَمُرَاقَبَةُ الْكَمَدِ |
15045 سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سَرِيًّا السَّقَطِيَّ ، يَقُولُ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ إِلَى بُسْتَانٍ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَشْجَارِ عَلَيْهَا جَمِيعُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَطْيَارِ فَخَاطَبَهُ كُلُّ طَيْرٍ مِنْهَا بِلُغَتِهِ وَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ ، فَسَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَى ذَلِكَ كَانَ فِي يَدَيْهَا أَسِيرًا |
15046 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، قال حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ قَالَ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : عَجِبْتُ لِمَنْ غَدَا وَرَاحَ فِي طَلَبِ الْأَرْبَاحِ وَهُوَ مِثْلُ نَفْسِهِ لَا يَرْبَحُ أَبَدًا |
15047 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قال حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ السَّرِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : لَوْ أَشْفَقَتْ هَذِهِ النُّفُوسُ عَلَى أَبْدَانِهَا شَفَقَتَهَا عَلَى أَوْلَادِهَا لَلَاقَتِ السُّرُورَ فِي مَعَادِهَا |