هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2649 وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، تَزَوَّجَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2649 وحدثنا محمد بن عبيد الغبري ، حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن عبد الرحمن بن عوف ، تزوج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على وزن نواة من ذهب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولم ولو بشاة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Anas b. Malik reported that Allah's Apostle (ﷺ) saw the trace of yellowness on 'Abd al-Rahman b. 'Auf and said:

What is this? Thereupon he said: Allah's Messenger, I have married a woman for a date-stone's weight of gold. He said: God bless you! Hold a wedding feast, even if only with a sheep.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة.
فقال ما هذا؟ قال: يا رسول الله! إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب.
قال: فبارك الله لك.
أولم ولو بشاة.


المعنى العام

سبحان الذي خلق فأكرم، وشرع فأحكم، وهو أحكم الحاكمين، جعل لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها وجعل بيننا وبينهن مودة ورحمة، نتمتع بهن، ويتمتعن بنا، يخدمننا ونخدمهن، ويتعبن من أجلنا ونتعب من أجلهن، المنافع مشتركة، ومتساوية، بل هن يزدن في الانتفاع من الرجال، والملذات مشتركة ومتساوية بل هن يزدن فيها عن الرجال، فلماذا أوجب لهن المهر والنفقة؟ وما عوض المهر الذي نحن بصدده؟ وبم يرتفع مقداره؟ وبم ينخفض؟ إن السلعة ترخص إذا كثر العرض منها على الطلب، ويغلو سعرها إذا قل العرض عن الطلب، ولكن المهر كثيراً ما يخالف هذا القانون، كثير من الآباء يغالون في المهور، ويكلفون الأزواج ما يعجزهم، ظناً منهم أن في ذلك رفعاً لقيمة بناتهم عند أزواجهم، أو تعجيزاً لهم عن أن يستغنوا عنهن فتكون النتيجة نقيض القصد، وتكون النتيجة عجز الشباب عن تحصيل المطلوب منهم، فتتوقف حركة الزواج وتكثر العنوسة، وينتشر الفساد، ومن هنا كانت دعوة عمر رضي الله عنه يوم وقف على المنبر، يقول: يا أيها الناس: لا تغالوا في مهور النساء، لكن امرأة قاطعته بقولها: ليس هذا لك يا عمر.
فإن الله تعالى يقول { { وآتيتم إحداهن قنطاراً } } [النساء: 20] .
[من ذهب] كذا في قراءة ابن مسعود، وهي مرادة في غير قراءته، فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته، امرأة أصابت.
رجل أخطأ.
وتوقف عمر عن النهي عن المغالاة في مهور النساء، لكن الحقيقة أن المغالاة شر، وإلا لكان أحق الناس بالمغالاة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزد مهر إحداهن عن خمسمائة درهم.
وهذا عبد الرحمن بن عوف يدفع مهراً لزوجته خمسة دراهم، وهذا صحابي جليل يطلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من حديد مهراً لامرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما لم يجد خاتم الحديد زوجه إياها على أن يعلمها آيات من القرآن، بهذا التيسير كثر الزواج، وعمت حصانة الشباب والفتيات، وضعفت نوازع الشر والفساد والمقت والفاحشة، وصلح المجتمع، وطبع بطابع الطهر والنقاء.

المباحث العربية

( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت) في رواية للبخاري يقول سهل: إني لفي القوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قامت امرأة فقالت في رواية أخرى بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم أتت إليه امرأة... ويمكن فهم قامت على معنى وقفت، والمراد أنها جاءت إلى أن وقفت عندهم، لا أنها كانت جالسة في المجلس فقامت، وقد أفادت بعض الروايات تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة، ولفظها جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف على اسمها، وعند بعضهم أنها خولة بنت حكيم، أو أم شريك، وهذا نقل من اسم الواهبة الوارد في قوله تعالى: { { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي } } [الأحزاب: 50] .
وقد تعددت الواهبات.

( جئت أهب لك نفسي) في الكلام مضاف محذوف، تقديره: أهب لك أمر نفسي أو نحوه، لأن رقبة الحر لا تملك، فكأنها قالت: أتزوجك من غير عوض.

( فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد النظر فيها، وصوبه) صعد بتشديد العين، أي رفع، وصوب بتشديد الواو، أي خفض، والتشديد إما للمبالغة في التأمل، وإما للتكرير، وبالثاني جزم القرطبي في المفهم، قال: أي نظر أعلاها وأسفلها مراراً، وفي رواية فخفض فيها البصر ورفعه وهما بالتشديد أيضاً.
والمقصود أنه نظر إليها أولاً نظرة شاملة، ثم تأمل أعلاها وأسفلها.

( ثم طأطأ رأسه) هو بمعنى رواية البخاري فلم يجبها شيئاً ورواية أخرى فصمت ورواية ثالثة فلم يردها والمقصود أنه سكت سكوت من لا يستطيع قضاء الحاجة، وفهمته المرأة، وفهمه الحاضرون.
وكان سكوته إما حياء من مواجهتها بالرد، وإما تفكراً في جواب يناسب المقام، وإما انتظاراً للوحي.

( فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست) لقد فهمت من السكوت عدم الرغبة، لكنها لم تبالغ في الإلحاح في الطلب مع شدة رغبتها، ولم تيأس من الرد، فجلست تنتظر الفرج.

( فقام رجل من أصحابه) في بعض الروايات فقام رجل أحسبه من الأنصار.

( إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها) في بعض الروايات أنكحنيها وفي بعض الروايات زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة ولا يعارض هذا ما جاء في بعض الروايات من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل قول الرجل: لا حاجة لي لجواز أن تتجدد الرغبة فيها بعد أن لم تكن.

( فهل عندك من شيء) الفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا كنت تريد زواجها فهل عندك من شيء؟ زاد في بعض الروايات تصدقها إياه؟ وفي بعض الروايات ألك مال؟.

( فقال: لا.
والله يا رسول الله)
زاد في بعض الروايات ( قال: إنه لا يصلح) وفي بعضها قال: فلا بد لها من شيء ووقع عند النسائي بعد قوله لا حاجة لي.
ولكن تملكيني أمرك؟ قالت: نعم.
فنظر في وجوه القوم، فدعا رجلاً، فقال لها: إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت.
فقالت: ما رضيت لي فقد رضيت قال الحافظ: إن كانت القصة متحدة يحتمل أن يكون قد استرضاها أولاً، ثم تكلم مع الرجل في الصداق، وإن كانت القصة متعددة فلا إشكال، ووقع في بعض الروايات أن رجلاً قال: إن هذه امرأة رضيت بي فزوجها مني.
قال: فما مهرها؟ قال: ما عندي شيء.
قال: أمهرها ما قل أو كثر.
قال: والذي بعثك بالحق ما أملك شيئاً.

( انظر ولو خاتماً من حديد) لو هنا حرف للتقليل، وخاتماً مفعول انظر وفي بعض الروايات اذهب فالتمس وفي رواية للبخاري اذهب فاطلب ولو خاتماً من حديد وفي إعرابه أنه من باب حذف كان مع اسمها، والتقدير: ولو كان المنظور أو الملتمس خاتماً من حديد.

( ولا خاتماً من حديد) وقع في خاتم النصب على المفعولية، أي ولا خاتماً من حديد وجدت، والرفع، على تقدير: ولا خاتم من حديد حصل لي.
وقد وقع في كثير من الروايات أنه طلب إليه أن يذهب مرتين فذهب مرتين.

( ولكن هذا إزاري -قال سهل: ما له رداء- فلها نصفه) قول سهل: ما له رداء وكلام الرجل: هذا إزاري فلها نصفه.
قال الحافظ: وهم القرطبي حين ظن أن قوله فلها نصفه من كلام سهل، فشرحه على أنه لو كان له رداء لشركها النبي صلى الله عليه وسلم فيه.
قال الحافظ: وهذا بعيد، إذ ليس في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا الرجل ما يدل على شيء من ذلك.
وقد جاء ذلك صريحاً في بعض الروايات، ولفظه ولكن هذا إزاري ولها نصفه قال سهل: وما له رداء وفي بعض الروايات فقام رجل عليه إزار، وليس عليه رداء.
ومراد سهل من قوله ما له رداء الإشارة إلى أنه لو كان يملك رداء لأمكن للمرأة أن تأخذ نصف ما عليه، إما الرداء وإما الإزار.

( ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء) أي لبسته أنت كاملا لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته هي كاملاً لم يكن عليك منه شيء، فالمناصفة زمنية، فإن أريد شق الإزار مناصفة -كما تفيد الروايات الآتية- كان المعنى إن لبست أنت نصفه لم يسترها نصفه، ولم يسترك نصفه، فلم يستركما الإزار، والعرب تنفي الشيء إذا انتفى كماله.

وفي رواية عند الطبراني ما وجدت والله شيئاً غير ثوبي هذا.
اشققه بيني وبينها، قال: ما في ثوبك فضل عنك وفي رواية ولكني أشق بردتي هذه، فأعطيها النصف، وآخذ النصف وفي رواية والله ما لي ثوب إلا هذا الذي علي وفي رواية ما عليه إلا ثوب واحد، عاقد طرفيه على عنقه.

( فجلس الرجل، حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً، فأمر به فدعي) في رواية فدعي له وفي رواية فدعاه أو دعي له وفي رواية فقال النبي صلى الله عليه وسلم علي الرجل.

( ماذا معك من القرآن؟) يحتمل أن يكون هذا السؤال بعد سؤال سابق، جاء في روايات للبخاري بلفظ هل معك من القرآن شيء؟ فاستفهمه حينئذ عن الكمية، ووقع الأمران في رواية، بلفظ فهل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال: نعم.
قال: ماذا؟ وفهم من قوله تقرؤهن عن ظهر قلبك المراد من المعية، وأنها الاستصحاب القلبي.

( معي سورة كذا، وسورة كذا.
عددها)
وفي رواية عدهن وفي رواية لسور يعددها وفي كتابي أبي داود والنسائي قال: سورة البقرة أو التي تليها كذا بلفظ أو وفي بعض الروايات نعم سورة البقرة وسورة المفصل وفي بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً على سورة البقرة.
لم يكن عنده شيء وفي بعضها زوج النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه امرأة على سورة من المفصل، جعلها مهرها، وأدخلها عليه، وقال: علمها وفي بعضها فعلمها عشرين آية، وهي امرأتك وفي بعضها أزوجها منك على أن تعلمها أربع -أو خمس- سور من كتاب الله وفي بعضها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن وفي بعضها هل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال: نعم.
إنا أعطيناك الكوثر.
قال: أصدقها إياها.

قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بين هذه الألفاظ بأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ البعض، أو أن القصص متعددة.

( اذهب.
فقد ملكتها بما معك من القرآن)
في ملحق الرواية انطلق.
فقد زوجتكها، فعلمها من القرآن وفي رواية للبخاري اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن وفي رواية قد زوجتكها على ما معك من القرآن وفي رواية قد أملكتكها وفي رواية أمكناكها وفي رواية قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله عوضتها.
فتزوجها الرجل على ذلك وفي رواية فرأيته يمضي وهي تتبعه.

قال النووي: في معظم نسخ مسلم اذهب.
فقد ملكتها بما معك بضم الميم وكسر اللام المشددة، مبني للمجهول، وفي بعض النسخ ملكتكها بكافين.
قال الدارقطني: رواية من روى ملكتها وهم.
قال النووي: ويحتمل صحة اللفظين ويكون جرى لفظ التزويج أولاً، فملكها، ثم قال له اذهب فقد ملكتها بالتزويج السابق.

( ثنتي عشرة أوقية ونشا) قال النووي: الأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء -والمراد بها أوقية الحجاز- وهي أربعون درهماً، وأما النش فبنون مفتوحة، ثم شين مشددة.

( رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة....
)
طيب الزعفران فيه صفرة، وخص بالنساء، ونهي عنه الرجال، وسيأتي توجيهه في فقه الحديث.
وفي الرواية السادسة وعلي بشاشة الفرح أي أثره وحسنه، أو فرحه وسروره، يقال: بش فلان بفلان، أي أقبل عليه فرحا به متلطفاً به، وفي بعض الروايات لقيه النبي صلى الله عليه وسلم في سكة من سكك المدينة وعليه وضر من صفرة أي أثر صفرة.
وفي رواية ردع من زعفران بفتح الراء والدال، وهو أثر الطيب.

( فقال: ما هذا؟) وفي بعض الروايات مهيم؟ يعني ما هذا.
اسم فعل أمر بمعنى أخبرني، وقيل: كلمة استفهام مبنية على السكون، معناها ما شأنك؟ وروى الطبراني في الأوسط أنها كانت كلمته صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسأل عن شيء.

( إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب) في الرواية السادسة تزوجت امرأة من الأنصار وفيها وفي رواية للبخاري: كم أصدقتها؟ وفي رواية الطبراني على كم؟ وفي رواية ما سقت إليها؟ وفي رواية كم سقت إليها؟ واختلف في المراد بقوله نواة فقيل: المراد واحدة نوى التمر، كما يوزن بنوى الخروب، وأن القيمة عنها يومئذ كانت خمسة دراهم، وقيل: كان قدرها يومئذ ربع دينار، ورد بأن نوى التمر يختلف في الوزن، فكيف يجعل معياراً لما يوزن به؟ وأجيب بأن لفظ وزن نواة من ذهب اصطلاح موازين على ما قيمته خمسة دراهم من الفضة.
( قال: فبارك الله لك) يشير عبد الرحمن إلى إجابة هذا الدعاء، فيقول: فلقد رأيتني لو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً أو فضة.

( أولم ولو بشاة) لو هنا للتقليل.

( ملحوظة) لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فانطلق به سعد إلى منزله، فدعا بطعام، فأكلا، ثم قال سعد: أي أخي.
أنا أكثر أهل المدينة مالاً، فانظر شطر مالي فخذه، وتحتي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك، فسمها لي، فأطلقها، فإذا انقضت عدتها تزوجتها.
فقال عبد الرحمن: بارك الله في أهلك ومالك، لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟ قال: سوق قينقاع.
قال: دلوني عليه، فدلوه، فخرج إلى السوق، فباع واشترى، فأصاب شيئاً من أقط وسمن، وتزوج، وصار من الأغنياء الموسرين: قال أنس: فلقد رأيته قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف.
قال الحافظ: مات عن أربع نسوة، فيكون الثمن أربعمائة ألف فتكون تركته ثلاثة آلاف ألف ومائتي ألف رضي الله عنه.

فقه الحديث

قال النووي: في الحديث دليل على أنه يستحب ألا ينعقد النكاح إلا بصداق، لأنه أقطع للنزاع، وأنفع للمرأة، من حيث أنه لو حصل طلاق قبل الدخول وجب نصف المسمى، فلو لم تكن تسمية لم يجب صداق، بل تجب المتعة، ولو عقد النكاح بلا صداق صح، قال الله تعالى { { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } } [البقرة: 236] .
فهذا تصريح بصحة النكاح والطلاق من غير مهر، ثم يجب لها المهر؛ وهل يجب بالعقد أم بالدخول؟ فيه خلاف مشهور، وهما قولان للشافعي، أصحهما بالدخول، وهو ظاهر هذه الآية.
وفي هذا الحديث أنه يجوز أن يكون الصداق قليلاً وكثيراً مما يتمول، إذا تراضى به الزوجان، لأن خاتم الحديد نهاية من القلة، وهذا مذهب الشافعي، وهو مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف، قال القاضي: وهو مذهب العلماء كافة من الحجازيين والبصريين والكوفيين والشاميين وغيرهم.
وقال مالك: أقله ربع دينار، كالنصاب.
قال القاضي: هذا مما انفرد به مالك، وقال أبو حنيفة وأصحابه: أقله عشرة دراهم، وقال ابن شبرمة: أقله خمسة دراهم.
اعتباراً بنصاب القطع في السرقة عندهما، وكره النخعي أن يتزوج بأقل من أربعين درهماً، وقالوا في سر قياسه على حد السرقة: إنه عضو آدمي محترم، فلا يستباح بأقل من كذا، قياساً على يد السارق، وتعقبه الجمهور بأنه قياس في مقابل النص، فلا يصح، وبأن اليد تقطع وتبين، ولا كذلك الفرج، وبأن القدر المسروق يجب على السارق رده مع القطع، ولا كذلك الصداق، وأن اليد قطعت في السرقة نكالاً للمعصية، والنكاح مستباح.

