هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2578 وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا آكُلُ اللَّحْمَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ . فَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا ؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2578 وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي ، حدثنا بهز ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر ؟ فقال بعضهم : لا أتزوج النساء ، وقال بعضهم : لا آكل اللحم ، وقال بعضهم : لا أنام على فراش ، فحمد الله وأثنى عليه . فقال : ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ؟ لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Anas (Allah be pleased with him) reported that some of the Companions of Allah's Apostle (ﷺ) asked his (the Prophet's) wives about the acts that he performed in private. Someone among them (among his Companions) said:

I will not marry women; someone among them said: I will not eat meat; and someone among them said: I will not lie down in bed. He (the Holy Prophet) praised Allah and glorified Him, and said: What has happened to these people that they say so and so, whereas I observe prayer and sleep too; I observe fast and suspend observing them; I marry women also? And he who turns away from my Sunnah, he has no relation with Me

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1401] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) سَبَقَ تَأْوِيلُهُ وَأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ تَرَكَهَا إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهَا على مَا هِيَ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ كَمَا سَبَقَ أَوْ تَرَكَ النَّوْمَ عَلَى الْفِرَاشِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ مَأْذُونٍ فِيهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الذَّمُّ وَالنَّهْيُ قوله ( إن النبي صلى الله عليه وسلم حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا) هُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ خُطَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا فَخَطَبَ لَهُ ذَكَرَ كَرَاهِيَتَهُ وَلَا يُعَيِّنُ فَاعِلَهُ وهذا مِنْ عَظِيمِ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَجَمِيعُ الْحَاضِرِينَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ وَلَا يَحْصُلُ تَوْبِيخُ صَاحِبِهِ فِي الْمَلَأِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1401] فَمن رغب عَن سنتي قَالَ النَّوَوِيّ أَي إعْرَاضًا عَنْهَا غير مُعْتَقد لَهَا على مَا هِيَ عَلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أنس رضي الله عنه أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء.
وقال بعضهم: لا آكل اللحم.
وقال بعضهم: لا أنام على فراش.
فحمد الله وأثنى عليه، فقال ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام.
وأصوم وأفطر.
وأتزوج النساء.
فمن رغب عن سنتي فليس مني.

المعنى العام

رغب الإسلام في النكاح بقوله تعالى: { { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } } [النور: 32] .
وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم شباب الأمة على الزواج في مواطن كثيرة، وبأحاديث جمة، نعرض لها في فقه الحديث، وأبرزها هذا الحديث الذي يعرض علقمة قصة وظروف رواية ابن مسعود له، فيقول: كنت أمشي في منى أنا وابن مسعود، فقابلنا عثمان بن عفان، فطلب من ابن مسعود أن يختلي به، فأمسك بيده، وكان ابن مسعود قد فقد زوجته، فقال له عثمان: ألا نساعدك في زواجك بشابة صغيرة تعيد لك بعض شبابك؟ وتذكرك بما مضى من نشاطك وحيويتك وشهواتك؟ وأراد ابن مسعود أن يعتذر لعثمان برفق، فبين له أن هذا المطلب يوجه للشباب، وليس لأمثال ابن مسعود من الشيوخ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه للشباب، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الزواج فليتزوج، فإن الزواج يساعد على غض البصر، وعلى حصانة الفرج، ومن لم يستطع الزواج فعليه بالصوم، فإن الصوم يساعد على ضعف الشهوة.

ويسوق الإمام مسلم حديثا آخر يؤكد استحباب الزواج والحث عليه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن عزم على التبتل والبعد عن النساء من أجل العبادة: ليس فيما عزمت عليه تقرب إلى الله، فأنا أقرب الناس إلى الله لكني أتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.

ويسوق الإمام مسلم حديثاً ثالثاً مؤداه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل والخصاء للانقطاع للعبادة لأن من أهداف الإسلام ومقاصده كثرة النسل والترغيب في النكاح، ووضع الشهوات في الإطار الذي حدده الإسلام.

