هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
17 حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
17 حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر ، قال : سمعت أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَس عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ .

Narrated Anas:

The Prophet (ﷺ) said, Love for the Ansar is a sign of faith and hatred for the Ansar is a sign of hypocrisy.

0017 ‘Abd-ul-Lâ ben ‘Abd-ul-Lâh ben Jâbr dit : J’ai entendu Anas rapporter que le Prophète avait dit : « Le signe de la foi est d’aimer les ‘Ansâr; et le signe de l’hypocrisie est de les haïr.«   

":"ہم سے اس حدیث کو ابوالولید نے بیان کیا ، ان سے شعبہ نے ، انہیں عبداللہ بن جبیر نے خبر دی ، وہ کہتے ہیں کہ ہم نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے اس کو سنا ، وہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے روایت کرتے ہیں کہآپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا انصار سے محبت رکھنا ایمان کی نشانی ہے اور انصار سے کینہ رکھنا نفاق کی نشانی ہے ۔

0017 ‘Abd-ul-Lâ ben ‘Abd-ul-Lâh ben Jâbr dit : J’ai entendu Anas rapporter que le Prophète avait dit : « Le signe de la foi est d’aimer les ‘Ansâr; et le signe de l’hypocrisie est de les haïr.«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [17] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ.

     قَوْلُهُ  جَبْرٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ بن عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهَذَا الرَّاوِي مِمَّنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  آيَةُ الْإِيمَانِ هُوَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ وَهَاءِ تَأْنِيثٍ وَالْإِيمَانُ مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي ضَبْطِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ وَالْمَسَانِيدِ وَالْآيَةُ الْعَلَامَةُ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَوَقَعَ فِي إِعْرَابِ الْحَدِيثِ لِأَبِي الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيِّ إِنَّهُ الْإِيمَانُ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ وَهَاءٍ وَالْإِيمَانُ مَرْفُوعٌ وَأَعْرَبَهُ فَقَالَ إِنَّ لِلتَّأْكِيدِ وَالْهَاءُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالْإِيمَانُ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ إِنَّ الشَّأْنَ الْإِيمَانُ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَهَذَا تَصْحِيفٌ مِنْهُ ثُمَّ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يَقْتَضِي حَصْرَ الْإِيمَانِ فِي حُبِّ الْأَنْصَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ وَاللَّفْظُ الْمَشْهُورُ أَيْضًا يَقْتَضِي الْحَصْرَ وَكَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَلَامَةَ كَالْخَاصَّةِ تَطَّرِدُ وَلَا تَنْعَكِسُ فَإِنْ أُخِذَ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ فَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ لَا عِبْرَةَ بِهِ سَلَّمْنَا الْحَصْرَ لَكِنَّهُ لَيْسَ حَقِيقِيًّا بَلِ ادِّعَائِيًّا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ هُوَ حَقِيقِيٌّ لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِمَنْ أَبْغَضَهُمْ مِنْ حَيْثُ النُّصْرَةُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَقَعَ حُبُّ الْأَنْصَارِ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الْإِيمَانِ عَمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ لَا يُحِبُّهُمْ فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى الشِّقِّ الثَّانِي هَلْ يَكُونُ مَنْ أَبْغَضَهُمْ مُنَافِقًا وَإِنْ صَدَقَ وَأَقَرَّ فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِيهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَيُحْمَلُ عَلَى تَقْيِيدِ الْبُغْضِ بِالْجِهَةِ فَمَنْ أَبْغَضَهُمْ مِنْ جِهَةِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَهِيَ كَوْنُهُمْ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثَّرَ ذَلِكَ فِي تَصْدِيقِهِ فَيَصِحُّ أَنَّهُ مُنَافِقٌ وَيُقَرِّبُ هَذَا الْحَمْلَ زِيَادَةُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبُحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَيَأْتِي مثل هَذَا فِي الْحُبِّ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارِ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِهِ حُبُّ الْأَنْصَارِ إِيمَانٌ وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّفْظَ خَرَجَ عَلَى مَعْنَى التَّحْذِيرِ فَلَا يُرَادُ ظَاهِرُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَابِلِ الْإِيمَانَ بِالْكُفْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهُ بَلْ قَابَلَهُ بِالنِّفَاقِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ التَّرْغِيبَ وَالتَّرْهِيبَ إِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ مَنْ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ أَمَّا مَنْ يُظْهِرُ الْكُفْرَ فَلَا لِأَنَّهُ مُرْتَكِبٌ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  الْأَنْصَارُ هُوَ جَمْعُ نَاصِرٍ كَأَصْحَابٍ وَصَاحِبٍ أَوْ جَمْعُ نَصِيرٍ كَأَشْرَافٍ وَشَرِيفٍ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ أَنْصَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يُعْرَفُونَ بِبَنِي قَيْلَةَ بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ وَيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَهِيَ الْأُمُّ الَّتِي تَجْمَعُ الْقَبِيلَتَيْنِ فَسَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ وَأُطْلِقَ أَيْضًا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ وَمَوَالِيهِمْ وَخُصُّوا بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ الْعُظْمَى لِمَا فَازُوا بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِلِ مِنْ إِيوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِمْ وَمُوَاسَاتِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَإِيثَارِهِمْ إِيَّاهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُمُورِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَكَانَ صَنِيعُهُمْ لِذَلِكَ مُوجِبًا لِمُعَادَاتِهِمْ جَمِيعَ الْفِرَقِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ عَرَبٍ وَعَجَمٍ وَالْعَدَاوَةُ تَجُرُّ الْبُغْضَ ثُمَّ كَانَ مَا اخْتَصُّوا بِهِ مِمَّا ذُكِرَ مُوجِبًا لِلْحَسَدِ وَالْحَسَدُ يَجُرُّ الْبُغْضَ فَلِهَذَا جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْ بُغْضِهِمْ وَالتَّرْغِيبُ فِي حُبِّهِمْ حَتَّى جُعِلَ ذَلِكَ آيَةَ الْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ تَنْوِيهًا بِعَظِيمِ فَضْلِهِمْ وَتَنْبِيهًا عَلَى كَرِيمِ فِعْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مُشَارِكًا لَهُمْ فِي الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ كُلٌّ بِقِسْطِهِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ وَهَذَا جَارٍ بِاطِّرَادٍ فِي أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ لِتَحَقُّقِ مُشْتَرَكِ الْإِكْرَامِ لِمَا لَهُمْ مِنْ حُسْنِ الْغَنَاءِ فِي الدِّينِ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ.