ثم قال النووي: وهذه المذاهب سوى مذهب الجمهور مخالفة للسنة، وهم محجوجون بهذا الحديث الصحيح الصريح.
اهـ قال ابن العربي عن المالكية: لا شك أن خاتم الحديد لا يساوي ربع دينار، وهذا لا جواب عنه لأحد، ولا عذر فيه.
اهـ

وحاول بعض المالكية الجواب عن هذا الإشكال بأجوبة منها: قوله ولو خاتماً من حديد خرج مخرج المبالغة في طلب التيسير عليه، ولم يرد عين الخاتم الحديد، ولا قدر قيمته حقيقة، لأنه لما قال: لا أجد شيئاً عرف أنه فهم أن المراد بالشيء ما له قيمة، فقيل له: ولو أقل ماله قيمة، كخاتم الحديد، ومثله تصدقوا ولو بظلف محرق، ولو بفرسن شاة مع أن الظلف والفرسن لا ينتفع به، ولا يتصدق به.

ومنها: احتمال أنه طلب منه ما يعجل نقده قبل الدخول، لا أن ذلك جميع الصداق، وهذا جواب ابن القصار، وهذا يلزم منه الرد عليهم.
حيث استحبوا تقديم ربع دينار أو قيمته قبل الدخول، لا أقل.

ومنها: دعوى اختصاص الرجل المذكور بهذا القدر، دون غيره، وهذا جواب الأبهري، وتعقب بأن الخصوصية تحتاج إلى دليل خاص.

ومنها: احتمال أن تكون قيمته إذ ذاك ثلاثة دراهم أو ربع دينار

ويؤخذ من مجموعة الأحاديث فوق ما تقدم:

1- من الرواية الأولى، من قولها جئت أهب لك نفسي مع سكوته صلى الله عليه وسلم جواز هبة المرأة نكاحها له، كما قال الله تعالى { { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } } [الأحزاب: 50] .
قال النووي: قال أصحابنا: فهذه الآية وهذا الحديث دليلان لذلك، فإذا وهبت امرأة نفسها له صلى الله عليه وسلم فتزوجها بلا مهر حل له ذلك، ولا يجب عليه بعد ذلك مهرها بالدخول ولا بالوفاة ولا بغير ذلك، بخلاف غيره، فإنه لا يخلو نكاحه عن وجوب مهر، إما مسمى، وإما مهر المثل، وفي انعقاد نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة وجهان لأصحابنا، أحدهما ينعقد، لظاهر الآية وهذا الحديث، والثاني لا ينعقد بلفظ الهبة، بل لا ينعقد إلا بلفظ التزويج أو النكاح، كغيره من الأمة، فإنه لا ينعقد إلا بأحد هذين اللفظين عندنا بلا خلاف.

وقال أبو حنيفة: ينعقد نكاح كل أحد بكل لفظ يقتضي التمليك على التأبيد.
وبمثل مذهبنا قال الثوري وأبو ثور وكثيرون من أصحاب مالك وغيرهم، وهو إحدى الروايتين عن مالك، والرواية الأخرى عنه أنه ينعقد بلفظ الهبة والصدقة والبيع، إذا قصد به النكاح، سواء ذكر الصداق أم لا، ولا يصح بلفظ الرهن والإجارة والوصية، ومن أصحاب مالك من صححه بلفظ الإحلال والإباحة.
حكاه القاضي عياض.

2- واستحباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها.

3- ومن تصعيده النظر وتصويبه جواز النظر لمن أراد أن يتزوج امرأة وتأمله إياها، وقد سبق في الباب قبله.

