هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
222 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي البَوْلِ ، وَيَقُولُ : إِنَّ : بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
222 حدثنا محمد بن عرعرة ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول ، ويقول : إن : بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

 كَانَ أبو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي البَوْلِ ، وَيَقُولُ : إِنَّ : بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ .

Narrated Abu Wail:

Abu Musa Al-Ash`ari used to lay great stress on the question of urination and he used to say, If anyone from Bani Israel happened to soil his clothes with urine, he used to cut that portion away. Hearing that, Hudhaifa said to Abu Wail, I wish he (Abu Musa) didn't (lay great stress on that matter). Hudhaifa added, Allah's Messenger (ﷺ) went to the dumps of some people and urinated while standing.

0226 Abu Wâ’il dit : « Abu Mûsa al-Ach’ari était sévère quant à l’urine (autrement dit, quant à se mettre debout en urinant), il disait en plus que les Israélites déchiraient tout vêtement touché par l’urine. » Quant à Hudhayfa, il commenta ces propos en disant : « Plaise au ciel qu’Abu Mûsa se soit tu, car le Messager de Dieu lui-même s’était mis une fois auprès d’immondices de quelques gens et urina en restant debout. »  

":"ہم سے محمد بن عرعرہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعبہ نے منصور کے واسطے سے بیان کیا ، وہ ابووائل سے نقل کرتے ہیں ، وہ کہتے ہیں کہابوموسیٰ اشعری پیشاب ( کے بارہ ) میں سختی سے کام لیتے تھے اور کہتے تھے کہ بنی اسرائیل میں جب کسی کے کپڑے کو پیشاب لگ جاتا ۔ تو اسے کاٹ ڈالتے ۔ ابوحذیفہ کہتے ہیں کہ کاش ! وہ اپنے اس تشدد سے رک جاتے ( کیونکہ ) رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کسی قوم کی کوڑی پر تشریف لائے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے وہاں کھڑے ہو کر پیشاب کیا ۔

0226 Abu Wâ’il dit : « Abu Mûsa al-Ach’ari était sévère quant à l’urine (autrement dit, quant à se mettre debout en urinant), il disait en plus que les Israélites déchiraient tout vêtement touché par l’urine. » Quant à Hudhayfa, il commenta ces propos en disant : « Plaise au ciel qu’Abu Mûsa se soit tu, car le Messager de Dieu lui-même s’était mis une fois auprès d’immondices de quelques gens et urina en restant debout. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [226] .

     قَوْلُهُ  ثَوْبَ أَحَدِهِمْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ جِلْدَ أَحَدِهِمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مُرَادُهُ بِالْجِلْدِ وَاحِدُ الْجُلُودِ الَّتِي كَانُوا يَلْبَسُونَهَا وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنَ الْإِصْرِ الَّذِي حَمَلُوهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ فَفِيهَا كَانَ إِذَا أَصَابَ جَسَدَ أَحَدِهِمْ لَكِنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ صَرِيحَةٌ فِي الثِّيَابِ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى .

     قَوْلُهُ  قَرَضَهُ أَيْ قَطَعَهُ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِالْمِقْرَاضِ وَهُوَ يَدْفَعُ حَمْلَ مَنْ حَمَلَ الْقَرْضَ عَلَى الْغَسْلِ بِالْمَاءِ .

