هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3173 حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هَمَّامٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثُمَّ قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلاَئِكَةِ ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ، فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالُوا : السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَزَادُوهُ : وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3173 حدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة ، فاستمع ما يحيونك ، تحيتك وتحية ذريتك ، فقال السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله ، فزادوه : ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, Allah created Adam, making him 60 cubits tall. When He created him, He said to him, Go and greet that group of angels, and listen to their reply, for it will be your greeting (salutation) and the greeting (salutations of your offspring. So, Adam said (to the angels), As-Salamu Alaikum (i.e. Peace be upon you). The angels said, As-salamu Alaika wa Rahmatu-l-lahi (i.e. Peace and Allah's Mercy be upon you). Thus the angels added to Adam's salutation the expression, 'Wa Rahmatu-l-lahi,' Any person who will enter Paradise will resemble Adam (in appearance and figure). People have been decreasing in stature since Adam's creation.

D'après Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «Allah a créé 'Adam avec une taille de soixante coudées, puis [lui] a dit: Va et salue ces anges que voici, et écoute ce qu'ils vont employer pour te saluer, ce sera ton salut et le salut de tes enfants. Alors il a dit: Que le salut soit sur vous! et eux ont répondu: Que le salut soit sur toi ainsi que la miséricorde d'Allah! Il lui ont par conséquent ajouté ainsi que la miséricorde d'Allah . Alors chacun entrant au Paradis y entrera avec la forme de 'Adam.. Et la stature [de l'homme] ne cesse de diminuer jusque aujourd'hui.»

":"ہم سے عبداللہ بن محمد نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے عبدالرزاق نے بیان کیا ، ان سے معمر نے ، ان سے ہمام نے اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ پاک نے آدم علیہ السلام کو پیدا کیا تو ان کو ساٹھ ہاتھ لمبا بنایا پھر فرمایا کہ جا اور ان ملائکہ کو سلام کر ، دیکھنا کن لفظوں میں وہ تمہارے سلام کا جواب دیتے ہیں کیونکہ وہی تمہارا اور تمہاری اولاد کا طریقہ سلام ہو گا ۔ آدم علیہ السلام ( گئے اور ) کہا ، السلام علیکم فرشتوں نے جواب دیا ، السلام علیک و رحمۃ اللہ ۔ انہوں نے و رحمۃ اللہ کا جملہ بڑھا دیا ، پس جو کوئی بھی جنت میں داخل ہو گا وہ آدم علیہ السلام کی شکل اور قامت پر داخل ہو گا ، آدم علیہ السلام کے بعد انسانوں میں اب تک قد چھوٹے ہوتے رہے ۔

D'après Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «Allah a créé 'Adam avec une taille de soixante coudées, puis [lui] a dit: Va et salue ces anges que voici, et écoute ce qu'ils vont employer pour te saluer, ce sera ton salut et le salut de tes enfants. Alors il a dit: Que le salut soit sur vous! et eux ont répondu: Que le salut soit sur toi ainsi que la miséricorde d'Allah! Il lui ont par conséquent ajouté ainsi que la miséricorde d'Allah . Alors chacun entrant au Paradis y entrera avec la forme de 'Adam.. Et la stature [de l'homme] ne cesse de diminuer jusque aujourd'hui.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( كِتابُ أحَادِيثِ الأنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي بعض النّسخ، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي عَليّ بن شبويه نَحوه، وَقد الْآيَة الَّتِي تَأتي فِي التَّرْجَمَة على الْبابُُ، وَفِي بعض النّسخ: كتاب الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ خلق آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من غير ذكر شَيْء غَيره.
وَأما عدد الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَإِن أَبَا ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! كم الْأَنْبِيَاء؟ قَالَ: مائَة الف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا.
قلت: يَا رَسُول الله كم أرسل مِنْهُم؟ قَالَ: ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر، جم غفير ... الحَدِيث، رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) وَابْن مرْدَوَيْه فِي ( تَفْسِيره) : وَعَن أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعث الله ثَمَانِيَة آلَاف نَبِي أَرْبَعَة آلَاف إِلَى بني إِسْرَائِيل وَأَرْبَعَة آلَاف إِلَى سَائِر النَّاس رَوَاهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثت على أثر ثَمَانِيَة آلَاف نَبِي، مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف من بني إِسْرَائِيل، رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ.


