هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2552 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِاليَمِينِ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2552 حدثنا أبو نعيم ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : كتب ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين على المدعى عليه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn Abu Mulaika:

Ibn `Abbas wrote that the Prophet (ﷺ) gave his verdict on the basis of the defendant's oath.

Ibn Abu Mulayka dit: «Ibn 'Abbâs (radiallahanho) écrivit que le Prophète () avait institué que le serment incombe au défendeur.»

":"ہم سے ابونعیم نے بیان کیا ، کہا ہم سے نافع بن عمر نے بیان کیا ، ان سے ابن ابی ملیکہ نے بیان کیا کہابن عباس رضی اللہ عنہما نے لکھا تھا ” نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے مدعیٰ علیہ کے لیے قسم کھانے کا فیصلہ کیا تھا ۔ “

Ibn Abu Mulayka dit: «Ibn 'Abbâs (radiallahanho) écrivit que le Prophète () avait institué que le serment incombe au défendeur.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2668] .

     قَوْلُهُ  وَقِيلَ فِي تَعْرِيفِهِمَا غَيْرُ ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْجُمْهُورِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُمُومِهِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ اخْتِلَاطٌ أَمْ لَا وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ إِلَّا عَلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي اخْتِلَاطٌ لِئَلَّا يَبْتَذِلَ أَهْلُ السَّفَهِ أَهْلَ الْفَضْلِ بِتَحْلِيفِهِمْ مِرَارًا وَقَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ قَرَائِنَ الْحَالِ إِذَا شَهِدَتْ بِكَذِبِ الْمُدَّعِي لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى دَعْوَاهُ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ نَاسٍ وَأَمْوَالَهُمْ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ فِي التَّدْمِيَةِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ تَسْوِيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُسْنِدُوا الْقِصَاصَ مَثَلًا إِلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي بَلْ لِلْقَسَامَةِ فَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  ذَلِكَ لَوْثًا يُقَوِّي جَانِبَ الْمُدَّعِي فِي بُدَاءَتِهِ بِالْأَيْمَانِ الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ الْأَشْعَثِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ الْآيَةَ وَقَدْ مَضَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَبْلُ بِبَابٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :2552 ... غــ :2668] .

     قَوْلُهُ  وَقِيلَ فِي تَعْرِيفِهِمَا غَيْرُ ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْجُمْهُورِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُمُومِهِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ اخْتِلَاطٌ أَمْ لَا وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ إِلَّا عَلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي اخْتِلَاطٌ لِئَلَّا يَبْتَذِلَ أَهْلُ السَّفَهِ أَهْلَ الْفَضْلِ بِتَحْلِيفِهِمْ مِرَارًا وَقَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ قَرَائِنَ الْحَالِ إِذَا شَهِدَتْ بِكَذِبِ الْمُدَّعِي لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى دَعْوَاهُ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ نَاسٍ وَأَمْوَالَهُمْ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ فِي التَّدْمِيَةِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ تَسْوِيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُسْنِدُوا الْقِصَاصَ مَثَلًا إِلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي بَلْ لِلْقَسَامَةِ فَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  ذَلِكَ لَوْثًا يُقَوِّي جَانِبَ الْمُدَّعِي فِي بُدَاءَتِهِ بِالْأَيْمَانِ الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ الْأَشْعَثِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ الْآيَةَ وَقَدْ مَضَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَبْلُ بِبَابٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ
وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ».

     وَقَالَ  قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] .
قُلْتُ: إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأُخْرَى؟.

هذا ( باب) بالتنوين ( اليمين على المدّعي عليه) دون المدّعي ( في الأموال والحدود) .
وقال الكوفيون: تختص اليمين بالمدّعى عليه في الأموال دون الحدود.
( وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله قريبًا
( شاهداك أو يمينه) برفع شاهداك خبر مبتدأ محذوف أي المثبت لدعواك أو الحجة لك شاهداك أو مبتدأ خبره محذوف أي شاهداك هما المطلوبان في دعواك أو شاهداك هما المثبتان لدعواك ويمينه عطف عليه.

( قال قتيبة) أي ابن سعيد، وفي بعض النسخ كما نقل عن الشيخ قطب الدين الحلبي حدّثنا قتيبة قال: ( حدّثنا سفيان) هو ابن عيينة ( عن ابن شبرمة) بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة هو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان الضبي قاضي الكوفة المتوفى سنة أربع وأربعين ومائة أنه قال: ( كلمني أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان قاضي المدينة ( في) القول بجواز ( شهادة الشاهد ويمين المدّعي) وكان مذهب أبي الزناد القضاء بذلك كأهل بلده لأنه عليه الصلاة والسلام قضى بشاهد ويمين.
رواه مسلم من حديث ابن عباس، وأصحاب السنن من حديث أبي هريرة، والترمذي وابن ماجه وصحّحه ابن خزيمة وأبو عوانة من حديث جابر ومذهب ابن شبرمة خلافه كأهل بلده فلا يعمل بالشاهد واليمين وهو مذهب الحنفية.
قال ابن شبرمة: ( فقلت) أي لأبي الزناد محتجًّا عليه ( قال الله تعالى: { واستشهدوا} ) على حقكم ( { شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} ) العدول ( { إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} ) [البقرة: 282] الشهادة.
قال ابن شبرمة ( قلت: إذا كان يكتفى) بضم أوله وفتح الفاء ( بشهادة شاهد ويمين المدّعي) وجواب الشرط ( فما يحتاح أن تذكر إحداهما الأخرى) وما نافية في قوله: فما يحتاج واستفهامية في قوله ( ما كان يصنع بذكر) بموحدة ومعجمة مكسورتين وسكون الكاف وفي نسخة تذكر بفوقية ومعجمة مفتوحتين وضم الكاف مشددة ( هذه الأخرى) وفي نسخة تذكر بضم الفوقية وسكون المعجمة وكسر الكاف والمعنى إذا جاز أن يكتفى بالشاهد واليمين فلا احتياج إلى تذكير إحداهما الأخرى إذ اليمين تقوم مقامهما فما فائدة ذكر التذكير في القرآن؟
وأجيب: بأنه لا يلزم من التنصيص على الشيء نفيه عما عداه وغاية ما في ذلك عدم التعرّض له لا التعرّض لعدمه، والحديث قد تضمن زيادة مستقلة على ما في القرآن بحكم مستقل، وقد أجاب إمامنا الشافعي عن الآية كما في المعرفة: بأن اليمين مع الشاهد لا تخالف من ظاهر القرآن شيئًا لأنّا نحكم بشاهدين وشاهد وامرأتين ولا يمين، فإذا كان شاهد حكمنا بشاهدين ويمين بالسُّنّة وليس هذا مما يخالف ظاهر القرآن لم يحرم أن يجوز أقل مما نص عليه في كتابه ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلم بما أراد الله عز وجل، وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ ما أتانا به وننتهي عما نهانا عنه، ونسأل الله العصمة والتوفيق انتهى.


[ قــ :2552 ... غــ : 2668 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: "كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- إليّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْه".