.
وَأَمَّا الْحُرُوبُ الْوَاقِعَةُ بَينهم فَإِن وَقع من بَعضهم بغض فَذَاك من غير هَذِه الْجِهَة بل لِلْأَمْرِ الطاريء الَّذِي اقْتَضَى الْمُخَالَفَةَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْكُمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالنِّفَاقِ وَإِنَّمَا كَانَ حَالُهُمْ فِي ذَاكَ حَالَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ لِلْمُصِيبِ أَجْرَانِ وللمخطئ أجر وَاحِد وَالله أعلم( قَوْله بَاب كَذَا) هُوَ فِي روايتنا بِلَا تَرْجَمَةٍ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ أَصْلًا فَحَدِيثه عِنْده من جملَة التَّرْجَمَة الَّتِي قبله وعَلى روايتنا فَهُوَ مُتَعَلق بهَا أَيْضا لِأَن الْبَاب إِذا لم تذكر لَهُ تَرْجَمَة خاصه يكون بِمَنْزِلَة الْفَصْل مِمَّا قبله مَعَ تعلقه بِهِ كصنيع مصنفي الْفُقَهَاء وَوجه التَّعْلِيق أَنه لما ذكر الْأَنْصَار فِي الحَدِيث الأول أَشَارَ فِي هَذَا إِلَى ابْتِدَاء السَّبَب فِي تلقيبهم بالأنصار لِأَن أول ذَلِك كَانَ لَيْلَة الْعقبَة لما توافقوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عقبَة مني فِي الْمَوْسِم كَمَا سَيَأْتِي شرح ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي السِّيرَة النبويه من هَذَا الْكتاب وَقد أخرج المُصَنّف حَدِيث هَذَا الْبَاب فِي مَوَاضِع أخر فِي بَاب من شهد بَدْرًا لقَوْله فِيهِ كَانَ شهد بَدْرًا وَفِي بَاب وُفُود الْأَنْصَار لقَوْله فِيهِ وَهُوَ أحد النُّقَبَاء وَأوردهُ هُنَا لتَعَلُّقه بِمَا قبله كَمَا بَيناهُ ثمَّ إِن فِي مَتنه مَا يتَعَلَّق بمباحث الْإِيمَان من وَجْهَيْن آخَرين أَحدهمَا أَن اجْتِنَاب المناهي من الْإِيمَان كامتثال الْأَوَامِر وَثَانِيهمَا أَنه تضمن الرَّد على من يَقُول أَن مرتكب الْكَبِيرَة كَافِر أَو مخلد فِي النَّار كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [17] حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ».
[الحديث طرفه في: 3784] .
( باب) بالتنوين ( علامة الإيمان) التام ( حبّ الأنصار) ، وسقط التنوين للأصيلي، وحينئذ فقوله علامة جر بالإضافة قال ابن المنير: علامة الشيء لا يخفى أنها غير داخلة في حقيقته، فكيف تفيد هذه الترجمة مقصوده من أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وجوابه أن المستفاد منها كون مجرد التصديق بالقلب لا يكفي حتى تنصب عليه علامة من الأعمال الظاهرة التي هي مؤازرة الأنصار ومواددتهم.
وبسندي المذكور أولاً إلى الإمام البخاري قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي نسبة لبيع الطيالسة البصري المتوفى سنة عشرين ومائتين، ( قال حدّثنا شعبة) بن الحجاج السابق ( قال أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن عبد الله) بفتح العين فيهما ( ابن جبر) بفتح الجيم وإسكان الموحدة الأنصاري المدني، ( قال سمعت أنسًا) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر أنس بن مالك ( رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) : ( آيةالإيمان) بالهمزة الممدودة والمثناة التحتية المفتوحة أي علامة الإيمان الكامل ( حب الأنصار) الأوس والخزرج جمع قلة على وزن أفعال، واستشكل بأنه لا يكون لما فوق العشرة وهم ألوف: وأجيب بأن القلة والكثرة إنما يعتبران في نكرات الجموع، أما في المعارف فلا فرق بينهما.
( وآية النفاق) الذي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر ( بغض الأنصار) .
إذا كان من حيث أنهم أنصاره عليه الصلاة والسلام، لأنه لا يجتمع مع التصديق وإنما خصّوا بهذه المنقبة العظيمة والمنحة الجسيمة لما فازوا به من نصره عليه الصلاة والسلام والسعي في إظهاره وإيوائه وأصحابه، ومؤاساتهم بأنفسهم وأموالهم، وقيامهم بحقهم حق القيام مع معاداتهم جميع من وجد من قبائل العرب والعجم، فمن ثم كان حبهم علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق مجازاة لهم على عملهم والجزاء من جنس العمل.
وقال في شرح المشكاة: وإنما كان كذلك لأنهم تبوءوا الدار والإيمان وجعلوه مستقرًّا وموطنًا لتمكنهم منه واستقامتهم عليه كما جعلوا المدينة كذلك: فمن أحبهم فذلك من كمال إيمانه، من أبغضهم فذلك من علامة نفاقه.
فإن قلت: لم عدل عن لفظ الكفر إلى لفظ النفاق؟ أجيب: بأن الكلام فيمن ظاهره الإيمان وباطنه الكفر فميزهم عن ذوي الإيمان الحقيقي، فلم يقل: وآية الكفر كذا إذ هو ليس بكافر ظاهرًا.
وهذا الحديث وقع للمؤلف رباعي الإسناد، ولمسلم خماسيه، وفيه راوٍ وافق اسمه اسم أبيه.
وفيه التحديث والإخبار بالجمع والإفراد والسماع، وأخرجه المؤلف أيضًا في فضائل الأنصار ومسلم والنسائي.
11 - باب هذا ( باب) بالتنوين بغير ترجمة: ولفظ الباب سقط عند الأصيلي، وحينئذ فالحديث التالي من جملة الترجمة السابقة وعلى رواية إثباته فهو كالفصل عن سابقه مع تعلقه به.
وفي الحديث السابق الإشارة لحب الأنصار، وفي اللاحق ابتداء السبب في تلقيبهم بالأنصار، لأن ذلك كان ليلة العقبة لما تبايعوا على إعلاء توحيد الله وشريعته، وقد كانوا يسمون قبل ذلك بني قيلة بقاف مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة وهي الأم التي تجمع القبيلتين، فسماهم عليه الصلاة والسلام الأنصار لذلك.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [17] حدّثنا أبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ أخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَالَ جَبرٍ سَمْعتُ أنَساً عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ وآيَةُ النِّفَاق بُغْضُ الأَنْصارِ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
( بَيَان رِجَاله) وهم أَرْبَعَة: الأول: أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، هِشَام بن عبد الْملك الْبَصْرِيّ، مولى باهلة، سمع: مَالِكًا وَشعْبَة والحمادين وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَآخَرين، روى عَنهُ: أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن يحيى وَمُحَمّد بن مُسلم بن وارة.
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: متقن،.

     وَقَالَ  أَبُو زرْعَة: اِدَّرَكَ الْوَلِيد نصف الْإِسْلَام وَكَانَ إِمَامًا فِي زَمَانه جَلِيلًا عِنْد النَّاس،.

     وَقَالَ  أَحْمد بن عبد الله: هُوَ ثِقَة فِي الحَدِيث يروي عَن سبعين امْرَأَة، وَكَانَت الرحلة بعد أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ إِلَيْهِ، ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَمَات سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، روى عَنهُ: البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد، وروى الْبَاقُونَ عَن رجل عَنهُ.
الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الثَّالِث: عبد الله بن عبد الله بن جبر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره رَاء، ابْن عتِيك الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: جَابر والعراقيون: جبر، سمع: عمر وأنساً، روى عَنهُ: مَالك ومسعر وَشعْبَة، روى لَهُ: البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ.
الرَّابِع: أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ.
( بَيَان الْأَنْسَاب) : الطَّيَالِسِيّ نِسْبَة إِلَى بيع الطيالسة، وَهُوَ جمع طيلسان، بِفَتْح اللَّام وَقيل بِكَسْرِهَا أَيْضا، وَالْفَتْح أَعلَى، وَالْهَاء فِي الْجمع للعجمة، لِأَنَّهُ فَارسي مُعرب قَالَ الْأَصْمَعِي: أَصله تالشان، والأنصاري، لَيْسَ بِنِسْبَة لأَب وَلَا لأم، بل الْأَنْصَار قبيل عَظِيم من الأزد سميت بذلك لنصرتهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالنِّسْبَة إِنَّمَا تكون إِلَى الْوَاحِد، وَوَاحِد الْأَنْصَار نَاصِر، مثل: أَصْحَاب وَصَاحب، وَكَانَ الْقيَاس فِي النِّسْبَة إِلَى الْأَنْصَار ناصري، فَقَالُوا: أَنْصَارِي، كَأَنَّهُمْ جعلُوا الْأَنْصَار اسْم الْمَعْنى.
وَالْمَدَنِي: نِسْبَة إِلَى مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَمَا يُقَال فِي النِّسْبَة إِلَى ربيع: ربعي، وَفِي جذيمة: جذمي، وَقد تنْسب هَذِه النِّسْبَة إِلَى غَيرهَا من المدن.
قَالَ الرشاطي: قَالُوا فِي الرجل وَالثَّوْب إِذا نسب إِلَى الْمَدِينَة مدنِي، وَالطير وَنَحْوه: مديني؛ وَفِي ( مُخْتَصر الْعين) يُقَال: رجل مدنِي، وحمام مديني..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: إِذا نسبت إِلَى مَدِينَة الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام، قلت: مدنِي، وَإِلَى مَدِينَة مَنْصُور قلت: مديني وَإِلَى مَدَائِن كسْرَى قلت: مدائني، للْفرق بَين النّسَب لِئَلَّا تختلط.
( بَيَان لطائف أسناده) : وَمِنْهَا: أَن هَذَا الْإِسْنَاد من رباعيات البُخَارِيّ، فَوَقع عَالِيا، وَوَقع لمُسلم خماسياً.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِالْجمعِ والإفراد وَالسَّمَاع وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رَاوِيا وَافق اسْمه اسْم أَبِيه.
( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا، وَأخرجه أَيْضا فِي فَضَائِل الْأَنْصَار عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة بِهِ، وَأخرجه مُسلم، عَن ابْن الْمثنى، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن مهْدي، عَن شُعْبَة بِهِ.
وَلَفظ مُسلم: ( آيَة الْمُنَافِق وَآيَة الْمُؤمن) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [17] أنس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " آية الإيمان: حب الأنصار، وآية النفاق: بغض الأنصار ".
هذا المعنى يرجع إلى ما تقدم من حب المرء لا يحبه إلا لله من علامات وجود حلاوة الإيمان وأن الحب في الله من أوثق عرى الإيمان، وأنه أفضل ( 186 - ب / ف) الإيمان، فالأنصار نصروا الله ورسوله فمحبتهم من تمام حب الله ورسوله.
وخرج الإمام أحمد من حديث سعيد بن زيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار " وخرج الطبراني وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم " وفي صحيح مسلم " عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر " وفي " المسند " عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق ".
وكذلك حب المهاجرين - الذين هم أفضل من الأنصار - من الإيمان.
وفي " صحيح مسلم "، عن علي قال: إنه لعهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي: لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق وفي " المسند " والترمذي، عن عبد الله بن مغفل، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم " وفي بعض نسخ كتاب الترمذي، عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي " ( 5) .
وفي " المسند " وكتاب النسائي، وابن ماجه، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في الحسن والحسين: " من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني " ( 6) .
فمحبة أولياء الله وأحبابه عموما من الإيمان، وهي من أعلى مراتبه، وبغضهم محرم فهو من خصال النفاق، لأنه مما لا يتظاهر به غالبا، ومن تظاهر به فقد تظاهر بنفاقه فهو شر ممن كتمه وأخفاه.
ومن كان له مزية في الدين لصحبته النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لقرابته أو نصرته فله مزيد خصوصية في محبته وبغضه.
ومن كان من أهل السوابق في الإسلام كالمهاجرين الأولين فهو أعظم حقا مثل علي رضي الله عنه.
وقد روي أن المنافقين إنما كانوا يعرفون ببغض علي رضي الله عنه، ومن هو أفضل من علي كأبي بكر وعمر، فهو أولى بذلك، ولذلك قيل: إن حبهما من فرائض الدين، وقيل: إنه يرجى على حبهما ما يرجى على التوحيد من الأجر.
11 - فصل قال البخاري:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (.