المباحث العربية

( كنت أمشي مع عبد الله) أي ابن مسعود، وفي الرواية الثانية إني لأمشي مع عبد الله بن مسعود.

( بمنى) قال الحافظ ابن حجر: كذا وقع في أكثر الروايات، وفي رواية ابن حبان بالمدينة وهي شاذة.

( فقام معه يحدثه) ليس المراد القيام من قعود أو اضطجاع، فقد كان يمشي، وإنما المراد ناداه، وأخذه معه، وفي الرواية الثانية فقال: هلم يا أبا عبد الرحمن: فاستخلاه أي طلب أن يختلى به، هكذا فهم علقمة من نداء عثمان له، وفي رواية البخاري يا أبا عبد الرحمن إن لي إليك حاجة قال علقمة فخليا قال الحافظ ابن حجر: كذا للأكثر فخليا وفي رواية فخلوا بالواو المفتوحة وألف الاثنين.
قال ابن التين: وهي الصواب، لأنه واوي، يعني من الخلوة، مثل دعوا وفي رواية فلقى عثمان، فأخذ بيده، فقاما -أي أخذاً يمشيان- وتنحيت عنهما.

( ألا نزوجك جارية شابة؟) لعل عثمان عرض عليه هذا العرض لما رأى عليه من هيئة رثة غير أنيقة، نتيجة لفقد الزوجة التي ترفهه، وفي الرواية الثانية ألا نزوجك جارية بكراً؟ وفي رواية البخاري هل لك في أن نزوجك بكراً؟ ولعل عثمان ذكر العبارات الثلاث جارية وشابة وبكراً فذكر كل راو ما لم يذكر الآخر، والجارية هي البنت أو الفتاة الصغيرة السن.

( لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك؟) في الرواية الثانية لعله يرجع إليك من نفسك ما كنت تعهد؟ وفي رواية ابن حبان لعلها أن تذكرك ما فاتك والمعنى تعيد إليك بعض نشاط الشباب مع الشابات من المداعبة والحركة والإثارة مما ينعش البدن، ويبعث الحيوية في الجسم، وذكر لعل لأن هذه النتيجة غالبة وليست بلازمة، وعندما يعود إليه بعض النشاط يتذكر به ما مضى من قوة النشاط.

( فقال عبد الله: لئن قلت: ذاك؟) أي ذاك الذي طلبتني من أجله؟ لقد حسبت أنك ستسر إلي أمراً يستر عن علقمة، تعال يا علقمة، تعال يا علقمة فاسمع ما يقوله عثمان، وفي الرواية الثانية فلما رأى عبد الله أن ليست له حاجة قال لي: تعال يا علقمة، وفي بعض الروايات فلما رأى عبد الله أن ليست له حاجة يسرها قال: ادن يا علقمة وفي الرواية الثانية قال: فجئت، فقال له عثمان: ألا نزوجك..........فقال عبد الله: لئن قلت ذاك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب إلخ، فظاهر الرواية الثانية أن قول عثمان لعبد الله: ألا نزوجك....؟ إلخ كان بعد عودة علقمة لهما، ويؤكد هذا ما جاء في بعض الروايات بلفظ فانتهيت إليه، وهو يقول: ألا نزوجك...
؟ وظاهر الرواية الأولى أن قول عثمان لعبد الله: ألا نزوجك...
كان قبل عودة علقمة، وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هذين المتعارضين ظاهراً بأنه يحتمل أن يكون عثمان أعاد على ابن مسعود -بعد عودة علقمة- ما كان قد قاله له قبل عودة علقمة، لكونه فهم منه إرادة إعلام علقمة بما كان.