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله بن جميل الجمحي القرشي المكي المتوفى سنة تسع وستين ومائة ( عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة بضم الميم وفتح اللام مصغرًا أنه ( قال: كتب ابن عباس -رضي الله عنهما-) أي بعد أن كتبت إليه أسأله عن قصة المرأتين اللتين ادّعت إحداهما على الأخرى أنها جرحتها كما في تفسير سورة آل عمران وزاد أبو ذر: إليّ ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قضى باليمين على المدّعي عليه) .

وعند البيهقي من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن جريج وعثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة بلفظ: كنت قاضيًا لابن الزبير على الطائف وذكر قصة المرأتين فكتبت إلى ابن عباس فكتب إليّ: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر" وإسناده حسن وإنما كانت البيّنة على المدّعي لأن حجته قوية لانتفاء التهمة وجانبه ضعيف لأنه خلاف الظاهر فكلّف الحجة القوية وهي البيّنة ليقوى بها ضعفه وعكسه المدّعى عليه فاكتفى بالحجة الضعيفة وهي اليمين.
نعم قد تجعل اليمين في جانب المدّعي في مواضع مستثناة كأيمان القسامة لحديث الصحيحين المخصص لحديث الباب وفي البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة ودعوى بالقيمة في المتلفات".

وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن اليمين متوجهة على المدّعى عليه سواء كان بينه وبين المدّعي اختلاط أم لا؟ وقال مالك وأصحابه: إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد فاشترطت الخلطة لهذه المفسدة.

وهذا الحديث قد سبق في الرهن ويأتي إن شاء الله تعالى في تفسير سورة آل عمران.

هذا ( باب) بالتنوين من غير ترجمة وهو ساقط عند أبوي ذر والوقت.

2669 , 2670 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ -إِلَى- عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] .
ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَىْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ.
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ إِذن يَحْلِفُ وَلاَ يُبَالِي: فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً -وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ- لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ.
ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني ( عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي الحافظ قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه ( قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود: ( من حلف على) محلوف ( يمين يستحق بها) باليمين ( مالاً) لغيره ( لقي الله) أي يوم القيامة ( وهو عليه غضبان) غير مصروف للصفة وزيادة الألف والنون مع وجود الشرط وهو أن لا يكون المؤنث فيه بتاء التأنيث فلا تقول فيه امرأة غضبانة بل غضبى، والمراد من الغضب لازمه أي فيعذبه أو ينتقم منه ( ثم أنزل الله عز وجل تصديق ذلك { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم} إلى { عذاب أليم} ) [آل عمران: 77] برفعهما على الحكاية، ولأبوي ذر والوقت: { وأيمانهم ثمنًا قليلاً} إلى { أليم} .

( ثم إن الأشعث بن قيس) الكندي ( خرج إلينا) من الموضع الذي كان فيه ( فقال: ما يحدّثكم أبو عبد الرحمن) بن مسعود؟ ( فحدّثاه بما) حدّثنا به ( قال، فقال: صدق) ابن مسعود ( لفيّ) بلام مفتوحة ففاء مكسورة فتحتية مشددة ( أنزلت) بضم الهمزة زاد في الرهن والله أنزلت هذه الآية ولأبي ذر: نزلت بإسقاط الهمزة وفتح النون والزاي ولأبي الوقت نزلت بضم النون وكسر الزاي مشددة ( كان بيني وبين رجل) اسمه معدان بن الأسود بن معد يكرب الكندي ولقبه الجفشيش بجيم مفتوحة ففاء ساكنة فشين معجمتين بينهما تحتية ساكنة ( خصومة في شيء) في الرهن في بئر وفي رواية في أرض، وزاد مسلم.
أرض باليمن.
ولا يمتنع أن تكون المخاصمة في الكل فمرة ذكر الأرض لأن البئر داخلة فيها ومرة ذكر البئر لأنها المقصودة لسقي الأرض ( فاختصمنا إلى رسول الله) ولأبوي ذر والوقت إلى النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( شاهداك أو يمينه) قال القاضي عياض: كذا الرواية بالرفع فيهما تقديره عليك شاهداك أو عليه يمينه أو يقدر لك شاهداك أو يمينه أي لك إقامة شاهديك أو طلب يمينه فحذف المضاف من كل من المتعاطفين وأقيم المضاف إليه مقامه.
قال الأشعث: ( فقلت له) عليه الصلاة والسلام ( أنه) أي معدان ( إذًا يحلف) بالرفع على لغة من لا ينصب بإذا ( ولا يبالي) أي لا يكترث وربما حذفت ألفه فقيل: لم أبل، وزاد مسلم وأصحاب السنن الأربعة في نحو هذه القصة من حديث وائل بن حجر.

"ليس لك إلا ذلك".
واستدلّ بهذا الحصر على ردّ القضاء بالشاهد واليمين وهو مردود بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قضى بذلك، وبأن المراد بقوله: "شاهداك" أي بيّنتك سواء كانت رجلين أو رجلاً وامرأتين أو رجلاً ويمين الطالب فالمعنى شاهداك أو ما يقوم مقامهما ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( من حلف على يمين) الحلف هو اليمين فخالف بين اللفظين تأكيدًا لعقده وسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه وإلا فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه ( يستحق بها) باليمين ( مالاً) ليس له والجملة صفة ليمين أو حال ( وهو فيها) في اليمين ( فاجر) كاذب ( لقي الله) زاد أبو ذر عز وجل ( وهو عليه غضبان) اسم فاعل من غضب يقال رجل غضبان وامرأة غضبى وهو من باب المجازاة أي يعامله معاملة المغضوب عليه فيعذبه والواو في وهو في الموضعين للحال ( فأنزل الله تعالى تصديق ذلك ثم
اقترأ)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( هذه الآية) أي السابقة وهي { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم} إلى { عذاب أليم}
[آل عمران: 77] .

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله "شاهداك أو يمينه".

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ اليَمِينُ على المُدَّعى عليْهِ فِي الأمْوالِ والحُدُودِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ دون الْمُدَّعِي.
قَوْله: ( فِي الْأَمْوَال وَالْحُدُود) ، يَعْنِي: سَوَاء كَانَ الْيَمين الَّذِي على الْمُدعى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَال أَو الْحُدُود، وَأَرَادَ بِهِ أَن هَذَا الحكم عَام،.

     وَقَالَ  بَعضهم: يُشِير بِهِ إِلَى الرَّد على الْكُوفِيّين فِي تخصيصهم الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَال دون الْحُدُود.

قلت: هَذِه التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على حكمين.

الأول: أَن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ وَهُوَ يسْتَلْزم شَيْئَيْنِ.
أَحدهمَا: أَن لَا يجب يَمِين الِاسْتِظْهَار، وَفِيه اخْتِلَاف الْعلمَاء، وَهُوَ أَن الْمُدَّعِي إِذا أثبت مَا يَدعِيهِ ببينه فللحاكم أَن يستحلفه أَن بَينته شهِدت بِحَق، وَإِلَيْهِ ذهب شُرَيْح وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ، وَقد روى ابْن أبي ليلى عَن الحكم عَن الْحسن أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، اسْتحْلف عبد الله بن الْحر مَعَ بَينته، وَذهب مَالك والكوفيون وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِلَى أَنه: لَا يَمِين عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  إِسْحَاق إِذا استراب الْحَاكِم أوجب ذَلِك، وَالْحجّة لَهُم حَدِيث ابْن مَسْعُود الَّذِي مضى فِي الْبابُُ السَّابِق من حَيْثُ إِنَّه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يقل للأشعث: تحلف مَعَ الْبَيِّنَة، فَلم يُوجب على الْمُدَّعِي غير الْبَيِّنَة، وَأَيْضًا قَوْله تَعَالَى: { وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء ... } ( النُّور: 4) .
الْآيَة، فَأَبْرَأهُ الله تَعَالَى من الْجلد بِإِقَامَة أَرْبَعَة شُهَدَاء من غير يَمِين.
وَالْآخر: أَن لَا يَصح الْقَضَاء بِشَاهِد وَاحِد وَيَمِين الْمُدَّعِي، لِأَن الشَّارِع جعل الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ، وَفِيه اخْتِلَاف أَيْضا نذكرهُ عَن قريب.

