الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنَيْدُ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنَيْدُ وَمِنْهُمُ الْمُرَبِّي بِفِنُونِ الْعِلْمِ الْمُؤَيَّدِ بِعُيونِ الْحِلْمِ الْمُنَوَّرُ بِخَالِصِ الْإِيقَانِ وَثَابِتِ الْإِيمَانِ الْعَالِمُ بْمُودَعِ الْكِتَابِ وَالْعَامِلُ بِحِلْمِ الْخِطَابِ ، الْمُوَافِقُ فِيهِ لِلْبَيَانِ وَالصَّوَابِ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنَيْدُ : كَانَ كَلَامُهُ بِالنُّصُوصِ مَرْبُوطًا وَبَيَانُهُ بِالْأَدِلَّةِ مَبْسُوطًا ، فَاقَ أَشْكَالَهُ بِالْبَيَانِ الشَّافِي وَاعْتِنَاقِهِ لِلْمَنْهَجِ الْكَافِي وَلُزُومِهِ لِلْعَمَلِ الْوَافِي

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15489 سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُفِيدَ يَقُولَانِ : سَمِعْنَا أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ : عِلْمُنَا مَضْبُوطُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَكْتُبِ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَكَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يَتَفَقَّهُ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِثْلَ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ ، فَأَحْكَمَ الْأُصُولَ وَصَحِبَ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيَّ وَخَالَهُ السَّرِيَّ بْنَ مُغَلِّسٍ فَسَلَكَ مَسْلَكَهُمَا فِي التَّحْقِيقِ بِالْعِلْمِ وَاسْتِعْمَالِهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15490 سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : كَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيُّ يَجِيءُ إِلَى مَنْزِلِنَا فَيَقُولُ : اخْرُجْ مَعِي نُصْحِرُ ، فَأَقُولُ لَهُ : تُخْرِجُنِي مِنْ عُزْلَتِي وَأَمْنِي عَلَى نَفْسِي إِلَى الطُّرُقَاتِ وَالْآفَاتِ وَرُؤْيَةِ الشَّهَوَاتِ ؟ ، فَيَقُولُ : اخْرُجْ مَعِي وَلَا خَوْفَ عَلَيْكَ ، فَأَخْرُجُ مَعَهُ فَكَانَ الطَّرِيقُ فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا نَرَى شَيْئًا نَكْرَهُهُ ، فَإِذَا حَصُلْتُ مَعَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ قَالَ لِي : سَلْنِي ، فَأَقُولُ لَهُ : مَا عِنْدِي سُؤَالٌ أَسْأَلُكَ فَيَقُولُ : سَلْنِي عَمَّا يَقَعُ فِي نَفْسِكَ ، فَتَنْثَالُ عَلَيَّ السُّؤَالَاتُ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا فَيُجِيبُنِي عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَعْمَلُهَا كُتُبًا فَكُنْتُ أَقُولُ لِلْحَارِثِ كَثِيرًا : عُزْلَتِي وَأُنْسِي وَتُخْرِجُنِي إِلَى وَحْشَةِ رُؤْيَةِ النَّاسِ وَالطُّرُقَاتِ فَيَقُولُ لِي : كَمْ تَقُولُ أُنْسِي وَعُزْلَتِي لَوْ أَنَّ نِصْفَ الْخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي مَا وَجَدْتُ بِهِمْ أُنْسًا وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ نَأَوْا عَنِّي مَا اسْتَوْحَشْتُ لِبُعْدِهِمْ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15491 قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ النَّاقِدِ الصُّوفِيِّ صَاحِبِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَطَاءٍ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَأَقَرَّ بِهِ ، قُلْتُ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ عِقْدِ الْحِكْمَةِ تَعْرِيفُ الْمَصْنُوعِ صَانِعَهُ وَالْمُحْدَثِ كَيْفَ كَانَ أَحْدَثَهُ ؟ وَكَيْفَ كَانَ أَوَّلُهُ ؟ وَكَيْفَ أُحْدِثَ بَعْدَ مَوْتِهِ ؟ فَيَعْرِفُ صِفَةَ الْخَالِقِ مِنَ الْمَخْلُوقِ وَصِفَةَ الْقَدِيمِ مِنَ الْمُحْدَثِ ، فَيَعْرِفُ الْمَرْبُوبُ رَبَّهُ وْالْمَصْنُوعُ صَانِعَهُ وَالْعَبْدُ الضَّعِيفُ سَيِّدَهُ ، فَيَعْبُدُهُ وَيُوَحِّدُهُ وَيُعَظِّمُهُ وَيَذِلُّ لِدَعْوَتِهِ وَيَعْتَرِفُ بِوُجُوبِ طَاعَتِهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَالِكَهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْمُلْكِ لِمَنِ اسْتَوْجَبَهُ وَلَمْ يُضِفِ الْخَلْقَ فِي تَدْبِيرِهِ إِلَى وَلِيِّهِ ، وَالتَّوْحِيدُ عِلْمُكَ وَإِقْرَارُكَ بِأَنَّ اللَّهَ فَرْدٌ فِي أَوَّلِيَّتِهِ ، وَأَزَلِيَّتِهِ لَا ثَانِيَ مَعَهُ وَلَا شَيْءَ يَفْعَلُ فِعْلَهُ وَأَفْعَالَهُ الَّتِي أَخْلَصَهَا لِنَفْسِهِ ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ وَلَا يُسْقِمُ وَلَا يُبْرِئُ وَلَا يَرْفَعُ وَلَا يَضَعُ وَلَا يَخْلُقُ وَلَا يَرْزُقُ وَلَا يُمِيتُ وَلَا يُحْيِي وَلَا يُسْكِنُ وَلَا يُحَرِّكُ غَيْرُهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقِيلَ لَهُ : بَيِّنِ التَّوْحِيدَ وَعَلِّمْنَا مَا هُوَ ؟ فَقَالَ : هُوَ الْيَقِينُ ، فَقِيلَ لَهُ : بَيِّنْ لَنَا فَقَالَ : هُوَ مَعْرِفَتُكَ أَنَّ حَرَكَاتِ الْخَلْقِ وَسُكُونَهَا فِعْلُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ وَحَّدْتَهُ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّكَ جَعَلْتَ اللَّهَ وَاحِدًا فِي أَفْعَالِهِ إِذْ كَانَ لَيْسَ شَيْءٌ يَفْعَلُ أَفْعَالَهُ وَإِنَّمَا الْيَقِينُ اسْمٌ لِلتَّوْحِيدِ إِذَا تَمَّ وَخَلُصَ ، وَإِنَّ التَّوْحِيدَ إِذَا تَمَّ تَمَّتِ الْمَحَبَّةُ وَالتَّوَكُّلُ وَسُمِّيَ يَقِينًا ، فَالتَّوَكُّلُ عَمَلُ الْقَلْبِ ، وَالتَّوْحِيدُ قَوْلُ الْعَبْدِ ، فَإِذَا عَرَفَ الْقَلْبُ التَّوْحِيدَ وَفَعَلَ مَا عَرَفَ فَقَدْ تَمَّ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّ التَّوَكُّلَ نِظَامُ التَّوْحِيدِ فَإِذَا فَعَلَ مَا عَرَفَ فَقَدْ تَمَّ إِيمَانُهُ وَخَلُصَ فَرْضُهُ لِأَنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ أَنَّ فِعْلَ اللَّهِ لَا يَفْعَلُهُ شَيْءً غَيْرُ اللَّهِ ثُمَّ تَخَافُ غَيْرَهُ وَتَرْجُو غَيْرَهُ لَمْ تَأْتِ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَنْبَغِي فَلَوْ عَمِلْتَ مَا عَرَفْتَ لَرَجَوْتَ اللَّهَ وَحْدَهُ حِينَ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فِعْلَهُ غَيْرُهُ ، فَالْقَوْلُ فِيمَنْ يَقْصُرُ عِلْمُ قَلْبِهِ أَنَّهُ نَاقِصُ التَّوْحِيدِ ؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ مُشْتَغِلٌ بِالْفِتْنَةِ الَّتِي هِيَ آفَةُ التَّوْحِيدِ ، قُلْتُ : قِصَرُ عِلْمِ القَلْبِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : ظَنُّكَ أَنَّ شَيْئًا يَفْعَلُ فِعْلَ اللَّهِ فَاسْمُ ذَلِكَ الظَّنِّ فِتْنَةٌ ، وَالْفِتْنَةُ هِيَ الشِّرْكُ اللَّطِيفُ ، قُلْتُ : أَوَلَيْسَ الْفِتْنَةُ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَيْهِ وَمُفْسِدَةٌ لَهُ ، قُلْتُ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : ظَنُّكَ بِاللَّهِ إِذْ ظَنَنْتَ أَنَّ مَنْ يَشَاءُ يَفْعَلُ فِعْلَهُ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا يَطُولُ وَلَكِنْ مَنْ يَفْهَمْ يَقْنَعْ بِالْيَسِيرِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15492 سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مُوسَى ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الطُّوسِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ عُلْوَانَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ ، يَقُولُ فِيمَا يَعِظُنِي بِهِ : يَا فَتَى الْزَمِ الْعِلْمَ وَلَوْ وَرَدَ عَلَيْكَ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا وَرَدَ ، وَيَكُونُ الْعِلْمُ مَصْحُوبَكَ فَالْأَحْوَالُ تَنْدَرِجُ فِيكَ وَتَنْفَدُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا }

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15493 أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : رَأَيْتُ الْجُنَيْدَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ قَالَ : طَاحَتْ تِلْكَ الْإِشَارَاتُ وَغَابَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ وَفَنِيَتْ تِلْكَ الْعُلومُ وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُومُ ، وَمَا نَفَعَنَا إِلَّا رُكَيْعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا فِي الْأَسْحَارِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15494 سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ مِقْسَمٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ الدَّرَّاجِ ، يَقُولُ ذَكَرَ الْجُنَيْدُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَمَا يُرَاعُونَهُ مِنَ الْأَوْرَادِ وَالْعِبَادَاتِ بَعْدَ مَا أَلْطَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ فَقَالَ الْجُنَيْدُ : الْعِبَادَةُ عَلَى الْعَارِفِينَ أَحْسَنُ مِنَ التِّيجَانِ عَلَى رُؤُوسِ الْمُلُوكِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15495 أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى الْفَقِيهُ الْأَسْفِيعَانِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ ، يَقُولُ : الطُّرُقُ كُلُّهَا مَسْدُودَةٌ عَلَى الْخَلْقِ إِلَّا مَنِ اقْتَفَى أَثَرَ الرَّسُولِ وَاتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَلَزِمَ طَرِيقَتَهُ فَإِنَّ طُرُقَ الْخَيْرَاتِ كُلَّهَا مَفْتُوحَةٌ عَلَيْهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15496 وَقَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ فَقُلْتُ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَأَلْتُ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَأَسْبَابِهَا فَالْمَعْرِفَةُ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ هِيَ مَعْرِفَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بِهَا وَاحِدٌ وَلَكِنْ لَهَا أَوَّلُ وَأَعْلَى فَالْخَاصَّةُ فِي أَعْلَاهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَبْلُغُ مِنْهَا غَايَةً وَلَا نِهَايَةً إِذْ لَا غَايَةَ لِلْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْعَارِفِينَ وَكَيْفَ تُحِيطُ الْمَعْرِفَةُ بِمَنْ لَا تَلْحَقُهُ الْفِكْرَةُ وَلَا تُحِيطُ بِهِ الْعُقُولُ وَلَا تَتَوَهَّمُهُ الْأَذْهَانُ وَلَا تُكَيِّفُهُ الرُّؤْيَةُ ؟ وَأَعْلَمُ خَلْقِهِ بِهِ أَشَدُّهُمْ إِقْرَارًا بِالْعَجْزِ عَنْ إِدْرَاكِ عَظَمَتِهِ أَوْ تَكَشُّفِ ذَاتِهِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِعَجْزِهِمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَنْ لَا شَيْءَ مِثْلُهُ إِذْ هُوَ الْقَدِيمُ وَمَا سِوَاهُ مُحْدَثٌ وَإِذْ هُوَ الْأَزِلِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُبْدَأُ وَإِذْ هُوَ الْإِلَهُ وَمَا سِوَاهُ مَأْلُوهٌ وَإِذْ هُوَ الْقَوِيُّ مِنْ غَيْرِ مُقَوٍّ وَكُلُّ قَوِيٍّ بِقُوَّتِهِ قَوِيٌّ وَإِذْ هُوَ الْعَالِمُ مِنْ غَيْرِ مُعَلِّمٍ ، وَلَا فَائِدَةَ اسْتَفَادَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكُلُّ عَالِمٍ فَبِعِلْمِهِ عَلِمَ ، سُبْحَانَهُ الْأَوَّلُ بِغَيْرِ بِدَايَةٍ وَالْبَاقِي إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ هَذَا الْوَصْفَ غَيْرُهُ وَلَا يَلِيقُ بِسِوَاهُ فَأَهْلُ الْخَاصَّةِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فِي أَعْلَى الْمَعْرِفَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلُغُوا مِنْهَا غَايَةً وَلَا نِهَايَةً ، وَالْعَامَّةُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِهَا وَلَهَا شَوَاهِدُ وَدَلَائِلُ مِنَ الْعَارِفِينَ عَلَى أَعْلَاهَا وَعَلَى أَدْنَاهَا ، فَالشَّاهِدُ عَلَى أَدْنَاهَا الْإِقْرَارُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَخَلْعِ الْأَنْدَادِ مِنْ دُونِهِ ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَبِكِتَابِهِ وَفَرْضِهِ فِيهِ وَنَهْيِهِ ، وَالشَّاهِدُ عَلَى أَعْلَاهَا الْقِيَامُ فِيهِ بِحَقِّهِ ، وَاتِّقَاؤُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَإِيثَارُهُ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ وَاتِّبَاعُ مَعَالِي الْأَخْلَاقِ وَاجْتِنَابُ مَا لَا يُقْرَبُ مِنْهُ ، فَالْمَعْرِفَةُ الَّتِي فَضَّلَتِ الْخَاصَّةَ عَلَى الْعَامَّةِ هِيَ عَظِيمُ الْمَعْرِفَةِ فِي قُلُوبِهِمْ بِعَظِيمِ الْقَدْرِ وَالْإِجْلَالِ وَالْقُدْرَةِ النَّافِذَةِ وَالْعِلْمِ الْمُحِيطِ وَالْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْآلَاءِ ؛ فَعَظُمَ فِي قُلُوبِهِمْ قَدْرُهُ وَقَدْرُ جَلَالَتِهِ ، وَهَيْبَتُهُ وَنَفَاذُ قُدْرَتِهِ ، وَأَلِيمُ عَذَابِهِ وَشِدَّةُ بَطْشِهِ وَجَزِيلُ ثَوَابِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ بِجَنَّتِهِ وَتَحَنُّنِهِ وَكَثْرَةُ أَيَادِيهِ وَنِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ، فَلَمَّا عَظُمَتِ الْمَعْرِفَةُ بِذَلِكَ عَظْمُ الْقَادِرُ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَجَلُّوهُ وَهَابُوهُ وَأَحَبُّوهُ وَاسْتَحْيَوْا مِنْهُ وَخَافُوهُ وَرَجَوْهُ فَقَامُوا بِحَقِّهِ وَاجْتَنَبُوا كُلَّ مَا نَهَى عَنْهُ وَأَعْطَوْهُ الْمَجْهُودَ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ ، أَزْعَجَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا اسْتَقَرَّ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ عَظِيمِ الْمَعْرِفَةِ ، بِعَظِيمِ قَدْرِهِ وَقَدْرِ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ فَهُمْ أَهْلُ الْخَاصَّةِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ ، فَلِذَلِكَ قِيلَ : فُلَانٌ بِاللَّهِ عَارِفٌ ، وَفُلَانٌ بِاللَّهِ عَالِمٌ لَمَّا رَأَوْهُ مُجِلًّا هَائِبًا رَاهِبًا رَاجِيًا طَالِبًا مُشْتَاقًا وَرِعًا مُتَّقِيًا بَاكِيًا حَزِينًا خَاضِعًا مُتَذَلِّلًا ، فَلَمَّا ظَهَرَتْ مِنْهُمْ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُمْ بِاللَّهِ أَعْرَفُ وَأَعْلَمُ مِنْ عَوَّامِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } ، وَقَالَ دَاودُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إِلَهِي مَا عَلِمَ مَنْ لَمْ يَخْشَكَ فَالْمَعْرِفَةُ الَّتِي فَضُلَتْ بِهَا الْخَاصَّةُ الْعَامَّةَ هِيَ عَظِيمُ الْمَعْرِفَةِ فَإِذَا عَظُمَتِ الْمَعْرِفَةُ بِذَلِكَ وَاسْتَقَرَّتْ وَلَزِمَتِ الْقُلُوبَ صَارَتْ يَقِينًا قَوِيًّا فَكَمُلَتْ حِينَئِذٍ أَخْلَاقُ الْعَبْدِ وَتَطَهَّرَ مِنَ الْأَدْنَاسِ فَنَالَ بِهِ عَظِيمَ الْمَعْرِفَةِ بِعَظِيمِ الْقَدْرِ وَالْجَلَالِ وَالتَّذَكُّرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي الْخَلْقِ كَيْفَ خَلَقَهُمْ وَأَتْقَنَ صَنْعَتَهُمْ ؟ وَفِي الْمَقَادِيرِ كَيْفَ قَدَّرَهَا فَاتَّسَقَتْ عَلَى الْهَيْئَاتِ الَّتِي هَيَّأَهَا وَالْأَوْقَاتِ الَّتِي وَقَّتَهَا ، وَفِي الْأُمُورِ كَيْفَ دَبَّرَهَا عَلَى إِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ ؟ فَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهَا شَيْءٌ عَنِ الْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ وَالِاتِّسَاقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِنَّ النَّظَرَ فِي الْقُدْرَةِ يفْتَحُ بَابَ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ فِي الْقَلْبِ ، وَمَرَّ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ بِمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ : عِظْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ : بِمَ أَعِظُكَ ؟ إِنَّكَ لَوْ عَرَفْتَ اللَّهَ أَغْنَاكَ ذَلِكَ عَنْ كُلِّ كَلَامٍ ، لَكِنْ عَرَفُوهُ عَلَى دَلَالَةِ أَنَّهُمْ لَمَّا نَظَرُوا فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَدَوَرَانِ هَذَا الْفَلَكِ وَارْتِفَاعِ هَذَا السَّقْفِ بِلَا عَمَدٍ وَمَجَارِي هَذِهِ الْأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ عَلِمُوا أَنَّ لِذَلِكَ صَانِعًا وَمُدْبِرًا لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ أَعْمَالِ خَلْقِهِ فعَبْدُوهُ بِدَلَائِلِهِ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ عَايَنُوهُ ، وَاللَّهُ فِي دَارِ جَلَالِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُمْ بِعَظِيمِ قَدْرِهِ أَعْرَفُ وَأَعْلَمُ إِذْ هُمْ لَهُ أَجَلَّ وَأَهْيَبُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15497 سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارَ يَقُولُ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : اعْلَمْ يَا أَخِي ، أَنَّ الْوُصُولَ إِذَا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مَفَاوِزُ مُهْلُكَةٌ وَمَنَاهِلُ مُتْلِفَةٌ لَا تُسْلَكُ إِلَّا بِدَلِيلٍ ، وَلَا تُقْطَعُ إِلَّا بِدَوَامِ رَحِيلٍ وَأَنَا وَاصِفٌ لَكَ مِنْهَا مَفَازَةً وَاحِدَةً فَافْهَمْ مَا أَنْعَتُهُ لَكَ مِنْهَا وَقِفْ عِنْدَمَا أُشِيرُ لَكَ فِيهَا وَاسْتَمِعْ لِمَا أَقُولُ وَافْهَمْ مَا أَصِفُ : اعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ مَفَازَةً إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ أُرِيدَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَأَسْتَوْدِعَكَ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْكَ وَاقِيَةً بَاقِيَةً فَإِنَّ الْخَطَرَ فِي سُلُوكِهَا عَظِيمٌ وَالْأَمْرَ الْمَشَاهَدَ فِي الْمَمَرِّ بِهَا جَسِيمٌ فَإِنَّ مِنْ أَوَائِلِهَا أَنْ يُوغَلَ بِكَ فِي فَيْحِ بَرْزَخٍ لَا أَمَدَ لَهُ إِيغَالًا وَيُدْخَلَ بِكَ بِالْهُجُومِ فِيهِ إِدْخَالًا وَتُرْسَلَ فِي جُوَيْهِنَتِهِ إِرْسَالًا ، ثُمَّ تَتَخَلَّى مِنْكَ لَكَ وَيَتَخَلَّى مِنْكَ لَهُ فَمَنْ أَنْتَ حِينَئِذٍ ؟ وَمَا يُرَادُ بِكَ ؟ وَمَاذَا يُرَادُ مِنْكَ وَأَنْتَ حِينَئِذٍ فِي مَحَلٍّ أَمْنُهُ رَوْعٌ ، وَأُنْسُهُ وَحْشَةٌ وَضِيَاؤُهُ ظُلْمَةٌ ، وَرَفَاهِيَتُهُ شِدَّةٌ ، وَشَهَادَتُهُ غِيبَةٌ ، وَحَيَاتُهُ مَيْتَةٌ لَا دَرْكَ فِيهِ لِطَالِبٍ ، وَلَا مُهِمَّةَ فِيهِ لِسَارِبٍ وَلَا نَجَاةَ فِيهِ لِهَارِبٍ وَأَوَائِلُ مُلَاقَاتِهِ اصْطِلَامٌ وَفَوَاتِحُ بَدَائِعِهِ احْتِكَامٌ وَعَوَاطِفُ مَمَرِّهِ احْتِرَامٌ ، فَإِنْ غَمَرَتْكَ غَوَامِرُهُ انْتَسَفَتْكَ بَوَادِرُهُ وَذَهَبَ بِكَ فِي الِارْتِمَاسُ ، وَأَغْرَقَتْكَ بِكَثِيفِ الِانْطِمَاسِ فَذَهَبْتَ سِفَالًا فِي الِانْغِمَاسِ إِلَى غَيْرِ دَرْكِ نِهَايَةٍ وَلَا مُسْتَقَرٍ لِغَايَةٍ فَمَنِ الْمُسْتَنْفِذُ لَكَ مِمَّا هُنَالِكَ ؟ وَمَنِ الْمُسْتَخْرِجُ لَكَ مِنْ تِلْكِ الْمَهَالِكِ وَأَنْتَ فِي فَرْطِ الْإِيَاسِ مِنْ كُلِّ فَرَجٍ مُشَوَّهٍ بِكَ فِي إِغْرَاقِ لُجَّةِ اللُّجَجِ ؟ فَاحْذَرْ ثُمَّ احْذَرْ فَكَمْ مِنْ مُتَعَرِّضٍ اخْتُطِفَ وَمُتَكَلِفٍّ انْتُسِفَ ، وَأَتْلَفَ بِالْغِرَّةِ نَفْسَهُ وَأَوْقَعَ بِالسُّرْعَةِ حَتْفَهُ جَعَلْنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ النَّاجِينَ وَلَا حَرَمَنَا وَإِيَّاكَ مَا خَصَّ بِهِ الْعَارِفِينَ ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي ، أَنَّ الَّذِي وَصَفْتُهُ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْمَفَاوِزِ وَعَرَّضْتُ بِبَعْضِ نَعْتِهِ إِشَارَةً إِلَى عِلْمٍ لَمْ أَصِفْهُ ، وَكَشْفُ الْعِلْمِ بِهَا يُبْعِدُ وَالْكَائِنُ بِهَا يَفْقِدُ فَخُذْ فِي نَعْتِ مَا تَعْرِفُهُ مِنَ الْأَحْوَالِ وَمَا يَبْلُغُهُ النَّعْتُ وَالسُّؤَالُ وَيوجَدُ فِي الْمُقَارِبِينَ وَالْأَشْكَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ بِظَفَرِكَ لِظَفَرِكَ وَأَبْعَدُ مِنْ حَظِّكَ لِحَظِّكَ وَاحْذَرْ مِنْ مُصَادَمَاتِ مُلَاقَاةِ الْأَبْطَالِ وَالْهُجُومِ عَلَى حِينِ وَقْتِ النَّزَالِ وَالتَّعَرُّضِ لِأَمَاكِنِ أَهْلِ الْكَمَالِ قَبْلَ أَنْ تُمَاتَ مِنْ حَيَاتِكَ ثُمَّ تِحْيَى مِنْ وَفَاتِكَ وَتُخْلَقَ خَلْقًا جَدِيدًا وَتَكُونَ فَرِيدًا وَحِيدًا ، وَكُلُّ مَا وَصَفْتُهُ لَكَ إِشَارَةٌ إِلَى عِلْمِ مَا أُرِيدُهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،