جِمَاعُ أَبْوَابِ الصُّلْحِ وَالْعُهُودِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ سِوَى

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصُّلْحِ وَالْعُهُودِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ سِوَى أَهْلِ الْكِتَابِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذِكْرُ مُصَالَحَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الشِّرْكِ عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا مَالَهُمْ , وَلَا يَتَعَرَّضُوا لِأَمْوَالِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ مِنْ غَيْرِ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَلَا جِزْيَةٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3316 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، قَالَا : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ ، وَأَشْعَرَهُ ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ ، فَقَالَ : إِنَّ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِشَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : الْأَحَابِيشَ , وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا كَثِيرَةً وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ ، أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ ، فَإِنْ قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْزُونِينَ ، وَإِنْ نَجَوْا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللَّهُ ، أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُمْ قَاتَلْنَاهُ ؟ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ , إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ ، وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ ، وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَرُوحُوا إِذًا قَالَ مَعْمَرٌ : قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ . قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ : فَرَاحُوا يَعْنِي حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ ، فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُوَ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ ، ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا ، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : حَلْ حَلْ ، فَأَلَحَّتْ ، فَقَالُوا : خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ ، خَلَأَتْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ ، وَمَا ذَلِكَ لَهَا بِخُلُقٍ ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ، ثُمَّ زَجَرَهَا , فَوَثَبَتْ بِهِ , قَالَ : فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ ، إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ ، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ ، فَشَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشَ ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ ، إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَكَانَ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ ، فَقَالَ : إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ أَعْدَادَ مِيَاهَ الْحُدَيْبِيَةِ ، مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ ، فَإِنْ شَاءُوا هَادَنْتُهُمْ مُدَّةً ، وَيُخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ، فَإِنْ أَظْهَرَ ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا ، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا ، وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ ، فَقَالَ بُدَيْلٌ : سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا ، فَقَالَ : إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا ، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا ، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ : لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُحَدِّثَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ ، وَقَالَ : ذَوُوا الرَّأْيِ مِنْهُمْ : هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ . يَقُولُ : قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ : أَيْ قَوْمِ , أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَهَلْ تَتَّهِمُونِي ؟ قَالُوا : لَا . قَالَ : أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيْكُمْ ، جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَإِنْ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا ، وَدَعُونِي آتِهِ ، قَالُوا : ائْتِهِ ، فَأَتَاهُ . قَالَ : فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ : أَيْ مُحَمَّدُ , أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ ، وَإِنِ الْأُخْرَى ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا وَأَرَى أَشْوَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ ، أَنَحْنُ نَفِرُّ وَنَدَعُهُ ، فَقَالَ : مَنْ ذَا ؟ قَالَ : أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِ بِهِ لَأَجَبْتُكَ . قَالَ : وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهُ السَّيْفُ ، وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ بِيَدِهِ بِنَصْلِ السَّيْفِ ، وَقَالَ : أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَقَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ ، وَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ . قَالَ : أَيْ غُدَرُ ، أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَغَدَرَهُمْ ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ، ثُمَّ جَاءَ , فَأَسْلَمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ صَحَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنِهِ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ ، فَيُدَلِّكُ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ ، فَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ ، فَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ ، وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ . قَالَ : فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : أَيْ قَوْمِ ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ ، وَكِسْرَى ، وَالنَّجَاشِيِّ ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلَكًا يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا ، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ، فَيُدَلِّكُ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ ، وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ , فَاقْبَلُوهَا مِنْهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ : دَعُونِي آتِهِ ، قَالُوا : ائْتِهِ ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا فُلَانٌ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ ، فَابْعَثُوهَا لَهُ ، فَبُعِثَتْ لَهُ , وَاسْتَقْبَلَهُ الْقَوْمُ يُلَبُّونَ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ . قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَصْدُرُوا عَنِ الْبَيْتِ قَالَ : فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ . قَالَ : رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ , فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ : دَعُونِي آتِهِ ، قَالُوا : ائْتِهِ ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو . قَالَ مَعْمَرٌ : فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ سَهَّلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ . قَالَ مَعْمَرٌ : قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ : فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، فَقَالَ : هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا ، فَدُعِيَ الْكَاتِبُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هِيَ ، وَلَكِنِ اكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُهُ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي ، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ : لَا تَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ ، إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو : وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً ، وَلَكِنْ لَكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، فَكَتَبَ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، كَيْفَ يَرُدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، حَتَّى رَمَى نَفْسَهُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا نُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ إِذًا لَا أُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَجِزْهُ لِي . قَالَ : مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ ، قَالَ : بَلَى فَافْعَلْ ، قَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ ، فَقَالَ مِكْرَزٌ : بَلَى قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ : أَيْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ , أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا ، أَلَا تَرَوْنَ مَا لَقِيتُ ، وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَاللَّهِ مَا شَكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا ؟ قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : أَلَسْتَ عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ، قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا ؟ قَالَ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ ، وَهُوَ نَاصِرِي ، قُلْتُ : أَوَلَيْسَ كُنْتَ وَعَدْتَنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفَ بِهِ ، قَالَ : بَلَى ، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ ، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا ؟ ، قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : أَفَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : فَلِمَ نُعْطَى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ : أَيُّهَا الرَّجُلُ ، إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ ، فَهُوَ نَاصِرُهُ ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ ، قُلْتُ : أَوَ لَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ ؟ ، قَالَ : فَأَخْبَرَكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَ عُمَرُ : فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا . قَالَ : فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا فَانْحَرُوا ، ثُمَّ احْلِقُوا ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ اخْرُجْ , ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ ، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَقَامَ فَخَرَجَ ، وَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ، نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ، ثُمَّ جَاءَ النِّسْوَةُ مُؤْمِنَاتٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٌ } حَتَّى بَلَغَ : { بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } الْآيَةُ ، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ ابْنُ أُمَيَّةَ . ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَهُوَ مُسْلِمٌ ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ ، فَقَالُوا : الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا ، فَدَفَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّجُلَيْنِ ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ يَا فُلَانُ جَيِّدًا ، فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ ، فَقَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ : أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ ، وَفَرَّ الْآخَرُ ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ : لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي ، وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ ، وَقَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سَيْفَ الْبَحْرِ ، قَالَ : وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ ، إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ ، حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بَعِيرٍ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ ، إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا ، فَقَتَلُوهُمْ ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُونَهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ ، إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ } ، حَتَّى بَلَغَ : { حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } ، وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3317 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو زُمَيْلٍ ، سِمَاكُ الْحَنَفِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ : كَاتِبُ الْكِتَابِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعَانِي أَحْرُفٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ : الْغَمِيمِ ، قَالَ : هُوَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَضَجَنَانَ ، وَقَوْلُهُ : قَتَرَةُ الْجَيْشِ ، الْقَتَرَةُ هُوَ الْغُبَارُ ، يُرِيدُ غَبَرَةَ الْجَيْشِ ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ : { وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ } ، الْآيَةَ ، قَالَ : الْقَتَرُ الْغُبَارُ . وَقَوْلُهُ : فَأَلَحَّتْ ، يُرِيدُ لَزِمَتْ مَكَانَهَا ، أَوْ لَمْ تَبْرَحْ ، يُقَالُ : أَلَحَّ الْجَمَلُ ، وَخَلَدَتِ النَّاقَةُ ، وَحَرَنَ الْفَرَسُ ، وَالثَّمَدُ : الْمَاءُ الْقَلِيلُ ، وَجَمْعُهُ ثِمَادٌ ، وَيُقَالُ : مَاءٌ مَثْمُودٌ ، إِذَا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى يَفْنَى ، وَرَجُلٌ مَثْمُودٌ ، وَقَدْ ثَمِدَتْهُ النِّسَاءُ ، إِذَا نَزَفَتْ مَاءَهُ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ . وَقَوْلُهُ : يَتَبَرَّضُ النَّاسُ تَبَرُّضًا ، أَيْ يَأْخُذُونَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا ، يُقَالُ : بَرَضْتُ لَهُ بَرْضًا إِذَا أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا يَسِيرًا . وَقَوْلُهُ : مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ أَيْ يَرْتَفِعُ مَاؤُهُ . وَقَوْلُهُ : إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَكَانَ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ , قَوْلُهُ : عَيْبَةُ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ : يَعْنِي مَوْضِعَ سِرِّهِ ، وَمَنْ يُسْتَنْصَحُ وَيُؤُتَمَنُ عَلَى أَمْرِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ : الْأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي . وَقَوْلُهُ : مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ ، يُرِيدُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ ، وَالْعُوذُ جَمْعُ عَائِذٍ . وَقَوْلُهُ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي ، أَوْ يُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمَرَهُ ، وَالسَّالِفَتَانِ نَاحِيَتَا مُقَدَّمِ الْعُنُقِ مِنْ بَدَنِ مُعَلَّقِ الْقُرْطِ إِلَى التَّرْقُوَةِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : لَا أَزَالُ أُجَاهِدُ حَتَّى أَنْفُذَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَأُبَلِّغَهُ ، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ رَأْسِي وَجِسْمِي . وَقَوْلُهُ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا ، وَأَرَى أَشْوَابًا مِنَ النَّاسِ ، خَلِقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ ، قَالَ : هُمُ الْأَخْلَاطُ مِنَ النَّاسِ ، وَكَذَلِكَ الْأَوْبَاشُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ تَضَمَّنَ خَبَرُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَدَدَ أَبْوَابٍ مِنْ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ ، وَالْجِهَادِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ ، وَالْآدَابِ أَحْبَبْتُ إِثْبَاتَ مَا حَضَرَنِي مِنْ ذَلِكَ بِعَقِبِ حَدِيثِهِمَا ، فَمِنْ ذَلِكَ . أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سَنَّ ذَا الْحُلَيْفَةِ مِيقَاتًا لِمَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي سَنَةِ سِتٍّ ، وَ سَنَّ الْمَوَاقِيتَ بَعْدَ ذَلِكَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ : يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَأَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ . وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ الْأَفْضَلَ وَالْأَعْلَى الْإِحْرَامُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ مَنْزِلِهِ ، وَأَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ أَفْضَلُ مِنْ إِحْرَامِ الرَّجُلِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَمِنْ قَبْلِ الْمَوَاقِيتِ ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ مَحْظُورٌ , وَقَدْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاتِّبَاعُ السُّنَنِ أَفْضَلُ ، وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ : { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ } الْآيَةُ ، أَنْ يُحْرِمَ الْإِنْسَانُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ مَعْنَى الْآيَةِ لَكَانَ أَشَدُّ النَّاسِ لَهُ اسْتِعْمَالًا مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ , وَفُرِضَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ ، فَفِي إِحْرَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَتَرْكِهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَنْزِلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ لَيْسَ كَمَا تَأَوَّلَهُ أُولَئِكَ . وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ : يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ . الْحَدِيثُ ، يَأْمُرُهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مَوَاقِيتِهِمْ ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ مَنْ قَالَ : تَمَامُ الْعُمْرَةِ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْمَوَاقِيتِ ، وَبَيْنَ مَكَّةَ ، اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَهُنَّ فَمَهِلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ ، وَكَذَلِكَ فَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَا أَحْسَبُهُ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ حَاضِرٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَهُوَ كَانَ كَاتِبَ الْكِتَابِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُظَنَّ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ خَبَرُهُ الَّذِي :

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3318 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّيَالِسِيُّ ، وَأَبُو ، نُعَيْمٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : عَنْ عَلِيٍّ ، وَقَالَ ، يَعْلَى : قَالَ عَلِيٌّ : إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى ، وَالَّذِي هُوَ أَنْقَى ، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى ، فَإِذَا كَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ أَنْ يُظَنَّ بِأَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ أَهْدَى ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ عَدَلَ عَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُنُّهُ لِأُمَّتِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَخَالَفَهُ وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّهُ سَنَّ إِشْعَارَ الْبُدْنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِأَعْوَامٍ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَقَدْ خَالَفَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِشْعَارَ مُثْلَةٌ ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ ، وَنَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُثْلَةِ إِنَّمَا كَانَ عَامَ خَيْبَرَ ، وَإِشْعَارُ الْبُدْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزَاهُ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ . وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُشْعِرَ الْمَرْءُ بَدَنَتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ، فَأَعْلَمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَغْفَلَ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَنْ قَلَّدَ فَقَدْ أَحْرَمَ ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ ، وَأَحْرَمَ ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ كَانَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ ، وَالْإِشْعَارِ ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَدْ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالتَّقْلِيدِ : أَحْرَمَ بَعْدَ ذِكْرِ التَّقْلِيدِ ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَدْخُلُ عَلَى إِحْرَامٍ قَبْلَهُ إِلَّا حَيْثُ دَلَّتِ السُّنَّةُ مِنْ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ . وَمِنْ ذَلِكَ السُّنَّةُ فِي تَقْلِيدِ الْهَدْيِ ، وَقَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فِي الْعَامِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ ، ذَكَرَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا فَتَلَتْ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ كَانَ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ ، حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ بِالتَّقْلِيدِ مُحْرِمًا . وَمِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَئِمَّةِ الطَّلَائِعَ وَالْعُيُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْجُيُوشِ ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ ، يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ ، قَالَ : وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ ، أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ ، مَعَ مَا يَجْمَعُ , فَاعِلٌ ذَلِكَ مِنَ الْحَزْمِ وَالِاحْتِيَاطِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ عُيُونِ الْعَدُوِّ وَبَغَتَاتِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي بَابِ الِاسْتِعْدَادِ وَالتَّأَهُّبِ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ , وَرُبَّمَا ظَفِرَتِ الطَّلِيعَةُ بِ الْعِلْجِ يَدُلُّ عَلَى غَفَلَاتِ الْعَدُوِّ وَعَوَرَاتِهِ ، وَيُخْبِرُ عَنْ قُرْبِ الْعَدُوِّ وَبُعْدِهِ ، وَمَوْضِعِ نُزُولِهِ ، وَمَا يُدَبِّرُ مِنْ كَيَدِ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَيَحْتَرِزُ الْإِمَامُ مِنْ مَكَائِدِهِ وَيَغْتَنِمُ غَفَلَاتِهِ ، فَرُبَّمَا ظَفِرَ بِالْحِيلَةِ ، وَرُبَّمَا نَجَا بِالتَّيَقُّظِ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَأَنَّ خَبَرَهُ حُجَّةٌ يَلْزَمُ قَبُولُهَا ، إِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ ثِقَةٍ ، لِأَنَّ طَلِيعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْعَثَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنِ الْعَدُوِّ بِخَبَرٍ ، إِلَّا مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَاهُ ، فَلَا مَعْنَى لِلْبَعْثَةِ ، وَلَا فَائِدَةَ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ . وَمِنْ ذَلِكَ الرُّخْصَةُ فِي مَسِيرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ طَلِيعَةً لِجَيشٍ ، لِأَنَّ الْخُزَاعِيَّ قَدْ مَضَى وَحْدَهُ سَائِرًا ، بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوِحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا فِي غَيْرِ بَابِ الضَّرُورَةِ ، وَالْحَرْبِ ، لَا لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ ، فَإِذَا كَانَا اثْنَيْنِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُمَا السَّيْرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِصَاحِبٍ لَهُ : إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا ، وَأَقِيمَا ، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ , فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَقَدْ عَارَضَهُ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ رُجِعَتِ الْأُمُورُ إِلَى أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ ، حَتَّى نَعْلَمَ حَظْرًا ، يَعْنِي خَبَرًا يُعَارِضُهُ . وَمِنْ ذَلِكَ الرُّخْصَةُ فِي هُجُومِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ الْعَدَدِ مِنَ الْعَدُوِّ ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَيْنَهُ الْخُزَاعِيَّ ، عَيْنًا وَحْدَهُ إِلَى عَدُوٍّ كَثِيرٍ ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَحْزَابِ : مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ ؟ أَنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى . وَفِيهَا السُّنَّةُ فِي مُشَاوَرَةِ الْإِمَامِ أَصْحَابَهُ فِيمَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَمَرِ عَدُوِّهِمْ ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِمَا قَالَ حِينَ جَاءَهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ ، يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَجَمْعِهِمْ لَهُ ، وَعَزْمِهِمْ عَلَى قِتَالِهِ ، وَصَدِّهِ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ : أَشِيرُوا عَلَيَّ ، وَقَدْ فَعَلَ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ بِبَدْرٍ ، اسْتَشَارَ مَنِ اسْتَشَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَمَرِ الْأُسَارَى ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ مَا أَشَارَا بِهِ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِيمَا مَضَى ، وَكُلُّ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَلْيَتَأَدَّبْ بِهِ الْأَئِمَّةُ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } الْآيَةُ . كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِ بَعْدَهُ . وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : مَا شَاوَرَ قَوْمٌ إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أَمْرِهِمْ . وَقَالَ الضَّحَّاكُ : مَا أَمَرَ اللَّهُ بِالْمَشُورَةِ إِلَّا لَمَّا عَلِمَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّهَا نِصْفُ الْعَقْلِ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْأَخْبَارَ فِي هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ مِمَّا يُدْرِكُ بِهِ مِنَ الصَّوَابِ ، قَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ ، فَمَنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمْ بِرَأْيٍ دُونَ أَصْحَابِهِ ، لِأَنَّ الصَّوَابَ رُبَّمَا أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ دُونَ الْإِمَامِ فِي الْعِلْمِ ، وَالرَّأْيِ ، يُقَالُ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُشَاوِرُ حَتَّى الْمَرْأَةِ . وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَشُورَةَ لَا تُؤَدِّي إِلَّا إِلَى خَيْرٍ ، وَعَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ بَعْدَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ أَعْذَرُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْتَبِدِّ بِرَأْيِهِ دُونَهُمْ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ يَجِبُ قَبُولُهُ مِمَّنْ أَشَارَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ , أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ , اخْرُجْ , ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَقَامَ فَخَرَجَ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ ، فَذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْإِمْرَةِ ، لِأَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ لَمَّا تُوُفِّيَ وَلَّوْا أَمَرَهُمُ امْرَأَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ عَلَى مَعْنَى الْإِمْرَةِ لَا عَلَى مَعْنَى الْمَشُورَةِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3319 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ ، وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ بَعْدَ مَشُورَةٍ وَمِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ عَلَى إِبَاحَةِ سَبْيِ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ ، قَبْلَ قَتْلِ الرِّجَالِ إِذَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَوْنًا لِقَوْمٍ آخَرِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ : أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ عَلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ ، لَمَّا كَانَ سَبْيُ ذَرَارِيِّ الْقَوْمِ وَتَرْكُ ذَلِكَ مُبَاحًا . وَمِنْ ذَلِكَ إِبَاحَةُ قِتَالِ الْمُحْرِمِ مَنْ صَدَّهُ عَنِ الْبَيْتِ ، وَعَنْ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ ، مَوْجُودٌ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ . وَقَوْلُهُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ، تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا يُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَأَضْمَرَ ذَلِكَ وَاخْتَصَرَ الْكَلَامَ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ فَاعِلٌ فِعْلًا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إِلَّا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، قَالَ اللَّهُ : { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } الْآيَةُ ، أَوْ يَقُولُ قَائِلٌ : إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مُعْطِيهِمْ كُلَّ خُطَّةٍ دَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ يُعَظِّمُونَ بِهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ ، تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ فَاعِلٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ، لَمَّا أَعْلَمُهُ اللَّهُ ذَلِكَ ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَعَ أَنَّ رُجُوعَهُ بَعْدَمَا صَالَحَهُمْ وَتَرْكَهُ قِتَالَهُمْ فِي الْحَرَمِ مِنْ تَعْظِيمِ حُرُمَاتِ أَهْلِهِ ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ : إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ الْفِيلَ عَنْ مَكَّةَ ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي ، وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ أَيْ لَا تَبْدَؤا فِيهَا بِقِتَالٍ ، لَا أَنَّ مُحَارَبَةَ مَنْ حَارَبَهُمْ لَا يَجُوزُ ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ جَلَّ حدثناؤُهُ : { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ , فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ } الْآيَةُ ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ : أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ ، فَيَكُونُوا مُقَاتِلِينَ إِذَا بُدِئُوا بِالْقِتَالِ ، لَا مُبْتَدِئِينَ قِتَالًا فِي الْحَرَمِ . وَمِنْ ذَلِكَ انْتِزَاعُهُ السَّهْمَ مِنْ كِنَانَتِهِ ، لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ الْعَطَشَ ، وَأَمْرُهُ إِيَّاهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي الْمَاءِ ، وَذَلِكَ أَحَدُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَعْطَاهُ اللَّهُ لِيَتَحَقَّقَ عِنْدَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ أَمَرُهُ ، وَإِنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَلِيَزْدَادُوا مِنْ أَمْرِهِ وَصِدْقِهِ بِذَلِكَ بَصِيرَةً . وَمِنْ ذَلِكَ الْإِبَاحَةُ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَةَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ، عَلَى غَيْرِ مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانَ حَتَّى يُسْلِمُوا ، وَقِتَالَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا ، أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ، وَإِنَّمَا فَرَضَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَطَاقَ قِتَالَهُمْ ، دُونَ مَنْ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ مِمَّنْ يَعْجَزُ عَنْ قِتَالِهِمْ ، إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَرْجُو أَنْ يَقْوَى إِلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ ، إِذَا مِنْ يُخَلِّفُ عَنِ الْقِتَالِ لِلْعُذْرِ غَيْرُ آثَمٍ ، وَلَا حَرَجَ ، وَقَدْ وَادَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ نَاسًا عَلَى غَيْرِ مَالٍ أَخَذَهُ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ أَحْوَطَ لِلْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَةُ عَدُوِّهِمْ إِلَى مُدَّةٍ يَقْوَوْنَ بِانْقِضَائِهَا عَلَيْهِمْ ، فَهَادَنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ ، يَأْمَنُ فِيهِنَّ النَّاسُ ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، وَيُقَالُ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3320 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُخَالِطُونَ الْحُزْنَ وَالْكَآبَةَ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنَاسِكِهِمْ ، وَنَحَرُوا الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَّةِ ، فَقَالَ قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا ، قَالَ : فَلَمَّا تَلَاهَا نَبِيُّ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : هَنِيئًا مَرِيًّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } إِلَى قَوْلِهِ : { وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا } الْآيَةُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3321 حَدَّثَنَا مُوسَى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } الْآيَةُ ، قَالَ : خَيْبَرُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : نَزَلَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَغَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَبَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ ، وَأُطْعِمُوا نَخِيلَ خَيْبَرَ ، وَظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ ، وَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِتَصْدِيقِ كِتَابِ اللَّهِ , وَظُهُورِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَجُوسِ . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِنَّمَا صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى جِهَةِ النَّظَرِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى لِكَثْرَةِ عَدَدِ الْمُشْرِكِينَ ، وَعَزْمِهِمْ عَلَى مَنْعِهِ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ ، وَطَلَبًا لِلتَّفَرُّغِ لِقِتَالِ غَيْرِهِمْ ، وَأَمْنًا لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَلِيَتَقَوَّى لِحَرْبِهِمْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ مُهَادَنَةُ الْعَدُوِّ عَلَى النَّظَرِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ، لَا يَجُوزُ مُهَادَنَتُهُمْ إِلَى غَيْرِ مُدَّةٍ ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْكَفَّ عَنْهُمْ عَلَى الْأَبَدِ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ ، لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مَتَى قُدِرَ عَلَيْهِ يَجِبُ إِذَا كَانُوا أَهْلَ أَوْثَانٍ حَتَّى يُسْلِمُوا ، وَقِتَالُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَجِبُ حَتَّى يُسْلِمُوا ، أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ ، وَإِذَا هَادَنَهُمْ عَلَى غَيْرِ مُدَّةٍ ، كَانَ ذَلِكَ عَقْدًا خِلَافَ ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا خِلَافَ أَمَرِ اللَّهِ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَالَحَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ عَاجِزٍ عَنْ قِتَالِهِمْ ، أَلَا تَرَاهُ أَخْبَرَ أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ ، وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ هَذِهِ الْمُدَّةَ ، لِأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنْهُ ، وَأَكْثَرُ عَدَدًا وَعُدَّةً مِنْهُ ، بَلْ طَمَعًا أَنْ يُسْلِمُوا أَوْ بَعْضُهُمْ . وَفِي مُهَادَنَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الشِّرْكِ مُدَّةً أَطْوَلَ مِنْ مُدَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا : أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُهَادِنَ قَوْمًا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْصَى مَا يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ هَادَنَ قَوْمًا ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمَّا هَادَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ ، كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ مَعَ الْعُذْرِ الْمَوْجُودِ أَقْصَى مُدَّةً ، يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُهَادِنَ إِلَى مِثْلِهَا عَلَى الصَّلَاحِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَبِهِ أَقُولُ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ , يُصَالِحُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فِيهِ الصَّلَاحُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ . وَمَتَى أَبَحْنَا لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ قَوْمًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، فَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهَا ، وَاحْتَاجَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ يَمْدُدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا إِلَى مُدَّةٍ ثَانِيَةٍ ، فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَنْ يَقْوَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لَهَا صَالَحَهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى قَائِمَةٌ حِينَ صَالَحَهُمُ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِحَاجَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى ذَلِكَ . وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ إِذَا رَأَى مُصَالَحَةَ عَدُوٍّ وَمُهَادَنَتَهُمْ أَنْ يَبْدَأَ هُوَ فَيَعْرِضُ ذَلِكَ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ فَقَالَ لِبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ : إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ ، فَإِنْ شَاؤُوا هَادَنْتُهُمْ مُدَّةً ، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ ، فَإِنْ أَظْهَرَ ، فَإِنْ شَاؤُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ ، فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمَعُوا ، وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمَرَهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُعَاقَدَةَ بَعْضِ وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ الْإِمَامَ عَنْ أَصْحَابِهِ جَائِزٌ ، لِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ ، إِنَّمَا عَقَدَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَحْدَهُ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ أَصْحَابِهِ . وَمِنْ ذَلِكَ إِبَاحَةُ الْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِ الْإِمَامِ فِي حَالِ الْحَرْبِ عِنْدَ مَجِيءِ رَسُولِ الْعَدُوِّ بِالسُّيُوفِ ، تَرْهِيبًا لِلْعَدُوِّ ، وَحِرَاسَةً لِلْإِمَامِ , أَنْ يُنَالَ بِمَكْرُوهٍ ، وَهَذَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ ، اسْتِدْلَالًا بِقِيَامِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ ، وَقَالَ : أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ يَدَهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَهِ الْحَالِ وَبَيْنَ الْحَالِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ . وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمْوَالَ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً لِلْمُسْلِمِينَ ، مَغْنُومَةً إِذَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْهُمْ قَهْرًا ، فَإِنَّهَا مَمْنُوعَةٌ بِالْأَمَانِ لَهُمْ عَلَيْهَا ، مَرْدُودَةٌ إِلَى أَرْبَابِهَا ، إِذَا أَخَذُوا ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمَانِ لَهُمْ ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُغِيرَةِ : أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا حُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُغِيرَةِ لِأَمْنِهِمْ لَمَّا صَحِبُوهُ ، وَقَدْ أَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ ، عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَكَانَ سَفْكُهُ دِمَاءَهُمْ وَأَخَذُهُ أَمْوَالَهُمْ فِي الْوَقْتِ غَدْرًا مِنْهُ بِهِمْ ، وَالْغَدْرُ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَالْأَمَانَاتُ مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ ، وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَالْمُشْرِكِينَ . وَمِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ عَلَى طَهَارَةِ النُّخَامَةِ ، لِأَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ لِأَصْحَابِهِ ، مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَوْلُهُ : فَوَاللَّهِ لَمَا يَتَنَخَّمُ رَسُولُ اللَّهِ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ ، وَهَذَا يُلْزِمُ النَّخَعِيَّ حَيْثُ قَالَ : إِنَّ الْبُزَاقَ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ أُهْرَاقَ الْمَاءُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الدَّالَّةَ عَلَى طَهَارَةِ الْبُزَاقِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ . وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِحْبَابُ الْفَأْلِ ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَ عِكْرِمَةُ : قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ ، لَمَّا أَقْبَلَ سُهَيْلٌ ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْفَأْلَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3322 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ ، وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ فِيمَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ مَنْ رَأَى صُلْحَهُ صَلَاحًا بَعْضَ مَا فِيهِ الْغَيْمُ وَالضَّعْفُ ، فِيمَا يَشْرُطُهُ الْعَدُوُّ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي صُلْحِهِمْ ، إِذَا كَانَ يَرْجُو فِيمَا يُسْتَقْبَلُ عَاقِبَةَ نَفْعِ ذَلِكَ ، بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا يُعْطِيهِمْ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ ، فَمِمَّا أَعْطَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَرْكُهُ كِتَابَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، وَكَتَبَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، وَكِتَابَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ مَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَالِانْصِرَافَ عَنْهُمْ عَامَهُ عَلَى غَيْرِ تَمَامِ الْعُمْرَةِ ، وَرَدَّهُ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا إِلَيْهِمْ ، وَقَدْ ضَاقَ بِذَلِكَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاضْطَرَبُوا مِنْهُ ، وَعَجِبُوا إِذْ لَمْ تَحْتَمِلْ عُقُولُهُمْ ، وَأَنَّ لَهُمْ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا كَانَ مَحْمُودًا فِي الْعَاقِبَةِ غَيْرَ الصِّدِّيقِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ خُصَّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْرِفَةِ صَوَابِ ذَلِكَ وَفَهْمِهِ ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3323 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ : اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا أَرُدُّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِي اجْتِهَادًا ، وَاللَّهِ مَا آلُو عَنِ الْحَقِّ ، وَذَلِكَ يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَهْلِ مَكَّةَ ، فَقَالَ : اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَقَالُوا : إِذًا صَدَّقْنَاكَ بِمَا تَقُولُ ، وَلَكِنْ نَكْتُبُ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ ، بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبَيْتُ عَلَيْهِمْ حَتَّى قَالَ لِي : يَا عُمَرُ أَتُرَانِي رَضِيتُ وَتَأْبَى أَنْتَ ؟ ، قَالَ : فَرَضِيتُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُمْ بِاللَّهِ ، وَأَشَدَّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ، وَلِأَمْرِهِ تَعْظِيمًا ، وَلِدِينِهِ إِعْزَازًا ، وَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلَعَلَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ كَانَ عَنْ أَمَرِ رَبِّهِ ، بَلْ لَا شَكَّ فِيهِ ، لِقَوْلِهِ لِعُمَرَ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِلَّهِ مَعْصِيَتُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، كَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُخَاطَبَةٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، مَعَ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى النُّبُوَّةِ ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى أَبِيهِ صِدْقًا وَحَقًّا ، وَلَيْسَ فِي رَدِّ مَنْ رَدَّ مِنْهُمِ فِيمَا شَرَطُوهُ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ تَخَوُّفِ الْفِتْنَةِ عَلَى مَنْ رَدَّ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ ، وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ عَنْ مَنْ فُتِنَ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ ، فَأَعْطَى بِلِسَانِهِ مُكْرَهًا خِلَافَ مَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ ، فَإِمَّا مُعْطِيًا بِلِسَانِهِ عَلَى الْإِكْرَاهِ مَا لَا يَضُرُّهُ ، أَوْ صَابِرًا عَلَى الْمَكْرُوهِ حَتَّى يُقْتَلَ شَهِيدًا ، عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَرُدُّونَ إِمَّا إِلَى أَبٍ أَوْ إِلَى أَخٍ ، أَوْ ذَوِي رَحِمٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مَكْرُوهًا ، لِأَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ أَهَالِيهِمْ أُشْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يُسْلِمُوهُ لِلْمَكْرُوهِ ، وَقَدْ أَمْضَى اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ ، وَسَمَّاهُ فَتْحًا مُبِينًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،