وَالْحكم الثَّانِي: أَن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَال وَالْحُدُود، وَفِيه اخْتِلَاف أَيْضا، فَذهب الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد إِلَى القَوْل بِعُمُوم ذَلِك فِي الْأَمْوَال وَالْحُدُود وَالنِّكَاح وَنَحْوه، وَاسْتثنى مَالك النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعتاق والفدية، فَقَالَ: لَا يجب فِي شَيْء مِنْهَا الْيَمين حَتَّى يُقيم الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة، وَلَو شَاهدا وَاحِدًا..
     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ: يخْتَص الْيَمين بالمدعى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَال دون الْحُدُود.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : قَامَ الْإِجْمَاع على استحلاف الْمُدعى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَال، وَاخْتلفُوا فِي الْحُدُود وَالطَّلَاق وَالنِّكَاح وَالْعِتْق، فَذهب الشَّافِعِي: إِلَى أَن الْيَمين وَاجِبَة على كل مدعى عَلَيْهِ إِذا لم يكن للْمُدَّعِي بَيِّنَة، وَسَوَاء كَانَت الدَّعْوَى فِي دم أَو جراح أَو طَلَاق أَو نِكَاح أَو عتق أَو غير ذَلِك، وَاحْتج بِحَدِيث الْبابُُ: شَاهِدَاك أَو يَمِينه، قَالَ: وَلم يخص مدعي مَال دون مدعي دم أَو غَيره، بل الْوَاجِب أَن يحمل على الْعُمُوم.
ألاَ يرى أَنه جعل الْقسَامَة فِي دَعْوَى الدَّم،.

     وَقَالَ  للْأَنْصَار: يبرئكم يهود بِخَمْسِينَ يَمِينا؟ وَالدَّم أعظم حُرْمَة من المَال..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر: إِذا ادّعت الْمَرْأَة على زَوجهَا خلعاً أَو طَلَاقا، وَجحد الزَّوْج الطَّلَاق، فعلَيْهَا الْبَيِّنَة وإلاَّ يسْتَحْلف الزَّوْج، وَإِن ادّعى الْخلْع على مَال، فأنكرت، فَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة لَزِمَهَا المَال وإلاَّ حَلَفت وَلزِمَ الزَّوْج الْفِرَاق، لِأَنَّهُ أقرّ بِهِ، وَإِن ادّعى العَبْد الْعتْق، وَلَا بَيِّنَة لَهُ، يسْتَحْلف السَّيِّد فَإِن حلف برىء وَإِن ادّعى السَّيِّد أَنه أعْتقهُ على مَال، وَأنكر العَبْد حلف، وَلزِمَ السَّيِّد الْعتْق، وَكَانَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يريان بِأَن يسْتَحْلف على النِّكَاح، فَإِن أَبى ألزم النِّكَاح.

قلت: مَذْهَب أبي حنيفَة: أَن الْمُدعى عَلَيْهِ لَا يسْتَحْلف فِي النِّكَاح بِأَن يَدعِي على امْرَأَة نِكَاحا.
وَهِي تجحد، أَو ادَّعَت هِيَ كَذَلِك وَهُوَ يجْحَد.
وَلَا فِي الرّجْعَة، بِأَن ادّعى بعد انْقِضَاء عدتهَا أَنه كَانَ رَاجعهَا فِي الْعدة، وَهِي تجحد، أَو ادَّعَت هِيَ كَذَلِك وَهُوَ يجْحَد.
وَلَا فِي فَيْء الْإِيلَاء بِأَن ادّعى بعد مُضِيّ مُدَّة الْإِيلَاء أَنه فَاء إِلَيْهَا فِي الْمدَّة، وَهِي تجحد أَو ادَّعَت الْمَرْأَة كَذَلِك، وَهُوَ يجْحَد.
وَلَا فِي الِاسْتِيلَاد، بِأَن ادَّعَت الْأمة على سَيِّدهَا أَنَّهَا ولدت مِنْهُ، وَأنكر الْمولى، وَلَا يتَصَوَّر الْعَكْس من قبله عَلَيْهَا، لِأَن الِاسْتِيلَاد يثبت بِإِقْرَارِهِ.
وَلَا فِي الرّقّ بِأَن ادّعى على مَجْهُول النّسَب أَنه عَبده أَو ادّعى مَجْهُول النّسَب أَنه مُعْتقه.
وَلَا فِي النّسَب، بِأَن ادّعى الْوَلَد على الْوَالِد أَو الْوَالِد على الْوَلَد، وَأنكر الآخر.
وَلَا فِي الْوَلَاء: بِأَن ادّعى على مَعْرُوف النّسَب أَنه مُعْتقه، أَو ادّعى مَعْرُوف النّسَب أَنه مُعْتقه، أَو كَانَ ذَلِك فِي الْمُوَالَاة..
     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: يسْتَحْلف فِي الْكل، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد.
وَلَا يسْتَحْلف بِاتِّفَاق أَصْحَابنَا فِي الْحَد، بِأَن قَالَ رجل لآخر: لي عَلَيْك حد قذف، وَهُوَ يُنكر، لَا يسْتَحْلف لِأَنَّهُ يندرىء بِالشُّبُهَاتِ إلاَّ إِذا تضمن حَقًا، بِأَن علق عتق عَبده بِالزِّنَا،.

     وَقَالَ : إِن زَنَيْت فَأَنت حر، فَادّعى العَبْد أَنه زنى وَلَا بَيِّنَة لَهُ عَلَيْهِ، يسْتَحْلف الْمولى، حَتَّى إِذا نكل ثَبت الْعتْق دون الزِّنَا..
     وَقَالَ  القَاضِي الإِمَام فَخر الدّين، الْمَعْرُوف: بقاضيخان الْفَتْوَى، على أَنه يسْتَحْلف الْمُنكر فِي الْأَشْيَاء السِّتَّة الْمَذْكُورَة، وَذكر ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ وَالثَّوْري وَأَصْحَاب الرَّأْي أَنه: لَا يسْتَحْلف على شَيْء من الْحُدُود، وَلَا على الْقَذْف، وَقَالُوا: يسْتَحْلف يسْتَحْلف على السّرقَة فَإِن نكل لزمَه المَال وَعند مَالك لَا يَمِين فِي النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعِتْق والفرقة إِلَّا أَن يُقيم الْمُدعى شَاهدا وَاحِد فَإِذا أقالمه اسْتحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: إِذا أَقَامَت الْمَرْأَة أَو العَبْد شَاهدا وَاحِدًا على أَن الزَّوْج طَلقهَا، أَو أَن السَّيِّد أعْتقهُ، فاليمين تكون على السَّيِّد وَالزَّوْج، فَإِن حلفا سقط عَنْهُمَا الطَّلَاق وَالْعِتْق، وَهَذَا قَول مَالك وَابْن الْمَاجشون وَابْن كنَانَة،.

