هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2616 وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ ، وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ ، فَأَرْسَلَنِي إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ ، فَقَالَ : أَلَا أُرَاهُ أَعْرَابِيًّا ، إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِحُ ، وَلَا يُنْكَحُ ، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عُثْمَانُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2616 وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، حدثني نبيه بن وهب ، قال : بعثني عمر بن عبيد الله بن معمر ، وكان يخطب بنت شيبة بن عثمان على ابنه ، فأرسلني إلى أبان بن عثمان وهو على الموسم ، فقال : ألا أراه أعرابيا ، إن المحرم لا ينكح ، ولا ينكح ، أخبرنا بذلك عثمان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن نبيه بن وهب.
قال: بعثني عمر بن عبيد الله بن معمر.
وكان يخطب بنت شيبة بن عثمان على ابنه.
فأرسلني إلى أبان بن عثمان وهو على الموسم.
فقال: ألا أراه أعرابياً إن المحرم لا ينكح ولا ينكح.
أخبرنا بذلك عثمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


المعنى العام

كان الإحرام بالحج أو العمرة سبباً في تحريم كثير من الترفه والمتع والملذات، فحرم على المحرم لبس المخيط المحيط الذي هو على هيئة لباس الزينة في غير الإحرام، وحرم عليه الحذاء وتغطية كل القدم، وحرم عليه الطيب، وتغطية الرأس من الرجل والوجه من المرأة، وحرم عليه النساء.

ولما كان عقد الزواج باعثاً على الوطء ومبيحاً له، ولما كان الهدف الأساسي من العقد هو النكاح منع العقد وحرم على المحرم، كما تحرم الوسيلة من أجل الغاية، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المحرم لا ينكح ولا ينكح، ولا يخطب، أي لا يعقد لنفسه عقد زواج، ذكراً كان أو أنثى، ولا يعقد لغيره عقد زواج، ولو كان هذا الغير ليس محرماً، وانتشر هذا الحكم بين المسلمين، حتى عد الجاهل به بدوياً أو أعرابياً، قليل العلم والمعرفة، بعيداً عن الثقافة والحضارة، وقد رويت هذه القصة كمناسبة لذكر هذا الحديث.
فقد كان أبان بن عثمان بن عفان أميراً للحج في زمن خلافة أبيه رضي الله عنه، وكان من عادة الناس كأيامنا يتشرف أهل العروس بدعوة كبراء القوم؛ ليحضروا حفل عقد القران، وأراد أحد المحرمين بالحج أن يزوج ابنه ويعقد له على عروسه في زمن الحج، وفي الحرم، تيمناً وتبركاً، وهو يجهل هذا الحكم، فأرسل إلى أمير الحج يدعوه لحضور عقد القران، فعجب أبان بن عثمان أمير الحج من جهل الداعي بالحكم، فروى له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينكح المحرم لنفسه، ولا ينكح غيره مادام محرماً.
فأجل عقد القران إلى ما بعد الحل اتباعاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المباحث العربية

( أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر، بنت شيبة) بنت شيبة واسمها أمة الحميد خطبها عمر لابنه طلحة قبل أن يحرموا بالحج، وفي موسم الحج، وبعد إحرامهم أراد عمر هذا أن يزوج ابنه طلحة خطيبته بنت شيبة، وأن يعقد عليها، ويدخل بها، وهم محرمون، فكان نبيه أن وهب الراوي مبعوث عمر إلى أمير الحج -أبان بن عثمان- يدعوه لحضور عقد القران تشريفاً وتكريماً.
فساق الحديث.

وفي الرواية الخامسة أن عمر أراد أن ينكح ابنه طلحة -أي يزوجه ويعقد له على- بنت شيبة.

( لا ينكح المحرم ولا ينكح) بكسر الكاف فيهما، الأول بفتح الياء من الثلاثي، أي لا يتزوج المحرم، والثاني بضم الياء من الرباعي، أي لا ينكح غيره، ولا يزوج غيره امرأة بولاية ولا وكالة، قال النووي: سببه أنه لما منع من العقد لنفسه في مدة الإحرام صار كالمرأة، فلا يعقد لنفسه ولا لغيره، وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب والأخ والعم ونحوهم، أو بولاية عامة، وهو السلطان والقاضي ونائبه.

( بنت شيبة بن عثمان) هكذا هو في الرواية الثانية من طريق يحيى عن مالك، وفي الرواية الأولى والخامسة بنت شيبة بن جبير من طريق حماد عن أيوب، قال النووي: وزعم أبو داود أن رواية حماد هي الصواب، وأن مالكاً وهم فيه، وقال الجمهور: بل قول مالك هو الصواب، فإنها بنت شيبة بن جبير بن عثمان الحجبي، قال القاضي: ولعل من قال: شيبة بن عثمان نسبه إلى جده، فلا يكون خطأ، بل الروايتان صحيحتان.

( ألا أراك عراقياً جافياًَ) قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا عراقياً وذكر القاضي أنه وقع في بعض الروايات عراقياً وفي بعضها أعرابياً قال: وهو الصواب، أي جاهلاً بالسنة، والأعرابي هو ساكن البادية.
قال: وعراقياًً هنا خطأ، إلا يكون قد عرف من مذهب أهل الكوفة حينئذ جواز نكاح المحرم، فيصح عراقياً أي آخذاً بمذهبهم في هذا، جاهلاً بالسنة.