( يا معشر الشباب) المعشر هم الطائفة الذين يشملهم وصف، فالشباب معشر، والشيوخ معشر، والعلماء معشر، والنساء معشر، والشباب جمع شاب، ويجمع أيضاً على شببة، وشبان، بضم الشين وتشديد الباء، وذكر الأزهري أنه لم يجمع فاعل على فعلان غيره، وأصله الحركة والنشاط، وهو اسم لمن بلغ إلى أن يكمل ثلاثين سنة، هكذا أطلق الشافعية، وقال القرطبي في المفهم: يقال له: حدث بفتح الحاء والدال -إلى ستة عشر- والحداثة سن الشباب- ثم شاب إلى اثنتين وثلاثين، ثم كهل، وكذا ذكر الزمخشري، وقال ابن شاس المالكي: إلى الأربعين، وقال النووي: الأصح المختار أن الشاب من بلغ ولم يجاوز الثلاثين، ثم هو كهل إلى أن يجاوز الأربعين، ثم هو شيخ، وقال الروياني في وظائفه من جاوز الثلاثين سمي شيخاً، زاد ابن قتيبة: إلى أن يبلغ الخمسين.
قال أبو إسحق الإسفرايني عن الأصحاب: المرجع في ذلك إلى اللغة، وأما بياض الشعر فيختلف باختلاف الأمزجة.
اهـ

ووجه الخطاب للشباب لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النكاح، فهم مظنة شهوة النساء، ولا ينفكون عنها غالباً، بخلاف الشيوخ، وإن كان المعنى معتبراً إذا وجد السبب في الشيوخ والكهول أيضاً.

( من استطاع منكم الباءة فليتزوج) قال النووي: الباءة فيها أربع لغات، حكاها القاضي عياض: الفصيحة المشهورة بالمد والهاء، الثانية الباة بلا مد، والثالثة الباء بالمد بلا هاء، والرابعة الباهة بهاءين بلا مد، وأصلها في اللغة الجماع، مشتقة من الباءة، وهي المنزل، ومنه مباءة الإبل، وهي مواطنها، ثم قيل لعقد النكاح باءة، لأن من تزوج امرأة بوأها منزلاً.

ثم قال: واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين، يرجعان إلى معنى واحد، أصحهما أن المراد معناها اللغوي، وهو الجماع، فتقديره من استطاع منكم الجماع، لقدرته على مؤنه، وهي مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع، لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم، ليدفع شهوته، ويقطع شر منيه، كما يقطعه الوجاء.
والقول الثاني أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح، سميت باسم ما يلازمها، وتقديره: من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطعها فليصم، ليدفع شهوته.

قال: والذي حمل القائلين بهذا على هذا قوله صلى الله عليه وسلم ومن لم يستطع فعليه بالصوم قالوا: والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة، فوجب تأويل الباءة على المؤن.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: ولا مانع من الحمل على المعنى الأعم -أي معنى الجماع ومؤنة النكاح.

ويراد بالباءة القدرة على الوطء ومؤن التزويج، وكأنه يرشد من لا يستطيع الجماع من الشباب لفرط حياء، أو عدم شهوة، أو عنة مثلاً إلى ما يهيئ له استمرار تلك الحالة، فيكون قسم الشباب إلى قسمين، قسم يتوقون إليه، ولهم اقتدار عليه، فندبهم إلى التزويج، دفعاً للمحذور، خلاف الآخرين، فندبهم إلى أمر تستمر به حالتهم، لأن ذلك أرفق بهم للعلة التي ذكرت.

( فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج) أي أشد غضاً للبصر، أي يزيد في غض البصر إلى الأجنبية لما يحدثه إشباع الشهوة في الحلال من عدم الرغبة -كما سيأتي في باب من رأي امرأة فوقعت في نفسه- وأشد إحصاناً للفرج، ومنعاً من الوقوع في الفاحشة، وأفعل التفضيل أغض، وأحصن على بابها، فإن التقوى سبب لغض البصر، وتحصين الفرج، وحصول التزويج يزيد الغض والإحصان عما كان عليه بفعل التقوى، ويحتمل أن أفعل التفضيل ليس على بابه، وأن المراد به مجرد الوصف، ليس الزيادة فيه، أي فإنه يغض البصر، ويحصن الفرج.

( ومن لم يستطع فعليه بالصوم) قال المازري: فيه إغراء الغائب، وأصول النحويين أن لا يغرى الغائب، وقد تعقبه القاضي عياض بأنه ليس في الحديث إغراء الغائب، بل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولاً.