     وَقَالَ  فِي الْمُدَوَّنَة: فَإِن نكل قضى بِالطَّلَاق وَالْعِتْق، ثمَّ رَجَعَ مَالك، فَقَالَ: لَا يقْضِي بِالطَّلَاق ويسجن، فَإِن طَال سَجَنهُ دين، وَترك وَبِه قَالَ ابْن الْقَاسِم، وَطول السجْن عِنْده سنة.

وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شاهِدَاكَ أوْ يَمينُهُ

وصل البُخَارِيّ هَذَا التَّعْلِيق فِي آخر الْبابُُ من حَدِيث الْأَشْعَث بن قيس، وَهَذَا صَرِيح أَن الَّذِي على الْمُدعى الْبَيِّنَة، وَالَّذِي على الْمُدعى عَلَيْهِ الْيَمين، فَيَقْتَضِي منع يَمِين الْمُدَّعِي عِنْد الرَّد عَلَيْهِ، وَيَمِين الِاسْتِظْهَار أَيْضا كَمَا ذكرنَا.
وارتفاع: شَاهِدَاك، على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: الْمُثبت لدعواك أَو الْحجَّة لَك شَاهِدَاك، وَيجوز أَن يكون مَرْفُوعا على الِابْتِدَاء، وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره: شَاهِدَاك هُوَ الْمَطْلُوب فِي دعواك، أَو شَاهِدَاك هما المثبتان لدعواك، وَنَحْو ذَلِك.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ ابنِ شُبْرُمَةَ كلَّمَنِي أبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ويَمِينِ المُدَّعِي فقُلْتُ قَالَ الله تَعَالَى: { واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإنْ لَمْ يَكُونَا رجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا الأُخْراى} ( الْبَقَرَة: 282) ..
.

قُلْتُ إذَا كانَ يُكْتَفى بِشَهَادَةِ شاهِدٍ ويَمِينِ المُدَّعِي فَمَا يَحْتاجُ أنْ تُذْكَرَ إحْدَاهُمَا الأخْراى مَا كانَ يُصْنَعُ بِذِكْرِ هاذِهِ الأُخْراى

كَذَا هَكَذَا فِي كثير من النّسخ: قَالَ قُتَيْبَة، مُعَلّقا، وَفِي بَعْضهَا: حَدثنَا قُتَيْبَة، وَكَذَا نقل عَن الشَّيْخ قطب الدّين الْحلَبِي الشَّارِح،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) وَكَانَ الأول أظهر لِأَن البُخَارِيّ لم يحْتَج فِي ( صَحِيحه) بِابْن شبْرمَة، وَابْن شبْرمَة هُوَ عبد الله بن شبْرمَة بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء المضمومة: ابْن الطُّفَيْل بن حسان الضَّبِّيّ أَبُو شبْرمَة الْكُوفِي القَاضِي، فَقِيه أهل الْكُوفَة، عداده فِي التَّابِعين، وَكَانَ عفيفاً صَارِمًا عَاقِلا فَقِيها، يشبه النساك، ثِقَة فِي الحَدِيث، شَاعِرًا، حسن الْخلق، اسْتشْهد بِهِ البُخَارِيّ فِي ( الصَّحِيح) وروى لَهُ فِي الْأَدَب وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، مَاتَ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة، وروى عَن أبي حنيفَة حَدِيثا وَاحِدًا.
وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون، واسْمه عبد الله بن ذكْوَان الْقرشِي الْمدنِي قَاضِي الْمَدِينَة، قَالَ الْعجلِيّ: مدنِي تَابِعِيّ ثِقَة، سمع من أنس بن مَالك، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة.
قَوْله: إِذا كَانَ شَرط، وَقَوله: فَمَا يحْتَاج، جَزَاء، وَكلمَة: مَا، نَافِيَة بِخِلَاف قَوْله: مَا كَانَ، فَإِنَّهَا استفهامية، والفعلان: أَعنِي: يحْتَاج ويصنع، بِلَفْظ الْمَجْهُول أَي: إِذا جَازَ الْكِفَايَة على شَاهد وَيَمِين فَلَا يحْتَاج إِلَى تذكير إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى إِذْ الْيَمين تقوم مقَامهَا، فَمَا فَائِدَة ذكر التَّذْكِير فِي الْقُرْآن؟.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَائِدَته تتميم شَاهد، إِذْ الْمَرْأَة الْوَاحِدَة لَا اعْتِبَار لَهَا، لِأَن الْمَرْأَتَيْنِ كَرجل وَاحِد.
انْتهى.
قلت: هَذَا كَلَام عَجِيب كَأَنَّهُ مخترع من عِنْده، فَكيف يكون حَاصله: أَن مَذْهَب أبي الزِّنَاد الْقَضَاء بِشَاهِد وَيَمِين الْمُدَّعِي كَأَهل بَلَده، وَمذهب ابْن شبْرمَة خِلَافه كَأَهل بَلَده؟ فاحتج عَلَيْهِ أَبُو الزِّنَاد بالْخبر الْوَارِد فِي ذَلِك، وَاحْتج عَلَيْهِ ابْن شبْرمَة بِمَا ذكره من الْآيَة الْكَرِيمَة..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَإِنَّمَا يتم لَهُ الْحجَّة بذلك على أصل مُخْتَلف فِيهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ.
وَهُوَ أَن الْخَبَر إِذا ورد متضمناً لزِيَادَة على مَا فِي الْقُرْآن: هَل يكون نسخا؟ وَالسّنة لَا تنسخ الْقرَان، أَو لَا؟ يكون نسخا بل زِيَادَة مُسْتَقلَّة بِحكم مُسْتَقل إِذا ثَبت سَنَده وَجب القَوْل بِهِ، وَالْأول مَذْهَب الْكُوفِيّين وَالثَّانِي مَذْهَب الْحِجَازِيِّينَ، وَمَعَ قطع النّظر عَن ذَلِك لَا ينْهض حجَّة ابْن شبْرمَة لِأَنَّهُ يصير مُعَارضَة للنَّص بِالرَّأْيِ.
انْتهى.
قلت: مَذْهَب ابْن شبْرمَة هُوَ مَذْهَب ابْن أبي ليلى وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ والكوفيين والأندلسيين من أَصْحَاب مَالك، وهم يَقُولُونَ: نَص الْكتاب الْعَزِيز فِي بابُُ الشَّهَادَة: رجلَانِ، فَإِذا لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ، وَالْحكم بِشَاهِد وَيَمِين مُخَالف للنَّص، فَلَا يجوز، وَالْأَخْبَار الَّتِي وَردت بِشَاهِد وَيَمِين أَخْبَار أحاد فَلَا يعْمل بهَا عِنْد مخالفتها النَّص، لِأَنَّهُ يكون نسخا وَنسخ الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد لَا يجوز،.

