2580 وحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدًا ، يَقُولُ : رُدَّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلُ ، وَلَوْ أُذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا |
2580 وحدثني أبو عمران محمد بن جعفر بن زياد ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، قال : سمعت سعدا ، يقول : رد على عثمان بن مظعون التبتل ، ولو أذن له لاختصينا |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
[ سـ :2580 ... بـ :1402]
وَحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ رُدَّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلُ وَلَوْ أُذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا
قَوْلُهُ : ( رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : التَّبَتُّلُ هُوَ الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكُ النِّكَاحِ انْقِطَاعًا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَأَصْلُ التَّبَتُّلِ : الْقَطْعُ ، وَمِنْهُ مَرْيَمُ الْبَتُولُ ، وَفَاطِمَةُ الْبَتُولُ ؛ لِانْقِطَاعِهِمَا عَنْ نِسَاءِ زَمَانِهِمَا دِينًا وَفَضْلًا وَرَغْبَةً فِي الْآخِرَةِ ، وَمِنْهُ : صَدَقَةٌ بَتْلَةٌ ، أَيْ : مُنْقَطِعَةٌ عَنْ تَصَرُّفِ مَالِكِهَا .
قَالَ الطَّبَرِيُّ : التَّبَتُّلُ : هُوَ تَرْكُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا ، وَالِانْقِطَاعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّفَرُّغِ لِعِبَادَتِهِ .
وَقَوْلُهُ : ( رَدَّ عَلَيْهِ التَّبَتُّلَ ) مَعْنَاهُ : نَهَاهُ عَنْهُ ، وَهَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى النِّكَاحِ ، وَوَجَدَ مُؤَنَهُ كَمَا سَبَقَ إِيضَاحُهُ ، وَعَلَى مَنْ أَضَرَّ بِهِ التَّبَتُّلُ بِالْعِبَادَاتِ الْكَثِيرَةِ الشَّاقَّةِ .
أَمَّا الْإِعْرَاضُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِنَفْسِهِ وَلَا تَفْوِيتِ حَقٍّ لِزَوْجَةٍ وَلَا غَيْرِهَا ، فَفَضِيلَةٌ لِلْمَنْعِ مِنْهَا ، بَلْ مَأْمُورٌ بِهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( لَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا ) فَمَعْنَاهُ : لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مَلَاذِ الدُّنْيَا لَاخْتَصَيْنَا ؛ لِدَفْعِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ ، لِيُمْكِنَنَا التَّبَتُّلُ ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ ، وَلَمْ يَكُنْ ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا ، فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي الْآدَمِيِّ حَرَامٌ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ، قَالَ الْبَغَوِيُّ : وَكَذَا يَحْرُمُ خِصَاءُ كُلِّ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ ، وَأَمَّا الْمَأْكُولُ فَيَجُوزُ خِصَاؤُهُ فِي صِغَرِهِ ، وَيَحْرُمُ فِي كِبَرِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .