بَابُ الِافْتِخَارِ بِالْعَفَافِ
137 حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ قَالَ : خَرَجْتُ إِلَى الْمِرْبَدِ فَإِذَا أَنَا بِأَعْرَابِيٍّ غَزِلٍ ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ ، فَذَكَرْتُ عِنْدَهُ النِّسَاءَ فَتَنَفَّسَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، وَإِنَّ مِنْ كَلَامِهِنَّ لَمَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَاءِ فَيَشْفِي مِنَ الظَّمَأِ ، فَقُلْتُ : يَا أَعْرَابِيُّ ، صِفْ لِي نِسَاءَكُمْ ، فَقَالَ : نِسَاءَ الْحَيِّ تُرِيدُ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ : رُجُحٌ وَلَيْسَ مِنَ اللَّوَاتِي بِالضُّحَى لِذِيُولِهِنَّ عَلَى الطَّرِيقِ غُبَارُ وَإِذَا خَرَجْنَ يَرِدْنَ أَهْلَ مُصَابَةٍ كَانَ الْخُطَا لِسِرَاعِهَا الْإِبْشَارُ يَأْنَسْنَ عِنْدَ بُعُولِهِنَّ إِذَا خَلَوْا وَإِذَا هُمُ خَرَجُوا فَهُنَّ خِفَارُ قَالَ الْعُتْبِيُّ : فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَ الْأَعْرَابِيُّ قَوْلَهُ : وَإِنَّ مِنْ كَلَامِهِنَّ لَمَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَاءِ فَيَشْفِي الظَّمَأَ ؟ قَالَ : مِنْ قَوْلِ الْقُطَامِيِّ : يَقْتُلْنَنَا بِحَدِيثٍ لَيْسَ يَعْلَمُهُ مَنْ يَتَّقِينَ وَلَا مَكْنُونُهُ بَادِي فَهُنَّ يَنْبِذْنَ مِنْ قَوْلٍ يُصِبْنَ بِهِ مَوَاقِعَ الْمَاءِ مِنْ ذِي الْغُلَّةِ الصَّادِي |
138 حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ الْمَرْوَزِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَحْمَدَ النَّحْوِيِّ قَالَ : بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بَصُرْتُ بِامْرَأَةٍ مُتَبَرْقِعَةٍ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتَقُولُ : لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مَعْشُوقَةٍ عَمَلًا يَوْمًا وَعَاشِقُهَا غَضْبَانُ مَهْجُورُ لَيْسَتْ بِمَأْجُورَةٍ فِي قَتْلِ عَاشِقِهَا وَلَكِنَّ عَاشِقَهَا فِي ذَاكَ مَأْجُورُ فَقُلْتُ لَهَا : فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، رَحِمَكَ اللَّهُ ؟ فَقَالَتْ : إِلَيْكَ عَنِّي ، لَا يُعَلِّقُكَ الْحُبُّ ، قُلْتُ : وَمَا الْحُبُّ ؟ قَالَتْ : جَلَّ اللَّهُ عَنْ أَنْ يَخْفَى ، وَخَفِيَ عَنْ أَنْ يُرْمَى ، فَهُوَ كَالنَّارِ فِي أَحْجَارِهَا ، إِذَا حَرَّكْتَهُ أَوْرَى ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ تَوَارَى ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : غِيدٌ غَرَائِرُ مَا هَمَمْنَ بِرِيبَةٍ كَظِبَاءِ مَكَّةَ صَيْدُهُنَّ حَرَامُ يَحْسِبْنَ مِنْ لِينِ الْحَدِيثِ زَمَائِنًا وَيَصُدُّهُنَّ عَنِ الْخَنَا الْإِسْلَامُ |
139 حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : قَالَ صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ يَوْمًا : هَلْ تَعْرِفُونَ بَيْتًا شَرِيفًا فِي امْرَأَةٍ خَفِرَةٍ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، بَيْتٌ لِحَاتِمٍ فِي زَوْجَتِهِ مَاوِيَّةَ ابْنَةِ عَفْذَرٍ : يُضِيءُ لَهَا الْبَيْتُ الظَّلِيلُ خَصَاصَةً إِذَا هِيَ يَوْمًا حَاوَلَتْ أَنْ تَبَسَّمَا قَالَ : مَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا ، قُلْنَا : فَبَيْتُ الْأَعْشَى : كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا مَرُّ السَّحَابَةِ لَا رَيْثٌ وَلَا عَجِلُ قَالَ : قَدْ جَعَلَهَا تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ ، قُلْنَا : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، فَأَيُّ بَيْتٍ هُوَ ؟ قَالَ : قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ : وَيُكْرِمْنَهَا جَارَاتُهَا فَيَزُرْنَهَا وَتَعْتَلُّ عَنْ إِتْيَانِهِنَّ فَتُعْذَرُ |