     وَقَالَ  بَعضهم: النّسخ رفع الحكم وَلَا رفع هُنَا، وَأَيْضًا النَّاسِخ والمنسوخ لَا بُد أَن يتواردا على مَحل وَاحِد، وَهَذَا غير مُتَحَقق فِي الزِّيَادَة على النَّص.
قلت: النّسخ رفع الحكم قسم من أَقسَام النّسخ لِأَنَّهُ على أَرْبَعَة أَقسَام: نسخ الحكم والتلاوة جَمِيعًا، وَنسخ الحكم دون التِّلَاوَة، وَنسخ التِّلَاوَة دون الحكم، وَالرَّابِع: نسخ وصف الحكم، وَهُوَ أَيْضا مثل الزِّيَادَة على النَّص، وَهُوَ نسخ عندنَا، وَعند الشَّافِعِي هُوَ بِمَنْزِلَة تَخْصِيص الْعَام، حَتَّى جوز ذَلِك بِالْقِيَاسِ وبخبر الْوَاحِد، وَقَول هَذَا الْقَائِل: النّسخ رفع الحكم، لَيْسَ على إِطْلَاقه، لِأَن النّسخ من قبيل بَيَان التبديل، لِأَن الْبَيَان عندنَا خَمْسَة أَقسَام: بَيَان تَقْرِير، وَبَيَان تَفْسِير، وَبَيَان تَغْيِير، وَبَيَان ضَرُورَة، وَبَيَان تَبْدِيل.
والنسخ مِنْهُ، وَمَعْنَاهُ: أَن يَزُول شَيْء ويخلفه غَيره، وَلَا شكّ أَن الحكم بِشَاهِد وَيَمِين رفع حكم الشَّاهِدين، أَو الشَّاهِد، وَالْمَرْأَة، وَكَيف يَقُول هُنَا: وَلَا رفع هُنَا؟ وَقَوله: وَأَيْضًا النَّاسِخ والمنسوخ ... إِلَى آخِره لَيْسَ على إِطْلَاقه، لأَنا نسلم أَنه لَا بُد من توارد النَّاسِخ والمنسوخ فِي مَحل وَاحِد وَلَكِن لَا نسلم قَوْله: وَهَذَا غير مُتَحَقق فِي الزِّيَادَة على النَّص، لِأَن قَائِل هَذَا، أَي من كَانَ لم يفرق بَين نسخ الْوَصْف وَبَين نسخ الذَّات، والنسخ هُنَا من قبيل نسخ الْوَصْف لَا من قبيل نسخ الذَّات، وَنحن نقُول: إِن نسخ الْوَصْف مثل نسخ الذَّات فِي الحكم، فَلهَذَا منعنَا الحكم بِشَاهِد وَيَمِين،.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَتَخْصِيص الْكتاب بِالسنةِ جَائِز، وَكَذَلِكَ الزِّيَادَة عَلَيْهِ، قُلْنَا: لَا نسلم أَن الزِّيَادَة على النَّص كالتخصيص مُطلقًا، وَإِنَّمَا يكون كالتخصيص إِذا كَانَت الزِّيَادَة حكما مُسْتقِلّا بِنَفسِهَا، فَحِينَئِذٍ يكون كالتخصيص، لِأَنَّهَا لَا تغير.
والتخصيص بَيَان عدم إِرَادَة بعض مَا يتَنَاوَلهُ اللَّفْظ، فَيبقى الْبَاقِي بذلك النّظم بِعَيْنِه، فَإِن الْعَام إِذا خص مِنْهُ بعض الْأَفْرَاد بَقِي الحكم فِيمَا وَرَاءه بِلَفْظ الْعَام بِعَيْنِه، كَلَفْظِ الْمُشْركين إِذا خص مِنْهُ أهل الذِّمَّة بَقِي الحكم فِي غَيرهم ثَابتا بِلَفْظ الْمُشْركين، فَلم يكن التَّخْصِيص نسخا، لِأَن النّسخ بَيَان انْتِهَاء مُدَّة الحكم الثَّابِت، وبالتخصيص تبين أَن الْمَخْصُوص لم يكن مرَادا بِالْعَام فَلَا يكون رفعا بعد الثُّبُوت، بل منعا عَن الدُّخُول فِي حكم الْعَام، وَلِهَذَا قُلْنَا: إِن التَّخْصِيص لَا يكون إلاَّ مُقَارنًا، لِأَنَّهُ بَيَان مَحْض، وَشرط النّسخ أَن يكون مُتَأَخِّرًا، فَيكون تبديلاً لَا بَيَانا مَحْضا، ثمَّ نظر هَذَا الْقَائِل فِي كَون الزِّيَادَة على النَّص كالتخصيص.
بقوله: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} ( النِّسَاء: 42) .
وَأَجْمعُوا على تَحْرِيم الْعمة مَعَ بنت أَخِيهَا، وَسَنَد الْإِجْمَاع فِي ذَلِك السّنة الثَّابِتَة، وَكَذَلِكَ قطع رجل السَّارِق فِي الْمرة الثَّانِيَة، قُلْنَا: الْجَواب عَن هذَيْن الْحكمَيْنِ أَنَّهُمَا حكمان مستقلان بأنفسهما، وَلم يغيرا لحكم فيهمَا حَتَّى يكون نسخا.
وَقد قُلْنَا: إِن مثل هَذَا كالتخصيص ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَقد أَخذ من رد أَن الحكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين لكَونه زِيَادَة على الْقُرْآن بِأَحَادِيث كَثِيرَة كلهَا زَائِدَة على مَا فِي الْقُرْآن: كَالْوضُوءِ بالنبيذ، وَالْوُضُوء من القهقهة، وَمن الْقَيْء، والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق فِي الْغسْل دون الْوضُوء، واستبراء المسبية، وَترك قطع من سرق مَا يسْرع إِلَيْهِ الْفساد، وَشَهَادَة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِي الْولادَة، وَلَا قَود إلاَّ بِالسَّيْفِ، وَلَا جُمُعَة إلاَّ فِي مصر جَامع، وَلَا تقطع الْأَيْدِي فِي الْغَزْو، وَلَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم، وَلَا يُؤْكَل الطافي من السّمك، وَيحرم كل ذِي نَاب من السبَاع ومخلب من الطير، وَلَا يقل الْوَالِد بالوالد، وَلَا يَرث الْقَاتِل من الْقَتِيل، وَغير ذَلِك من الْأَمْثِلَة الَّتِي تَتَضَمَّن الزِّيَادَة على عُمُوم الْكتاب، قُلْنَا: هَذَا كُله لَا يرد علينا، وَالْجَوَاب عَن هَذَا كُله مَا قُلْنَا: إِن الزَّائِد على النَّص إِذا كَانَ حكما مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ لَا يضر ذَلِك، فَلَا يُسمى نسخا، لِأَنَّهُ لَا يُغير وَلَا يُبدل، وَالَّذِي فِيهِ التَّغْيِير بِحَسب الظَّاهِر لَا من حَيْثُ الْوَصْف وَلَا من حَيْثُ الذَّات يكون كالتخصيص.