( بابُ خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ الله علَيْهِ وذُرِّيَّتِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان خلق آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: ( وَذريته) ، أَي وَفِي بَيَان خلق ذريتهوإنما سمي آدم لِأَنَّهُ خلق من أدمة الأَرْض، وَهِي لَوْنهَا، والأدمة فِي النَّاس السمرَة الشَّدِيدَة، وروى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: أَن آدم خلق من أَدِيم الأَرْض، وَهُوَ وَجههَا، وروى مُجَاهِد عَنهُ أَيْضا أَنه مُشْتَقّ من الأدمة.
.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ: التُّرَاب بِلِسَان العبرية: آدام، فَسمى آدم بِهِ، وحذفت الْألف الثَّانِيَة.
وَقيل: إِنَّه اسْم سرياني.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: إِنَّه اسْم عَرَبِيّ وَلَيْسَ بعجمي.
وَذكر أَبُو مَنْصُور الجواليقي فِي كتاب ( المعرب) : أَسمَاء الْأَنْبِيَاء كلهَا أَعْجَمِيَّة إلاَّ أَرْبَعَة وَهِي: آدم وَصَالح وَشُعَيْب وَمُحَمّد، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْمَشْهُور أَن كنيته: أَبُو الْبشر، وروى الْوَالِبِي عَن ابْن عَبَّاس أَن كنيته: أَبُو مُحَمَّد،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: لَا يكنى فِي الْجنَّة إلاَّ آدم، يُقَال لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّد، إِظْهَارًا لشرف نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا ينْصَرف آدم لِأَنَّهُ على وزن: افْعَل، وَهُوَ معرفَة، وَذكره الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن فِي سبعةٍ وَعشْرين موضعا.
وَأما الذُّرِّيَّة فأصلها من ذرا الله الْخلق يَذْرَؤُهُمْ ذَرْءًا: خلقهمْ.
قَالَ الْجَوْهَرِي: الذُّرِّيَّة نسل الثقلَيْن، إلاَّ أَن الْعَرَب تركت همزتها وَالْجمع: الذَّرَارِي، وَفِي ( الْمغرب) : ذُرِّيَّة الرجل أَوْلَاده، وَيكون وَاحِدًا وجمعاً، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { فَهَب لي من لَدُنْك ذُرِّيَّة طيبَة} ( آل عمرَان: 83) .
صَلْصَالٌ طِينٌ خلِطَ بِرَمْل فَصَلْصَلَ كَما يُصَلْصِلُ الفَخَارُ أَشَارَ بقوله: صلصال، إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { خلق الْإِنْسَان من صلصال} ( الرَّحْمَن: 41) .
ثمَّ فسر الصلصال بقوله: طين، خلط برمل، وَحَقِيقَة الصلصال: الطين الْيَابِس المصوت.
قَوْله: ( فصلصل) أَي: صَوت، وَهُوَ فعل مَاض، ويصلصل مضارعه، ومصدره صلصلة وصلصال، بِالْكَسْرِ، وَعَن ابْن عَبَّاس: الصلصال هُوَ المَاء يَقع على الأَرْض فَتَنْشَق وتجف وَيصير لَهُ صَوت.
قَوْله: ( الفخار) ، بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الْخَاء، وَهُوَ ضرب من الخزف يعْمل مِنْهُ الجرار والكيزان وَغَيرهَا.
ويُقَالُ مُنْتِنٌ يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ كَما يُقالُ صَرَّ البابُ وصَرْصَرَ عِنْدَ الإغْلاَقِ مِثْلُ كَبْكَبَتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ أَرَادَ بِهَذَا أَنه جَاءَ فِي اللُّغَة: صلصال، بِمَعْنى: منتن، وَمِنْه: صل اللَّحْم يصل صلولاً أَي: انتن، مطبوخاً كَانَ أَو نياً.
وَأَشَارَ بقوله: يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ، إِلَى أَن أصل: صلصل، الَّذِي هُوَ الْمَاضِي: صل، فضوعف فَاء الْفِعْل فَصَارَ صلصل، كَمَا يُقَال: صر الْبَاب إِذا صَوت عِنْد الإغلاق، فضوعف فِيهِ كَذَلِك، فَقيل: صَرْصَر كَمَا يُقَال: كبكبته فِي كببته بِتَضْعِيف الْكَاف، يُقَال كبيت الْإِنَاء أَي: قلبته.
فَمَرَّتْ بِهِ اسْتَمَرَّ بِها الحَمْلُ فأتَمَّتْهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَلَمَّا تغشاها حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ} ( الْأَعْرَاف: 981) .
وفسرها بقوله: اسْتمرّ بهَا الْحمل حَتَّى وَضعته.
وَالضَّمِير فِي قَوْله: فمرت بِهِ، يرجع إِلَى حَوَّاء، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي تَفْسِير سُورَة الْأَعْرَاف.
أنْ لاَ تَسْجُدَ أنْ تَسْجُدَ أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { مَا مَنعك ألاَّ تَسجد} ( الْأَعْرَاف: 21) .
ثمَّ نبه على أَن كلمة: لَا، صلَة كَذَلِك فسره بقوله: أَن تسْجد، وَقيل: فِيهِ حذف تَقْدِيره: مَا مَنعك من السُّجُود فأحوجك أَن لَا تسْجد إِذا أَمرتك.