( فإنه له وجاء) بكسر الواو، والمد، وأصله الغمز، ومنه وجأه في عنقه إذا غمزه دافعا له، ووجأه بالسيف إذا طعنه به، والوجاء رض الأنثيين، بخلاف الإخصاء، فهو سلهما، وإطلاق الوجاء على الصيام من مجاز المشابهة، بمعنى أن الصوم يقطع الشهوة، ويقطع شر المني، كما يفعل الوجاء.

( عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخلت أنا وعمي علقمة والأسود على عبد الله بن مسعود) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ، وهو الصواب، قال القاضي: ووقع في بعض الروايات أنا وعماي علقمة والأسود وهو غلط ظاهر، لأن الأسود أخو عبد الرحمن بن يزيد، لا عمه، وعلقمة عمهما جميعاً.

( فذكر حديثاً رئيت أنه حدث به من أجلي) قال النووي: هكذا هو في كثير من النسخ، وفي بعضها رأيت وهما صحيحان، الأول من الظن، والثاني من العلم.

( أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية البخاري جاء ثلاثة رهط ولا منافاة بينهما، فالرهط من ثلاثة إلى عشرة، والنفر من ثلاثة إلى تسعة، وكل منهما اسم جمع، لا واحد له من لفظه.

قال الحافظ ابن حجر: ووقع في مرسل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق أن النفر، أو الثلاثة المذكورين هم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعثمان بن مظعون، وقال: ووقع في أسباب الواحدي بغير إسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الناس وخوفهم، فاجتمع عشرة من الصحابة -وهم أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وأبو ذر وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد وسليمان وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعقل بن مقرن- في بيت عثمان بن مظعون، فاتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم، ولا يقربوا النساء، ويجبوا مذاكيرهم.
قال الحافظ: فإن كان هذا محفوظاً احتمل أن يكون الرهط الثلاثة هم الذين باشروا السؤال، فنسب ذلك إليهم بخصوصهم تارة، ونسب تارة للجميع، لاشتراكهم في طلبه.
قال الحافظ: لكن في عبد الله بن عمرو معهم نظر، لأن عثمان بن مظعون مات قبل أن يهاجر عبد الله فيما أحسب.

( فقال بعضهم: لا أتزوج النساء) في رواية البخاري أنهم سألوا أزواجه صلى الله عليه وسلم عن عبادته في بيته فلما أخبروا كأنهم تقالوها -أي استقلوها، أي رأى كل منهم أنها قليلة- فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم: أما أنا فأعتزل النساء فلا أتزوج أبدا.

( وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش) في رواية البخاري فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء وظاهر هذا زيادة عدد القائلين عن ثلاثة، لأن ترك أكل اللحم أخص من مداومة الصيام، واستغراق الليل بالصلاة أخص من ترك النوم على الفراش، ويمكن التوفيق بشيء من التجوز.

( فحمد الله وأثنى عليه) في الكلام حذف، أوضحته عبارة مسلم في بعض الروايات، وفيها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه.

( ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا؟) وفي رواية البخاري فجاء إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ والتوفيق بينهما أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم منع من مثل هذا القول جهراً وعموماً، مع عدم تعيينهم، ثم وجههم خصوصاً فيما بينه وبينهم، رفقاً بهم، وستراً عليهم.

( لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء) في رواية البخاري أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء.

( فمن رغب عن سنتي فليس مني) الرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره، والمراد من السنة الطريقة، وليست التي تقابل الفرض، والمعنى من ترك طريقتي، وأخذ بطريقة غيري فليس مني، وألمح بذلك إلى طريق الرهبانية، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد، قال تعالى { { ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم } } [الحديد: 27] .
وقد عابهم بأنهم ما وفوا بما التزموه، قال تعالى { { فما رعوها حق رعايتها } } وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة، فليفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل.