وَقَوله: وَأَجَابُوا بِأَنَّهَا أَحَادِيث كَثِيرَة شهيرة، فَوَجَبَ الْعَمَل بهَا لشهرتها.
لَا نقُول بِهِ، لأَنا لَا نلتزم شهرة تِلْكَ الْأَحَادِيث، فَالْأَصْل الَّذِي نَحن عَلَيْهِ فِيهِ الْكِفَايَة.
وَقَوله: فَيُقَال لَهُم: وَحَدِيث الْقَضَاء بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين جَاءَ من طرق كَثِيرَة مَشْهُورَة، بل ثَبت من طرق صحيحية مُتعَدِّدَة، فَنَقُول: إِن كَانَ مُرَادهم بِهَذِهِ الشُّهْرَة الشُّهْرَة عِنْدهم فَلَا يلْزمنَا ذَلِك، وَإِن كَانَ المُرَاد الشُّهْرَة عِنْد الْكل فَلَا نسلم ذَلِك، لِأَن شهرتها عِنْد الْكل مَمْنُوعَة، فَمن ادّعى ذَلِك فَعَلَيهِ الْبَيَان، وَلَئِن سلمنَا شهرتها فَالزِّيَادَة بهَا على الْقُرْآن لَا تخرج عَن كَونهَا نسخا، وَالَّذِي قَالَ هَؤُلَاءِ وَظِيفَة التَّوَاتُر فَلَا تَوَاتر أصلا.

قَوْله: فَمِنْهَا مَا أخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِيَمِين وَشَاهد،.

     وَقَالَ  فِي التَّمْيِيز: إِنَّه حَدِيث صَحِيح لَا يرتاب فِي صِحَّته،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: لَا مطْعن لأحد فِي صِحَّته وَلَا فِي إِسْنَاده.

وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: بطرِيق الْمَنْع، وَهُوَ أَن مُسلما روى هَذَا الحَدِيث من حَدِيث سيف بن سُلَيْمَان عَن قيس بن سعد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس ... إِلَى آخِره، وَذكر التِّرْمِذِيّ فِي ( الْعِلَل الْكَبِير) : سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَنهُ، فَقَالَ: عَمْرو بن دِينَار لم يسمع عِنْدِي هَذَا الحَدِيث من ابْن عَبَّاس،.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: قيس لَا نعلمهُ يحدث عَن عَمْرو بن دِينَار بِشَيْء، فقد رمي الحَدِيث بالانقطاع فِي موضِعين من البُخَارِيّ بَين عَمْرو وَابْن عَبَّاس، وَمن الطَّحَاوِيّ بَين قيس وَعَمْرو، رد الْبَيْهَقِيّ فِي ( الخلافيات) على الطَّحَاوِيّ، وَأَشَارَ إِلَى أَن قيسا سمع من عَمْرو، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِرِوَايَة وهب بن جرير عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت قيس بن سعد يحدث عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، فَذكر الْمحرم الَّذِي وقصته نَاقَته، ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَلَا يبعد أَن يكون لَهُ عَن عَمْرو غير هَذَا.

قلت: لم يُصَرح أحد من أهل هَذَا الشَّأْن فِيمَا علمنَا أَن قيسا سمع من عَمْرو، لَا يلْزم من قَول جرير: سَمِعت قيسا يحدث عَن عَمْرو، أَن يكون قيس سمع ذَلِك من عَمْرو، وَذكر الذَّهَبِيّ سَيْفا فِي كِتَابه فِي ( الضُّعَفَاء) .

     وَقَالَ : رمي بِالْقدرِ،.

     وَقَالَ  فِي ( الْمِيزَان) : ذكره ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) وسَاق لَهُ هَذَا الحَدِيث.
وَسَأَلَ عَبَّاس يحيى بن معِين عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَضعف أَحْمد بن حَنْبَل مُحَمَّد بن مُسلم، ثمَّ ذكر الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث من وَجه آخر من حَدِيث معَاذ بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عَبَّاس.
قلت: رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن ربيعَة ابْن عُثْمَان، وَإِبْرَاهِيم هُوَ الْأَسْلَمِيّ مَكْشُوف الْحَال، مرمي بِالْكَذِبِ وَغَيره من المصائب، وَرَبِيعَة هَذَا، قَالَ أَبُو زرْعَة: لَيْسَ بذلك،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: مُنكر الحَدِيث.

وَالْجَوَاب الآخر: بطرِيق التَّسْلِيم، وَهُوَ أَنه من أَخْبَار الْآحَاد، فَلَا يجوز الزِّيَادَة بِهِ على النَّص.

قَوْله: وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد.
قلت: هَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد،.

     وَقَالَ : حَدثنَا أَحْمد ابْن أبي بكر أَبُو مُصعب الزُّهْرِيّ حَدثنَا الدَّرَاورْدِي عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا، وَقَالا: حَدِيث حسن غَرِيب.
قُلْنَا: هَذَا حَدِيث مَعْلُول، لِأَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي قد سَأَلَ سهيلاً عَنهُ فَلم يعرفهُ، وَهَذَا قدح فِيهِ، لِأَن الْخصم يضعف الحَدِيث بِمَا هُوَ أدنى من ذَلِك، فَإِن قلت: يجوز أَن يكون رَوَاهُ ثمَّ نَسيَه.
قلت: يجوز أَن يكون وهم فِي أول الْأَمر، وروى مَا لم يكن سَمعه، وَقد علمنَا أَن آخر أمره كَانَ جحوده وفقد الْعلم بِهِ، فَهُوَ أولى،.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْجَوْهَر النقي) : فِيهِ مَعَ نِسْيَان سُهَيْل أَنه قد اخْتلف عَلَيْهِ، فَرَوَاهُ زُهَيْر بن مُحَمَّد عَنهُ عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت كَمَا ذكره الْبَيْهَقِيّ.

قَوْله: وَمِنْهَا حَدِيث جَابر، مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة، أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة قلت أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن اسماعيل بن جَعْفَر دحدثنا جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد.
انْتهى، الأول مَرْفُوع، وَالثَّانِي مُرْسل، وَعبد الْوَهَّاب اخْتَلَط فِي آخر عمره، كَذَا ذكره ابْن معِين وَغَيره.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن سعد: كَانَ ثِقَة وَفِيه ضعف..
     وَقَالَ  ابْن الْمهْدي: أَرْبَعَة كَانُوا يحدثُونَ من كتب النَّاس وَلَا يحفظون ذَلِك الْحِفْظ، فَذكر مِنْهُم عبد الْوَهَّاب، وَقد خَالفه فِي هَذَا الحَدِيث من هُوَ أكبر مِنْهُ وأوثق كمالك وَغَيره، فَأَرْسلُوهُ..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّمْهِيد) : إرْسَاله أشهر..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ إِن الْمُرْسل أصح، وَكَذَا روى الثَّوْريّ عَن جَعْفَر عَن أَبِيه مُرْسلا، وَلِهَذَا ذكر فِي كتاب الْمعرفَة: أَن الشَّافِعِي لم يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، لذهاب بعض الْحفاظ إِلَى كَونه غَلطا،.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل: وَفِي الْبابُُ عَن نَحْو من عشْرين من الصَّحَابَة، فِيهَا الحسان والضعاف، وَبِدُون ذَلِك تثبت الشُّهْرَة وَدَعوى نسخه مرودودة.
قلت: الْجَواب ثُبُوت الشُّهْرَة بذلك، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَأما قَوْله: وَدَعوى نسخه مَرْدُودَة، فمردود لِأَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ) ، وَقَوله: ( الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر) يرد مَا قَالَه: وَكَذَا قَوْله: شَاهِدَاك أَو يَمِينه مَعَ ظَاهر الْقُرْآن، لِأَنَّهُ أوجب عِنْد عدم الرجلَيْن قبُول رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَإِذا وجد شَاهد وَاحِد فالرجلان معدومان، فَفِي قبُوله مَعَ الْيَمين نفي مَا اقتضته الْآيَة، وَيُؤَيّد قَول من يَدعِي النّسخ: إِن الْأَشْعَث إِنَّمَا وَفد سنة عشرَة، وَقد قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( شَاهِدَاك أَو يَمِينه) ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: { مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} ( الْبَقَرَة: 282) .
وَلَيْسَ الْمُدَّعِي بِشَاهِد وَاحِد مِمَّن يرضى بِاسْتِحْقَاق مَا يَدعِيهِ بقوله وَيَمِينه.
وَزَعَمُوا أَن يَمِين الْمُدَّعِي قَائِمَة مقَام الْمَرْأَتَيْنِ، فعلى هَذَا، لَو كَانَ الْمُدَّعِي ذِمِّيا فَأَقَامَ شَاهدا وَجب أَن لَا يقبل مِنْهُ، كَمَا لَو كَانَت المرإتان ذميتين.