     قَوْلُهُ  لَيْتَهُ امسك وللإسماعيلي لَوَدِدْتُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا يُشَدِّدُ هَذَا التَّشْدِيدَ وَإِنَّمَا احْتَجَّ حُذَيْفَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْبَائِلَ عَنْ قِيَامٍ قَدْ يَتَعَرَّضُ لِلرَّشَاشِ وَلَمْ يَلْتَفِتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّشْدِيدَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِمَالِكٍ فِي الرُّخْصَةِ فِي مِثْلِ رُؤُوس الْإِبَرِ مِنَ الْبَوْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَصِلْ إِلَى بَدَنِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بن حِبَّانَ فِي ذِكْرِ السَّبَبِ فِي قِيَامِهِ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ فَقَامَ لِكَوْنِ الطَّرَفِ الَّذِي يَلِيهِ مِنَ السُّبَاطَةِ كَانَ عَالِيًا فَأَمِنَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ السُّبَاطَةَ رَخْوَةٌ يَتَخَلَّلُهَا الْبَوْلُ فَلَا يَرْتَدُّ إِلَى الْبَائِلِ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ إِنَّمَا بَالَ قَائِمًا لِأَنَّهَا حَالَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهَا خُرُوجُ الرِّيحِ بِصَوْتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَرِيبًا من الديار وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ عبد الرازق عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ وَقِيلَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي لِوَجَعِ الصُّلْبِ بِذَلِكَ فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّمَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا لِجُرْحٍ كَانَ فِي مَأْبِضِهِ وَالْمَأْبِضُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ بَاطِنُ الرُّكْبَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِأَجْلِهِ مِنَ الْقُعُودِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ فِيهِ غِنًى عَنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَكَانَ أَكْثَرُ أَحْوَالِهِ الْبَوْلَ عَنْ قُعُودٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَلَكَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه وبن شَاهِينَ فِيهِ مَسْلَكًا آخَرَ فَزَعَمَا أَنَّ الْبَوْلَ عَنْ قِيَامٍ مَنْسُوخٌ وَاسْتَدَلَّا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مَا بَالَ قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِحَدِيثِهَا أَيْضًا مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ مُسْتَنَدٌ إِلَى عِلْمِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْبُيُوتِ.

.
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ فَلَمْ تَطَّلِعْ هِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَفِظَهُ حُذَيْفَةُ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَتَضَمَّنَ الرَّدَّ عَلَى مَا نَفَتْهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إِذَا أَمِنَ الرَّشَاشَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ التِّرْمِذِيَّ وَالله أعلم( قَوْله بَاب غسل الدَّم) بِفَتْح الْغَيْن وَيحيى هُوَ بن سعيد الْقطَّان وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ وَفَاطِمَةُ هِيَ زَوْجَتُهُ بِنْتُ عَمِّهِ الْمُنْذِرِ وَأَسْمَاءُ هِيَ جَدَّتُهُمَا لِأَبَوَيْهِمَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [226] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ منْصُورٍ عنْ أبي وَائِلٍ قَالَ كانَ أبُو مُوسَى الاشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي البَوْلِ ويَقُولُ إنَّ بَني إسْرَائِيلَ كانَ إِذا أَصابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ فَرَضَهُ فقالَ حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ اَمْسَكَ أَتَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُباطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قائِماً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
قيل: إتْيَان حَدِيث وَاحِد من شخص وَاحِد فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب لَيْسَ لَهُ زِيَادَة فَائِدَة.
قلت: فَائِدَته تنادي بِأَعْلَى صَوته، وَلَكِن قَاصِر الْفَهم بمعزل من هَذِه الْفَائِدَة.
بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة، كلهم قد تقدمُوا، وَتقدم ذكر أبييتطاير إِلَيْهِ مثل رُؤُوس الأبر، وَفِيه يسر وسماحة على هَذِه الْأمة حَيْثُ لم يُوجب الْقَرْض كَمَا أوجب على بني إِسْرَائِيل، وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار رُؤُوس الأبر من الْبَوْل فَقَالَ مَالك: يغسلهَا اسْتِحْبَابا وتنزهاً، وَالشَّافِعِيّ: يغسلهَا وجوبا وَأَبُو حنيفَة سهل فيهمَا كَمَا فِي يسير كل النَّجَاسَات،.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: كَانُوا يرخصون فِي الْقَلِيل من الْبَوْل.
63 - ( بابُ غَسْلِ الدَّمِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم غسل الدَّم، بِفَتْح الْغَيْن، وَأَرَادَ بِهِ دم الْحيض.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا فِي بَيَان إِزَالَة النَّجَاسَة، فَفِي الأول عَن الْبَوْل، وَفِي الثَّانِي عَن الدَّم، وَكِلَاهُمَا فِي النَّجَاسَة سَوَاء.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (قَولُهُ بَابُ الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ)
كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ بَيَّنَ بن الْمُنْذِرِ وَجْهَ هَذَا التَّشْدِيدِ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى وَرَأَى رَجُلًا يَبُولُ قَائِمًا فَقَالَ وَيْحَكَ أَفَلَا قَاعِدًا ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ مُطَابَقَةُ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى أَبِي مُوسَى

[ قــ :222 ... غــ :226] .

     قَوْلُهُ  ثَوْبَ أَحَدِهِمْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ جِلْدَ أَحَدِهِمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مُرَادُهُ بِالْجِلْدِ وَاحِدُ الْجُلُودِ الَّتِي كَانُوا يَلْبَسُونَهَا وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنَ الْإِصْرِ الَّذِي حَمَلُوهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ فَفِيهَا كَانَ إِذَا أَصَابَ جَسَدَ أَحَدِهِمْ لَكِنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ صَرِيحَةٌ فِي الثِّيَابِ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى .

     قَوْلُهُ  قَرَضَهُ أَيْ قَطَعَهُ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِالْمِقْرَاضِ وَهُوَ يَدْفَعُ حَمْلَ مَنْ حَمَلَ الْقَرْضَ عَلَى الْغَسْلِ بِالْمَاءِ .

     قَوْلُهُ  لَيْتَهُ امسك وللإسماعيلي لَوَدِدْتُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا يُشَدِّدُ هَذَا التَّشْدِيدَ وَإِنَّمَا احْتَجَّ حُذَيْفَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْبَائِلَ عَنْ قِيَامٍ قَدْ يَتَعَرَّضُ لِلرَّشَاشِ وَلَمْ يَلْتَفِتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّشْدِيدَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِمَالِكٍ فِي الرُّخْصَةِ فِي مِثْلِ رُؤُوس الْإِبَرِ مِنَ الْبَوْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَصِلْ إِلَى بَدَنِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بن حِبَّانَ فِي ذِكْرِ السَّبَبِ فِي قِيَامِهِ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ فَقَامَ لِكَوْنِ الطَّرَفِ الَّذِي يَلِيهِ مِنَ السُّبَاطَةِ كَانَ عَالِيًا فَأَمِنَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ السُّبَاطَةَ رَخْوَةٌ يَتَخَلَّلُهَا الْبَوْلُ فَلَا يَرْتَدُّ إِلَى الْبَائِلِ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ إِنَّمَا بَالَ قَائِمًا لِأَنَّهَا حَالَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهَا خُرُوجُ الرِّيحِ بِصَوْتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَرِيبًا من الديار وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ عبد الرازق عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ وَقِيلَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي لِوَجَعِ الصُّلْبِ بِذَلِكَ فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّمَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا لِجُرْحٍ كَانَ فِي مَأْبِضِهِ وَالْمَأْبِضُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ بَاطِنُ الرُّكْبَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِأَجْلِهِ مِنَ الْقُعُودِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ فِيهِ غِنًى عَنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَكَانَ أَكْثَرُ أَحْوَالِهِ الْبَوْلَ عَنْ قُعُودٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَلَكَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه وبن شَاهِينَ فِيهِ مَسْلَكًا آخَرَ فَزَعَمَا أَنَّ الْبَوْلَ عَنْ قِيَامٍ مَنْسُوخٌ وَاسْتَدَلَّا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مَا بَالَ قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِحَدِيثِهَا أَيْضًا مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ مُسْتَنَدٌ إِلَى عِلْمِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْبُيُوتِ.

.
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ فَلَمْ تَطَّلِعْ هِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَفِظَهُ حُذَيْفَةُ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَتَضَمَّنَ الرَّدَّ عَلَى مَا نَفَتْهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إِذَا أَمِنَ الرَّشَاشَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ التِّرْمِذِيَّ وَالله أعلم (

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ
( باب) حكم ( البول عند سباطة قوم) .



[ قــ :222 ... غــ : 226 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ وَيَقُولُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عرعرة) بعينين وراءين مهملات ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق ( قال) :
( كان أبو موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري) رضي الله عنه ( يشدد في) الاحتراز من ( البول) حتى كان يبول في قارورة خوفًا من أن يصيبه شيء من رشاشه ( ويقول إن بني إسرائيل) بني يعقوب، وإسرائيل لقبه لأنه لما فاز بدعوة أبيه إسحاق دون أخيه عيصو توعده بالقتل فلحق بخاله ببابل أو بحران فكان يسير بالليل ويكمن بالنهار فسمي لذلك إسرائيل ( كان) شأنهم ( إذا أصاب) البول ( ثوب أحدهم قرضه) أي قطعه، وللإسماعيلي قرضه بالمقراض، ولمسلم إذا أصاب جلد أحدهم أي الذي يلبسه أو جلد نفسه على ظاهره، ويؤيده رواية أبي داود إذا أصاب جسد أحدهم لكن رواية المؤلف صريحة في الثياب، فيحتمل أن بعضهم رواه بالمعنى ( فقال حذيفة) بن اليمان ( ليته) أي أبا
موسى الأشعري ( أمسك) نفسه عن هذا التشديد فإنه خلاف السُّنّة، فقد ( أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سباطة قوم فبال قائمًا) فلم يتكلف البول في القارورة، واستدل به مالك على الرخصة في مثل رؤوس الإبر من البول.
نعم يقول بغسلها استحبابًا، وأبو حنيفة يسهل فيها كيسير كل النجاسات، وعند الشافعي يغسلها وجوبًا، وفي الاستدلال على الرخصة المذكورة ببوله عليه السلام قائمًا نظر لأنه عليه الصلاة والسلام في تلك الحالة لم يصل إليه منه شيء.
قال ابن حبان: إنما بال قائمًا لأنه لم يجد مكانًا يصلح للقعود فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة عاليًا فأمن من أن يرتد عليه شيء من بوله أو كانت السباطة رخوة لا يرتد إلى البائل شيء من بوله.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين شامي ومصري وكوفي وفيه التحديث والعنعنة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْبَوْل عِنْد جمَاعَة من النَّاس، وَهَذَا الْبابُُ، والبابُان اللَّذَان قبله، حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ، غير أَن كلاًّ مِنْهَا عَن شيخ، وَترْجم لكل وَاحِد مِنْهَا تَرْجَمَة تناسب معنى من مَعَاني الحَدِيث الْمَذْكُور.

والمناسبة بَينهَا ظَاهِرَة لَا تطلب.



[ قــ :222 ... غــ :226 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ منْصُورٍ عنْ أبي وَائِلٍ قَالَ كانَ أبُو مُوسَى الاشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي البَوْلِ ويَقُولُ إنَّ بَني إسْرَائِيلَ كانَ إِذا أَصابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ فَرَضَهُ فقالَ حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ اَمْسَكَ أَتَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُباطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قائِماً.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
قيل: إتْيَان حَدِيث وَاحِد من شخص وَاحِد فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب لَيْسَ لَهُ زِيَادَة فَائِدَة.
قلت: فَائِدَته تنادي بِأَعْلَى صَوته، وَلَكِن قَاصِر الْفَهم بمعزل من هَذِه الْفَائِدَة.

بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة، كلهم قد تقدمُوا، وَتقدم ذكر أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي بابُُ: أَي: الْإِسْلَام أفضل، واسْمه عبد الله بن قيس، وَأَبُو وَائِل شَقِيق.

بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضعي، وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين، وَرُوَاته مَا بَين شَامي ومصري وكوفي.

وتعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: تقدم فِي بابُُ الْبَوْل قَائِما.

