بَابُ مَنْعِ النَّفْسِ هَوَاهَا وَقَدْعِهَا عَنْ شَهَوَاتِهَا
68 حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ |
69 حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : كَانَتْ لِفَاطِمَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ زَوْجَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَارِيَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ فَائِقٍ ، وَكَانَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ مُعْجَبًا بِهَا قَبْلَ أَنْ تُقْضَى إِلَيْهِ الْخِلَافَةُ ، فَطَلَبَهَا مِنْهَا وَحَرَصَ فَأَبَتْ دَفْعَهَا إِلَيْهِ ، وَغَارَتْ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَمَرَتْ فَاطِمَةُ بِالْجَارِيَةِ فَأُصْلِحَتْ ثُمَّ حُلِّيَتْ ، فَكَانَتْ حَدِيثًا فِي حُسْنِهَا وَجَمَالِهَا ، ثُمَّ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّكَ كُنْتَ بِفُلَانَةَ جَارِيَتِي مُعْجَبًا وَسَأَلْتَنِيهَا فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ ، وَإِنَّ نَفْسِي قَدْ طَابَتْ لَكَ بِهَا الْيَوْمَ ، فَدُونَكَهَا ، فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ اسْتَبَانَ الْفَرَحُ فِي وَجْهِهِ , ثُمَّ قَالَ : ابْعَثِي بِهَا إِلَيَّ ، فَفَعَلَتْ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ أَعْجَبَهُ ، فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا ، فَقَالَ لَهَا : أَلْقِي ثَوْبَكِ ، فَلَمَّا هَمَّتْ أَنْ تَفْعَلَ قَالَ : عَلَى رِسْلِكِ ، اقْعُدِي ، أَخْبِرِينِي لِمَنْ كُنْتِ ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتِ لِفَاطِمَةَ ؟ قَالَتْ : كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَغْرَمَ عَامِلًا كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا ، وَكُنْتُ فِي رَقِيقِ ذَلِكَ الْعَامِلِ ، فَاسْتَصْفَانِي عَنْهُ مَعَ رَقِيقٍ لَهُ وَأَمْوَالٍ ، فَبَعَثَ بِي إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ صَبِيَّةٌ ، فَوَهَبَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ . قَالَ : وَمَا فَعَلَ الْعَامِلُ ؟ قَالَتْ : هَلَكَ . قَالَ : وَمَا تَرَكَ وَلَدًا ؟ قَالَتْ : بَلَى . قَالَ : وَمَا حَالُهُمْ ؟ قَالَتْ : سَيِّئَةٌ . قَالَ : شُدِّي عَلَيْكِ ثَوْبَكِ . ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ عَامِلِهِ أَنْ شَرِّحْ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ عَلَى الْبَرِيدِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ لَهُ : ارْفَعْ إِلَيَّ جَمِيعَ مَا أَغْرَمَ الْحَجَّاجُ إِيَّاكَ . فَلَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا إِلَّا دَفَعَهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْجَارِيَةِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَخَذَ بِيَدِهَا قَالَ : إِيَّاكَ وَإِيَّاهَا فَإِنَّكَ حَدِيثُ السِّنِّ ، وَلَعَلَّ أَبَاكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا . فَقَالَ الْغُلَامُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هِيَ لَكَ . قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا . قَالَ : فَابْتَعْهَا مِنِّي . قَالَ : لَسْتُ إِذًا مِمَّنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَمَضَى بِهَا الْفَتَى ، فَقَالَتْ لَهُ الْجَارِيَةُ : فَأَيْنَ مَوْجِدَتُكَ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ : إِنَّهَا لَعَلَى حَالِهَا ، وَلَقَدِ ازْدَادَتْ ، فَلَمْ تَزَلِ الْجَارِيَةُ فِي نَفْسِ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ |
70 أَنْشَدَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ : وَإِنِّي وَصَبْرِي عَنْكَ وَالشَّوْقُ نَارُهُ تَوَقَّدَ فِي الْأَحْشَاءِ أَيَّ تَوَقُّدِ لَكَالْحَائِمِ الْمَمْنُوعِ بَرْدَ شَرَابِهِ وَمُصْطَبِرٍ لِلْقَتْلِ مِنْ كَفِّ مَعْقَدِ وَفِي الْقَلْبِ هَوْلٌ وَهْوَ يَعْلَمُ مَا الَّذِي يَحْيَى بِهِ فِي عَقِبِهِ الْيَوْمَ أَوْ غَدِ وَهَلْ هُوَ إِلَّا أَنْ أَمُوتَ صَبَابَةً وَشَوْقًا وَلَمْ يَغْلِبْ هَوَاكَ تَجَلُّدِي |
71 أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَارَسْتَانِيُّ لِعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُعَذِّلِ : إِنَّ الْعُيُونَ إِذَا مُكِّنَّ مِنْ رَجُلٍ يَفْعَلْنَ بِالْقَلْبِ مَا لَا تَفْعَلُ الْأَسَلُ وَلَيْسَ بِالْبَطَلِ الْمَاشِي إِلَى بَطَلٍ فِي الْحَرْبِ تُخْمَدُ أَحْيَانًا وَتَشْتَعِلُ لَكِنَّهُ مِنْ لَوَى قَلْبٍ إِذَا رُشِقَتْ فِيهِ الْعُيُونُ فَذَاكَ الْفَارِسُ الْبَطَلُ |
72 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ نُوحِ بْنِ ذَكْوَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ مِنَ السَّرَفِ أَنْ نَتَنَاوَلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْنَا |
74 حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ مَيْمُونٍ السِّبَاعِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ الْمُجْتَهِدَ فَلْيَكُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ |
75 وَأَنْشَدْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ : أَقْنِعِ النَّفْسَ بِالْكَفَافِ وَإِلَّا طَلَبَتْ مِنْكَ فَوْقَ مَا يَكْفِيهَا إِنَّمَا أَنْتَ طُولَ عُمُرِكَ مَا عَمَّرْتَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا |
76 حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْطَاكِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ : قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ : دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ ، فَوَجَدْتُهُ مُكِبًّا يَنْظُرُ فِي وَرَقَةٍ فِيهَا مَكْتُوبٌ بِالذَّهَبِ ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ ، فَقُلْتُ : فَائِدَةٌ ، أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : نَعَمْ ، وَجَدْتُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي بَعْضِ خَزَائِنِ بَنِي أُمَيَّةَ اسْتَحْسَنْتُهُمَا ، وَقَدْ أَضَفْتُ إِلَيْهِمَا ثَالِثًا ، فَأَنْشَدَنِي : إِذَا سُدَّ بَابٌ عَنْكَ مِنْ دُونِ حَاجَةٍ فَدَعْهُ لِأُخْرَى يَنْفَتَحْ لَكَ بَابُهَا فَإِنَّ قِرَابَ الْبَطْنِ يَكْفِيكَ مَلْؤُهُ وَيَكْفِيكَ سَوْءَاتِ الْأُمُورِ اجْتِنَابُهَا فَلَا تَكُ مِبْذَالًا لِعِرْضِكَ وَاجْتَنِبْ رُكُوبَ الْمَعَاصِي يَجْتَنِبْكَ عِقَابُهَا |