     قَوْلُهُ  بَابٌ)
هُوَ مُنَوَّنٌ وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الحَدِيث السَّابِق أَنه لَا يُحِبهُ الا الله عَقَّبَهُ بِمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ حُبَّ الْأَنْصَارِ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَحَبَّةَ مَنْ يُحِبُّهُمْ مِنْ حَيْثُ هَذَا الْوَصْفُ وَهُوَ النُّصْرَةُ إِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُمْ وَإِنْ دَخَلُوا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ لَكِنَّ التَّنْصِيصَ بِالتَّخْصِيصِ دَلِيلُ الْعِنَايَةِ

[ قــ :17 ... غــ :17] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ .

     قَوْلُهُ  جَبْرٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ بن عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهَذَا الرَّاوِي مِمَّنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  آيَةُ الْإِيمَانِ هُوَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ وَهَاءِ تَأْنِيثٍ وَالْإِيمَانُ مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي ضَبْطِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ وَالْمَسَانِيدِ وَالْآيَةُ الْعَلَامَةُ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَوَقَعَ فِي إِعْرَابِ الْحَدِيثِ لِأَبِي الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيِّ إِنَّهُ الْإِيمَانُ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ وَهَاءٍ وَالْإِيمَانُ مَرْفُوعٌ وَأَعْرَبَهُ فَقَالَ إِنَّ لِلتَّأْكِيدِ وَالْهَاءُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالْإِيمَانُ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ إِنَّ الشَّأْنَ الْإِيمَانُ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَهَذَا تَصْحِيفٌ مِنْهُ ثُمَّ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يَقْتَضِي حَصْرَ الْإِيمَانِ فِي حُبِّ الْأَنْصَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ وَاللَّفْظُ الْمَشْهُورُ أَيْضًا يَقْتَضِي الْحَصْرَ وَكَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَلَامَةَ كَالْخَاصَّةِ تَطَّرِدُ وَلَا تَنْعَكِسُ فَإِنْ أُخِذَ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ فَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ لَا عِبْرَةَ بِهِ سَلَّمْنَا الْحَصْرَ لَكِنَّهُ لَيْسَ حَقِيقِيًّا بَلِ ادِّعَائِيًّا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ هُوَ حَقِيقِيٌّ لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِمَنْ أَبْغَضَهُمْ مِنْ حَيْثُ النُّصْرَةُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَقَعَ حُبُّ الْأَنْصَارِ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الْإِيمَانِ عَمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ لَا يُحِبُّهُمْ فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى الشِّقِّ الثَّانِي هَلْ يَكُونُ مَنْ أَبْغَضَهُمْ مُنَافِقًا وَإِنْ صَدَقَ وَأَقَرَّ فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِيهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَيُحْمَلُ عَلَى تَقْيِيدِ الْبُغْضِ بِالْجِهَةِ فَمَنْ أَبْغَضَهُمْ مِنْ جِهَةِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَهِيَ كَوْنُهُمْ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثَّرَ ذَلِكَ فِي تَصْدِيقِهِ فَيَصِحُّ أَنَّهُ مُنَافِقٌ وَيُقَرِّبُ هَذَا الْحَمْلَ زِيَادَةُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبُحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَيَأْتِي مثل هَذَا فِي الْحُبِّ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارِ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِهِ حُبُّ الْأَنْصَارِ إِيمَانٌ وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّفْظَ خَرَجَ عَلَى مَعْنَى التَّحْذِيرِ فَلَا يُرَادُ ظَاهِرُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَابِلِ الْإِيمَانَ بِالْكُفْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهُ بَلْ قَابَلَهُ بِالنِّفَاقِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ التَّرْغِيبَ وَالتَّرْهِيبَ إِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ مَنْ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ أَمَّا مَنْ يُظْهِرُ الْكُفْرَ فَلَا لِأَنَّهُ مُرْتَكِبٌ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  الْأَنْصَارُ هُوَ جَمْعُ نَاصِرٍ كَأَصْحَابٍ وَصَاحِبٍ أَوْ جَمْعُ نَصِيرٍ كَأَشْرَافٍ وَشَرِيفٍ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ أَنْصَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يُعْرَفُونَ بِبَنِي قَيْلَةَ بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ وَيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَهِيَ الْأُمُّ الَّتِي تَجْمَعُ الْقَبِيلَتَيْنِ فَسَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ وَأُطْلِقَ أَيْضًا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ وَمَوَالِيهِمْ وَخُصُّوا بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ الْعُظْمَى لِمَا فَازُوا بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِلِ مِنْ إِيوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِمْ وَمُوَاسَاتِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَإِيثَارِهِمْ إِيَّاهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُمُورِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَكَانَ صَنِيعُهُمْ لِذَلِكَ مُوجِبًا لِمُعَادَاتِهِمْ جَمِيعَ الْفِرَقِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ عَرَبٍ وَعَجَمٍ وَالْعَدَاوَةُ تَجُرُّ الْبُغْضَ ثُمَّ كَانَ مَا اخْتَصُّوا بِهِ مِمَّا ذُكِرَ مُوجِبًا لِلْحَسَدِ وَالْحَسَدُ يَجُرُّ الْبُغْضَ فَلِهَذَا جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْ بُغْضِهِمْ وَالتَّرْغِيبُ فِي حُبِّهِمْ حَتَّى جُعِلَ ذَلِكَ آيَةَ الْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ تَنْوِيهًا بِعَظِيمِ فَضْلِهِمْ وَتَنْبِيهًا عَلَى كَرِيمِ فِعْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مُشَارِكًا لَهُمْ فِي الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ كُلٌّ بِقِسْطِهِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ وَهَذَا جَارٍ بِاطِّرَادٍ فِي أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ لِتَحَقُّقِ مُشْتَرَكِ الْإِكْرَامِ لِمَا لَهُمْ مِنْ حُسْنِ الْغَنَاءِ فِي الدِّينِ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ.