وَأما الَّذِي رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَمنهمْ: ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَزيد بن ثَابت وَجَابِر بن عبد الله وَعلي بن أبي طَالب وسرق وَسعد بن عبَادَة وَعبد الله بن عَمْرو وَعَمْرو بن حزم والمغيرة بن شُعْبَة وزبيب بن ثَعْلَبَة وَعمارَة بن حزم وَعبد الله بن عمر وَرجل لَهُ صُحْبَة وَالزُّبَيْر بن الْعَوام، وَقد ذكرنَا أَحَادِيث: ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
أما حَدِيث زيد ابْن ثَابت فَأخْرجهُ ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من رِوَايَة زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت، أوردهُ ابْن عدي فِي تَرْجَمَة زُهَيْر بن مُحَمَّد، قَالَ: لم يقل: عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن زيد غَيره،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر فِي ( التَّمْهِيد) : هَذَا خطأ، وَالصَّوَاب: عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان: زيد بن ثَابت وهم من زُهَيْر بن مُحَمَّد.
وَأما حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأخْرجهُ ابْن عدي أَيْضا فِي تَرْجَمَة الْحَارِث بن مَنْصُور الوَاسِطِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: وَهَذَا لَا أعلم رَوَاهُ عَن الثَّوْريّ غير الْحَارِث..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: وَهَكَذَا روى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُرْسلا.
وَأما حَدِيث سرق فَأخْرجهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة عبد الله بن يزِيد مولى المنبعث عَن رجل من أهل مصر عَن سرق، أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أجَاز شَهَادَة الرجل وَيَمِين الطَّالِب، وَهَذَا فِيهِ مَجْهُول.
وَأما حَدِيث سعد بن عبَادَة، فَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد أَن روى حَدِيث أبي هُرَيْرَة من رِوَايَة ربيعَة ابْن أبي عبد الرَّحْمَن، قَالَ: قَالَ ربيعَة: وَأَخْبرنِي ابْن سعد بن عبَادَة، قَالَ: وجدنَا فِي كتاب سعد أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشاهذ، هَكَذَا رَوَاهُ غير مُسَمّى.
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فَرَوَاهُ ابْن عبد الْبر فِي ( التَّمْهِيد) وَابْن عدي أَيْضا من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عمر اللَّيْثِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ ابْن عدي: وَمُحَمّد هَذَا غير ثِقَة.
وَأما حَدِيث عَمْرو بن حزم والمغيرة بن شُعْبَة فأخرجهما الْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من رِوَايَة سعيد بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل بن سعد بن عبَادَة أَنه وجد كتابا فِي كتب آبَائِهِ، هَذَا مَا وَقع، أَو ذكر عَمْرو بن حزم والمغيرة بن شُعْبَة، قَالَا: بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل رجلَانِ يختصمان، مَعَ أَحدهمَا شَاهد لَهُ على حَقه، فَجعل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمِين صَاحب الْحق مَعَ شَاهده فاقتطع بذلك حَقه.
وَأما حَدِيث زبيب، بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن ثَعْلَبَة الْعَنْبَري فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة شُعَيْب بن عبد الله بن زبيب الْعَنْبَري: حَدثنِي أبي قَالَ: سَمِعت جدي الزَّبِيب ... الحَدِيث مطولا، فَلْينْظر فِيهِ وَأوردهُ ابْن عدي فِي تَرْجَمَة شُعَيْب بن عبد الله،.

     وَقَالَ : أَرْجُو أَنه يصدق فِيهِ.
وَأما حَدِيث عمَارَة بن حزم فَأخْرجهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن الْمطلب عَن سعيد بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل عَن جده أَنه قَالَ: كتاب وجدته فِي كتب سعيد بن سعد بن عبَادَة: أَن عمَارَة بن حزم شهد أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد، وَقد اخْتلف فِيهِ على عبد الْعَزِيز بن الْمطلب.
وَأما حَدِيث عبد الله بن عمر فَأخْرجهُ ابْن عدي من رِوَايَة أبي حذافة السَّهْمِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر،.

     وَقَالَ : هَذَا عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد بَاطِل،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: حَدِيث أبي حذافة مُنكر.
وَأما حَدِيث رجل لَهُ صُحْبَة فَأخْرجهُ الْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من حَدِيث الشَّافِعِي: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن ربيعَة بن عُثْمَان عَن معَاذ بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عَبَّاس، وَآخر لَهُ صُحْبَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد، وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد يرمَى بِالْكَذِبِ، وَرَبِيعَة مُنكر الحَدِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم.
وَأما حَدِيث عبد الله بن الزبير فَذكره الْحَافِظ أَبُو سعيد مُحَمَّد بن عَليّ بن عَمْرو فِي كتاب ( الشُّهُود) أَنبأَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى حَدثنَا الْحُسَيْن بن أَحْمد بن بسطَام حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة حَدثنَا عباد عَن شُعَيْب بن عبد الله بن الزبير عَن أَبِيه عَن جده الزبير بن الْعَوام: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِيَمِين مَعَ الشَّاهِد.

فَإِن قلت: هَذِه الْأَحَادِيث دلّت على جَوَاز الحكم بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد، وروى النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن ابْن أبي صَفِيَّة الْكُوفِي: أَنه حضر شريحاً فِي مَسْجِد الْكُوفَة قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد، وَعَن أبي الزِّنَاد: أَن عمر بن عبد الْعَزِيز وشريحاً قضيا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد، قَالَ أَبُو الزِّنَاد: كتب عمر إِلَى عبد الحميد ابْن عبد الرَّحْمَن، عَامله على الْمَدِينَة، أَن يقْضِي بِهِ.
وَفِي ( الْمحلى) روينَا عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ: قضى بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد الْوَاحِد.
قَالَ: وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَأبي الزِّنَاد وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَإيَاس بن مُعَاوِيَة، وَيحيى ابْن معمر، وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة وَغَيرهم،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر وَرُوِيَ عَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَأبي بن كَعْب وَعبد الله بن عمر وَالْقَضَاء بِالْيَمِينِ، وَإِن كَانَ فِي الْأَسَانِيد عَنْهَا ضعف.
قلت: أما الْأَحَادِيث فقد وقفت على حَالهَا، وَأما هَؤُلَاءِ المذكورون فَإِن كَانَ روى عَنْهُم بأسانيد ضَعِيفَة، فقد روى عَن غَيرهم بأسانيد صِحَاح، أَنه لَا يجوز.
مِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا حَمَّاد بن خَالِد عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: هِيَ بِدعَة وَأول من قضى بهَا مُعَاوِيَة، وَهَذَا السَّنَد على شَرط مُسلم،.