( بابُُ قَوْل الله تَعَالَى: { وإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إنِّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً} ( الْبَقَرَة: 03) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ قَالَ رَبك ... } إِلَى آخِره، يَعْنِي: أذكر يَا مُحَمَّد حِين قَالَ رَبك للْمَلَائكَة ... الْآيَة، أخبر الله تَعَالَى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم فِي الْمَلأ الْأَعْلَى قبل إيجادهم بقوله: { وَإِذ قَالَ رَبك} وَحكى ابْن حزم عَن أبي عُبَيْدَة أَنه زعم أَن: إِذْ، هَهُنَا زَائِدَة وَأَن تَقْدِير الْكَلَام:.

     وَقَالَ  رَبك، ورد عَلَيْهِ ابْن جرير: قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَكَذَا رده جَمِيع الْمُفَسّرين حَتَّى قَالَ الزّجاج هَذَا اجتراء من أبي عُبَيْدَة.
قَوْله: ( إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة) ، أَي: قوما يخلف بَعضهم بَعْضًا، قرنا بعد قرن وجيلاً بعد جيل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف فِي الأَرْض} ( الْأَنْعَام: 561 وفاطر: 92) .
قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين: وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا بالخليفة آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَط كَمَا قَالَه طَائِفَة إِذْ لَو كَانَ المُرَاد آدم عينا لم حسن قَول الْمَلَائِكَة: { أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} ( الْبَقَرَة: 03) .
وَقَوْلهمْ: { أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} ( الْبَقَرَة: 03) .
لَيْسَ على وَجه الِاعْتِرَاض، وَلَا على وَجه الْحَسَد، وَإِنَّمَا هُوَ سُؤال استعلام واستكشاف عَن الْحِكْمَة فِي ذَلِك مَعَ أَن فيهم من يفْسد فِي الأَرْض ويسفك الدِّمَاء، فَإِن كَانَ المُرَاد عبادتك فَنحْن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك، أَي: نصلي، وَلَا يصدر منا شَيْء خلاف ذَلِك، فَقَالَ الله تَعَالَى: فِي جوابهم { إِن أعلم مَا لَا تعلمُونَ} ( الْبَقَرَة: 03) .
أَي: إِنِّي أعلم بِالْمَصْلَحَةِ الراجحة فِي خلق هَذَا الصِّنْف على الْمَفَاسِد الَّتِي ذكرتموها، فَإِنِّي سأجعل فيهم الْأَنْبِيَاء وَالرسل، وَيُوجد فيهم الصديقيون وَالشُّهَدَاء والصالحون والعبَّاد والزهاد والأولياء والأبرار المقربون وَالْعُلَمَاء الْعَامِلُونَ والخاشعون والمتبعون رسله، وَفِي هَذَا الْمقَام مقَال كثير لَيْسَ هَذَا الْكتاب مَوْضِعه، وَإِنَّمَا ذكرنَا نبذة مِنْهُ لأجل التَّرْجَمَة.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ { لمَّا عَلَيْهَا حَافِظ} ( الطارق: 4) .
إلاَّ عليْها حافِظٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} ( الطارق: 4) .
ثمَّ فسر بِأَن: لما، هُنَا بمعني: إلاَّ الَّتِي هِيَ حرف الِاسْتِثْنَاء، وَاخْتلف الْقُرَّاء فِي تَشْدِيد: لما، وتخفيفه، فَقَرَأَ ابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِالتَّشْدِيدِ على أَن تكون: إِن، نَافِيَة، وَتَكون: لما بِمَعْنى إلاَّ، وَهِي لُغَة هُذَيْل، يَقُولُونَ نشدتك الله لما قُمْت، يعنون: إِلَّا قُمْت، وَالْمعْنَى: مَا نفس إلاَّ عَلَيْهَا حَافظ من ربَّها، وَالْبَاقُونَ قرأوا بِالتَّخْفِيفِ جعلُوا: مَا، صلَة، وَإِن، مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة أَي: إِن كل نفس لعليها حَافظ من رَبهَا يحفظ عَملهَا ويحصي عَلَيْهَا مَا تكتسب من خير أَو شَرّ.
وَعَن ابْن عَبَّاس: هم الْحفظَة من الْمَلَائِكَة،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: هم حفظَة يحفظون عَمَلك ورزقك وأجلك، وَقيل: هُوَ الله رَقِيب عَلَيْهَا.

فِي كَبَدٍ فِي شِدَّةِ خَلْقٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { لقد خلقنَا الْإِنْسَان فِي كبد} ( الْبَلَد: 04) .
ثمَّ فسر الكبد بقوله: فِي شدَّة خلق، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة فِي ( تَفْسِيره) : وَأخرجه الْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) .

ورِياشاً المالُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الرِّيَاشُ والرِّيشُ واحِدٌ وهُوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباساً يواري سوآتكم ورياشاً} ( الْأَعْرَاف: 63) .
وَفسّر الرياش: بِالْمَالِ، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس، وَرَاه ابْن أبي حَاتِم عَنهُ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة.
قَوْله: (.

     وَقَالَ  غَيره)
أَي: غير ابْن عَبَّاس ... إِلَى آخِره، قَول أبي عُبَيْدَة، وَقيل: الريش الْجمال والهيئة، وَقيل: المعاش.

مَا تُمْنُونَ النُّطُفَةُ فِي أرْحَامِ النِساءِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { أَفَرَأَيْتُم مَا تمنون} ( الْوَاقِعَة: 85) .
ثمَّ فسره بقوله: النُّطْفَة فِي أَرْحَام النِّسَاء، وَهَذَا قَول الْفراء، وَيُقَال: مَنَى الرجل وأمْنَى.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ { إنَّهُ علَى رَجْعِهِ لَقادِرٌ} ( الطارق: 8) .
النُّطْفَةُ فِي الإحْلِيلِ
يَعْنِي: قَادر على رَجَعَ النُّطْفَة إِلَى الإحليل، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن جرير من حَدِيث عبد الله بن أبي نجيح عَن عبد الله بن أبي بكر عَن مُجَاهِد، وَفِي لفظ: المَاء، بدل: النُّطْفَة، وَفِي رِوَايَة: إِن شِئْت رَددته من الْكبر إِلَى الشَّبابُُ وَمن الصِّبَا إِلَى القطيعة.
.

     وَقَالَ  ابْن زيد: إِنَّه على حبس ذَلِك المَاء لقادر، وَعَن قَتَادَة مَعْنَاهُ: أَن الله قَادر على بَعثه وإعادته.

كلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ السَّماءُ شَفْعٌ والوِتْرُ الله عَزَّ وَجَلَّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمن كل شيى خلقنَا زَوْجَيْنِ} ( الذاريات: 94) .
أَي: كل شَيْء خلقه الله تَعَالَى فَهُوَ شفع.
قَوْله: ( السَّمَاء مُشَفع) ، مَعْنَاهُ أَنه شفع للْأَرْض، كَمَا أَن الْحَار شفع للبارد مثلا، وَبِهَذَا ينْدَفع وهم من يتَوَهَّم أَن السَّمَوَات سبع فَكيف يَقُول شفع؟ وَهَذَا الَّذِي قَالَه هُوَ قَول مُجَاهِد الَّذِي وَصله الطَّبَرِيّ، وَلَفظه: كل شَيْء خلقه الله شفع: السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْبَحْر وَالْبر وَالْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّمْس وَالْقَمَر، وَنَحْو هَذَا شفع، وَالْوتر الله وَحده.

فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ فِي أحْسَنِ خَلْقٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { لقد خلقنَا الْإِنْسَان فِي أحسن تَقْوِيم} ( التِّين: 4) .
ثمَّ فسره بقوله: فِي أحسن خلق، وَقيل: أحسن تَعْدِيل بشكله وَصورته وتسوية الْأَعْضَاء، وَقيل: فِي أحسن تَقْوِيم فِي أعدل قامة وَأحسن صُورَة، وَذَلِكَ أَنه خلق كل شَيْء مُنَكسًا على وَجهه إلاَّ الْإِنْسَان.
.

     وَقَالَ  أَبُو بكر بن الطَّاهِر: مزيناً بِالْعقلِ مؤدباً بِالْأَمر مهذباً بالتمييز مديد الْقَامَة يتَنَاوَل مأكوله بِيَمِينِهِ.

أسْفَلَ سافِلِينَ إلاَّ مَنْ آمَنَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين إِلَّا الَّذين آمنُوا} ( التِّين: 5 6) .
مَعْنَاهُ: أَن الْإِنْسَان يكون عَاقِبَة أمره، إِذا لم يشْكر نعْمَة تِلْكَ الْخلقَة الْحَسَنَة القويمة السوية، أَن رددناه أَسْفَل من سفل خلقا وتركيباً، يَعْنِي: أقبح من قبح صُورَة وأشوهه خلقَة، وهم أَصْحَاب النَّار، فعلى هَذَا التَّفْسِير الِاسْتِثْنَاء وَهُوَ قَوْله: { إلاَّ الَّذين آمنُوا} ( التِّين: 5 6) .
مُتَّصِل ظَاهر الِاتِّصَال، وَقيل: السافلون الضعفى والهرمَى والزمنَى، لِأَن ذَاك التَّقْوِيم يَزُول عَنْهُم ويتبدل خلقهمْ، فعلى هَذَا الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع، فَالْمَعْنى: لَكِن الَّذين كَانُوا صالحين من الهرمى { فَلهم أجر} ( التِّين: 5 6) .
دَائِم { غير ممنون} ( التِّين: 5 6) .
أَي: غير مَقْطُوع على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء الله بالشيخوخة والهرم، وعَلى مقاساة المشاق وَالْقِيَام بِالْعبَادَة، فَيكْتب لَهُم فِي حَال هرمهم وخرفهم مثل الَّذين كَانُوا يعْملُونَ فِي حَال شبابُهم وصحتهم.

خُسْرٍ ضَلاَلٌ ثُمَّ اسْتَثْناى إلاَّ مَنْ آمَنَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن الْإِنْسَان لفي خسر} ( الْعَصْر: 2) .
ثمَّ فسر الخسر بالضلال، ثمَّ اسْتثْنى الله تَعَالَى من أهل الخسر { الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} ( الْعَصْر: 3) .
لاَزِبٍ لازِمٌ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إِنَّا خلقناهم من طين لازب} ( الصافات: 11) .
أَي: لَازم، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ.

نُنْشِئَكُمْ فِي أيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وننشئكم فِيمَا لَا تعلمُونَ} ( الْوَاقِعَة: 16) .
ثمَّ فسر ذَلِك بقوله: فِي أَي خلق نشَاء.

نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ نُعَظِّمُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك} ( الْبَقَرَة: 03) .
ثمَّ فسر ذَلِك بقوله: نعظمك، وَكَذَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد.

وَقَالَ أبُو الْعالِيَةِ { فتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} ( الْبَقَرَة: 73) .
فَهْوَ .

     قَوْلُهُ  { رَبَّنا ظلَمْنا أنْفُسَنا} ( الْأَعْرَاف: 32) .

أَبُو الْعَالِيَة اسْمه رفيع بن مهْرَان الريَاحي، أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَأسلم بعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِسنتَيْنِ وَدخل على أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصلى خلف عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
وَقد فسر أَبُو الْعَالِيَة الْكَلِمَات فِي قَوْله تَعَالَى: { فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} ( الْبَقَرَة: 73) .
بقوله تَعَالَى: { رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا وَإِن لم تغْفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} ( الْأَعْرَاف: 32) .
وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالربيع بن أنس وَقَتَادَة وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ وخَالِد بن معدان وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم.
.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاق السبيعِي: عَن رجل من بني تَمِيم، قَالَ: أتيت ابْن عَبَّاس فَسَأَلته: مَا الْكَلِمَات الَّتِي تلقى آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من ربه؟ قَالَ: علم آدم شَأْن الْحَج.

فأزَلَّهُمَا فاسْتَزَلَّهُمَا
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا فأخرجهما مِمَّا كَانَا فِيهِ} ( الْبَقَرَة: 83) .
ثمَّ فسره بقوله: فاستزلهما، أَي: دعاهما إِلَى الزلة.
وَفِي ( تَفْسِير ابْن كثير) : يَصح أَن يكون الضَّمِير عَائِدًا إِلَى الْجنَّة، فَيكون الْمَعْنى كَمَا قَرَأَ حَمْزَة وَعَاصِم فأزالهما، أَي: نحَّاهما وَيصِح أَن يكون عَائِدًا على أقرب الْمَذْكُورين وَهُوَ الشَّجَرَة، فَيكون الْمَعْنى كَمَا قَالَ الْحسن وَقَتَادَة، فأزلهما، أَي: من قبل الزلل، فَيكون تَقْدِير الْكَلَام: فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا أَي بِسَبَبِهَا.

ويَتَسَنَّهُ يَتَغَيَّرْ آسِنٌ مُتَغَيِّرٌ والْمَسْنُونُ المُتَغَيِّرُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَانْظُر إِلَى طَعَامك وشرابك لم يتسنه} ( الْبَقَرَة: 952) .
أَي: لم يتَغَيَّر، وَأَشَارَ بقوله: آسن إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فِيهَا أَنهَار من مَاء غير آسن} ( مُحَمَّد: 51) .
أَي: غير متغير، وَأَشَارَ بقوله: والمسنون، إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { من حمأ مسنون} ( الْحجر: 62، و 82 و 33) .
أَي: من طين متغير، وكل هَذِه من مَادَّة وَاحِدَة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه تعلقه بِقصَّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام؟ قلت: ذكر بتبعية الْمسنون لِأَنَّهُ قد يُقَال باشتقاقه مِنْهُ.
انْتهى.
قلت: الدَّاعِي إِلَى هَذَا السُّؤَال وَالْجَوَاب هُوَ أَن جَمِيع مَا ذكره من الْأَلْفَاظ من أول الْبابُُ إِلَى الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي مُتَعَلق بِآدَم وأحواله، غير قَوْله: يتسنه، فَإِنَّهُ مُتَعَلق بقضية عُزَيْر، عَلَيْهِ السَّلَام، وَغير قَوْله: آسن، فَإِنَّهُ مُتَعَلق بِالْمَاءِ، فَلذَلِك سَأَلَ وَأجَاب، وَمَعَ هَذَا قَالَ: وأمثال هَذِه تَكْثِير لحجم الْكتاب لَا تَكْثِير للفوائد.
وَالله تَعَالَى أعلم بمقصوده.
قلت: لَا يَخْلُو عَن زِيَادَة فَائِدَة، وَلَكِن كِتَابه مَوْضُوع لبَيَان الْأَحَادِيث لَا لبَيَان اللُّغَات لألفاظ الْقُرْآن.

حَمإٍ جَمْعُ حَمأةٍ وهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { من حمإٍ مسنون} ( الْحجر: 62، 82، 33) .
.