ومعنى فليس مني أن الرغبة إن كانت بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه فمعناها ليس على طريقتي، ولا يلزم من ذلك أنه يخرج عن الملة، وإن كان إعراضاً وتنطعاً يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله فمعناها ليس على ملتي، لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر.

( رد علي عثمان بن مظعون التبتل) قال النووي: قال العلماء التبتل هو الانقطاع عن النساء، وترك النكاح انقطاعاً إلى عبادة الله، وأصل التبتل القطع، ومنه: مريم البتول، وفاطمة البتول، لانقطاعهما عن نساء زمانهما، ديناً وفضلاً ورغبة في الآخرة، ومنه: صدقة بتلة، أي منقطعة عن تصرف مالكها، وقال الطبري: التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها، والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ للعبادة، ومعنى رد عليه التبتل نهاه عنه، ولم يأذن له، فقد أخرج الطبراني من حديث عثمان بن مظعون نفسه أنه قال: يا رسول الله، إني رجل يشق علي العزوبة، فأذن لي في الخصاء.
قال: لا، ولكن عليك بالصيام فيحتمل أن الذي طلبه عثمان هو الاختصاء حقيقة، فعبر عنه الراوي بالتبتل، لأنه ينشأ عنه.

( ولو أذن له لاختصينا) معناه لو أذن له في الانقطاع عن النساء والتبتل لكان مأذوناً لنا فيه أيضاً وتبتلنا، وعبر عن التبتل بالاختصاء لإرادة المبالغة، أي لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الأمر إلى الاختصاء.
وفي الرواية التاسعة: ولو أجاز له ذلك لاختصينا والخصية بضم الخاء وكسرها البيضة، وللذكر من أعضاء تناسله خصيتان، وسل البيضتين من جلدهما هو الخصي ويكون في الإنسان والحيوان، والخصي يجتث الشهوة الجنسية.

فقه الحديث

في هذه الأحاديث الحث على النكاح والترغيب فيه، وهناك أحاديث كثيرة في هذا المعنى، وإن كان بعضها ضعيف الإسناد، نوردها لما فيها من المعنى الوارد المشروع وننبه على ما فيها.

1- في مسند أحمد وصحيح البخاري عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا.
قال: تزوج، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.

2- وفي سنن الترمذي وابن ماجه عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل، وقرأ قتادة { { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية } } [الرعد: 38] .
قال الترمذي: حديث حسن غريب.

3- وفي مسند الفردوس عن ابن عمر مرفوعاً حجوا تستغنوا، وسافروا تصحوا، وتناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم وفي إسناده ضعف.
ورواه البيهقي عن الشافعي، وزاد في آخره حتى بالسقط.

4- ورواه البيهقي عن أبي أمامة بلفظ تزوجوا، فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى وفي إسناده ضعف.

5- وعند الدارقطني في المؤتلف، وابن قانع في الصحابة عن حرملة بن النعمان بلفظ امرأة ولود أحب إلى الله من امرأة حسناء لا تلد، إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة وقد ضعف إسناده ابن حجر، لكنه قال: حديث إني مكاثر بكم الأمم صح من حديث أنس، وورد من حديث أبي أمامة والصنابحي.

6- وعند ابن ماجه عن عائشة -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإن الصوم له وجاء.

7- وفي مسلم عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة.

8- وعند النسائي والطبراني بإسناد حسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة.

9- وعند الترمذي والدارقطني والحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً ثلاثة حق على الله إعانتهم، المجاهد في سبيل الله، والناكح يريد أن يستعف، والمكاتب يريد الأداء.