     وَقَالَ  عَطاء بن أبي رَبَاح: أول من قضى بِهِ عبد الْملك بن مَرْوَان،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الْحسن: إِن حكم بِهِ قاضٍ نقض حكمه، وَهُوَ بِدعَة، وَقد ذكرنَا عَن جمَاعَة، فِيمَا مضى، عدم الْجَوَاز بِهِ.



[ قــ :2552 ... غــ :2668 ]
- حدَّثنا أَبُو نَعِيمٍ قَالَ حَدثنَا نافعُ بنُ عُمَرَ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كتَبَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَضاى باليَمِينِ على المُدَّعاى عَلَيْهِ.

( انْظُر الحَدِيث 4152 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن التَّرْجَمَة بابُُ الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ، والْحَدِيث فِيهِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ على الْمُدعى عَلَيْهِ، وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَنَافِع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجُمَحِي الْقرشِي من أهل مَكَّة، مَاتَ بِمَكَّة، سنة تسع وَسِتِّينَ، وَمِائَة وَابْن أبي مليكَة: هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم، وَقد تكَرر ذكره، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الرَّهْن عَن خَلاد بن يحيى عَن نَافِع بن عمر ... إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَفِيه حجَّة للحنفية أَن الْيَمين وَظِيفَة الْمُدعى عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا لَا ترد على الْمُدَّعِي، وَلَا يَمِين الِاسْتِظْهَار، وَلَا يَمِين بِشَاهِد وَاحِد.

وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق عبد الله بن إِدْرِيس عَن ابْن جريج وَعُثْمَان بن الْأسود عَن ابْن أبي مليكَة، قَالَ: كنت قَاضِيا لِابْنِ الزبير على الطَّائِف، فَكتبت إِلَى ابْن عَبَّاس، فَكتب إِلَيّ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لادعى رجال أَمْوَال قوم ودماءهم، وَلَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر) ، وَهَذِه الزِّيَادَة لَيست فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) وإسنادها حسن، وَقد بَين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحِكْمَة فِي كَون الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ، بقوله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لادعى رجال أَمْوَال قوم ودماءهم) .

وَقيل: الْحِكْمَة فِي كَون الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي لِأَن جَانِبه ضَعِيف، لِأَنَّهُ يَقُول خلاف الظَّاهِر فيتقوى بهَا، وجانب الْمُدعى عَلَيْهِ قوي، لِأَن الأَصْل فرَاغ ذمَّته، فَاكْتفى مِنْهُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهَا حجَّة ضَعِيفَة.
فَإِن قلت: قَالَ الْأصيلِيّ: حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا لَا يَصح مَرْفُوعا، إِنَّمَا هُوَ قَول ابْن عَبَّاس: كَذَا رَوَاهُ أَيُّوب وَنَافِع الجُمَحِي عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس، قلت: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ من رِوَايَة ابْن جريج مَرْفُوعا، وَهَذَا يَكْفِي لصِحَّة الرّفْع، وَمَعَ هَذَا فَإِن كَانَ مُرَاد الْأصيلِيّ جَمِيع الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فَلَا يَصح، لِأَن الْمِقْدَار الَّذِي أخرجه الشَّيْخَانِ مُتَّفق على صِحَّته، وَإِن كَانَ مُرَاده هَذِه الزِّيَادَة، وَهِي قَوْله: لَو يعْطى النَّاس ... إِلَى آخِره، فَغَرِيب فَافْهَم.


( بابٌُ)
قد مر غير مرّة أَن الْبابُُ إِذا كَانَ مَذْكُورا مُجَردا يكون كالفصل فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، وَقد ذكرنَا أَيْضا أَن لفظ: الْكتاب، يجمع على الْأَبْوَاب، والأبواب تجمع الْفُصُول، وَبابُُ هُنَا غير مُعرب، لِأَن الْإِعْرَاب لَا يكون إلاَّ بعد العقد، والتركيب أللهم إلاَّ إِذا قُلْنَا: التَّقْدِير: هَذَا بابُُ، فَحِينَئِذٍ يكون مَرْفُوعا على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَلَيْسَ هَذَا بمذكور فِي كثير من النّسخ.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :2552 ... غــ :2670 ]
- حدَّثنا عُثْمَانِ بنُ أبِي شَيْبَةَ قَالَ حدَّثنا جَريرٌ عنْ مَنْصُور عنْ أبِي وائلٍ قَالَ قَالَ عبدُ الله مَنْ حَلَفَ على يَمينٍ يَسْتَحقُّ بهَا مَالا لَقِيَ الله وهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ثُمَّ أنْزَلَ الله عَزَّ وجَلَّ تَصْدِيقَ ذالِكَ إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيْمانِهِمْ إِلَى عَذابٌ ألِيمٌ ثُمَّ إنَّ الأشْعَثَ بنَ قَيْسٍ خَرَجَ إلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أبُو عَبْدِ الرَّحْمانِ فَحَدَّثْناهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ صَدقَ لَفِيَّ أُنْزِلَتْ كانَ بَيْنِي وبيْنَ رجُل خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ فاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ شاهِدَاكَ أوْ يَمينُهُ فقُلْتُ لهُ إنَّهُ إذَاً يَحْلِفَ وَلَا يُبَالِي فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ حَلَفَ علَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِها مَالا وهْوَ فِيهَا فاجِرٌ لَقِيَ الله وهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ فأنْزَلَ الله تَصْدِيقَ ذالِكَ ثُمَّ اقْتَرأَ هَذِهِ الآيَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: شَاهِدَاك، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاطب بذلك الْأَشْعَث، وَكَانَ هُوَ الْمُدَّعِي، فَجعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيِّنَة عَلَيْهِ، وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي الرَّهْن فِي: بابُُ إِذا اخْتلف الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن، بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن، غير أَن هُنَاكَ أخرجه: عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير ... إِلَى آخِره، وَهَهُنَا: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَاسْتدلَّ بِهَذَا الْحصْر على رد الْقَضَاء بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد.
وَأجِيب: بِأَن المُرَاد بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( شَاهِدَاك) على رجل وَيَمِين الطَّالِب
أَي: بينتك، سَوَاء كَانَت رجلَيْنِ أَو رجلا وَامْرَأَتَيْنِ أَو رجلا وَيَمِين الطَّالِب.
انْتهى.
قلت: هَذَا تَأْوِيل غير صَحِيح، فسبحان الله كَيفَ يدل.
قَوْله: ( شَاهِدَاك) ، شَاهِدَاك بِالْبَيِّنَةِ، وَالْبَيِّنَة قد عرفت بِالنَّصِّ أَنَّهَا: رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ، لَيْسَ إلاَّ وَتَخْصِيص لفظ: الشَّاهِدين، لِكَوْنِهِمَا أَكثر وأغلب، فَافْهَم.
وَالله أعلم.