بَيَان لغته وَإِعْرَابه قَوْله: ( يشدد) ، جملَة فِي مَحل النصب على أَنه خبر: كَانَ، وَمَعْنَاهُ: كَانَ يحْتَاط عَظِيما فِي الِاحْتِرَاز عَن رشاشاته، حَتَّى كَانَ يَبُول فِي القارورة خوفًا أَن يُصِيبهُ من رشاشاته شَيْء.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه أَنه سمع أَبَا مُوسَى، وَرَأى رجلا يَبُول قَائِما، قَالَ: وَيحك أَفلا قَاعِدا، ثمَّ ذكر قصَّة بني اسرائيل، وَبَنُو اسرائيل بَنو يَعْقُوب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، واسرائيل لقبه.
قَوْله: ( كَانَ إِذا أصَاب ثوب احدهم) الضَّمِير فِي: كَانَ، ضمير الشَّأْن، وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة خَبره، وَبِهَذَا لَا يرد سُؤال الْكرْمَانِي بقوله: فان قلت: بَنو، جمع فَلم أفرد ضمير: كَانَ، الرَّاجِع إِلَيْهِ؟ وَبَنُو إِسْرَائِيل أَصله بنُون لإسرائيل، فَلَمَّا أضيف إِلَى إِسْرَائِيل سَقَطت نون الْجمع.

فان قلت: مَا وَجه تلقيب يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل، عَلَيْهِم السَّلَام، بإسرائيل؟ قلت: كَانَ يَعْقُوب وعيصو أَخَوَيْنِ، كَانَا فِي بطن أمهما مَعًا.
فَلَمَّا جَاءَ وَقت وضعهما اقتتلا فِي بَطنهَا لأجل الْخُرُوج أَولا، فَقَالَ عيصو: وَالله لَئِن خرجت قبلي الاعترض فِي بطن أُمِّي لأقتلها، فَتَأَخر يَعْقُوب وَخرج عيصو قبله، فَسمى: عيصو، لِأَنَّهُ عصى، وسمى: يَعْقُوب، لِأَنَّهُ خرج آخِذا بعقب عيصو.
وَكَانَ يَعْقُوب أكبرهما فِي الْبَطن، وَكَانَ أحبهما إِلَى أمه، وَكَانَ: عيصو، أحبهما إِلَى أَبِيه، وَكَانَ صَاحب صيد، فَلَمَّا كبر أَبوهُمَا إِسْحَاق وَعمي قَالَ لعيصو: يَا بني أَطْعمنِي لحم صيد أدعُ لَك بِدُعَاء كَانَ ابي دَعَا لي بِهِ، وَكَانَ أشعر، وَكَانَ يَعْقُوب أجرد، فَخرج عيصو إِلَى الصَّيْد،.

     وَقَالَ ت أمه ليعقوب: خُذ شَاة واشوها والبس جلدهَا، وقدمها إِلَى أَبِيك، وَقل لَهُ: أَنا ابْنك عيصو، فَفعل، فمسه إِسْحَاق فَقَالَ: المسّ مسّ عيصو، وَالرِّيح ريح يَعْقُوب، فَقَالَت أمه: ابْنك عيصو فَادع لَهُ، فَأكل مِنْهَا ودعا لَهُ بِأَن الله يَجْعَل فِي ذُريَّته الْأَنْبِيَاء والملوك، ثمَّ جَاءَ عيصو بالصيد فَقَالَ إِسْحَاق: يَا بني قد سَبَقَك أَخُوك، فَغَضب.

     وَقَالَ : وَالله لاقتلنه.
فَقَالَ اسحاق: يَا بني قد بقيت دَعْوَة، فَدَعَا لَهُ: بِأَن تكون ذُريَّته عدد التُّرَاب وَلَا يملكهم أحد..
     وَقَالَ ت أم يَعْقُوب: إلحق بخالك فَكُن عِنْده، خشيَة أَن يقْتله عيصو، فَانْطَلق يَعْقُوب إِلَى خَاله لابان، وَكَانَ بِبابُُِل، وَقيل: بحرَّان، فَكَانَ يسير بِاللَّيْلِ ويكمن بِالنَّهَارِ، فَلذَلِك سمي إِسْرَائِيل، فَأخذ من: السرى وَاللَّيْل، قَالَه السّديّ..
     وَقَالَ  غَيره: مَعْنَاهُ عبد الله، لِأَن: ايل، اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى بالسُّرْيَانيَّة، كَمَا يُقَال: جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل.

