هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2999 حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً ، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2999 حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الملك ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة ، وما سرق منه له صدقة ، وما أكل السبع منه فهو له صدقة ، وما أكلت الطير فهو له صدقة ، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Jabir (Allah be pleased with him) reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying:

Never does a Muslim plants a tree except that he has the reward of charity for him, for what is eaten out of that is charity; what is stolen out of that, what the beasts eat out of that, what the birds eat out of that is charity for him. (In short) none incurs a loss to him but it becomes a charity on his part.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة.
وما سرق منه له صدقة.
وما أكل السبع منه فهو له صدقة.
وما أكلت الطير فهو له صدقة.
ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة.


المعنى العام

خلق اللَّه تعالى آدم وذريته على كوكب الأرض، وهيأ لهم فيها أسباب عمارتها، ووسائل الانتفاع منها.
أخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسل السماء عليها مدرارًا، وأنبت فيها الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، وكان على الإنسان أن يحرث الأرض، ويبذر فيها البذر، وأن يسقيها بالماء، وعلى الله أن يشق الأرض، ويفلق الحب والنوى، ويخرج الحي من الميت، ينشئ جنات معروشات وغير معروشات، والزرع والنخل مختلفًا أكله والزيتون والرمان، متشابهًا وغير متشابه، صنوان وغير صنوان، يسقى بماء واحد، وينبت في مكان واحد، ويفضل بعضها على بعض في الأكل والطعم.
تبارك الله رب العالمين.

خلق الأرض، وقدر فيها أقواتها، وطلب منا أن نثير الأرض، ونضع البذر، ونرعاه بالسقي وغيره لمصلحتنا نحن.
ومع ذلك وعدنا على ذلك بالأجر والثواب ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كان له به صدقة حتى ما يسرق منه، له به أجر، ما ينزل عليه من آفة له به أجر، ما يقع له في زرعه من ابتلاء ومصيبة له به أجر، أجر مستمر متكرر متجدد كلما انتفع بهذا الزرع حي من الأحياء، حتى لو مات الزارع بقي زرعه وغرسه صدقة جارية يصله ثواب نفعه، وهو في قبره، طيلة انتفاع الناس به.
ففي بعض الروايات من غرس غرسًا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجر جار، ما انتفع من خلق الرحمن تبارك وتعالى أحد وفي رواية من نصب شجرة، فصبر على حفظها، والقيام عليها حتى تثمر، كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله عز وجل ولقد بلغ من حث الشريعة على الزرع، والحرص عليه حتى آخر لحظة من الحياة أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيلة - أي نبته شجر صغيرة أو نخلة صغيرة شتلة زرع فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها.

المباحث العربية

( ما من مسلم) من زائدة، والتعبير بالمسلم للاحتراز عن الكافر، فإن هذا الأجر خاص بالمسلم، تصرح بذلك الرواية الثانية والرابعة، إذ يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغارس.
أمسلم أم كافر؟ ثم عموم المسلم بسبب تنكيره، ووقوعه في سياق النفي، وإدخال من عليه، مما يزيد عمومه يشمل الحر والعبد والمطيع والعاصي وقاصد النفع العام، وقاصد نفع نفسه، ومن يغرس بأجر، ومن يتطوع بذلك وغير ذلك، وأما المرأة فهي داخلة في الحكم لأن التعبير بالمسلم للتغليب، ولفظ رجل في الرواية الثالثة لا مفهوم له، بل هو لبيان الواقع والغالب والكثير، وأما رواية ما من عبد والعبد يشمل المسلم والكافر فالمراد منها المسلم، حملاً للمطلق على المقيد.
لما يأتي في فقه الحديث.

( يغرس غرسًا) في الرواية الثانية لا يغرس مسلم غرسًا، ولا يزرع زرعًا والغرس خاص بالشجر، والزرع بالنبات الصغير.

( إلا كان ما أكل منه له صدقة) ما أكل بالبناء للمجهول، وحذف الفاعل لإرادة عموم الآكل، وهو ما أشار إليه في الرواية الثانية إنسان ولا دابة، ولا شيء وفي الرواية الثالثة سبع أو طائر أو شيء وفي الرواية الخامسة طير أو إنسان أو بهيمة وفي رواية لأحمد آدمي أو خلق ممن خلق الله وفي رواية ما أصابت منه العوافي والعوافي طلاب الرزق من الناس والدواب والطير، والتعبير بالأكل لأنه أهم مقاصد النفع والمراد مطلق الانتفاع ولو بالظل أو باللمس أو بالريح أو بالمنظر الجميل.

( ولا يرزؤه أحد) براء قبل الزاي ثم همزة، أي لا يأخذ منه أحد أخذًا ينقص ما عنده، يقال: رزأه يرزأه بفتح الهمزة فيهما رزءًا بضم الراء وسكون الزاي، إذا أصابه برزء، أي مصيبة.
ففيه إشارة إلى أن الأجر ثابت، ولو كان الأخذ رغم أنفه، ولو كان فيه إفساد في نظره.