     وَقَالَ : الحمأ جمع حمأة، ثمَّ فسره بقوله: وَهُوَ الطين الْمُتَغَيّر، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.

يَخْصِفَانِ أخَذَا الخِصَافَ مِنْ ورَقِ الجَنَّةِ يُؤلَّفَانِ الوَرَقَ ويَخْصِفَانِ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فبدت لَهما سوآتهما وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة} ( طه: 121) .
ثمَّ فسر: يخصفان، بقوله: أخذا، أَي آدم وحواء، عَلَيْهِمَا السَّلَام، الْخصاف، وَهُوَ بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الصَّاد الْمُهْملَة: جمع خصفة، بِالتَّحْرِيكِ وَهِي الْحلَّة الَّتِي تعْمل من الخوص للتمر.
وَيجمع على: خصف، أَيْضا بِفتْحَتَيْنِ.
قَوْله: ( يؤلفان الْوَرق) أَي: ورق الشّجر، ويخصفان يَعْنِي: يلزقان بعضه بِبَعْض ليسترا بِهِ عوراتهما، وَكَذَلِكَ الإختصاف، وَمِنْه قَرَأَ الْحسن: يخصفان، بِالتَّشْدِيدِ إلاَّ أَنه أدغم التَّاء فِي الصَّاد.
وَعَن مُجَاهِد فِي ( تَفْسِير) قَوْله: ( يخصفان) ، أَي: يرقعان كَهَيئَةِ الثَّوْب، وَتقول الْعَرَب: خصفت النَّعْل أَي: خرزتها.

وسَوْآتُهما كِنَايَةٌ عنْ فَرْجِهِمَا
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { بَدَت لَهما سوآتهما} ( طه: 121) .
ثمَّ فسر السوأة بِأَنَّهَا كِنَايَة عَن الْفرج، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وفرجهما بِالْإِفْرَادِ، ويروى: وفرجيهما، بالتثنية وَالضَّمِير يرجع إِلَى آدم وحواء.

ومتاعٌ إلَى حِينٍ هاهُنَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ والحِينُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ ساعَةٍ إِلَيّ مَا لَا يُحْصَى عَددُهُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين} ( الْبَقَرَة: 63، والأعراف: 42) .
ثمَّ فسر الْحِين بِأَنَّهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، وَأَشَارَ بقوله: ( والحين عِنْد الْعَرَب) إِلَى أَن لفظ: الْحِين، يسْتَعْمل لمعانٍ كَثِيرَة، وَالْحَاصِل أَن الْحِين فِي الأَصْل بِمَعْنى الْوَقْت.

قَبِيلُهُ جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله} ( الْأَعْرَاف: 72) .
ثمَّ فسر قبيله، أَي: قبيل الشَّيْطَان بِأَنَّهُ جيله، بِكَسْر الْجِيم، أَي: جماعته الَّذين هُوَ أَي الشَّيْطَان مِنْهُم، وروى الطَّبَرِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: وقبيله، قَالَ: الْجِنّ وَالشَّيَاطِين.



[ قــ :3173 ... غــ :3326 ]
- حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عنْ مَعْمَرٍ عنْ هَمَّامٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَلَقَ الله آدَمَ وطُولَهُ سِتُّونَ ذِرَاعَاً ثُمَّ قَالَ إذْهَبْ فَسَلِّمْ علَى أُولَئِكَ مِنَ المَلائِكَةِ فاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ الله فزَادُوهُ ورَحْمَةُ الله فَكُل مَنْ يَدْخلُ الجَنَّةَ على صُورَةِ آدَمَ فلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ.
( الحَدِيث 6233 طرفه فِي: 7226) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لَا سِيمَا إِذا كَانَ المُرَاد من الْخَلِيفَة فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة هُوَ آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.

وَعبد الله بن مُحَمَّد هُوَ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَعبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ، وَهَمَّام بن مُنَبّه الْأَنْبَارِي الصَّنْعَانِيّ أَخُو وهب بن مُنَبّه.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان عَن يحيى بن جَعْفَر، وَأخرجه مُسلم فِي صفة الْجنَّة عَن مُحَمَّد بن رَافع.