10- وعند الحاكم عن أنس بلفظ من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني قال النووي: في هذا الحديث الأمر بالنكاح لمن استطاع وتاقت إليه نفسه، وهذا مجمع عليه، لكنه عندنا وعند العلماء كافة أمر ندب، لا إيجاب، فلا يلزم التزوج ولا التسري، سواء خاف العنت أم لا.
هذا مذهب العلماء كافة، ولا يعلم أحد أوجبه إلا داود ومن وافقه من أهل الظاهر، ورواية عن أحمد، فإنهم قالوا: يلزمه إذا خاف العنت أن يتزوج أو يتسرى.
قالوا: وإنما يلزمه في العمر مرة واحدة، ولم يشترط بعضهم خوف العنت.
قال أهل الظاهر: إنما يلزمه التزوج فقط، ولا يلزمه الوطء، وتعلقوا بظاهر الأمر في هذا الحديث فليتزوج مع غيره من الأحاديث -المشابهة- مع القرآن الكريم في قوله { { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } } [النساء: 3] .
وغيرها من الآيات.
اهـ

وقد رد عليهم العلماء من وجوه:

الأول: أن الآية التي احتجوا بها خيرت بين النكاح والتسري { { فواحدة أو ما ملكت أيمانكم } } قالوا: والتسري ليس واجباً اتفاقاً، فيكون التزويج غير واجب، إذ لا يقع التخيير بين واجب ومندوب، لأنه يؤدي إلى إبطال حقيقة الواجب، وأن تاركه لا يكون آثماً.

الثاني: أن الواجب عندهم العقد، لا الوطء، والعقد بمجرده لا يدفع مشقة التوقان، فما ذهبوا إليه لم يتناوله الحديث، وما تناوله الحديث لم يذهبوا إليه.

الثالث: في الحديث المستدل به ومن لم يستطع فعليه بالصوم والصوم الذي هو البدل ليس بواجب فالمبدل عنه مثله، ليس بواجب.

وقد تخلص بعضهم من هذه الوجوه، فقيد وجوبه بما إذا لم يندفع التوقان بالتسري، فإذا لم يندفع تعين التزويج، صرح بذلك ابن حزم فقال: وفرض على كل قادر على الوطء إذا وجد ما يتزوج به أو يتسرى، أن يفعل أحدهما، فإذا عجز عن ذلك فليكثر من الصوم.
وهو قول جماعة من السلف.

وتخلصوا من الإشكال الثاني بأن قالوا بوجوب الوطء.

وردوا الإشكال الثالث بأن بدل الواجب عند العجز لا يلزم أن يكون واجباً، فالأمر بالصوم مرتب على عدم الاستطاعة، ولا استحالة أن يقول القائل: أوجبت عليك كذا، فإن لم تستطع فأندبك إلى كذا.

والتحقيق أن النكاح تلحقه الأحكام الشرعية المختلفة، لاختلاف الظروف التي تحيط به.

فالنكاح في حق من يخل بالزوجة في الوطء، ويعرضها للفحش، فلا يعفها لعدم قدرته أو عدم حاجته، ومن لا يستطيع الإنفاق فيعرض الزوجة للهلاك أو الانحراف.
النكاح في مثل هذه الحالات حرام، لأنه يؤدي إلى الحرام.

والنكاح في حق من خاف العنت والزنا، ولا ينكف عن الزنا إلا به، وهو قادر عليه دون موانع، النكاح في حقه واجب، لأن الإعفاف واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وعلى هذه الحالة يحمل ما جاء بالوجوب عند أحمد، إذ المشهور عنه أنه لا يجب للقادر التائق إلا إذا خشي العنت، وما جاء بالوجوب في عبارة المازري إذ قال: الذي نطق به مذهب مالك أنه مندوب، وقد يجب عندنا في حق من لا ينكف عن الزنا إلا به.
وعبارة القرطبي إذ يقول: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج لا يختلف في وجوب التزويج عليه، وعبارة ابن دقيق العيد حيث جعل الوجوب فيما إذا خاف العنت، وقدر على النكاح، وتعذر التسري.

والنكاح إذا قصد به معنى شرعي ممدوح من كسر شهوة، وإعفاف نفس، وتحصين فرج، ورغبة في نسل، مع القدرة عليه، وعدم الموانع هو مستحب، وعلى هذه الحالة يحمل قول القاضي عياض: هو مندوب في حق كل من يرجى منه النسل، ولو لم يكن له في الوطء شهوة، وكذا في حق من له رغبة في نوع من الاستمتاع بالنساء غير الوطء.

