بَابُ سَبَبِ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِيشِ السَّبَبُ الَّذِي قُتِلَ بِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ ذَكَرْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ , ثُمَّ قَالَ فِي عُثْمَانَ : فَاتَّبِعُوا هَذَا وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ عَلَى هُدًى فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَصْحَابِهِ مَنْ هُمْ ؟ قِيلَ لَهُ : أَصْحَابُهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ , الْمَذْكُورُ نَعْتَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , الَّذِي مَنْ أَحَبَّهُمْ سَعِدَ , وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ شَقِيَ فَإِنْ قَالَ : فَاذْكُرْهُمْ , قِيلَ لَهُ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَطَلْحَةُ , وَالزُّبَيْرُ , وَسَعْدٌ , وَسَعِيدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ فِي وَقْتِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , كُلُّهُمْ كَانُوا عَلَى هُدًى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُلُّهُمْ أَنْكَرَ قَتْلَهُ , وَكُلُّهُمُ اسْتَعْظَمَ مَا جَرَى عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَشَهِدُوا عَلَى قَتَلَتِهِ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَنِ الَّذِي قَتَلَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : طَوَائِفُ أَشْقَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَتْلِهِ حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ وَبَغْيًا , وَأَرَادُوا الْفِتْنَةَ وَأَنْ يُوقِعُوا الضَّغَائِنَ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِمَا سَبَقَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشِّقْوَةِ فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَعْظَمُ , فَإِنْ قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ ؟ قِيلَ لَهُ : أَوَّلُ ذَلِكَ وَبَدْءُ شَأْنِهِ أَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ السَّوْدَاءِ وَيُعْرَفُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ زَعَمَ أَنَّهُ أَسْلَمَ , فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ , فَحَمَلَهُ الْحَسَدُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِصَحَابَتِهِ , وَلِلْإِسْلَامِ , فَانْغَمَسَ فِي الْمُسْلِمِينَ , كَمَا انْعَمَسَ مَلِكُ الْيَهُودِ بُولَسُ بْنُ شَاوِذَ فِي النَّصَارَى حَتَّى أَضَلَّهُمْ , وَفَرَّقَهُمْ فِرَقًا , وَصَارُوا أَحْزَابًا , فَلَمَّا تَمَكَّنَ فِيهِمُ الْبَلَاءُ وَالْكُفْرُ تَرَكَهُمْ , وَقِصَّتُهُ تَطُولُ , ثُمَّ عَادَ إِلَى التَّهَوِّدِ بَعْدَ ذَلِكَ , فَهَكَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ , أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ , وَأَظْهَرَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَصَارَ لَهُ أَصْحَابٌ فِي الْأَمْصَارِ , ثُمَّ أَظْهَرَ الطَّعْنَ عَلَى الْأُمَرَاءِ , ثُمَّ أَظْهَرَ الطَّعْنَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثُمَّ طَعَنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ يَتَوَلَّى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ الْكَرِيمُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَوَلَدَهُ وَذُرِّيَّتَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ سَبَأٍ وَأَصْحَابِهِ السَّبَأِيَّةِ , فَلَمَّا تَمَكَّنَتِ الْفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ فِي ابْنِ سَبَأٍ وَأَصْحَابِهِ , صَارَ إِلَى الْكُوفَةِ , فَصَارَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ , ثُمَّ وَرَدَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَصَارَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ , ثُمَّ وَرَدَ إِلَى مِصْرَ , فَصَارَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ , كُلُّهُمْ أَهْلُ ضَلَالَةٍ , ثُمَّ تَوَاعَدُوا الْوَقْتَ , وَتَكَاتَبُوا لِيَجْتَمِعُوا فِي مَوْضِعٍ , ثُمَّ يَصِيرُوا كُلُّهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ , لِيَفْتِنُوا الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا فَفَعَلُوا , ثُمَّ سَارُوا إِلَى الْمَدِينَةِ , فَقَتَلُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَمَعَ ذَلِكَ فَأَهَلُ الْمَدِينَةِ لَا يَعْلَمُونَ حَتَّى وَرَدُوا عَلَيْهِمْ , فَإِنْ قَالَ : فَلِمَ لَمْ يُقَاتِلْ عَنْهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَحَابَتَهُ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى فَاجَأَهُمُ الْأَمْرُ , وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ جَيْشٌ قَدْ أُعِدَّ لِحَرْبٍ , فَلَمَّا فَجَأَهُمْ ذَلِكَ اجْتَهَدُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي نُصْرَتِهِ وَالذَّبِّ عَنْهُ , فَمَا أَطَاقُوا ذَلِكَ وَقَدْ عَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى نُصْرَتِهِ وَلَوْ تَلِفَتْ أَنْفُسُهُمْ , فَأَبَى عَلَيْهِمْ وَقَالَ : أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي , وَفِي حَرَجٍ مِنْ نُصْرَتِي , وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَالِمًا مَظْلُومًا , وَقَدْ خَاطَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ بِمُخَاطَبَةٍ شَدِيدَةٍ , وَغَلَظُوا لَهُمْ فِي الْقَوْلِ , فَلَمَّا أَحَسُّوا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ ؛ أَظْهَرَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَتَوَلُّونَ الصَّحَابَةَ , فَلَزِمَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَزَعَمَتْ أَنَّهَا تَتَوَلَّاهُ , وَقَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ , فَمَنَعُوهُ الْخُرُوجَ وَلَزِمَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بَابَ طَلْحَةَ , وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ يَتَوَلُّونَهُ , وَقَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ ، وَلَزِمَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بَابَ الزُّبَيْرِ وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ يَتَوَلُّونَهُ ، وَقَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَشْغَلُوا الصَّحَابَةَ عَنِ الِانْتِصَارِ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَلَبَّسُوا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَمْرَهُمْ لِلْمَقْدُورِ الَّذِي قَدَّرَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ عُثْمَانَ يُقْتَلُ مَظْلُومًا , فَوَرَدَ عَلَى الصَّحَابَةِ أَمْرٌ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَأْذَنَ لَهُمْ بِنُصْرَتِهِ مَعَ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ , فَأَبَى عَلَيْهِمْ , وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ ؛ لَقَاتَلُوا

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ سَبَبِ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِيشِ السَّبَبُ الَّذِي قُتِلَ بِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ ذَكَرْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ , ثُمَّ قَالَ فِي عُثْمَانَ : فَاتَّبِعُوا هَذَا وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ عَلَى هُدًى فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَصْحَابِهِ مَنْ هُمْ ؟ قِيلَ لَهُ : أَصْحَابُهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ , الْمَذْكُورُ نَعْتَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , الَّذِي مَنْ أَحَبَّهُمْ سَعِدَ , وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ شَقِيَ فَإِنْ قَالَ : فَاذْكُرْهُمْ , قِيلَ لَهُ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَطَلْحَةُ , وَالزُّبَيْرُ , وَسَعْدٌ , وَسَعِيدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ فِي وَقْتِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , كُلُّهُمْ كَانُوا عَلَى هُدًى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُلُّهُمْ أَنْكَرَ قَتْلَهُ , وَكُلُّهُمُ اسْتَعْظَمَ مَا جَرَى عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَشَهِدُوا عَلَى قَتَلَتِهِ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَنِ الَّذِي قَتَلَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : طَوَائِفُ أَشْقَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَتْلِهِ حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ وَبَغْيًا , وَأَرَادُوا الْفِتْنَةَ وَأَنْ يُوقِعُوا الضَّغَائِنَ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِمَا سَبَقَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشِّقْوَةِ فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَعْظَمُ , فَإِنْ قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ ؟ قِيلَ لَهُ : أَوَّلُ ذَلِكَ وَبَدْءُ شَأْنِهِ أَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ السَّوْدَاءِ وَيُعْرَفُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ زَعَمَ أَنَّهُ أَسْلَمَ , فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ , فَحَمَلَهُ الْحَسَدُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِصَحَابَتِهِ , وَلِلْإِسْلَامِ , فَانْغَمَسَ فِي الْمُسْلِمِينَ , كَمَا انْعَمَسَ مَلِكُ الْيَهُودِ بُولَسُ بْنُ شَاوِذَ فِي النَّصَارَى حَتَّى أَضَلَّهُمْ , وَفَرَّقَهُمْ فِرَقًا , وَصَارُوا أَحْزَابًا , فَلَمَّا تَمَكَّنَ فِيهِمُ الْبَلَاءُ وَالْكُفْرُ تَرَكَهُمْ , وَقِصَّتُهُ تَطُولُ , ثُمَّ عَادَ إِلَى التَّهَوِّدِ بَعْدَ ذَلِكَ , فَهَكَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ , أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ , وَأَظْهَرَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَصَارَ لَهُ أَصْحَابٌ فِي الْأَمْصَارِ , ثُمَّ أَظْهَرَ الطَّعْنَ عَلَى الْأُمَرَاءِ , ثُمَّ أَظْهَرَ الطَّعْنَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثُمَّ طَعَنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ يَتَوَلَّى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ الْكَرِيمُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَوَلَدَهُ وَذُرِّيَّتَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ سَبَأٍ وَأَصْحَابِهِ السَّبَأِيَّةِ , فَلَمَّا تَمَكَّنَتِ الْفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ فِي ابْنِ سَبَأٍ وَأَصْحَابِهِ , صَارَ إِلَى الْكُوفَةِ , فَصَارَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ , ثُمَّ وَرَدَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَصَارَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ , ثُمَّ وَرَدَ إِلَى مِصْرَ , فَصَارَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ , كُلُّهُمْ أَهْلُ ضَلَالَةٍ , ثُمَّ تَوَاعَدُوا الْوَقْتَ , وَتَكَاتَبُوا لِيَجْتَمِعُوا فِي مَوْضِعٍ , ثُمَّ يَصِيرُوا كُلُّهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ , لِيَفْتِنُوا الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا فَفَعَلُوا , ثُمَّ سَارُوا إِلَى الْمَدِينَةِ , فَقَتَلُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَمَعَ ذَلِكَ فَأَهَلُ الْمَدِينَةِ لَا يَعْلَمُونَ حَتَّى وَرَدُوا عَلَيْهِمْ , فَإِنْ قَالَ : فَلِمَ لَمْ يُقَاتِلْ عَنْهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَحَابَتَهُ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى فَاجَأَهُمُ الْأَمْرُ , وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ جَيْشٌ قَدْ أُعِدَّ لِحَرْبٍ , فَلَمَّا فَجَأَهُمْ ذَلِكَ اجْتَهَدُوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي نُصْرَتِهِ وَالذَّبِّ عَنْهُ , فَمَا أَطَاقُوا ذَلِكَ وَقَدْ عَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى نُصْرَتِهِ وَلَوْ تَلِفَتْ أَنْفُسُهُمْ , فَأَبَى عَلَيْهِمْ وَقَالَ : أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي , وَفِي حَرَجٍ مِنْ نُصْرَتِي , وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَالِمًا مَظْلُومًا , وَقَدْ خَاطَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ بِمُخَاطَبَةٍ شَدِيدَةٍ , وَغَلَظُوا لَهُمْ فِي الْقَوْلِ , فَلَمَّا أَحَسُّوا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ ؛ أَظْهَرَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَتَوَلُّونَ الصَّحَابَةَ , فَلَزِمَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَزَعَمَتْ أَنَّهَا تَتَوَلَّاهُ , وَقَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ , فَمَنَعُوهُ الْخُرُوجَ وَلَزِمَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بَابَ طَلْحَةَ , وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ يَتَوَلُّونَهُ , وَقَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ ، وَلَزِمَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بَابَ الزُّبَيْرِ وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ يَتَوَلُّونَهُ ، وَقَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَشْغَلُوا الصَّحَابَةَ عَنِ الِانْتِصَارِ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَلَبَّسُوا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَمْرَهُمْ لِلْمَقْدُورِ الَّذِي قَدَّرَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ عُثْمَانَ يُقْتَلُ مَظْلُومًا , فَوَرَدَ عَلَى الصَّحَابَةِ أَمْرٌ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَأْذَنَ لَهُمْ بِنُصْرَتِهِ مَعَ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ , فَأَبَى عَلَيْهِمْ , وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ ؛ لَقَاتَلُوا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1414 حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُتَّلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي شَحْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا دَهْثَمُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ : حدثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , وَهِشَامٍ , عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : لَقَدْ كَانَ فِي الدَّارِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَبْنَاؤُهُمْ , مِنْهُمْ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , الرَّجُلُ مِنْهُمْ خَيْرٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا يَقُولُونَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , خَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ , فَقَالَ : أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ وَإِنَّ لِي عَلَيْهِ حَقًّا أَنْ لَا يُهْرِيقَ فِيَّ دَمًا , وَأُحَرِّجُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمَا كَفَانِي الْيَوْمَ نَفْسَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ مَظْلُومٌ , وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْقَتْلِ , فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا عَنْهُ , وَإِنْ كَانَ قَدْ مَنَعَهُمْ , قِيلَ لَهُ : مَا أَحْسَنْتَ الْقَوْلَ ؛ لِأَنَّكَ تَكَلَّمَتْ بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ , فَإِنْ قَالَ : وَلِمَ ؟ قِيلَ : لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا أَصْحَابَ طَاعَةٍ وَفَّقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِلصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ , فَقَدْ فَعَلُوا مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإِنْكَارِ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ , وَعَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ لِنُصْرَتِهِ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِمْ , فَلَمَّا مَنَعَهُمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ نُصْرَتِهِ , عَلِمُوا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لَهُ , وَأَنَّهُمْ إِنْ خَالَفُوهُ لَمْ يَسْعَهُمْ ذَلِكَ , وَكَانَ الْحَقُّ عِنْدَهُمْ فِيمَا رَآهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلِمَ مَنَعَهُمْ عُثْمَانُ مِنْ نُصْرَتِهِ وَهُوَ مَظْلُومٌ , وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ قِتَالَهُمْ عَنْهُ نَهْى عَنْ مُنْكَرٍ , وَإِقَامَةُ حَقٍّ يُقِيمُونَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : وَهَذَا أَيْضًا غَفْلَةٌ مِنْكَ , فَإِنْ قَالَ : وَكَيْفَ ؟ قِيلَ لَهُ : مَنْعُهُ إِيَّاهُمْ عَنْ نُصْرَتِهِ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا , كُلُّهَا مَحْمُودَةٌ : أَحَدُهَا , عِلْمُهُ بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ مَظْلُومٌ لَا شَكَّ فِيهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَهُ أَنَّكَ تُقْتَلُ مَظْلُومًا , فَاصْبِرْ فَقَالَ : أَصْبِرُ , فَلَمَّا أَحَاطُوا بِهِ عَلِمَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ , وَأَنَّ الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حَقٌّ كَمَا قَالَ لَابُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ , ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ وَعَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ , فَصَبَرَ كَمَا وَعَدَ , وَكَانَ عِنْدَهُ أَنْ مَنْ طَلَبَ الِانْتِصَارَ لِنَفْسِهِ وَالذَّبِّ عَنْهَا فَلَيْسَ هَذَا بِصَابِرٍ , إِذْ وَعَدَ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ فَهَذَا وَجْهٌ , وَوَجْهٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ فِيَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قِلَّةُ عَدَدٍ , وَأَنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ , فَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَتْلَفَ مِنْ صَحَابَةِ نَبِيِّهِ بِسَبَبِهِ , فَوَقَاهُمْ بِنَفْسِهِ إِشْفَاقًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُ رَاعٍ وَالرَّاعِي وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَحُوطَ رَعِيَّتَهُ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَهُ , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ فَصَانَهُمْ بِنَفْسِهِ , وَهَذَا وَجْهٌ , وَوَجْهٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهَا فِتْنَةٌ , وَأَنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا سُلَّ فِيهَا السَّيْفُ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُقْتَلَ فِيهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ ؛ فَلَمْ يَخْتَرْ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَسُلُّوا فِي الْفِتْنَةِ السَّيْفَ , وَهَذَا أَيْضًا إِشْفَاقٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ , فِتْنَةٌ تَعُمُّ , وَتَذْهَبُ فِيهَا الْأَمْوَالُ , وَتُهْتَكُ فِيهَا الْحَرِيمَ , فَصَانَهُمْ عَنْ جَمِيعِ هَذَا , وَوَجْهٌ آخَرُ , يَحْتَمِلُ أَنْ يَصْبِرَ عَنِ الِانْتِصَارِ لِتَكُونَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ شُهُودًا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ , وَخَالَفَ أَمَرَهُ , وَسَفَكَ دَمَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ , لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَرْضِهِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُحِبَّ أَنْ يُهَرَاقَ بِسَبَبِهِ دَمُ مُسْلِمٍ , وَلَا يَخْلُفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ بِإِهْرَاقِهِ دَمِ مُسْلِمٍ , وَكَذَا قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَكَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَذَا الْفِعْلِ مُوَفِّقًا مَعْذُورًا رَشِيدًا , وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي عُذْرٍ , وَشَقِيُّ قَاتِلُهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،