قَوْله: ( اذا اصاب) اي: الْبَوْل ( و: ثوب أحدهم) ، بِالنّصب مَفْعُوله، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: ( إِذا أصَاب جلد أحدهم) ..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: مُرَاده بِالْجلدِ: وَاحِد الْجُلُود الَّتِي كَانُوا يلبسونها، وَحمله بَعضهم على ظَاهره، وَزعم أَنه من الإصر الَّذِي حملوه، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة ابي دَاوُد، حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش عَن زيد بن وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة، قَالَ: انْطَلَقت أَنا وَعَمْرو بن العَاصِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج وَمَعَهُ دورقة ثمَّ استتر بهَا ثمَّ بَال، فَقُلْنَا: انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُول كَمَا تبول الْمَرْأَة، فَسمع ذَلِك، فَقَالَ: ألم تعلمُوا مَا لَقِي صَاحب بني اسرائيل؟ كَانُوا إِذا أَصَابَهُم الْبَوْل قطعُوا مَا أَصَابَهُ الْبَوْل مِنْهُم، فنهاهم، فعذب فِي قَبره.
قَالَ مَنْصُور عَن ابي وَائِل عَن ابي مُوسَى: جلد أحدهم،.

     وَقَالَ  عَاصِم عَن ابي وَائِل عَن ابي مُوسَى: جَسَد أحدهم.
قَوْله: ( انْظُرُوا اليه يَبُول كَمَا تبول الْمَرْأَة) ، وَهَذَا القَوْل مِنْهُمَا من غير قصد، أَو وَقع بطرِيق التَّعَجُّب، أَو بطرِيق الاستفسار عَن هَذَا الْفِعْل، فَلذَلِك قَالَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بقوله: ( الم تعلمُوا) الخ، ولِمَ يَقُولُونَ هَذَا القَوْل بطرِيق الِاسْتِهْزَاء وَالِاسْتِخْفَاف، لِأَن الصَّحَابَة برَاء من هَذَا الْكَلَام: وَأَرَادَ بِصَاحِب بني اسرائيل: مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
فان قلت: كَيفَ يَتَرَتَّب قَوْله: ( فعذب) على قَوْله: ( فنهاهم) ؟ قلت: فِيهِ حذف تَقْدِيره: فنهاهم عَن إِصَابَة الْبَوْل وَلم ينْتَهوا، فعذب الله تَعَالَى.
و: الْفَاء، فِي: فعذب، فَاء السَّبَبِيَّة نَحْو قَوْله تَعَالَى: { فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ} ( الْقَصَص: 15) قَوْله: ( قرضه) بِالْقَافِ أَي: قطعه، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: ( قرضه بالمقراض) ، وَهَذِه الرِّوَايَة ترد قَول من يَقُول: المُرَاد بالقرض: الْغسْل بِالْمَاءِ.
قَوْله: ( ليته أمسك) ، قَول حُذَيْفَة أَي: لَيْت أَبَا مُوسَى أمسك نَفسه عَن هَذَا التَّشْدِيد، أَو لِسَانه عَن هَذَا القَوْل، أَو كليهمَا عَن كليهمَا، ومقصوده: أَن هَذَا التَّشْدِيد خلاف السّنة، فَإِن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بَال قَائِما، وَلَا شكّ فِي كَون الْقَائِم معرضًا للرشاش، وَلم يلْتَفت، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى هَذَا الِاحْتِمَال، وَلم يتَكَلَّف الْبَوْل فِي القارورة؛.

     وَقَالَ  ابْن بطال: وَهُوَ حجَّة لمن رخص فِي يسير الْبَوْل، لِأَن الْمَعْهُود مِمَّن بَال قَائِما أَن يتطاير إِلَيْهِ مثل رُؤُوس الأبر، وَفِيه يسر وسماحة على هَذِه الْأمة حَيْثُ لم يُوجب الْقَرْض كَمَا أوجب على بني إِسْرَائِيل، وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار رُؤُوس الأبر من الْبَوْل فَقَالَ مَالك: يغسلهَا اسْتِحْبابُُا وتنزهاً، وَالشَّافِعِيّ: يغسلهَا وجوبا وَأَبُو حنيفَة سهل فيهمَا كَمَا فِي يسير كل النَّجَاسَات،.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: كَانُوا يرخصون فِي الْقَلِيل من الْبَوْل.