4- ومن سكوته وطأطأة رأسه صلى الله عليه وسلم استحباب الاكتفاء بالسكوت عند الرفض إذا فهم السائل أما إذا لم يفهم إلا بصريح المنع فيصرح.

5- قال الخطابي: فيه جواز نكاح المرأة من غير سؤالها: هل هي في عدة أم لا؟ حملاً على ظاهر الحال.
قال: وعادة الحكام يبحثون عن ذلك احتياطاً.
قال النووي: قال الشافعي: لا يزوج القاضي من جاءته لطلب الزواج حتى يشهد عدلان أنه ليس لها ولي خاص، وليست في زوجية، أو عدة، فمن أصحابنا من قال: هذا شرط واجب، والأصح عندهم أنه استحباب واحتياط، وليس بشرط.

6- ومن قوله انظر ولو خاتماً من حديد جواز اتخاذ خاتم الحديد، وفيه خلاف للسلف، وللشافعية في كراهته وجهان.
أصحهما لا يكره.
وتفصيل الحكم في كتاب اللباس.

7- وفيه استحباب تعجيل تسليم المهر إليها.

8- ومن قوله لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد جواز الحلف من غير استحلاف ولا ضرورة.

لكن قال جمهور الشافعية: يكره من غير حاجة، وكان هذا محتاجاً ليؤكد قوله.

9- وفيه جواز تزويج المعسر، وتزوجه.

10- ومن قوله ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء دليل على نظر كبير القوم في مصالحهم، وهدايته إياهم إلى ما فيه الرفق بهم.

11- وفيه جواز لبس الرجل ثوب امرأته إذا رضيت، أو غلب على ظنه رضاها، وهو المراد في هذا الحديث.

12- وفيه دليل لجواز كون الصداق تعليم القرآن.

13- وجواز الاستئجار لتعليم القرآن.
وكلاهما جائز عند الشافعي، وبه قال عطاء والحسن بن صالح ومالك وإسحق وغيرهم، ومنعه جماعة، منهم الزهري وأبو حنيفة.
قال النووي: وهذا الحديث مع الحديث الصحيح إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله يردان قول من منع ذلك، ونقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة سوى أبي حنيفة.

14- وفيه أن الهبة في النكاح خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لقول الرجل: زوجنيها ولم يقل: هبها لي.

15- وفيه أن الإمام يزوج من ليس لها ولي خاص، لمن يراه كفؤاً لها، ولكن لا بد من رضاها بذلك، وقال الداودي: ليس في الحديث أنه استأذنها، ولا أنها وكلته [لا يعترف بالروايات التي وردت في ذلك] وإنما هو من قوله تعالى { { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } } [الأحزاب: 6] .
يعني فيكون خاصاً به صلى الله عليه وسلم، أنه يزوج من شاء من النساء بغير استئذانها لمن شاء.

16- وفيه أن الهبة لا تتم إلا بالقبول.

17- وفيه جواز الخطبة على خطبة من خطب إذا لم يقع بينهما ركون، ولا سيما إذا لاحت بوادر الرد.
وفيه نظر.

18- وفيه دليل على تخصيص العموم بالقرينة، لأنه لما قال له فهل عندك من شيء فقال: لا دل على أنه خصص عموم شيء، لأن لفظ شيء يشمل الخطير والتافه، وهو كان لا يعدم التافه، كالنواة، لكنه فهم ما له قيمة في الجملة، فلذلك نفى أن يكون عنده، ونقل القاضي عياض الإجماع على أن مثل الشيء الذي لا يتمول ولا له قيمة لا يكون صداقاً، ولا يحل به النكاح، لكن ابن حزم خرق هذا الإجماع، فقال: يجوز بكل ما يسمى شيئاً، ولو كان حبة من شعير.

