هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2665 وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ أَهْدَتْ لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ ، فَقَالَ أَنَسٌ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذْهَبْ ، فَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَدَعَوْتُ لَهُ مَنْ لَقِيتُ ، فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ ، وَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى الطَّعَامِ ، فَدَعَا فِيهِ ، وَقَالَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، وَلَمْ أَدَعْ أَحَدًا لَقِيتُهُ إِلَّا دَعَوْتُهُ ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ، وَخَرَجُوا وَبَقِيَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ، فَأَطَالُوا عَلَيْهِ الْحَدِيثَ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ شَيْئًا ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُمْ فِي الْبَيْتِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } - قَالَ قَتَادَةُ : غَيْرَ مُتَحَيِّنِينَ طَعَامًا { وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا } حَتَّى بَلَغَ { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قال قتادة : غير متحينين طعاما { ولكن إذا دعيتم فادخلوا } حتى بلغ { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أنس رضي الله عنه قال: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب أهدت له أم سليم حيساً في تور من حجارة.
فقال أنس: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فادع لي من لقيت من المسلمين فدعوت له من لقيت.
فجعلوا يدخلون عليه فيأكلون ويخرجون.
ووضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على الطعام فدعا فيه.
وقال فيه ما شاء الله أن يقول.
ولم أدع أحداً لقيته إلا دعوته.
فأكلوا حتى شبعوا.
وخرجوا.
وبقي طائفة منهم فأطالوا عليه الحديث.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يستحيي منهم أن يقول لهم شيئاً.
فخرج وتركهم في البيت.
فأنزل الله عز وجل: { { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه } } ( قال قتادة: غير متحينين طعاماً) { { ولكن إذا دعيتم فادخلوا } } حتى بلغ { { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } }



المعنى العام

أحل الله النكاح، وحرم السفاح، فكانت سمة السفاح التخفي به والتستر، وسمة النكاح الإشهار والإعلان، وقد ورد أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدف وشرط جمهور الفقهاء لصحة النكاح الإعلان والإشهار، ومن أهم وسائل هذا الإعلان الوليمة، وبخاصة في بيئة تقل الولائم فيها، ويكثر المحتاجون إليها، وهذا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أولم عند زواجه بكل زوجة من أمهات المؤمنين، نعم كانت ولائمه حسب الظروف وحسب الاستطاعة، فقد أولم على بعض نسائه بمدين من شعير، وأولم علي رضي الله عنه حيث تزوج بفاطمة رضي الله عنها بمدين من شعير رهن درعه عند يهودي في مقابلهما.
لكنه صلى الله عليه وسلم ما أولم على امرأة من نسائه مثل ما أولم على زينب بنت جحش، إذ شبع الناس خبزاً ولحماً، ولعل ذلك لأن زواجه منها كان بأمر من الله ولحكمة بالغة، هي إبطال التبني وما يترتب عليه بالفعل بعد القول، بأن تزوج امرأة من كان يدعي ابنه، فكان هذا الزوج في حاجة إلى إعلان كبير لينتشر بين المسلمين.
وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ظرفاً لتشريع آخر، ذاك هو حجاب أمهات المؤمنين، حيث جلس بعض المدعوين لوليمتها في حجرة الطعام بعد الطعام مستأنسين للحديث، فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثقلوا على زوجه التي ظلت مدة طويلة مولية وجهها نحو الحائط، فنزل قوله تعالى { { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم } } -أي لا تدخلوا بيوت النبي لسبب من الأسباب إلا بسبب الإذن { { إلى طعام غير ناظرين إناه } } أي غير منتظرين نضجه، أي إذا دخلتم لطعام فادخلوا بعد نضجه، لئلا يطول بكم الانتظار { { ولكن إذا دعيتم } } بعد تجهيز الطعام { { فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا } } أي فاخرجوا وانتشروا في الأرض، وتوجهوا إلى مصالحكم { { ولا مستأنسين لحديث } } أي لا يحملكم الاستئناس بالحديث على الجلوس بعد الأكل { { إن ذلكم } } الجلوس واللبث { { كان يؤذي النبي } } فيمنعه من قضاء حاجاته، ويضيق عليه وعلى أهله في المنزل { { فيستحيي منكم } } فلا يقول لكم: اخرجوا { { والله لا يستحيي من الحق } } فلا تعودوا لمثل هذا معشر الثقلاء، وعن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم حسبك في الثقلاء أن الله عز وجل لم يحتملهم يقول الألوسي: وعندي كالثقيل المذكور من يدعي في وقت معين مع جماعة، فيتأخر عن ذلك الوقت من غير عذر شرعي بل لمحض أن ينتظر، ويظهر بين الحاضرين فريد جلالته { { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله } } [الأحزاب: 53] .
صلى الله عليه وسلم ورضي عن أزواجه أجمعين.