والنكاح في حق غير التائق، وغير الخائف من العنت مكروه إذا كان سيحول بينه وبين طاعة واجبة أو مستحبة كطلب علم وحج فرض، وكذا نكاح من لا ينسل إذا لم ترض الزوجة بذلك.

بقي النكاح لمن لا أرب له في النساء، ولا في الاستمتاع، وبعبارة أخرى النكاح من حيث هو نكاح بقطع النظر عن الظروف الرافعة من قدره، وبقطع النظر عن الظروف الموصلة إلى آفاته.
هل هو مباح؟ أو مستحب؟ يرى جمهور الشافعية أن من يجد المؤن ولا تتوق للنكاح نفسه، أن ترك النكاح للتخلي للعبادة أفضل.
قال النووي: ومذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب مالك أن النكاح أفضل.

يحتج للأولين بقوله تعالى في حق يحيى عليه السلام { { وسيداً وحصوراً } } [آل عمران: 39] .
وهو الذي لا يأتي النساء مع القدرة على إتيانهن، فمدح الله به، ولو كان النكاح أفضل ما مدح به.

ورد هذا الاحتجاج بأنه ليس في مدح حال يحيى عليه السلام بذلك ما يدل على أنه أفضل من النكاح، فإن مدح الصفة في ذاتها لا يقتضي ذم غيرها، فقد تكون الصفة حسنة وغيرها أحسن منها.
فالجهاد المندوب حسنة، وعدمه لبر الوالدين أحسن منه، والنكاح تميز على العبادة بفوائده التي هي في معناها عبادة، من تحصين النفس، وبقاء الولد الصالح وغير ذلك.

ويحتج للأولين أيضاًَ بأن النكاح اتجاه نحو الشهوات والملذات، والفضيلة في المنع منها، بل مأمور بالبعد عنها، أو الزهد فيها.
ورد هذا الاحتجاج بأن النكاح له مقاصد حسنة غير قضاء الشهوة من تحصين المرأة والنسل وغير ذلك.

ويحتج للأولين أيضاً بما قاله الشافعي من أن النكاح معاملة، فلا فضل لها على العبادة، ورد بأن هذا نظر إلى صورة النكاح أيضاً دون معناه، ففي معناه عبادة كما سبق، ثم إن الأمر بالنكاح، والنهي عن الرهبانية وما ذكرناه في أول فقه الحديث من نصوص في الترغيب في النكاح كل ذلك يؤكد أن النكاح عبادة مطلوبة، ويكفي فيها النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني ومن رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- من الرواية الأولى من قول عثمان ألا نزوجك استحباب عرض الصاحب على صاحبه أن يتزوج إذا لم تكن له زوجة، وهو صالح للزواج وإن كان كبيراً.

2- وفيه استحباب نكاح الشابة، قال النووي: لأنها المحصلة لمقاصد النكاح، فإنها ألذ استمتاعاً، وأطيب نكهة، وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح، وأحسن عشرة، وأفكه محادثة، وأجمل منظراً، وألين ملمساً، وأقرب إلى أن يعودها زوجها الأخلاق التي يرتضيها.

3- ومن استخلاء عثمان بابن مسعود استحباب الإسرار بمثل هذا، فإنه مما يستحيا من ذكره بين الناس.

4- ومن قوله لعلها تذكرك بعض ما مضى جواز المداعبة اللطيفة، والممازحة الخفيفة.

5- ومن استخلاء عثمان بابن مسعود دون علقمة جواز المناجاة، وترك الثالث للحاجة.

6- وعلى الثالث تقدير الظروف وعدم الحزن، وخصوصاً إذا جبر خاطره، كما هنا.

7- وفي الحديث إرشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم، قال الحافظ ابن حجر: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل، تقوى بقوته، وتضعف بضعفه.

