غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : لَمَّا دَخَلَ شَعْبَانُ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ كَلَّمْتُ بَنُو نُفَاثَةَ وَهُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ أَنْ يُعِينُوهُمْ عَلَى خُزَاعَةَ بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاحِ فَوَعَدُوهُمْ وَوَافَوْهُمْ بِالْوَتِيرِ مُتَنَكِّرِينَ مُتَنَقِّبِينَ فِيهِمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَمِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنُ الْأَخْيَفِ فَبَيَّتُوا خُزَاعَةَ لَيْلًا وَهُمْ غَارُّونَ آمِنُونَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا ثُمَّ نَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَا صَنَعَتْ وَعَلِمُوا أَنَّ هَذَا نَقْضٌ لِلْمُدَّةِ وَالْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِبًا مِنْ خُزَاعَةَ فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُونَهُ بِالَّذِي أَصَابَهُمْ وَيَسْتَنْصِرُونَهُ فَقَامَ وَهُوَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَهُوَ يَقُولُ : لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي ، وَقَالَ : إِنَّ هَذَا السَّحَابَ لَيَسْتَهِلُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَهْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْفَى أَمَرَهُ وَأَخَذَ بِالْأَنْقَابِ وَقَالَ اللَّهُمَّ خُذْ عَلَى أَبْصَارَهُمْ فَلَا يَرَوْنِي إِلَّا بَغْتَةً فَلَمَّا أَجْمَعَ الْمَسِيرَ كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِذَلِكَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو فَأَخَذَا رَسُولَهُ وَكِتَابَهُ فَجَاءَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْعَرَبِ فَجُلُّهُمْ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَأَشْجَعُ وَسُلَيْمٌ فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَاهُ بِالْمَدِينَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَحِقَهُ بِالطَّرِيقِ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ عَشْرَةُ آلَافٍ وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَخَرَجَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الصَّلْصُلِ قَدَّمَ أَمَامَهُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي مِائَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ ثُمَّ سَارَ فَلَمَّا كَانَ بِقُدَيْدٍ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ وَدَفَعَهَا إِلَى الْقَبَائِلِ ، ثُمَّ نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ عِشَاءً فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَوْقَدُوا عَشَرَةَ آلَافِ نَارٍ وَلَمْ يَبْلُغْ قُرَيْشًا مَسِيرُهُ وَهُمْ مُغْتَمُّونَ لِمَا يَخَافُونَ مِنْ غَزْوِهِ إِيَّاهُمْ فَبَعَثُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ يَتَحَسَّبُ الْأَخْبَارَ وَقَالُوا : إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا فَخُذْ لَنَا مِنْهُ أَمَانًا فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فَلَمَّا رَأَوُا الْعَسْكَرَ أَفْزَعَهُمْ , وَقَدِ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَلَى الْحَرَسِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَمِعَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَبَا حَنْظَلَةَ فَقَالَ : لَبَّيْكَ فَمَا وَرَاءَكَ فَقَالَ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِي عَشْرَةِ آلَافٍ فَأَسْلِمْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكُ وَعَشِيرَتُكَ فَأَجَارَهُ وَخَرَجَ بِهِ وَبِصَاحِبَيْهِ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا وَجَعَلَ لِأَبِي سُفْيَانَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَقَدْ حُبِسَ أَبُو سُفْيَانَ فَرَأَى مَا لَا قِبَلَ لَهُ بِهِ فَقَالَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنُ أَخِيكَ عَظِيمًا فَقَالَ الْعَبَّاسُ : وَيْحَكَ إِنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ وَلَكِنَّهَا نُبُوَّةٌ قَالَ : فَنَعَمْ . وَكَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَبَلَغَهُ عَنْهُ فِي قُرَيْشٍ كَلَامٌ وَتَوَاعُدٌ لَهُمْ فَأَخَذَهَا مِنْهُ فَدَفَعَهَا إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ وَالزُّبَيْرَ مِنْ كُدًى وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنَ اللِّيطِ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَذَاخِرَ وَنَهَى عَنِ الْقِتَالِ وَأَمَرَ بِقَتْلِ سِتَّةِ نَفَرٍ وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ : عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَهَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ اللَّيْثِيُّ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِلَالِ بْنِ خَطَلٍ الْأَدْرَمِيُّ وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَسَارَةُ مَوْلَاةُ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَفَرْتَنَا وَقَرِيبَةَ فَقُتِلَ مِنْهُمُ ابْنُ خَطَلٍ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ وَكُلُّ الْجُنُودِ لَمْ يُلْقَوْا جَمْعًا غَيْرَ خَالِدٍ لَقِيَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فِي جَمَعٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِالْخَنْدَمَةِ فَمَنَعُوهُ مِنَ الدُّخُولِ وَشَهَرُوا السِّلَاحَ وَرَمَوْا بِالنَّبْلِ فَصَاحَ خَالِدٌ فِي أَصْحَابِهِ وَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَأَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ هُذَيْلٍ وَانْهَزَمُوا أَقْبَحَ الِانْهِزَامِ فَلَمَّا ظَهْرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ رَأَى الْبَارِقَةَ فَقَالَ : أَلَمْ أَنْهَ عَنِ الْقِتَالِ ؟ ، فَقِيلَ خَالِدٌ قُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقَالَ : قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلَانِ أَخْطَئَا الطَّرِيقَ أَحَدُهُمَا كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ ، وَخَالِدٌ الْأَشْقَرُ الْخُزَاعِيُّ وَضُرِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ بِالْحَجُونِ فَمَضَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِرَايَتِهِ حَتَّى رَكَزَهَا عِنْدَهَا وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَهَا فَقِيلَ لَهُ : أَلَا تَنْزِلُ مَنْزِلَكَ ؟ فَقَالَ وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا مَنْزِلًا وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً فَأَسْلَمَ النَّاسُ طَائِعِينَ وَكَارِهِينَ وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا فَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ بِصَنَمٍ مِنْهَا يُشِيرُ إِلَيْهِ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ : جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ، فَيَقَعُ الصَّنَمُ لِوَجْهِهِ وَكَانَ أَعْظَمَهَا هُبَلُ وَهُوَ وِجَاهَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَقَامِ وَهُوَ لَاصِقٌ بِالْكَعْبَةِ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ نَاحِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَرْسَلَ بِلَالًا إِلَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ فَجَاءَ بِهِ عُثْمَانُ فَقَبَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَخَرَجَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ وَالْمِفْتَاحُ مَعَهُ وَقَدْ لُبِطَ بِالنَّاسِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَقَالَ : خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ تَالِدَةً خَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ظَالِمٌ وَدَفَعَ السِّقَايَةَ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَالَ : أَعْطَيْتُكُمْ مَا تَرْزَأُكُمْ وَلَا تَرْزَؤُونَهَا . ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمِيمَ بْنَ أَسَدٍ الْخُزَاعِيَّ فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ وَحَانَتِ الظُّهْرُ فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُغْزَى قُرَيْشٌ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَعْنِي عَلَى الْكُفْرِ وَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَزْوَرَةِ ، وَقَالَ : إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ - يَعْنِي مَكَّةَ - وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ ، وَبَثَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّرَايَا إِلَى الْأَصْنَامِ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَكَسَرَهَا مِنْهَا ، الْعُزَّى وَمَنَاةُ وَسُوَاعٌ وَبُوَانَةُ وَذُو الْكَفَّيْنِ فَنَادَى مُنَادِيَهُ بِمَكَّةَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدَعُ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كَسَرَهُ , وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَمْ تَحِلُّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ وَلَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ غَنَائِمِهَا شَيْءٌ . وَفَتَحَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَقَامَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يُعَلِّمُهُمُ السُّنَنَ وَالْفِقْهَ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : لَمَّا دَخَلَ شَعْبَانُ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ كَلَّمْتُ بَنُو نُفَاثَةَ وَهُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ أَنْ يُعِينُوهُمْ عَلَى خُزَاعَةَ بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاحِ فَوَعَدُوهُمْ وَوَافَوْهُمْ بِالْوَتِيرِ مُتَنَكِّرِينَ مُتَنَقِّبِينَ فِيهِمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَمِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنُ الْأَخْيَفِ فَبَيَّتُوا خُزَاعَةَ لَيْلًا وَهُمْ غَارُّونَ آمِنُونَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا ثُمَّ نَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَا صَنَعَتْ وَعَلِمُوا أَنَّ هَذَا نَقْضٌ لِلْمُدَّةِ وَالْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِبًا مِنْ خُزَاعَةَ فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُونَهُ بِالَّذِي أَصَابَهُمْ وَيَسْتَنْصِرُونَهُ فَقَامَ وَهُوَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَهُوَ يَقُولُ : لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي ، وَقَالَ : إِنَّ هَذَا السَّحَابَ لَيَسْتَهِلُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَهْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْفَى أَمَرَهُ وَأَخَذَ بِالْأَنْقَابِ وَقَالَ اللَّهُمَّ خُذْ عَلَى أَبْصَارَهُمْ فَلَا يَرَوْنِي إِلَّا بَغْتَةً فَلَمَّا