المباحث العربية

( لما انقضت عدة زينب) بنت جحش، وأمها أميمة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبدأ هذه القصة بزيد بن حارثة الصبي الذي كان عبداً لخديجة رضي الله عنها، فوهبته لزوجها محمد صلى الله عليه وسلم، فجاءه أهله يفدونه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: إن اختاركم فهو لكم بدون فداء، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله، فأشهدهم صلى الله عليه وسلم أنه عتيق، وأنه حر، وأنه منذ اللحظة ابن لمحمد، وليس عبداً لمحمد، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث ميراثه، فأصبح يدعى زيد بن محمد، حتى نزل قوله تعالى من سورة الأحزاب { { وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم } } [الأحزاب: 4، 5] .
فأصبح يدعى زيد بن حارثة.
وشب الصبي، وبلغ سن الزواج، فاختار له رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ابنة عمته صلى الله عليه وسلم لتكون زوجة له، وترفعت زينب، بنت الحسب والنسب وابنة عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تتيه بجمالها على قريناتها.
ترفعت أن تتزوج من كان عبداً.
فنزل قوله تعالى { { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } } [الأحزاب: 36] .
وخضعت زينب لأمر الله وأمر رسوله وتزوجت زيداً، لكنها بحكم طبيعة المرأة ظلت نافرة من زيد، متعاظمة عليه، وجاء زيد مراراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوها إليه، ويستأذن في طلاقها -وأخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن زينب ستكون من أزواجه، لكن كيف؟ وماذا يقول الناس؟ يقولون: إن محمداً تزوج امرأة من كان ابنه؟ ليكن يا محمد، وليقل الناس ما يقولون، فهذه هي الوسيلة القوية الأكيدة لإبطال عقيدة التبني عملياً بعد إبطالها نظرياً -وأخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الإلهي في نفسه حتى يحكم الله بنفاذه، وقال لزيد: { { أمسك عليك زوجك واتق الله } } ولما استحالت العشرة بين زينب وزيد، وأراد الله تنفيذ ما قضاه طلقها زيد، واعتدت، ولما انتهت العدة صدر الأمر الإلهي بتزويجها لمحمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى { { فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً } } [الأحزاب: 37] .

( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: فاذكرها علي) أي اخطبها لي من نفسها، واذكرني راغباً في زواجها، واذكر اسمها زوجة لي، داخلة علي.
عجباً ثم عجباً.
من كان زوجها منذ قليل هو الذي يخطبها؟ ولم فعل الرسول ذلك؟ نعم لئلا يظن أحد أن طلاقها قد وقع منه قهراً بغير رضاه، وليظهر ما عنده منها، هل بقي شيء من حبه لها؟ قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها أي خطبها أو طلبها، وأن رسول الله مجرور بحرف جر محذوف، أي لأن رسول الله طلبها، والمعنى أنه هابها وقدسها وعظمها من أجل إرادة النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها، فعاملها معاملة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الإعظام والمهابة والإجلال.

( فوليتها ظهري، ونكصت على عقبي) أي التفت عنها، ووليتها ظهري لئلا أراها، وبعدت عنها قليلاً، احتراماً وتقديراً، وفي رواية فقلت: يا زينب.
أبشري.
أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك.

( ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي) أي ما أنا بمجيبة على هذا المطلب بنعم أو بلا، حتى أطلب أمر ربي وانشراحي للأمر أو عدمه، عن طريق صلاة الاستخارة التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( ونزل القرآن) بقوله تعالى { { فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها } }

( فدخل عليها بغير إذن) لأن الله تعالى زوجه إياها بهذه الآية.

( ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار) أي ارتفع، في الرواية الخامسة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار وفي الرواية السادسة في قصة زواج زينب فصنعت أمي أم سليم حيساً -من تمر وأقط وسمن- فجعلته في تور بفتح التاء وسكون الواو إناء مثل القدح، أو ما يسمى عندنا بالشفشق.
وفي الرواية السابعة في تور من حجارة وفي رواية للبخاري فعمدت إلى تمر وسمن وأقط، فاتخذت حبيسة -أي طعاماً محبوساً- في برمة، فأرسلت بها معي إليه، فانطلقت بها إليه، فقال لي: ضعها.
ثم أمرني فقال: ادع لي في الرواية السادسة ادع لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت، وسمى رجالاً.
قال: فدعوت من سمى ومن لقيت -زهاء ثلاثمائة بضم الزاي وفتح الهاء- أي نحو ثلاثمائة، وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس.
هات التور.
قال: فدخلوا، حتى امتلأت الصفة -أي البهو الواسع- والحجرة.....فقال لي: يا أنس.
ارفع -أي ارفع التور- فرفعت.
فما أدري حين وضعت -التور- كان -ما فيه- أكثر؟ أم حين رفعت.

وقد استشكل القاضي عياض ما وقع في هذا الحديث من أن الوليمة بزينب بنت جحش كانت من الحيس الذي أهدته أم سليم، والمشهور من الروايات أنه صلى الله عليه وسلم أولم عليها بالخبز واللحم، وظن القاضي عياض أن هذا وهم، وتركيب قصة على قصة أخرى، ورد عليه القرطبي بأن لا مانع من الجمع بين الروايتين، ولا وهم، فلعل الذين دعوا إلى الخبز واللحم، فأكلوا حتى شبعوا، وذهبوا لم يرجعوا ثم جاء أنس بالحبيسة فأمر بأن يدعو ناسا آخرين ومن لقي فدخلوا فأكلوا أيضا حتى شبعوا، قال الحافظ: وهو جمع لا بأس به، وأولى منه أن يقال: إن حضور الحبيسة صادف حضور الخبز واللحم، فأكلوا كلهم من كل ذلك.

( وبقي رجال يتحدثون في البيت) في الرواية الرابعة تفصيل، ففيها دعا القوم، فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون قال: فأخذ كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام قام من قام من القوم.
قال: فقعد ثلاثة....
وفي الرواية الخامسة تفصيل لمجيئه وعودته مراراً، وفي الرواية السادسة وصف لوضع زوجته وزوجته مولية وجهها إلى الحائط قال النووي وزوجته بالتاء، وهي لغة قليلة، تكررت في الحديث والشعر والمشهور حذفها.

( فما أدري؟ أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا؟ أو أخبرني؟) في الرواية الرابعة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا وكذا في رواية للبخاري، فوقع الجزم بأنه الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الرواية الخامسة ثم ظن أنهم قد خرجوا قال الحافظ: هو محمول على أنه كان يذكره، ثم عرض له الشك فكان يشك فيه، ثم تذكر، فجزم.
اهـ ويمكن القول بأنهما توافقا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهم أنهم خرجوا في الوقت الذي جاء فيه أنس يخبره بخروجهم، فكل منهما أخبر الآخر، وكل منهما سابق الآخر في الإخبار.

( وانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب) أي ونزلت آية الحجاب، أو الأمر بالحجاب.
وفي الرواية الرابعة فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه وفي الرواية السادسة وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أرخى الستر ودخل، وأنا جالس في الحجرة، فلم يلبث إلا يسيراً حتى خرج علي وأنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأهن على الناس وفي رواية للبخاري فرجع حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب -بضم الهمزة وسكون السين وضم الكاف وفتح الفاء المشددة، أي عتبته أرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب.