( وكانت خالتي وخالة ابن عباس) ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع يخطبها -كان ذلك في عمرة القضاء - فجعلت أمرها إلى العباس، عمه صلى الله عليه وسلم وزوج أختها لبابة الكبرى، فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فهي خالة ابن عباس، ولها أخت ثالثة اسمها أم برزة بنت الحارث الهلالية وهي أم الراوي فهو يروي عن خالته ميمونة في الرواية الثامنة ولها أخت رابعة واسمها لبابة الصغرى، وهي أم خالد بن الوليد.

ولعل في قول يزيد بن الأصم وكانت خالتي وخالة ابن عباس إشارة إلى خطأ ابن عباس في الروايتين السادسة والسابعة، حيث إن مصدر الصواب قريب منه.

فقه الحديث

اختلف العلماء في نكاح المحرم لاختلاف الأحاديث الصحيحة في ذلك، فالرواية عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، وبقية أحاديث الباب تحرم نكاح المحرم.

فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم: لا يصح نكاح المحرم، واعتمدوا أحاديث الباب -عدا روايتي ابن عباس- وقال أبو حنيفة والكوفيون: يصح نكاحه، لحديث قصة ميمونة [في روايتي ابن عباس السادسة والسابعة] .

وأجاب الجمهور عن روايتي ابن عباس بأجوبة:

أصحها: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها حلالاً.
قال النووي: هكذا رواه أكثر الصحابة.
قال القاضي وغيره: ولم يرو أنه تزوجها محرماً إلا ابن عباس وحده، [وتعقبه الحافظ ابن حجر، فقال: جاء مثله صحيحاً عن عائشة وأبي هريرة] وروت ميمونة [روايتنا الثامنة] وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلالاً، وهم أعرف بالقضية، لتعلقها بهم، بخلاف ابن عباس، ولأنهم أضبط من ابن عباس، وأكثر، قال ابن عبد البر: اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتى، وحديث ابن عباس صحيح الإسناد، لكن الوهم إلى الواحد أقرب منه إلى الجماعة، فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا، فتطلب الحجة من غيرهما، وحديث عثمان صحيح.

الجواب الثاني: تأويل حديث ابن عباس، على أنه تزوجها في الحرم، وهو حلال، فإنه يقال لمن هو في الحرم: محرم، وإن كان حلالاً، وكذا في الشهر الحرام، وهي لغة شائعة معروفة.
ومنه البيت المشهور:

قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً

أي في البلد الحرام، أي في حرم المدينة.

قال الحافظ ابن حجر: وإلى هذا التأويل جنح ابن حبان، فجزم به في صحيحه.

الجواب الثالث: أن الأحاديث المحرمة قول، وحديث ابن عباس فعل للرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا تعارض القول والفعل ترجح القول عند الأصوليين على الصحيح، لأنه يتعدى إلى الغير، والفعل قد يكون مقصوراً عليه.

الجواب الرابع: قريب من الثالث، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خص به دون الأمة.
قال النووي: وهو جواب جماعة من أصحابنا، وهو أصح الوجهين، والوجه الثاني أنه حرام في حقه كغيره، وليس من الخصائص.

الجواب الخامس: يترجح حديث عثمان بأنه تقعيد قاعدة، وحديث ابن عباس واقعة عين، فيحتمل أن ابن عباس كان يرى أن من قلد الهدي في عمرته أو حجته يصير محرماً، وإن لم يحرم، كما تقدم تقرير ذلك عنه في كتاب الحج، والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد قلد الهدي في عمرته تلك التي تزوج فيها ميمونة، فيكون إطلاقه أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، أي عقد عليها بعد أن قلد الهدي، وإن لم يكن تلبس بالإحرام، وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها، وقد أخرج الترمذي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما قال الطبري: قصة ميمونة تعارضت الأخبار فيها، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بعث إلى العباس لينكحها إياه، فأنكحه، فقال بعضهم: أنكحها قبل أن يحرم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بعدما أحرم.

الجواب السادس: يحتمل أن النهي عن نكاح المحرم كان بعد عمرة القضاء وبعد زواج ميمونة، ولم يعلم به ابن عباس والله أعلم.

ثم قال النووي: واعلم أن النهي عن النكاح والإنكاح في حال الإحرام نهي تحريم، فلو عقد لم ينعقد، سواء كان المحرم هو الزوج أو الزوجة، أو العاقد لهما بولاية أو وكالة، فالنكاح باطل في كل ذلك، حتى لو كان الزوجان والولي محلين، ووكل الولي أو الزوجان محرماً في العقد لم ينعقد.

أما النهي عن الخطبة فهو نهي تنزيه، ليس بحرام، وكذلك يكره للمحرم أن يكون شاهداً في نكاح عقده المحلون، وقال بعض أصحابنا: لا ينعقد بشهادته، لأن الشاهد ركن في النكاح كالولي، والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده.

والله أعلم