.
وَأَمَّا الْحُرُوبُ الْوَاقِعَةُ بَينهم فَإِن وَقع من بَعضهم بغض فَذَاك من غير هَذِه الْجِهَة بل لِلْأَمْرِ الطاريء الَّذِي اقْتَضَى الْمُخَالَفَةَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْكُمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالنِّفَاقِ وَإِنَّمَا كَانَ حَالُهُمْ فِي ذَاكَ حَالَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ لِلْمُصِيبِ أَجْرَانِ وللمخطئ أجر وَاحِد وَالله أعلم (

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  10 - فصل
خرج البخاري ومسلم من حديث:
[ قــ :17 ... غــ :17 ]
- أنس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " آية الإيمان: حب الأنصار، وآية النفاق: بغض الأنصار ".

هذا المعنى يرجع إلى ما تقدم من حب المرء لا يحبه إلا لله من علامات وجود حلاوة الإيمان وأن الحب في الله من أوثق عرى الإيمان، وأنه أفضل ( 186 - ب / ف) الإيمان، فالأنصار نصروا الله ورسوله فمحبتهم من تمام حب الله ورسوله.
وخرج الإمام أحمد من حديث سعيد بن زيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار " وخرج الطبراني وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم " وفي صحيح مسلم " عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر " وفي " المسند " عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق ".
وكذلك حب المهاجرين - الذين هم أفضل من الأنصار - من الإيمان.
وفي " صحيح مسلم "، عن علي قال: إنه لعهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي: لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق وفي " المسند " والترمذي، عن عبد الله بن مغفل، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم "
وفي بعض نسخ كتاب الترمذي، عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي " .

وفي " المسند " وكتاب النسائي، وابن ماجه، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في الحسن والحسين: " من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني " .
فمحبة أولياء الله وأحبابه عموما من الإيمان، وهي من أعلى مراتبه، وبغضهم محرم فهو من خصال النفاق، لأنه مما لا يتظاهر به غالبا، ومن تظاهر به فقد تظاهر بنفاقه فهو شر ممن كتمه وأخفاه.

ومن كان له مزية في الدين لصحبته النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لقرابته أو نصرته فله مزيد خصوصية في محبته وبغضه.
ومن كان من أهل السوابق في الإسلام كالمهاجرين الأولين فهو أعظم حقا مثل علي رضي الله عنه.
وقد روي أن المنافقين إنما كانوا يعرفون ببغض علي رضي الله عنه، ومن هو أفضل من علي كأبي بكر وعمر، فهو أولى بذلك، ولذلك قيل: إن حبهما من فرائض الدين، وقيل: إنه يرجى على حبهما ما يرجى على التوحيد من الأجر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب عَلاَمَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ

[ قــ :17 ... غــ : 17 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ».
[الحديث 17 - طرفه في: 3784] .

( باب) بالتنوين ( علامة الإيمان) التام ( حبّ الأنصار) ، وسقط التنوين للأصيلي، وحينئذ فقوله علامة جر بالإضافة قال ابن المنير: علامة الشيء لا يخفى أنها غير داخلة في حقيقته، فكيف تفيد هذه الترجمة مقصوده من أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وجوابه أن المستفاد منها كون مجرد التصديق بالقلب لا يكفي حتى تنصب عليه علامة من الأعمال الظاهرة التي هي مؤازرة الأنصار ومواددتهم.

وبسندي المذكور أولاً إلى الإمام البخاري قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي نسبة لبيع الطيالسة البصري المتوفى سنة عشرين ومائتين، ( قال حدّثنا شعبة) بن الحجاج السابق ( قال أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن عبد الله) بفتح العين فيهما ( ابن جبر) بفتح الجيم وإسكان الموحدة الأنصاري المدني، ( قال سمعت أنسًا) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر أنس بن مالك ( رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :

( آية الإيمان) بالهمزة الممدودة والمثناة التحتية المفتوحة أي علامة الإيمان الكامل ( حب الأنصار) الأوس والخزرج جمع قلة على وزن أفعال، واستشكل بأنه لا يكون لما فوق العشرة وهم ألوف: وأجيب بأن القلة والكثرة إنما يعتبران في نكرات الجموع، أما في المعارف فلا فرق بينهما.

( وآية النفاق) الذي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر ( بغض الأنصار) .
إذا كان من حيث أنهم أنصاره عليه الصلاة والسلام، لأنه لا يجتمع مع التصديق وإنما خصّوا بهذه المنقبة العظيمة والمنحة الجسيمة لما فازوا به من نصره عليه الصلاة والسلام والسعي في إظهاره وإيوائه وأصحابه، ومؤاساتهم بأنفسهم وأموالهم، وقيامهم بحقهم حق القيام مع معاداتهم جميع من وجد من قبائل العرب والعجم، فمن ثم كان حبهم علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق مجازاة لهم على عملهم والجزاء من جنس العمل.

وقال في شرح المشكاة: وإنما كان كذلك لأنهم تبوءوا الدار والإيمان وجعلوه مستقرًّا وموطنًا لتمكنهم منه واستقامتهم عليه كما جعلوا المدينة كذلك: فمن أحبهم فذلك من كمال إيمانه، من أبغضهم فذلك من علامة نفاقه.

فإن قلت: لم عدل عن لفظ الكفر إلى لفظ النفاق؟ أجيب: بأن الكلام فيمن ظاهره الإيمان وباطنه الكفر فميزهم عن ذوي الإيمان الحقيقي، فلم يقل: وآية الكفر كذا إذ هو ليس بكافر ظاهرًا.
وهذا الحديث وقع للمؤلف رباعي الإسناد، ولمسلم خماسيه، وفيه راوٍ وافق اسمه اسم أبيه.

وفيه التحديث والإخبار بالجمع والإفراد والسماع، وأخرجه المؤلف أيضًا في فضائل الأنصار ومسلم والنسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ عَلاَمَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الانْصَارِ)

أَي: هَذَا بابُُ، وَيجوز بِالْإِضَافَة إِلَى الْجُمْلَة وَالتَّقْدِير: بابُُ فِيهِ عَلامَة الْإِيمَان حب الْأَنْصَار.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ أَن هَذَا الْبابُُ دَاخل فِي نفس الْأَمر فِي الْبابُُ الأول، لِأَن حب الْأَنْصَار دَاخل فِي قَوْله: ( وَأَن يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إلاَّ لله) ، فَإِن قلت: فَمَا فَائِدَة التَّخْصِيص؟ قلت: الاهتمام بشأنهم والعناية بتخصيصهم فِي إفرادهم بِالذكر.



[ قــ :17 ... غــ :17 ]
- حدّثنا أبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ أخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَالَ جَبرٍ سَمْعتُ أنَساً عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ وآيَةُ النِّفَاق بُغْضُ الأَنْصارِ.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

( بَيَان رِجَاله) وهم أَرْبَعَة: الأول: أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، هِشَام بن عبد الْملك الْبَصْرِيّ، مولى باهلة، سمع: مَالِكًا وَشعْبَة والحمادين وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَآخَرين، روى عَنهُ: أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن يحيى وَمُحَمّد بن مُسلم بن وارة.
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: متقن،.

     وَقَالَ  أَبُو زرْعَة: اِدَّرَكَ الْوَلِيد نصف الْإِسْلَام وَكَانَ إِمَامًا فِي زَمَانه جَلِيلًا عِنْد النَّاس،.

     وَقَالَ  أَحْمد بن عبد الله: هُوَ ثِقَة فِي الحَدِيث يروي عَن سبعين امْرَأَة، وَكَانَت الرحلة بعد أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ إِلَيْهِ، ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَمَات سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، روى عَنهُ: البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد، وروى الْبَاقُونَ عَن رجل عَنهُ.
الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الثَّالِث: عبد الله بن عبد الله بن جبر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره رَاء، ابْن عتِيك الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: جَابر والعراقيون: جبر، سمع: عمر وأنساً، روى عَنهُ: مَالك ومسعر وَشعْبَة، روى لَهُ: البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ.
الرَّابِع: أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ.

( بَيَان الْأَنْسَاب) : الطَّيَالِسِيّ نِسْبَة إِلَى بيع الطيالسة، وَهُوَ جمع طيلسان، بِفَتْح اللَّام وَقيل بِكَسْرِهَا أَيْضا، وَالْفَتْح أَعلَى، وَالْهَاء فِي الْجمع للعجمة، لِأَنَّهُ فَارسي مُعرب قَالَ الْأَصْمَعِي: أَصله تالشان، والأنصاري، لَيْسَ بِنِسْبَة لأَب وَلَا لأم، بل الْأَنْصَار قبيل عَظِيم من الأزد سميت بذلك لنصرتهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالنِّسْبَة إِنَّمَا تكون إِلَى الْوَاحِد، وَوَاحِد الْأَنْصَار نَاصِر، مثل: أَصْحَاب وَصَاحب، وَكَانَ الْقيَاس فِي النِّسْبَة إِلَى الْأَنْصَار ناصري، فَقَالُوا: أَنْصَارِي، كَأَنَّهُمْ جعلُوا الْأَنْصَار اسْم الْمَعْنى.
وَالْمَدَنِي: نِسْبَة إِلَى مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَمَا يُقَال فِي النِّسْبَة إِلَى ربيع: ربعي، وَفِي جذيمة: جذمي، وَقد تنْسب هَذِه النِّسْبَة إِلَى غَيرهَا من المدن.
قَالَ الرشاطي: قَالُوا فِي الرجل وَالثَّوْب إِذا نسب إِلَى الْمَدِينَة مدنِي، وَالطير وَنَحْوه: مديني؛ وَفِي ( مُخْتَصر الْعين) يُقَال: رجل مدنِي، وحمام مديني..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: إِذا نسبت إِلَى مَدِينَة الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام، قلت: مدنِي، وَإِلَى مَدِينَة مَنْصُور قلت: مديني وَإِلَى مَدَائِن كسْرَى قلت: مدائني، للْفرق بَين النّسَب لِئَلَّا تختلط.

( بَيَان لطائف أسناده) : وَمِنْهَا: أَن هَذَا الْإِسْنَاد من رباعيات البُخَارِيّ، فَوَقع عَالِيا، وَوَقع لمُسلم خماسياً.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِالْجمعِ والإفراد وَالسَّمَاع وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رَاوِيا وَافق اسْمه اسْم أَبِيه.

( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا، وَأخرجه أَيْضا فِي فَضَائِل الْأَنْصَار عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة بِهِ، وَأخرجه مُسلم، عَن ابْن الْمثنى، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن مهْدي، عَن شُعْبَة بِهِ.
وَلَفظ مُسلم: ( آيَة الْمُنَافِق وَآيَة الْمُؤمن) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا.
( بَيَان اللُّغَات) قَوْله: ( آيَة الْإِيمَان) أَي: عَلامَة الْإِيمَان، واصلها: أوية، بِالتَّحْرِيكِ، قلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: مَوضِع الْعين من الْآيَة وَاو، لِأَن مَا كَانَ مَوضِع الْعين واواً وَمَوْضِع اللَّام يَاء أَكثر مِمَّا مَوضِع الْعين وَاللَّام ياآن، مثل: شويث أَكثر من: جبيت، وَتَكون النِّسْبَة إِلَيْهِ: أوي.
قَالَ الْفراء: هِيَ من الْفِعْل: فاعلة وَإِنَّمَا ذهبت مِنْهُ اللاَّم، وَلَو جَاءَت تَامَّة لجاءت: آيية، وَلكنهَا خففت، وَجمع الْآيَة: آي وأياي وآيات.
وَيُقَال فِي النِّسْبَة إِلَى آيَة: آيي، وَالْمَشْهُور أَن عينهَا يَاء، ووزنها فاعة.
لِأَن الأَصْل: آيية، فحذفوا الْيَاء الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ لَام، ثمَّ فتحُوا الَّتِي هِيَ عين لأجل تَاء التَّأْنِيث.
قَوْله: ( الْأَنْصَار) جمع نَاصِر، كالأصحاب جمع صَاحب، وَيُقَال جمع نصير: كشريف وأشراف، وَالْأَنْصَار سموا بِهِ لنصرتهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ ولد الْأَوْس والخزرج ابْنا حَارِثَة أَو ثَعْلَبَة العنقاء، لطول عُنُقه، ابْن عَمْرو بن مزيقيا بن عَامر بن مَاء السَّمَاء بن حَارِثَة الغطريف بن امرىء الْقَيْس البطريق بن ثَعْلَبَة البهلول بن مَازِن، وَهُوَ جماع غَسَّان بن الأزد، واسْمه دراء، على وزن فعال، ابْن الْغَوْث بن نبت يعرب بن يقطن وَهُوَ قحطان، وَإِلَى قحطان جماع الْيمن، وَهُوَ أَبُو الْيمن كلهَا.
وَمِنْهُم من ينْسبهُ إِلَى إِسْمَاعِيل فَيَقُول: قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إِسْمَاعِيل.
هَذَا قَول الْكَلْبِيّ، وَمِنْهُم من ينْسبهُ إِلَى غَيره، فَيَقُول: قحطان بن فالخ بن عَابِر بن شالخ بن أرفخشد بن سَام بن نوح عَلَيْهِ السَّلَام، فعلى الأول الْعَرَب كلهَا من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام، وعَلى الثَّانِي من ولد إِسْمَاعِيل وقحطان،.