( أنا أحدث الناس عهداً بهذه الآيات) أي أقربهم عهداً بنزولها، أي أول من علم بها من الناس.

( وحجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم) كذا في الأصل وحجبن بنون النسوة، على لغة يتعاقبون فيكم ملائكة لغة الجمع بين ضمير الفاعل والفاعل الظاهر، فنساء بدل من الضمير، أو النون علامة نسوة والفاعل نساء وكان الأصل أن يقول: وحجب نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

فقه الحديث

يؤخذ من هذه الأحاديث:

1- قال النووي: فيه دليل على أنه لا بأس أن يبعث الرجل لخطبة المرأة من كان زوجاً لها، إذا علم أنه لا يكره ذلك كما كان حال زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- ومن إعظام زيد لزينب ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من إجلال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهيبته وهيبة وإجلال أمهات المؤمنين.

3- ومن لجوء زينب إلى الاستخارة استحباب صلاة الاستخارة لمن هم بأمر، سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا، وهو موافق لصحيح البخاري عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...إلى آخر الحديث.
قال النووي: ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم.

4- ومن سلامه صلى الله عليه وسلم على نسائه أنه يستحب للإنسان إذا أتى منزله أن يسلم على امرأته وأهله، قال النووي: هذا مما يتكبر عنه كثير من الجاهلين المترفعين.

5- وأنه إذا سلم على واحد قال: سلام عليكم، أو السلام عليكم.
بصيغة الجمع.
قالوا: ليتناوله وملكيه.

6- وسؤال الرجل أهله عن حالهم، فربما كانت في نفس المرأة حاجة فتستحيي أن تبتدئ بها، فإذا سألها انبسطت لذكر حاجتها.

7- وأنه يستحب أن يقال للرجل عقب دخوله: كيف حالك، ونحو هذا.

8- وفي زيادة وليمة زينب جواز أن يولم الرجل على بعض نسائه أكثر من بعض.
قال النووي: يحتمل أن سبب ذلك الشكر لنعمة الله في أن الله تعالى زوجه إياها بالوحي، لا بولي وشهود، بخلاف غيرها.
قال: ومذهبنا الصحيح المشهور عند أصحابنا صحة نكاحه صلى الله عليه وسلم بلا ولي ولا شهود، لعدم الحاجة إلى ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم، وهذا الخلاف في غير زينب، أما زينب فمنصوص عليها.

9- ومن هدية أم سليم -أم أنس- أنه يستحب لأصدقاء المتزوج أن يبعثوا إليه بطعام، يساعدونه به على وليمته.

10- وفيه الاعتذار إلى المبعوث إليه بنحو ما اعتذرت به أم سليم هذا لك منا قليل.

11- واستحباب بعث السلام إلى الصاحب، وإن كان أفضل من الباعث، لكن هذا يحسن إذا كان بعيداً عن موضعه، أو له عذر في عدم الحضور بنفسه للسلام.

12- وفيه أن الزائر لا يثقل على صاحب البيت بطول المكث والاستئناس بالحديث، وقد أطلق على هذه الآية آية الثقلاء.

13- قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين.
قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه الضرورة، ثم استدل بما في الموطأ من أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها، وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن، وقد كن بعد النبي صلى الله عليه وسلم يحججن ويطفن.
وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان، لا الأشخاص.
ثم قال: والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله له عليه الصلاة والسلام: احجب نساءك.
وكرر ذلك حتى نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً، ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك فلم يجب إلى هدفه وقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت سودة -بعد ما ضرب الحجاب- لحاجتها، وكانت جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وأنه ليتعشى، وفي يده عرق -عظم عليه بقية لحم- فدخلت، فقالت: يا رسول الله، إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا.
قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن نعم ورد في سبب نزول الحجاب سبب آخر، أخرجه النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيساً، فمر عمر، فدعاه، فأكل، فأصاب إصبعه إصبعي، فقال: حس -أو أوه- لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزل الحجاب قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب، فلقربه منها أطلقت نزول الحجاب بهذا السبب، ولا مانع من تعدد الأسباب.

والله أعلم