( إلا كان له صدقة) أي إلا كان هذا الأكل له صدقة، أي يشبه الصدقة في حصول الأجر الأخروي فالكلام على التشبيه.
ففيه استعارة تصريحية.

( دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها) أي في حائط نخل أو حديقة نخل.
وأم مبشر بضم الميم وفتح الباء وتشديد الشين المكسورة - هي أم معبد - بفتح الميم وسكون العين وفتح الباء الواردة في الرواية الرابعة.
قال النووي: ويقال أم بشير بفتح الباء وكسر الشين، فحصل أنها يقال لها: أم مبشر وأم معبد وأم بشير، واسمها قيل الخليدة، ولم يصح، وهي امرأة زيد بن حارثة.
أسلمت وبايعت.

( إلى يوم القيامة) جعل الغاية مرتبطة بقوله لا يغرس المسلم غرسًا على معنى أن هذا الحكم ثابت للغارس الذي يغرس في أي زمان إلى يوم القيامة لا يفيد جديدًا، فهذا الحكم كالأحكام الشرعية عمومًا قائمة إلى يوم القيامة، لهذا ربطها العلماء بصدقة، أي صدقة جارية مستمرة بعد مماته، وليس المراد أن أجره لا ينقطع إلى يوم القيامة، وإن فنى الزرع أو الغرس، بل المراد ما بقي ذلك الزرع والغرس منتفعًا به، وإن بقي إلى يوم القيامة.

فقه الحديث

في هذه الأحاديث فضيلة الغرس والزرع، واستدل بها بعضهم على أن الزراعة أفضل المكاسب، قال النووي: وقد اختلف العلماء في أطيب المكاسب وأفضلها، فقيل: التجارة، وقيل الصنعة باليد، وقيل: الزراعة، وهو الصحيح.
اهـ.

فالذي يفضل الزراعة على بقية المكاسب يستدل بهذا الحديث وبأنها أقرب المكاسب إلى التوكل، وأكثرها تذكيرًا بفضل الله وقدرته، ولما فيها من النفع العام للآدمي والدواب، ولأنها لا بد فيها في العادة أن يؤكل منها بغير عوض.

والذي يفضل التجارة قد يستدل بقوله تعالى { { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } } [الجمعة: 10] وبأن الكثيرين من المهاجرين كانوا يضربون في الأسواق.

والذي يفضل الصناعة يستدل بحديث ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود - عليه السلام - كان يأكل من عمل يده.

والتحقيق أن الإطلاق في هذا غير سليم، بل كل منها ومن غيرها يختلف باختلاف النوع والشخص والناس والظروف العامة، فليست الزراعة بالعمال مثل الزراعة باليد، فالزارع بنفسه يأكل من عمل يده، والتاجر يأكل من عمل يده، وزراعة ما يحتاجه الناس، وتتوقف عليه حياتهم كالحبوب، لا يساويها زراعة الكماليات والفواكه المرتفعة الأسعار ابتغاء الكسب، والزراعة حين تكثر المزروعات ليست كالزراعة في أوقات الحاجات والضرورات والزارع المحتسب المخلص لا يساويه المنتفع المستغل، فدرجة الحل في كل مكسب تختلف، ودرجات النفع العام من التكسب تختلف، ودرجات حاجات الناس إلى هذا التكسب تختلف.
المهم أن يعمل المسلم ولا يتواكل، وأن يجد في الحلال ولا يتكاسل.

وفي الأحاديث المذكورة أن الغرس والزرع - وكذا الصنائع والتجارة - مباح، وغير قادح في الزهد، أما حديث الترمذي لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا فهو محمول على الاستكثار من الضياع، والانصراف إليها بالقلب.
الذي يفضي بصاحبه إلى الركون إلى الدنيا، فسبيل الضيعة سبيل المال، غير مستحب إلا إذا أخذه بحقه ووضعه في حقه.

وفي حديث أم مبشر أن الأجر يحصل لمن قام بالزرع، ولو لم يكن مالكًا له أو للأرض، فقد سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغارس، وهو يعلم أنها المالكة.

وفي الأحاديث جواز نسبة الزرع إلى الآدمي، فحديث ابن أبي حاتم لا يقل أحدكم زرعت، ولكن ليقل حرثت، ألم تسمع لقول الله تعالى { { أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } } [الواقعة: 64] بعد قوله تعالى { { أفرأيتم ما تحرثون } } حديث ضعيف، وعلى فرض صحته فهو توجيه للزارع الحارث أن يعتقد أن الله هو مخرج الزرع ومنبته وراعيه في النمار والثمر، ولا يعتقد شيئًا من ذلك بحول نفسه وقوته.

وفي هذه الأحاديث، الحض على عمارة الأرض لنفسه ولمن يأتي بعده.

وأنه قد يثاب المرء رغم أنفه، وأن نفع المسلم المسلمين مأجور عليه، وإن لم يقصد.

وأن في الإحسان إلى كل ذات كبد رطبة أجرًا.

واللَّه أعلم