19- واستدل به على جواز جعل المنفعة صداقاً، ولو كان تعليم القرآن.
قال المازري: هذا ينبني على أن الباء للتعويض، كقولك: بعتك ثوبي بدينار، وهذا هو الظاهر، وإلا لو كانت بمعنى اللام على معنى تكريمه، لكونه حاملاً للقرآن لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والموهوبة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم: يحتمل أن يكون زوجه لأجل ما حفظه من القرآن، وأصدق عنه، أو ثبت الصداق في ذمته، ويكون ذكر القرآن وتعليمه على سبيل التحريض على تعلم القرآن وتعليمه، وتنويهاً بفضل أهله، قالوا: ومما يدل على أنه لم يجعل التعليم صداقاً أنه لم يقع معرفة الزوج بفهم المرأة، وهل فيها قابلية التعليم بسرعة أو ببطء، مما يجعل العوض مجهولاً، والجواب عن ذلك أن مثل هذا يغتفر بين الزوجين لطول العشرة بينهما، وقال القرطبي: قوله علمها نص في الأمر بالتعليم، والسياق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح، فلا يلتفت لقول من قال: إن ذلك كان إكراماً للرجل، فإن الحديث يصرح بخلافه.

20- وفيه جواز كون الإجارة صداقاً، فتقوم المنفعة من الإجارة مقام الصداق.
وهو قول الشافعي، وعند المالكية فيه خلاف، ومنعه الحنفية في الحر، وأجازوه في العبد إلا في الإجارة لتعليم القرآن فمنعوه مطلقاً، كما سبق.

21- وفيه أنه لا يشترط في صحة العقد تقدم الخطبة، إذ لم يقع في شيء من طرق هذا الحديث وقوع حمد ولا تشهد ولا غيرهما من أركان الخطبة، وخالف في ذلك الظاهرية فجعلوها واجبة.

22- ومن أثر الصفرة على عبد الرحمن بن عوف أجازه بعضهم للعرس خاصة.
قال النووي: الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العرس، ولم يقصده، ولا تعمد التزعفر، فقد ثبت في الصحيح النهي عن التزعفر للرجال، وكذا نهي الرجال عن الخلوق، لأنه شعار النساء، وقد نهي الرجال عن التشبه بالنساء، فهذا هو الصحيح في معنى الحديث، وهو الذي اختاره القاضي والمحققون، وقيل: إنه يرخص في ذلك للرجل العروس، وقد جاء ذلك في أثر ذكره أبو عبيد أنهم كانوا يرخصون في ذلك للشاب أيام عرسه.
قال: وقيل لعله كان يسيراً، فلم ينكر.
قال: وقيل: كان في أول الإسلام من تزوج لبس ثوباً مصبوغاً علامة لسروره وزواجه، وقيل: يحتمل أنه كان في ثيابه دون بدنه، ومذهب مالك وأصحابه جواز لبس الثياب المزعفرة، وحكاه مالك عن علماء المدينة، وهذا مذهب ابن عمر وغيره، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يجوز ذلك للرجل.

23- ومن الدعاء لعبد الرحمن بالبركة استحباب الدعاء للمتزوج، وأن يقال له: بارك الله لك أو نحوه.

24- استدل داود بالأمر في قوله أولم ولو بشاة على أن وليمة العرس واجبة.
قال النووي: والأصح عند أصحابنا أنها سنة مستحبة، ويحملون هذا الأمر في الحديث على الندب، وبه قال مالك وغيره واختلف العلماء في وقت فعلها، فحكى القاضي أن الأصح عند مالك وغيره أنه يستحب فعلها بعد الدخول، وعن جماعة من المالكية استحبابها عند العقد، وعن ابن حبيب المالكي استحبابها عند العقد وعند الدخول.

25- وفيه أنه يستحب للموسر ألا ينقص عن شاة، ونقل القاضي الإجماع على أنه لا حد لقدرها المجزئ، بل بأي شيء أولم من الطعام حصلت الوليمة، وقد ذكر مسلم بعد هذا في وليمة عرس صفية أنها كانت بغير لحم.
ولكن يستحب أن تكون على قدر حال الزوج.
قال القاضي: واختلف السلف في تكرارها أكثر من يومين، فكرهته طائفة، ولم تكرهه طائفة.
قال: واستحب أصحاب مالك للموسر كونها أسبوعاً، وللموضوع إضافات تأتي بعد باب إن شاء الله.

والله أعلم