     وَقَالَ  حسان بن ثَابت.

( أما سَأَلت فَإنَّا معشرٌ نجبٌ الأزد نسبتنا، والماءُ غَسَّان)

وغسان: مَاء كَانَ شرباً لولد مَازِن بن الأزد، وَكَانَ الْأَنْصَار الَّذين هم الْأَوْس والخزرج يعْرفُونَ قبل ذَلِك: بإبنيْ قَيْلة، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي الام الَّتِي تجمع القبيلتين، فسماهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْأَنْصَار، فَصَارَ ذَلِك علما عَلَيْهِم، وَأطلق أَيْضا على أَوْلَادهم وحلفائهم ومواليهم.
وَيُقَال: سماهم الله تَعَالَى بذلك فَقَالَ: { وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} ( الْأَنْفَال: 74) .
قَوْله: ( النِّفَاق) هُوَ إِظْهَار الْإِيمَان وإبطان الْكفْر،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَنْبَارِي: فِي الاعتلال فِي تَسْمِيَة الْمُنَافِق منافقاً ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنه سمي بِهِ لِأَنَّهُ يستر كفره ويغيبه، فَشبه بِالَّذِي يدْخل النفق، وَهُوَ: السرب، يسْتَتر فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنه نَافق كاليربوع، فَشبه بِهِ لِأَنَّهُ يخرج من الْإِيمَان من غير الْوَجْه الَّذِي دخل فِيهِ.
وَالثَّالِث: أَنه إِنَّمَا سمي بِهِ لإظهاره غير مَا يضمر، تَشْبِيها باليربوع، فَكَذَلِك الْمُنَافِق ظَاهره إِيمَان وباطنه كفر.
ونافق اليربوع أَخذ فِي نافقائه، ونفق اليربوع أَي استخرجه، والنافقاء إِحْدَى حجرَة اليربوع، يكتمها وَيظْهر غَيره، وَهُوَ مَوضِع يرققه، فَإِذا أَتَى من قبل القاصعاء، ضرب النافقاء بِرَأْسِهِ فانتفق أَي: خرج.
ثمَّ أعلم أَن النِّفَاق هُوَ، بِكَسْر النُّون، وَأما النِّفَاق، بِالْفَتْح، فَهُوَ من: نفق البيع نفَاقًا إِي: راج، ونفقت الدَّابَّة نفوقاً أَي: مَاتَت، والنفاق بِالْكَسْرِ أَيْضا جمع النَّفَقَة من الدَّرَاهِم وَغَيرهَا، مِثَال ثَمَرَة وثمار، ونفِقت نِفاق الْقَوْم بِالْكَسْرِ ينْفق نفقاً بِالتَّحْرِيكِ، أَي: فنيت، وَأنْفق الرجل مَاله وانفق الْقَوْم نفقت سوقهم،.

     وَقَالَ  تَعَالَى: { خشيَة الانفاق} ( الْإِسْرَاء: 100) أَي: خشيَة الفناء والنفاد،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: أَي خشيَة إِنْفَاقه..
     وَقَالَ  الصغاني: التَّرْكِيب يدل على انْقِطَاع الشَّيْء وذهابه، وعَلى إخفاء شَيْء وإغماضه.

( بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله: ( آيَة الْإِيمَان) كَلَام إضافي مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره قَوْله: ( حب الْأَنْصَار) ، وَمثل هَذِه تسمى قَضِيَّة ثنائية، وَأهل الْمَعْقُول يشترطون الرابطة وَيَقُولُونَ: التَّقْدِير فِي مثلهَا آيَة الْإِيمَان هِيَ حب الْأَنْصَار، كَمَا يقدرُونَ فِي نَحْو: زيد قَائِم زيد: هُوَ قَائِم، ويسمونها: قَضِيَّة ثلاثية، وَقد ضبط أَبُو الْبَقَاء العكبري: إِنَّه الْإِيمَان حب الْأَنْصَار، بِهَمْزَة مَكْسُورَة، وَنون مُشَدّدَة، وهاء الضَّمِير، وبرفع الْإِيمَان فاعربه، فَقَالَ: إِن للتَّأْكِيد، وَالْهَاء ضمير الشان، وَالْإِيمَان مُبْتَدأ، وَمَا بعده خَبره، وَالتَّقْدِير: إِن الشان الْإِيمَان حب الْأَنْصَار، وَهَذَا مُخَالف لجَمِيع الرِّوَايَات الَّتِي وَقعت فِي الصِّحَاح وَالسّنَن وَالْمَسَانِيد، وَمَا أقربه أَن يكون تصحيفاً قَوْله: ( وَآيَة النِّفَاق) أَيْضا: كَلَام إضافي مُبْتَدأ، وَقَوله: ( بغض الْأَنْصَار) خَبره.