141 حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الزَّيْنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي اللَّيْثِ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِلَيْلَى الْأَخْيَلِيَّةِ : بِاللَّهِ ، هَلْ كَانَ بَيْنَكِ وَبَيْنَ تَوْبَةَ سُوءٌ قَطُّ ؟ قَالَتْ : وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَهَابِ نَفْسِي ، مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سُوءٌ قَطُّ ، إِلَّا أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَصَافَحْتُهُ فَغَمَزَ يَدِي ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَخْنَعُ لِبَعْضِ الْأَمْرِ قَالَ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ : وَذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ لَا تَبُحْ بِهَا فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتُ سَبِيلُ لَنَا صَاحِبٌ لَا نَبْتَغِي أَنْ نَخُونَهُ وَأَنْتَ لِأُخْرَى فَاعْلَمَنَّ خَلِيلُ قَالَتْ : لَا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ ، مَا كَلَّمَنِي بِسُوءٍ قَطُّ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ |
142 أَنْشَدَنِي الْعَلَاءُ بْنُ دَاوُدَ الْحَذَّاءُ : يَا أَحْسَنَ النَّاسِ إِلَّا أَنَّ نَائِلَهَا قَدْمًا لِمَنْ يَبْتَغِي مَعْرُوفَهَا عَسِرُ وَإِنَّمَا ذُلُّهَا سِحْرٌ لِطَالِبِهَا وَإِنَّمَا قَلْبُهَا لِلْمُشْتَكِي حَجَرُ يَا لَيْتَ أَنِّي وَأَثْوَابِي وَرَاحِلَتِي عَبْدٌ لِأَهْلِكَ هَذَا الشَّهْرَ مُتَّجَرُ إِنْ كَانَ ذَا قَدَرًا أَيُعْطِيكَ نَائِلَهُ مِنَّا وَيَمْنَعُنَا ؟ مَا أَنْصَفَ الْقَدَرُ |
143 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُلَاعِبِ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ ، عَنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا ، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا ، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ |
144 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ اتَّقَتْ رَبَّهَا ، وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا ، قِيلَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ادْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ |
145 حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي : أَنَّ امْرَأَةً لَقِيَتْ كُثَيِّرَ عَزَّةَ ، وَكَانَ قَلِيلًا ذَمِيمًا ، فَقَالَتْ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : كُثَيِّرُ عَزَّةَ قَالَتْ : تَسْمَعَ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ . قَالَ : مَهْ ، رَحِمَكِ اللَّهُ ، فَإِنِّي أَنَا الَّذِي أَقُولُ : فَإِنْ أَكُ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ فَإِنَّنِي إِذَا مَا وَزَنْتَ الْقَوْمَ بِالْقَوْمِ وَازِنُ قَالَتْ : وَكَيْفَ تَكُونُ بِالْقَوْمِ وَازِنًا وَأَنْتَ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِعِزَّةَ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتِ ذَلِكَ ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرِي ، وَزَيَّنَ بِهَا شِعْرِي ، وَإِنَّهَا لَكَمَا قُلْتُ : مَا رَوْضَةٌ بِالْحَزْنِ ظَاهِرَةُ الثَّرَى يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُهَا وَعَرَارُهَا بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانِ عَزَّةَ مَوْهِنًا وَقَدْ وُقِدَتْ بِالْمَنْدَلِ الرَّطْبِ نَارُهَا مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ تَلْقَ شِقْوَةً وَبِالْحَسَبِ الْمَكْنُونِ صَافٍ فِخَارُهَا فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنِكَ قُرَّةً وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يُعْمِمْكَ عَارُهَا قَالَتْ : أَرَأَيْتَ حِينَ تَذْكُرُ طِيبَهَا فَلَوْ أَنَّ زِنْجِيَّةً اسْتَجْمَرَتْ بِالْمَنْدَلِ الرَّطْبِ لَطَابَ رِيحُهَا ، أَلَا قُلْتَ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ : خَلِيلِيَّ مُرَّا عَلَى أُمِّ جُنْدُبٍ نَقْضِ لَبَانَاتِ الْفُؤَادِ الْمُعَذَّبِ أَلَمْ تَرَ أَنِّي كُلَّمَا جِئْتُ طَارِقًا وَجَدْتُ لَهَا طِيبًا وَإِنْ لَمْ تَطَيَّبِ قَالَ : الْحَقُّ وَاللَّهِ خَيْرُ مَا قِيلَ ، هُوَ وَاللَّهِ أَنْعَتُ لِصَاحِبَتِهِ مِنِّي |