8- واستدل به الخطابي على جواز المعالجة لقطع شهوة النكاح بالأدوية عند الحاجة، قال الحافظ ابن حجر: وينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة، دون ما يقطعها أصالة، لأنه قد يقدر بعد، فيندم لفوات ذلك في حقه، وقد صرح الشافعية بأن لا يكسرها بالكافور ونحوه، والحجة فيه أنهم اتفقوا على منع الجب والخصاة، فيلحق بذلك ما في معناه من التداوي بما يقطع الشهوة.

9- واستدل به الخطابي أيضاً على أن المقصود من النكاح الوطء.

10- وفيه الحث على غض البصر وتحصين الفرج بكل ممكن.

11- وعدم التكليف بغير المستطاع.

12- وأن الحظوظ والشهوات لا تتقدم على أحكام الشرع، بل هي دائرة معها.

13- واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء باليد ونحوها، لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم، الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحاً لكان الإرشاد إليه أسهل.
قال الحافظ ابن حجر: وتعقب دعوى كونه أسهل، لأن الترك أسهل من الفعل، وقد أباح الاستمناء طائفة من العلماء وهو عند الحنابلة وبعض الحنفية لأجل تسكين الشهوة.

14- ومن الرواية السادسة دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه.

15- وتتبع أحوال الأكابر للتأسي بهم في أفعالهم الحسنة.

16- وأنه إذا تعذرت معرفته من الرجال جاز استكشافه من النساء.

17- وأن من عزم على عمل بر، واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعاً.

18- وفيه تقديم الحمد والثناء على الله عند إلقاء مسائل العلم.

19- وبيان الأحكام للمكلفين، وإزالة الشبهة عن المجتهدين.

20- وأن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة أو الاستحباب.

21- وقال الطبري: فيه الرد على من منع استعمال الحلال من الأطعمة والملابس، وآثر غليظ الثياب وخشن المأكل.
قال الحافظ ابن حجر: الحق أن ملازمة استعمال الطيبات تفضي إلى الترفه والبطر، ولا يأمن من الوقوع في الشبهات، لأن من اعتاد ذلك قد لا يجده أحياناً، فلا يستطيع الانتقال عنه، فيقع في المحظور، كما أن منع تناول ذلك أحياناً يفضي إلى التنطع المنهي عنه، ويرد عليه صريح قوله تعالى { { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } } [الأعراف: 32] .
كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها، وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلاً وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة، وعدم النشاط إلى العبادة، وخير الأمور الوسط.

22- وفيه أيضاً إشارة إلى أن العلم بالله، ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدراً من مجرد العبادة البدنية ( أخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر...
الحديث)
.

23- ومن الرواية السابعة وما بعدها النهي عن قطع الشهوة قطعاً كلياً ولو من أجل العبادة.
قال الحافظ ابن حجر: لم يرد سعد حقيقة الاختصاء، لأنه حرام، وقيل: بل هو على ظاهره، وكان ذلك قبل النهي عن الاختصاء، ويؤيده توارد استئذان جماعة من الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، كأبي هريرة وابن مسعود وغيرهما، ثم قال: ولعل الراوي عبر بالخصاء عن الجب، لأنه هو الذي يحصل المقصود، والحكمة في منعهم من الاختصاء إرادة تكثير النسل، ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار، فهو خلاف المقصود من البعثة المحمدية.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :2578 ... بـ :1401]
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) سَبَقَ تَأْوِيلُهُ ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ تَرَكَهَا إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهَا مَا هِيَ عَلَيْهِ ، أَمَّا مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ كَمَا سَبَقَ ، أَوْ تَرَكَ النَّوْمَ عَلَى الْفِرَاشِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ ، أَوْ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ مَأْذُونٍ فِيهَا ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ، فَلَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الذَّمُّ وَالنَّهْيُ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا ) هُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ خُطَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا فَخَطَبَ لَهُ ذَكَرَ كَرَاهِيَتَهُ ، وَلَا يُعَيِّنُ فَاعِلَهُ ، وَهَذَا مِنْ عِظَمِ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَجَمِيعُ الْحَاضِرِينَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ ، وَلَا يَحْصُلُ تَوْبِيخُ صَاحِبِهِ فِي الْمَلَأِ .