قَوْله: ( وَطوله) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( سِتُّونَ ذِرَاعا) ، قَالَ ابْن التِّين: المُرَاد ذراعنا، لِأَن ذِرَاع كل أحد مثل ربعه، وَلَو كَانَت بذراعه لكَانَتْ يَده قَصِيرَة فِي جنب طول جِسْمه كالإصبع وَالظفر، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون بِذِرَاع نَفسه، وَالْأول أشهر.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: إِن الله تَعَالَى يُعِيد أهل الْجنَّة إِلَى خلقه أصلهم الَّذِي هُوَ آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وعَلى صفته وَطوله الَّذِي خلقَة الله عَلَيْهِ فِي الْجنَّة، وَكَانَ طوله فِيهَا سِتِّينَ ذِرَاعا فِي الِارْتفَاع بذارع نَفسه، قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الذِّرَاع مُقَدرا بأذرعتنا المتعارفة عندنَا، وَقيل: إِنَّه كَانَ يُقَارب أَعْلَاهُ السَّمَاء، وَأَن الْمَلَائِكَة كَانَت تتأذى بنفَسِه، فخفضه الله إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعا، وَظَاهر الحَدِيث خِلَافه.
وروى ابْن جرير من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح، قَالَ: لما خلق الله آدم فِي الْجنَّة كَانَ رِجْلَاهُ فِي الأَرْض وَرَأسه فِي السَّمَاء، يسمع كَلَام أهل السَّمَاء ودعاءهم ويأنس إِلَيْهِم، فهابته الْمَلَائِكَة حَتَّى شكت إِلَى الله ذَلِك فِي دعائها، فخفضه الله إِلَى الأَرْض،.

     وَقَالَ هُ قَتَادَة وَأَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَأَبُو يحيى القَتَّات عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس.
وَأخرجه ابْن أبي شيبَة فِي ( كتاب الْعَرْش) من حَدِيث طَلْحَة بن عَمْرو الْحَضْرَمِيّ عَن ابْن عَبَّاس.
وروى أَحْمد من حَدِيث سعيد ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: ( كَانَ طول آدم سِتِّينَ ذِرَاعا فِي سَبْعَة أَذْرع عرضا) ، وروى ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد حسن عَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن الله تَعَالَى خلق آدم رجلا طوَالًا كثير شعر الرَّأْس كَأَنَّهُ نَخْلَة سحوق.
قَوْله: ( إذْهَبْ فسلِّم) هُوَ أول مَشْرُوعِيَّة السَّلَام، وَهُوَ دَال على أَن تأكده وإفشاءه سَبَب للمحبة الدِّينِيَّة وَدخُول الْجنَّة الْعلية، وَقد قيل بِوُجُوبِهِ.
حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ، وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَن الْوَارِد على جُلُوس يسلم عَلَيْهِم، وَالْأَفْضَل تَعْرِيفه، فَإِن نكره جَازَ وَفِيه الزِّيَادَة فِي الرَّد على الِابْتِدَاء، وَلَا يشْتَرط فِي الرَّد والإتيان بِالْوَاو.
قَوْله: ( مَا يحيونك) ، من التَّحِيَّة، ويروى: مَا يجيبونك، من الْإِجَابَة.
قَوْله: ( تحيتك) بِالرَّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هَذِه تحيتك وتحية ذريتك من بعْدك.
قَوْله: ( فَكل من يدْخل الْجنَّة على صُورَة آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: كل من يرزقه الله تَعَالَى دُخُول الْجنَّة يدخلهَا وَهُوَ على صُورَة آدم فِي الْحسن وَالْجمال، وَلَا يدْخل على صورته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا من السوَاد إِن كَانَ من أهل الدُّنْيَا السود، وَلَا يدْخل أَيْضا على صورته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يُوصف من العاهات والنقائص.
قَوْله: ( فَلم يزل الْخلق ينقص) ، أَي: من طوله، أَرَادَ أَن كل قرن يكون وجوده أقصر من الْقرن الَّذِي قبله، فَانْتهى تناقص الطول إِلَى هَذِه الْأمة وَاسْتقر الْأَمر على ذَلِك، وَهُوَ معنى قَوْله: ( حَتَّى الْآن) .