( بَيَان الْمعَانِي) فِيهِ مَا قَالَ أهل الْمعَانِي من: إِن الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر إِذا كَانَا معرفتين تفِيد الْحصْر، وَلَكِن هَذَا لَيْسَ بحصر حَقِيقِيّ، بل هُوَ حصر ادعائي تَعْظِيمًا لحب الْأَنْصَار، كَانَ الدَّعْوَى أَنه؛ لَا عَلامَة لإيمان إلاَّ حبهم، وَلَيْسَ حبهم إلاَّ علامته، وَيُؤَيِّدهُ مَا قد جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم: ( آيَة الْمُؤمن من حب الْأَنْصَار) ، بِتَقْدِيم الْآيَة ( وَحب الْأَنْصَار آيَة الْإِيمَان) بِتَقْدِيم الْحبّ.
فَإِن قلت: إِذا كَانَ حب الْأَنْصَار آيَة الْإِيمَان فبغضهم آيَة عَدمه، لِأَن حكم نقيض الشَّيْء نقيض حكم الشَّيْء، فَمَا الْفَائِدَة فِي ذكر ( آيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار) ؟ قلت: هَذَا التَّقْرِير مَمْنُوع، وَلَئِن سلمنَا فالفائدة فِي ذكره التَّصْرِيح بِهِ والتأكيد عَلَيْهِ، وَالْمقَام يَقْتَضِي ذَلِك، لِأَن الْمَقْصُود من الحَدِيث الْحَث على حب الْأَنْصَار وَبَيَان فَضلهمْ لما كَانَ مِنْهُم من إعزاز الدّين وبذل الْأَمْوَال والأنفس، والإيثار على أنفسهم، والإيواء والنصر وَغير ذَلِك، قَالُوا: وَهَذَا جَار فِي أَعْيَان الصَّحَابَة: كالخلفاء وَبَقِيَّة الْعشْرَة والمهاجرين، بل فِي كل الصَّحَابَة، إِذْ كل وَاحِد مِنْهُم لَهُ سَابِقَة وسالفة وغناء فِي الدّين، وأثرحسن فِيهِ، فحبهم لذَلِك الْمَعْنى مَحْض الْإِيمَان وبغضهم مَحْض النِّفَاق، وَيدل عَلَيْهِ مَا رُوِيَ مَرْفُوعا فِي فضل أَصْحَابه كلهم: ( من أحبهم فبحبي أحبهم وَمن أبْغضهُم فببغضي أبْغضهُم) ..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَأما من أبْغض، وَالْعِيَاذ بِاللَّه، أحدا مِنْهُم، من غير تِلْكَ الْجِهَة، لأمر طَار من حدث وَقع لمُخَالفَة غَرَض، أَو لضَرَر وَنَحْوه، لم يصر بذلك منافقاً وَلَا كَافِرًا، فقد وَقع بَينهم حروب ومخالفات وَمَعَ ذَلِك لم يحكم بَعضهم على بعض بالنفاق، وَإِنَّمَا كَانَ حَالهم فِي ذَلِك حَال الْمُجْتَهدين فِي الْأَحْكَام، فإمَّا أَن يُقَال: كلهم مُصِيب، أَو الْمُصِيب وَاحِد والمخطىء مَعْذُور مَعَ أَنه مُخَاطب بِمَا يرَاهُ ويظنه، فَمن وَقع لَهُ بغض فِي أحدٍ مِنْهُم، وَالْعِيَاذ بِاللَّه، لشَيْء من ذَلِك، فَهُوَ عاصٍ تجب عَلَيْهِ التَّوْبَة ومجاهدة نَفسه بِذكر سوابقهم وفضائلهم وَمَا لَهُم على كل من بعدهمْ من الْحُقُوق، إِذْ لم يصل أحد من بعدهمْ لشَيْء من الدّين وَالدُّنْيَا إلاَّ بهم وبسببهم، قَالَ الله تَعَالَى: { وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} ( الْحَشْر: 10) الْآيَة، وَقد أجَاب بَعضهم عَن الْحصْر الْمَذْكُور بِأَن الْعَلامَة كالخاصة تطرد وَلَا تنعكس، ثمَّ قَالَ: وَإِن أَخذ من طَرِيق الْمَفْهُوم، فَهُوَ مَفْهُوم لقب لَا عِبْرَة بِهِ.
قلت: هَذَا الْحصْر يُفِيد حصر الْمُبْتَدَأ على الْخَبَر، ويفيد حصر الْخَبَر على الْمُبْتَدَأ، وَهُوَ نَظِير قَوْلك: الضاحك الْكَاتِب، فَإِن مَعْنَاهُ حصر الضاحك على الْكَاتِب، وَحصر الْكَاتِب على الضاحك، وَكَيف يَدعِي فِيهِ الاطراد دون الانعكاس، فَإِن آيَة الْإِيمَان كَمَا هِيَ محصورة على حب الْأَنْصَار كَذَلِك حب الْأَنْصَار مَحْصُور على آيَة الْإِيمَان بِمُقْتَضى هَذَا الْحصْر، وَلَكِن قد قُلْنَا: إِن هَذَا حصر ادعائي، فَلَا يلْزم مِنْهُ الْمَحْذُور.

( الأسئلة والأجوبة) مِنْهَا مَا قيل: الْأَنْصَار جمع قلَّة، فَلَا يكون لما فَوق الْعشْرَة لكِنهمْ كَانُوا أَضْعَاف الآلاف؟ وَأجِيب: بِأَن الْقلَّة وَالْكَثْرَة إِنَّمَا تعتبران فِي نكرات الجموع، وَأما فِي المعارف فَلَا فرق بَينهمَا.
وَمِنْهَا مَا قيل: الْمُطَابقَة تَقْتَضِي أَن يُقَابل الْإِيمَان بالْكفْر، بِأَن يُقَال: آيَة الْكفْر كَذَا، فَلم عدل عَنهُ؟ وَأجِيب: بِأَن الْبَحْث فِي الَّذين ظَاهِرهمْ الْإِيمَان، وَهَذَا الْبَيَان مَا يتَمَيَّز بِهِ الْمُؤمن الظَّاهِرِيّ عَن الْمُؤمن الْحَقِيقِيّ، فَلَو قيل: آيَة الْكفْر بغضهم، لَا يَصح، إِذْ هُوَ لَيْسَ بِكَافِر ظَاهرا.
وَمِنْهَا مَا قيل: هَل يَقْتَضِي ظَاهر الحَدِيث أَن من لم يُحِبهُمْ لَا يكون مُؤمنا؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي إِذْ لَا يلْزم من عدم الْعَلامَة عدم مَا لَهُ الْعَلامَة، أَو المُرَاد: كَمَال الْإِيمَان.
وَمِنْهَا مَا قيل: هَل يلْزم مِنْهُ أَن من أبْغضهُم يكون منافقاً، وَإِن كَانَ مُصدقا بِقَلْبِه؟ وَأجِيب: بِأَن الْمَقْصُود بغضهم من جِهَة أَنهم أنصار لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا يُمكن اجتماعه مَعَ التَّصْدِيق لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.