أَجْمَعَ الْمَسِيرَ كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِذَلِكَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو فَأَخَذَا رَسُولَهُ وَكِتَابَهُ فَجَاءَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْعَرَبِ فَجُلُّهُمْ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَأَشْجَعُ وَسُلَيْمٌ فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَاهُ بِالْمَدِينَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَحِقَهُ بِالطَّرِيقِ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ عَشْرَةُ آلَافٍ وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَخَرَجَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الصَّلْصُلِ قَدَّمَ أَمَامَهُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي مِائَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ ثُمَّ سَارَ فَلَمَّا كَانَ بِقُدَيْدٍ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ وَدَفَعَهَا إِلَى الْقَبَائِلِ ، ثُمَّ نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ عِشَاءً فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَوْقَدُوا عَشَرَةَ آلَافِ نَارٍ وَلَمْ يَبْلُغْ قُرَيْشًا مَسِيرُهُ وَهُمْ مُغْتَمُّونَ لِمَا يَخَافُونَ مِنْ غَزْوِهِ إِيَّاهُمْ فَبَعَثُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ يَتَحَسَّبُ الْأَخْبَارَ وَقَالُوا : إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا فَخُذْ لَنَا مِنْهُ أَمَانًا فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فَلَمَّا رَأَوُا الْعَسْكَرَ أَفْزَعَهُمْ , وَقَدِ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَلَى الْحَرَسِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَمِعَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَبَا حَنْظَلَةَ فَقَالَ : لَبَّيْكَ فَمَا وَرَاءَكَ فَقَالَ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِي عَشْرَةِ آلَافٍ فَأَسْلِمْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكُ وَعَشِيرَتُكَ فَأَجَارَهُ وَخَرَجَ بِهِ وَبِصَاحِبَيْهِ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا وَجَعَلَ لِأَبِي سُفْيَانَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَقَدْ حُبِسَ أَبُو سُفْيَانَ فَرَأَى مَا لَا قِبَلَ لَهُ بِهِ فَقَالَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنُ أَخِيكَ عَظِيمًا فَقَالَ الْعَبَّاسُ : وَيْحَكَ إِنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ وَلَكِنَّهَا نُبُوَّةٌ قَالَ : فَنَعَمْ .
وَكَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَبَلَغَهُ عَنْهُ فِي قُرَيْشٍ كَلَامٌ وَتَوَاعُدٌ لَهُمْ فَأَخَذَهَا مِنْهُ فَدَفَعَهَا إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ وَالزُّبَيْرَ مِنْ كُدًى وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنَ اللِّيطِ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَذَاخِرَ وَنَهَى عَنِ الْقِتَالِ وَأَمَرَ بِقَتْلِ سِتَّةِ نَفَرٍ وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ : عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَهَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ اللَّيْثِيُّ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِلَالِ بْنِ خَطَلٍ الْأَدْرَمِيُّ وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَسَارَةُ مَوْلَاةُ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَفَرْتَنَا وَقَرِيبَةَ فَقُتِلَ مِنْهُمُ ابْنُ خَطَلٍ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ وَكُلُّ الْجُنُودِ لَمْ يُلْقَوْا جَمْعًا غَيْرَ خَالِدٍ لَقِيَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فِي جَمَعٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِالْخَنْدَمَةِ فَمَنَعُوهُ مِنَ الدُّخُولِ وَشَهَرُوا السِّلَاحَ وَرَمَوْا بِالنَّبْلِ فَصَاحَ خَالِدٌ فِي أَصْحَابِهِ وَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَأَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ هُذَيْلٍ وَانْهَزَمُوا أَقْبَحَ الِانْهِزَامِ فَلَمَّا ظَهْرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حدثنيَّةِ أَذَاخِرَ رَأَى الْبَارِقَةَ فَقَالَ : أَلَمْ أَنْهَ عَنِ الْقِتَالِ ؟ ، فَقِيلَ خَالِدٌ قُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقَالَ : قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلَانِ أَخْطَئَا الطَّرِيقَ أَحَدُهُمَا كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ ، وَخَالِدٌ الْأَشْقَرُ الْخُزَاعِيُّ وَضُرِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ بِالْحَجُونِ فَمَضَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِرَايَتِهِ حَتَّى رَكَزَهَا عِنْدَهَا وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَهَا فَقِيلَ لَهُ : أَلَا تَنْزِلُ مَنْزِلَكَ ؟ فَقَالَ وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا مَنْزِلًا وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً فَأَسْلَمَ النَّاسُ طَائِعِينَ وَكَارِهِينَ وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا فَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ بِصَنَمٍ مِنْهَا يُشِيرُ إِلَيْهِ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ : جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ، فَيَقَعُ الصَّنَمُ لِوَجْهِهِ وَكَانَ أَعْظَمَهَا هُبَلُ وَهُوَ وِجَاهَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَقَامِ وَهُوَ لَاصِقٌ بِالْكَعْبَةِ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ نَاحِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَرْسَلَ بِلَالًا إِلَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ فَجَاءَ بِهِ عُثْمَانُ فَقَبَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَخَرَجَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ وَالْمِفْتَاحُ مَعَهُ وَقَدْ لُبِطَ بِالنَّاسِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَقَالَ : خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ تَالِدَةً خَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ظَالِمٌ وَدَفَعَ السِّقَايَةَ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَالَ : أَعْطَيْتُكُمْ مَا تَرْزَأُكُمْ وَلَا تَرْزَؤُونَهَا .
ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمِيمَ بْنَ أَسَدٍ الْخُزَاعِيَّ فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ وَحَانَتِ الظُّهْرُ فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُغْزَى قُرَيْشٌ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَعْنِي عَلَى الْكُفْرِ وَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَزْوَرَةِ ، وَقَالَ : إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ - يَعْنِي مَكَّةَ - وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ ، وَبَثَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّرَايَا إِلَى الْأَصْنَامِ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَكَسَرَهَا مِنْهَا ، الْعُزَّى وَمَنَاةُ وَسُوَاعٌ وَبُوَانَةُ وَذُو الْكَفَّيْنِ فَنَادَى مُنَادِيَهُ بِمَكَّةَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدَعُ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كَسَرَهُ , وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَمْ تَحِلُّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ وَلَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ غَنَائِمِهَا شَيْءٌ .
وَفَتَحَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَقَامَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يُعَلِّمُهُمُ السُّنَنَ وَالْفِقْهَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1615 وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَفْطَرَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْآخِرَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1616 أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَخَذَ قَعْبًا فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ قَبِلَ الرُّخْصَةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبِلَهَا وَمَنْ صَامَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَامَ . فَكَانُوا يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ وَيَرَوْنَ الْمُحْكَمَ النَّاسِخَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1617 أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1618 أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ ، أَخْبَرَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ ، عَنْ قَزَعَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : آذَنَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ صُوَّامٌ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا الْكَدِيدَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِطْرِ فَأَصْبَحْنَا شُرْجَيْنِ مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ حَتَّى إِذَا بَلَغَنَا مَرَّ الظَّهْرَانِ أَعْلَمَنَا أَنَا نَلْقَى الْعَدُوَّ وَأَمَرَنَا بِالْفِطْرِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1619 وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، قَالَا : أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَتَحْنَا مَكَّةَ لِثَمَانِي عَشْرَةَ أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ فَصَامَ بَعْضُنَا وَأَفْطَرَ بَعْضُنَا : فَلَمْ يَعِبِ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ وَلَا الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1620 أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ حَتَّى أَتَى قُدَيْدًا فَأُتِيَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَفْطَرَ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1621 أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُرَيْسٍ الْجَعْفَرِيُّ ، حَدَّثَنِي حَمَّادٌ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ فِي عَشْرٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ مُسَافِرٌ مُجَاهِدٌ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1622 أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ بِثَمَانِيَةِ آلَافٍ أَوْ عَشَرَةِ آلَافٍ وَخَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَلْفَيْنِ إِلَى حُنَيْنٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1623 أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى ، قَالَ : دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي عَشْرَةِ آلَافٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،